عدد الابيات : 64

طباعة

يا قلبُ ، عهد التيهِ ولى واندرسْ

فَلم الأسى؟ ولم الوُجُومُ المُبتئسْ؟

ولم البُكاء بلا انقطاع ، والعَنا؟

ولمَ التعلل بالتماوتِ ، والخرس؟

ولمَ التفاخر بالضلالة ، والهَوَى؟

ولم التعالي بالخراب المُندرس؟

ولم التحمُس للجهالة والجفا؟

ولمَ التميّع في متاهات الشرس؟

ولم التعلُقُ بالضلال ، وأهله؟

ولمَ التردي في الركام المُنخفس؟

دعْ عَنك عهد الجاهلية ، واستفقْ

تلقَ الحياة عزيزة ، ودع الدَنَس

دع عنك ما قد فات ، واسمُ إلى العُلا

وارجُ الهداية من إلهكَ ، والتمس

وابكِ المَعَاصيَ والخطايا والخنا

وتحرّ في الأصحاب دوماً ، واحترس

قُم فاسمُ للعلياء في دنيا التُقى

ما فاز في الدنيا سوى القوم الحُنُس

لا ، يا خليل الوهم ، دربُكَ بائدٌ

ثم الذي تبكيه ولى واندرس

أصحابُ ماضيك الذي تبكيهِ فرّ

قَ بينكم دينُ إلاله ، ولا عرس

فالأمر أمرُ عقيدة ، يا صاحبي

ما أنت فيه اليوم ليس بُملتبس

هي شِرعةُ الرحمن ليس بها خفا

إذ كيف دينُ الله يوماً – يَلتبس؟

في سورةِ (اقتربت) قرأنا آيةً

تُنبيك أن الدين ليس به غلس

قد يُسِّر القُرآنُ ، أصبح هيناً

لِمن اتقى ، ولمن عَصَى ، ولمن رَكَس

لكنما تيارُ أمر الجاهليـ

ـة جارفٌ ، والفجر ليس بمُنبجس

ثَقُلتْ عليك الجاهليةُ فترةً

فتقبلتْ خلجاتُ رُوحك في النجس

وصحبتَ أعفن رِفقة همجية

تئدُ الحماسة في سُويداء القبس

أخذوك شهماً عبقرياً صاعداً

تُقري الضيُوف ، تُقيل عثرة مُرتكس

قادوك نحو ضلالهم ، يا للأسى

وبقيتَ دهراً في تلافيف الغبس

هل كان سهلاً أن يُضلوا عاقلاً؟

أو كان سهلاً أن يُصيبوا المُختبس؟

يا ليت شِعري ، كيف لم تفطنْ إلى

إفلاسِ جيل مُستنير بالدنس؟

أو ليت شِعري كيفَ سَهم الجاهليـ

ـة في ترائبك المحَصّنة انغرس؟

أو ليتَ شعري كيف صغـتَ الشعر في

آلام ما تلقى من التيه الشرس؟

أو ليتَ شِعري كيف أحببت الركو

ن إلى الضلالة والجهالة والفلس؟

أو ليتَ شِعري كيف تُقت إلى الحضيـ

ـض وأهله ، يا للغويّ المُنطمس؟

أو ليتَ شِعري كيف قد غلبتْ ضلا

لتُهم عليك ، وأنت للرُجعى حمس؟

أو ليتَ شعري كيف أعجبك اللظى

فمدحته ، وأراك كُنت المُنخرس؟

أو ليتَ شِعري كيفَ ضَيّعتَ السنيـ

ـنَ تُحبهم؟ أواه من رجُل تَعِس

أو ليتَ شِعري كيف سيق الفَذُّ نحـ

ـو متاهةٍ؟ بل كان فيّاض السلس

أو ليتَ شِعري كيف مثلُك لم يفقْ؟

بل كيفَ مثلُك بالمذلة – يأتنس؟

أو ليتَ شِعري كيف يا مسكينُ دا

عبك الهوى ، فأرمت مِن عَفَن الطفس؟

أعطيتهم مَتن الجواد ليركبوا

فتمردوا ، والليل يُوغل في الطنس

والمُعدم المِسكين أمضى العُمر في

أهوائه ، وكذاك في البلوى ارتكس

كم في رياح التيه ماتت شُعلةٌ

ثم الليالي بعدها سُودٌ عُمُس

وطعامُ مُعدمنا الهشيمُ وشُربه

من علقم في الماء ذيب مع الملس

ومضتْ سِني العُمر تترى لم تقف

والضائعُ المطعونُ لمّا يبتئس

ما كان يشعُرُ بالعذاب يُذيبه

وكذاك لم ينظُرْ لفجر ينبجس

يا أيها المَخبوء في جوف الثرى

دع عنك ذكر التيهِ ذاك المُندمس

إذ كيف تذكُرُ جاهلية تافهٍ

بتشوق ، ما أنت بالدنيا شئس؟

لو أن وجهك قد تبسم للردى

لرأيت دنيا الناسِ كالرجلِ البلس

يا صاحبي دع عنك أحلام الصِّبا

إن الصبا في برد ظلك مُحتبس

واهتك سُتُور الغيم إن هي أينعتْ

وارجُ الحياة كريمةً ، لا تنتكس

دع عنك أهل الجاهلية ، إنهم

شبحٌ تبدى في الشبيبة ، وانطلس

كالنقطة السوداء في ثوب السنا

عادَ السنا ، أما الدجى فقد انطمس

هُم غيّبُوك عن الهدايةِ فترةً

قد كنت تضربُ في الضلال وتقتبس

واليومَ لمّا يأخذوا عنك الهُدى

كيفَ الغنيّ نراهُ يُمسك بالفنس؟

يا صاحبي صُبحُ الهِداية مُسفرٌ

عن وجه يَوم ضاحك الذكرى شمس

وكذاك أمطارُ التُقى هطلتْ وبـ

ـدّدَ ماؤها عفن المُضلين النجس

أرأيت نفسك مُسلماً مُترفعاً

عن كل رجس بائد الفحوى دنس؟

أرأيت زوجك ، والحجاب يَصونها

عن عين ذؤبان القطيع المُفترس؟

فوق السَّحاب تسيرُ؟ لا بل فوق أر

ض الله تُعلينا الهِداية والقُدس

وكذاك يُعلينا الكِتابُ ، وما روى الـ

ـمِقدادُ أو سعدٌ وجُندُبُ أو أنس

فُهما دليلُ المرء في هذي الدُنا

ألقاهما لنبينا رُوحُ القُدس

يا صاحبي ، وجهُ الهدايةِ باسِمٌ

مُتهللٌ ، ثم الفساد قد اندمس

فيم التعلقُ بالحضيض وقد أعـ

ـزك ربنا ، ونُشلت من قاع الديس؟

إياك أن تطأ الحضيض تشوقاً

من كان يَرجو الذُّل في الدنيا تعس

دع عنك دعوةَ مُفلس مستكبر

قُم ، فاقرأ (الأنعام) ، ثُم اقرأ عَبَس

إذ ، ليس فيه الخير ، فاطرق غيرهُ

لن تَعدم الإقبال في المرء السلس

لا ، أن تعود إلى الضلالة والخنا

أنت الذي لحقيقةِ التقوى درس

اصدعْ بما تؤمر ، وأعرضْ عن جميـ

ـع الجاهلين الفاسقين ، فهم نجس

يوماً سَيظهر أمرُ ربك ، لا تخفْ

والمُجرمُ الشيطانُ حتماً ينتحس

أنتَ العَزيزُ ، بعزةِ الجبار ، ثرْ

لا تخشَ من شيطان قومك والحرس

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة