(1)
الْمَقْهَى يَرْسُمُ لِلْحَيَارَى قِصَّةً
يَتَعلَّلُونَ الْأَحْرُفَ الْخَرْسَاءَ
كَأْسًا فَارِغًا
يَتَكَلَّمُونَ نَبِيذَهَا،
يَتَصَبَّرُونَ بالنَّدَى الْمُبْتَلِ
مِنْ عَرَقِ الْحُرُوفِ قَصِيدَةً
يَتَجَوَّلُونَ سِهَالَهَا وتِلالَهَا
لا الْبَحْرُ فِيها أبْيَضٌ أوْ أحْمَرُ
فِيهِ التَّمَكُّنُ مِنْ حُرُوفِ قَصِيدةٍ
لا تَنْتَهِي
وَاللَّيْلُ مَرْهُونٌ لَدَى عَتَبَاتِهَا
نَجْمَاتُه تَأْبَى التَّمَرُّدَ
فِي بُحُورِ الشِّعْرِ
والْقَلْبُ الْمُسَافِرُ مَوْجَةً
فِي لَحْظَةِ الإغْوَاءِ تَأْخُذُهُ الجَلالَةُ
يُعْلِنُ الإبْحَارَ فِي وَهَجٍ مِنَ الْكُتُبِ
الْقَدِيْمَةِ والْجَدِيدَةْ
الشَّايُ فِيْهَا إنْ أَرَدْتَ الاسْتِفَاضَةَ
مُسْكِرُ الْمَعْنَى مُسَّكَرُ
قَهْوَتِي فِي الْفَجْرِ أَشْرَبُهَا
رَحِيقًا مِنْ شَذَا الأشْعَارِ
أنْثُرُهَا عَلَى كَفِّي؛ فَتَبْقَى
مَنْ يَدْخُلُ الْمَقْهَى
تُبَارِكُ أَرْضَهُ الْقِدِّيسَةُ الْكَلِمَاتُ
تَسْألُ عَنْهُ أوْرِدَةُ الْمَعَانِي
ربَّمَا يَغْتَالُهُ لَوْ مَرَّةً فِي اللَّيلِ
نَادِلُهَا الْمُفَضَّلْ
وَسْطَ أسْطُرِ مِحْنَةٍ
تُغْرِيهِ أرْوِقَةُ الْجُلُوسِ إلَى الأنِينِ
كأنَّمَا اللَّيلُ الدُّمُوعُ
وَبَعْضُ أحْبَارِ السَّفَرْ،
يَبْنِي الْخَيَالُ لَهُ مِنَ الْكَلِمَاتِ بَيْتًا
مَسْكُونَةً بِالْجِنِّ
قَالُوا: مَنْ سَيَدْخُلَهَا سِوَاكْ
(2)
الْمَقْهَى آَخِرُ صُورَةٍ لَانَتْ إلَيْكَ
وَتَبَسَّمَ الثَّغْرُ الْمُفَارِقُ ثَغْرَهَا
لاحَتْ إلَيْكَ ذِرَاعُ سَطْرٍ
لَيْلَةَ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ قَدِ اصْطَفَاكَ
دَنْدَنْتَ لِلـ(سيَّابِ) تِذْكَارًا لَهُ
"أُنْشُودَةَ الْمَطَرِ"
الْبَعِيْدَةَ مُنْذُ أَعْوَامٍ تَرَاهَا
فِي خَيَالٍ مُرْهَفٍ
أوْ حِيْنَ يَنْسِجُ حَرْفَهَا
عَبْدُ الصَّبُورِ قَصِيدَةً
(الدَّمْعُ سُقْيَاهُمْ،
وخُبْزُهُمُ التَّأَوُّهُ وَالْأَنِينْ)
مَاذَا دَهَاكَ
كَيْ تَقُولَ قَصِيْدَةً
أوْ حِيْنَ تَسْقُطُ مِنْ حِبَالِ الْمَوْتِ
للْمَوتِ الدَّفِينِ
بِحَرْفِكَ الْمَسْنُونِ تَغْتَالُ الْقَصِيدَةَ
كَيْ يُطَوِّعَهَا هَوَاكْ
تَبْدُو لِتَنْسِجَ مِعْطَفًا مِنْ حَرْفِهَا،
سَكَنَاتِهَا،
حَرَكَاتِهَا،
تَحْنِي جَبِيْنًا للْحُرُوفِ بِكَسْرَةٍ
تُعْلِي لِفَاعِلِهَا الْمُبَجَّلِ
شَأْنَ أَخِرِ حَرْفِهِ
تَرْتَاحُ للْمَقْهَى وللْجُلَسَاءِ
حِيْنَ تُقَلِّبُ الشِّعْرَ الْقَدِيْم
كَمِثْلِ مَا قَالَتْ لَنَا الْخَنْسَاءُ
تَأْخُذُ مِنْهُ مِلْعَقَةً؛
لِتَمْزُجَهَا
بـ (زِيَارَةِ الْمَوْتَى)
(3)
تَرْتَاحُ للْمَقْهَى وللْجُلَسَاءِ
حِيْنَ تَصُبُّ خَمْرًا
مِنْ نَوَاسِيِّ الْحُرُوفِ
تَبِيْتُ رَهْنَ قَصِيْدَةٍ
فَحْشَاءَ تَخْجَلُ لَفْظَهَا
فَتُحَاولُ التَّغْييرَ
تُخْطِئُ مِثْلَ عَادَتِكَ الْقَدِيْمَةِ
ثم تَفْتَحُ قُمْقُمًا سِحْرِيَّ للْكَلِمَاتِ كَيْ تَأْتِي؛
فَلا تَأْتِي
مَخَافَةَ أنْ تَصِيرَ مُقَلِّدَا
وَتَثُورَ مُمْتَطِيًا جَوَادَ الْفَارِسِ الْمَهْجُورِ
تَرْقُبُ مَا خَشَيتَ
نِزَارُ يَنْسِجُ
مِنْ نُهُودِ الْمُعْجَبَاتِ قَصَائِدَا
يَبْتَلُّ رِيقُكَ لانْتِقَالِ الْمُعْجَبَاتِ إلَيْكَ
يَوْمًا وَاحِدَا
وَتَلُوْمُ نَفْسَكَ – يَا فَتَى
لا حَبَّذَا ذَاكَ الطَّرِيْقَ مُمَهَّدَا
تَرْتَاحُ للْمَقْهَى وللْجُلَسَاءِ
تَبْحَثُ فِي السُّطُورِ عَنِ الْحَقِيقَةِ
مَنْ أمَاتَ الْــ (قَيْسَ) عِشْقًا؟
الْقَلْبُ يُورِقُ دَمْعَتينْ
وَمَذَاهِبُ الْعُشَّاقِ تَبْدَأُ عِنْدَ لَيْلَى
أنْتِ يَا لَيْلَى ـ هُنَا دَوْمًاـ رَسُولٌ
فِي مَهَبَّاتِ الْحَنِينِ نَقُولُ اسْمَكِ
عَلَّنَا قَدْ نَسْتَزِيدْ
الصَّبْرُ يَا ليْلَى غَدًا يَأْتِي اللِّقَاءْ
(4)
تَرْتَاحُ للْمَقْهَى ولِلْجُلَسَاءِ
حِيْنَ تُبَعْثِرُ الْأَوْرَاقَ
فَوْقَ جُفُونِ لَيْلٍ صَاخِبٍ
وَيَقُولُ صَاحِبُكَ الْقَدِيمُ وَقَدْ دَنَا بِالْبَابِ
بَعْضٌ مِنْ نَسِيْمِ اللَّيلِ
يَشْرِي نَبْضَهُ
:(وَألَذُّ شَكْوَى عَاشِقٍ مَا أَعْلَنَا)
قَدْ أُعْلِنُ الشَّكْوَى بِأنِّيْ عَاشِقٌ
حَرَقَ الْمَرَاكِبَ،
وَاسْتَبَاحَ الْهَجْرَ يَوْمًا،
مَا اسْتَطَاعَ تَمُكَّنَا!
وَالْحُبُّ يَنْطِقُ قَائِلاً فِي لَهْفَةِ الْمُشْتَاقِ:
نَبْضِي صَارِخٌ ألَمِي الَّذِي بَايَعْتُهُ
وَيَرَاهُ غَيْرِي هَيِّنَا
نَبْضٌ عَلَى وَرَقِ الْقَصِيْدَةِ سَاطِعٌ
يَتَجَاوَزُ الأعْرَافَ فِي وَصْفِ الْمَجَازِ
 كَأنَّهُ هُوَ ذَا أنَا
فتُعَانِقُ الذِّكْرَى دَمِي
وَيَقُولُ لِي بَيْتُ مِنَ الشِّعْرِ الْقَدِيمْ:
حَقًا قَتِيلِي أَنْتَ فِي طُولِ انْتِظَارِكَ لِلْوصُولْ
الْمَاءُ عِنْدِي،
تَرْتَوِي
أنْتِ ارْتِوائِي يَا قَصِيدَ مَحَبَّتِي
أنْتِ الشِّفَاءْ
ضَحِكَتْ لِيَ الأبْيَاتُ فِي عَفَوِيَّةٍ
أنَا مِثْلُ بَيْتٍ قَالَهُ الْمِغْوَارُ فِي زَمَن الْحَنِينْ
(أخْفَيْتُهُ فَأذَاعَهُ الإخْفَاءُ)  
(5)
تَرْتَاحُ للْمَقْهَى ولِلْجُلَسَاءِ
حِيْنَ تَبِيْتُ فِي لَيْلِ الشِّتَاءِ
تُطِيْعُكَ الْكَلِمَاتُ،
تَبْنِي حَرْفَهَا،
مَا شِئْتَ إلا أنْ تَصِيْرَ قَصِيْدَةً
فَرِحًا بِهَا
الْمَقْهَى أخِرُ بَيْتِ شِعْرٍ تَقْرَؤُهْ،
أوْ تَبْدَؤُهْ،    
أوْ رُبَّمَا تَنْسَاهُ فِي سَفَرٍ طَويلْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الدريهمي

avatar

محمد الدريهمي حساب موثق

مصر

poet-mohammed-al-derahmy@

12

قصيدة

105

متابعين

محمد عبد الحميد عبد السلام منصور الدريهمي ـ اسم الشهرة: محمد الدريهمي.شاعر مصري من مواليد مركز الحسينية، محافظة الشرقية عام 1986م. تخرج في كلية الآداب جامعة الزقازيق، قسم ...

المزيد عن محمد الدريهمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة