الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ (أم نبيل)

عدد الابيات : 109

طباعة

طفحَ الكيلُ ، واعتدى السفهاءُ

وعلينا يستأسدُ البُلهاءُ

طف صاعٌ من طينة الحقد أخزى

وتوارى – خلف الستور البلاء

واحتوتنا قوارعُ الكيد عمداً

وتمادتْ – في أخذها البُرَحاء

وطفِقنا – مما نلاقي نعاني

وإلينا يطوي الخطا الجُهَلاء

هكذا الدنيا: تارة نتغنى

وصدانا تعنو له الأجواء

فنناغي ، وتارة نتعنى

وتسود الآهاتُ والبأساء

أيها الكيدُ ، قد كفى ما أقاسي

زال شأني ، واجتاحني الأشقياء

لم أدنسْ عِرضاً ببعض كلامي

لم تشُقني – بين الورى الخيَلاء

لم أنل نفساً بالسِباب ، لأني

مسلمٌ يحيا في مَداهُ الحياء

لم ألوّثْ بالطعن مَن عاملوني

ذاك قبحٌ يَعافه الفضلاء

لم أحَقرْ سعيَ الألى أكرموني

ليس مِن خلق المُتقي الازدراء

ما افتريتُ يوماً على مَن جَفاني

ليس مِن طبع المُهتدي الافتراء

ما اجترأتُ على الذي باع ودي

ذاك طيشٌ يرنو له الأغبياء

ما ادّعيتُ الأخلاقَ لم أدنُ منها

ليس مني الهتافة الأدعياء

وجميلٌ مِن الفتى عِز نفس

في قطيع أربابه لؤماء

عندما تستعصي الأمور ، وتقسو

يأخذ العف للرشاد الإباء

قد خبرتُ أهل الزمان مِراراً

وبدا لي الأنذالُ والنجَباء

عالم الأضداد التي ليس تحصى

كم يعاني – من هوله – الحُكماء

قيمة الإنسان الشريف تدنتْ

وتردى الأشرافُ والأكْفاء

وعلا فوق الخلق كل رقيع

ميزتْه – بين الورى الفحشاء

كل لون أجاده في البرايا

ليس تأتي ما قد أتى الحِرباء

وكريم الأقوام في التيه جاثٍ

كم يعاني – في العيشة – الكُرَماء

كم يقاسي مَن للمبادئ يحيا

ويَني مَن طموحُه العلياء

كنتُ – في بيتي – أستعد لنومي

فأتتني مكروبة حوّاء

تطرق البابَ ، تشتكي ظلم زوج

ضاق ذرعاً – بظلمه الأبناء

جرفته دنيا المَلذات حتى

نال منها ما يشتهي ويشاء

أفسدته الأهواءُ حتى قلاهم

مثلَ هذا هل يفعل الآباء؟

هجرَ الكل في مُحاباة أفعى

يشهد الله أنها شمطاء

لا تساوي فِلساً إذا ما اشترَوْها

برئتْ منها – في القياس – النساء

بِنية أردى الفاسقون صِباها

وقوامٌ أودى به الندماء

وجهها تغزوه التجاعيدُ طراً

وعِظامٌ من رجسها عَجفاء

جيدُها مِن رشْف الخمور تلوى

والثنياتُ ما لها استقصاء

ويداها جلدٌ – على العظم – بادٍ

وعيونٌ – عن الهدى عمياء

والعراقيبُ شَوّهتْ قدميها

فهْيَ مِن سعي للهوى – عَرجاء

ورموشٌ – على العيون تدلتْ

مَن رآها يغتاله الإغماء

ولسانٌ – عن أي نطق تخلى

لكْنة – عن أعرابنا عَجماء

وإذا بالأسنان بعضُ صخور

جمعتها – في جوفها البيداء

وإذا بالأنف المُشوّه وجهاً

ما له – فوق الوجنتين استواء

وإذا بالشَعر المُجعّد عَشبٌ

نفشتْ – ترعى – في ثراه الشاء

والتقاطيبُ – في الجبين استغاثت

حية تلك بيننا رقطاء

كيف يهواها مُعجبٌ بالصبايا؟

إن هذي لمن يرى عَنقاء

كيف يرضاها – للفراش – حَليلٌ

والضحايا – في وكرها – شركاء؟

أضجرَتني أم البنات ملياً

فاحتواني – بالعاشِقيْن لقاء

قلتُ: أقلِعْ ، وادرسْ أمورك ، واعقلْ

قال: كلا ، روحي لتلك الفداء

قلتُ: طينٌ: كم لاكَهُ كل نعل

وحضيضٌ كم عافه الرفقاء

هيَ مِرحاضٌ ، كم تغوّط فيهِ

يا رفيقي الزناة والوُضعاء

قال: حازتْ قلبي ، وبعدُ سَبتني

هل دريت يا عاذلي ما السِباء؟

قلتُ: أين الجمالُ فيها؟ أجبني

إن هذي مقبوحة رَعْناء

وعجوز أدمى المشيبُ حَلاها

وهْيَ من آثار الخنا شمطاء

واسأل الماخورَ المُدَنسَ عنها

وشهودٌ – في بهوهِ القرناء

سِلعة هذي ، كم تباعُ وتشرى

والعبيدُ – مثل الثرى والإماء

وعلى بطحاء النخاسة حطتْ

خِبتِ سَعياً ، وخابتِ البطحاء

هاجمونا كمثل سِرب جرادٍ

ثم طالتنا فتنة شعواء

أحرقتنا نيرانهم ، فاصطلينا

وأقول: أما لها إطفاء؟

قال: مهما أفصحتَ تلك نصيبي

إن تكن داءً عز هذا الداء

تلك حبي وقِبلتي وشبابي

تلك زادٌ لمُهجتي وغِذاء

تلك عشقٌ أحيا به وغرامٌ

أنا أرضٌ عطشى ، وتلك الماء

تلك أكْسِيرُ العيش ، تلك حياتي

تلك نورٌ تُجلى به الظلماء

بسمة منها تغمر القلب شوقاً

وشذاها – للهائمين دواء

صوتها أنغامٌ تشقشق نشوى

وصدى الصوت رقة وغِناء

وفر النصحَ ، لن تُغيّر شيئاً

نصحُ مثلي يا طيبون غباء

قلتُ: فانكحْ – على الشريعة زوجاً

تُمْسِ فذاً يسعى – إليه الهناء

قال: فابذل – مِن المعونة قِسطاً

وليكُن – في عوني هنا الأصدقاء

فالتمسْ لي فيمن عرفتَ ظهيراً

إن أمري مصيبة كَأداء

قلتُ: كلا ، فسوف أبذل جهدي

ليعم الحليلتين رخاء

واتفقنا ، والعدلُ كان بساطاً

وكتبنا كيلا يكونَ ادّعاء

والنوايا صفتْ لرب خبير

وجنانُ الرحمن نعم الجزاء

وتزوجتَ بالشروط ، وقلنا

إن يُوفوا – صدقاً – همُ السعداء

وأتيتَ عصراً تساوم غدراً

وتبدّى – في ناظريك المِراء

قلتُ: سُحقاً لمَن يخون الأيامى

مَن يبيع الأعراضَ كيف يشاء

ويريد بناته كالبغايا

ومحلَ التقوى يَحِل البِغاء

قال لي: اغضضْ من صوتك الحُر هذا

وأطِعني يُصبْكَ مني العطاء

قلتُ: كلا ، وإن تخنهن فاعلمْ

أن قلبي يشِع منه الوفاء

فلنوثقْ يا غِر كل عقودٍ

واحتملْ لا تذهبْ بك الغلواء

وامض في درب التيه شرقاً وغرباً

ستعود – إذا جفاك – الرخاء

سوف تلقى زوجاً ووُلداً وبنتاً

في نعيم تلفه السرّاء

وستلقى بيتاً تحِنّ إليهِ

فيه مجدٌ تحيطه النعماء

يوم أن ترمى دون أدنى اعتبار

يوم تأوي لجُحرها النافقاء

نزوة تمضي في خيال سراب

ومَرارٌ يفري العُرَى ودماء

ومصيرٌ صَنعت أنت دُجاهُ

وشقاءٌ – مِن خلفه البغضاء

وضياعٌ أودى بكل عزيز

ودَمارٌ شدا به الأعداء

وانحرافٌ عن كل أمر صواب

وانفجار ينهار فيه البناء

قال: دعني أحيا طليقاً وأهلي

قصدُك اليومَ ليس فيه خفاء

أنت ذئبٌ تسعى لصيدٍ سمين

والخبايا قد زال عنها الغطاء

إن تُزحني فسوف تخلو بأهلي

ويضم المستأنسين الخِباء

لهجة أتقنت التخفي وراها

لم يكن – في ألفاظها استحياء

نِية من أعمالك الدون خاستْ

والرزايا تلوكُها الأحشاء

خطرٌ أنت ، فالحليلة ثكلى

والغرامُ بمثل هذي – شِفاء

شَبِقٌ أنتَ ، والبناتُ عذارى

والغريمُ تحبه العذراء

قلت: كلا ، فقد حكمتَ بطبع

هو فيكَ ، والقلبُ – منهُ بَراء

برئتْ – مما قد ذكرتَ خِلالي

وشهودي الجيرانُ والشعراء

أهلك اليوم يعلمون إبائي

أنت نذلٌ ، لكنهم عُقلاء

كيف ترمي العفيفَ دون دليل؟

إن هذا تجاوزٌ واعتداء

أهلكَ الآن قدموا لي اعتذاراً

أنت ميْتٌ ، لكنهم أحياء

تعسَ الجهلُ ، كم أضل نفوساً

تعس الكِذبُ يفتريه الغثاء

فالبناتُ والأم في العين قطعاً

واسأل الناسَ ، إنهم شهداء

إن أتوْنا ، فنحن – للضيف أهلٌ

أو نزلنا ، فإننا حُنفاء

سَنُتمّ ما كنتَ قصّرتَ فيهِ

وعليهن إننا الأوصياء

سنجيرُ مَن يستجيرُ ، ونحمي

ونذودُ ، كأننا كُفلاء

نبذل الخير نرتجي عفو رب

إن عفوَ المليكِ نعمَ الرجاء

خففِ الطعن ، أنتَ – بالصدق أحرى

وتمثلْ ما يفعلُ الشرفاء

وتبينْ قبل التخرص ، وافهمْ

فالهوى دَجْوٌ ، والتحَرّي ضِياء

واشكر الإحسانَ الذي صان عِرضاً

إن شكر المعروف منكَ ثناء

مُرة كانت صيغة العقد ، لكنْ

حققتْ قصداً خطه الفقهاء

بك ضحّينا كي يعيشَ أيامى

ما لهن في غربة أولياء

فارض واصفحْ واقبلْ وأجملْ وخففْ

وتأملْ يغسلْ جواك الصفاء

قد فعلتُ ما لاح لي باجتهادٍ

واجتهادي قد صاغه العلماء

يُبترُ العضوُ دون أدنى اكتراثٍ

لتصِحّ – بدونه الأعضاء

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة