عدد الابيات : 24

طباعة

أَتَذْكُرينَ صَبِيّاً عادَ مُكْتَهِلا

مُسَرْبَلًا بِعَذابِ الكَوْنِ.. مُشْتَمِلا؟

أَشْعارُهُ هَطَلَتْ دَمْعاً.. وَكَم رَقَصَتْ

عَلَى العُيونِ، بُحَيْراتِ الهَوَى، جَذْلا

هُفوفُ! لَو ذُقْتِ شَيْئاً مِن مَواجِعِهِ

وَسَّدْتِهِ الصَّدْرَ.. أَو أَسْكَنْتِهِ الخُصَلا

طالَ الفِراقُ.. وَعُذْري ما أَنُوءُ بِهِ

يا أُمُّ! طِفْلُكِ مَكْبولٌ بِما حَمَلا

لا تَسألي عَنْ مَعاناةٍ تُمَزِّقُني

أَنا اختَرَعْتُ الظَّمَا.. وَالسُّهْدَ.. وَالمَلَلا

هَل تَغْفِرينَ؟ وَهَل أُمٌّ وَما نَثَرَتْ

عَلَى عُقوقِ فَتاها الحُبَّ وَالقُبُلا

ضَرَبْتُ فِي البَحرِ.. حَتّى عُدْتُ مُنطَفِئاً

وَغُصْتُ فِي البَرِّ.. حَتّى عُدْتُ مُشْتَعِلا

أَظْمَا.. إِذا مَنَعَتْني السُّحْبُ صَيِّبَها

أَحْفَى.. إِذا لَم تُرِدْني الرِّيحُ مُنْتَعِلا

وَيَسْتَفِزُّ شِراعِيَ المَوْجُ.. يَلْطِمُهُ

كَأَنَّهُ مِن دَمِ الطّوفانِ ما غُزِلا

وَرُبَّ أَودِيَةٍ .. بِالجِنِّ صاخِبَةٍ

سَرَيْتُ لا خائِفاً فِيها.. وَلا عَجِلا

تَجْرِي وَرائي ضِباعُ القَفْرِ.. عاوِيَةً

وَاللَّيْثُ يَجْرِي أَمامِي.. يَرْهَبُ الأَجَلا

كَأَنَّما قَلَقُ الجُعْفِيِّ.. يَسْكُنُنِي

هَذا الَّذِي شَغَلَ الدُّنْيا.. كَما شُغِلا

يا أُمُّ عَانَيْتُ أَهْوالاً.. وَأَفْجَعُها

مَكِيدَةُ الغَدْرِ فِي الظُّلْماءِ مُخْتَتِلا

أُواجِهُ الرُّمْحَ فِي صَدْرِي.. وَأَنْزِعُهُ

وَالرُّمْحُ فِي الظَّهْرِ.. مَسَّ القَلْبَ.. أَو دَخَلا

أَلْقَى الكُماةَ بِلا رُعْبٍ.. وَيُفْزِعُنِي

هَجْرُ الحَبِيبِ الَّذِي أَغْلَيْتُهُ.. فَسَلا

أَشْكُو إِلَيْكِ حِسانَ الأَرْضِ قاطِبَةً

عَشِقْتُهُنَّ.. فَكانَ العِشْقُ ما قَتَلا

وَيْلاهُ مِن حُرْقَةِ الوَلْهانِ.. يَتْرُكُهُ

مَعَ الصّبابةِ.. شَوْقٌ وَدَّعَ الأَمَلا

أَشْكُو إِلَيْكِ مِن السِّتِّينِ ما خَضَبَتْ

مِن لِي بِشَيْبٍ إِذا عاتَبْتُهُ نَصَلا؟!

تَهانَسَ الغِيدُ «يا عَمِّي!» فَوا أَسَفاً

أَصِيرُ عَمّاً.. وَكُنْتُ اليافِعَ الغَزِلا

لا تَعْجَبِي مِن دِماءِ القَلْبِ نازِفَةً

وَاسْتَغْرِبِي إِن رَأَيْتِ القَلْبَ مُنْدَمِلا

أُمَّ النَّخِيل !.. هَبِينِي نَخْلَةً ذَبُلَتْ

هَل يُنْبِتُ النَّخْلُ غَضّاً بَعْدَ أَنْ ذَبُلا؟!

يا أُمُّ.. رُدِّي عَلَى قَلْبِي طُفولَتَهُ

وَأَرْجِعِي لِي شَباباً ناعِماً أَفِلا

وَطَهِّرِي بِمِياهِ العَيْنِ.. أَوْرِدَتِي

قَدْ يَنْجَلِي الهَمُّ عَنْ صَدْرِي إِذا غُسِلا

هاتِي الصَّبِيَّ.. وَدُنْياهُ.. وَلُعْبَتَهُ

وَهاكِ عُمْرِي.. وَبُقْيا الرّوحِ وَالمُقَلا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن غازي القصيبي

avatar

غازي القصيبي حساب موثق

السعودية

poet-ghazi-algosaibi@

41

قصيدة

3

الاقتباسات

2200

متابعين

غازي عبد الرحمن القصيبي (2 مارس 1940 - 15 أغسطس 2010) شاعر وأديب وسفير دبلوماسي ووزير سعودي، قضى في الأحساء سنوات عمره الأولى ثم انتقل بعدها إلى المنامة بالبحرين ليدرس ...

المزيد عن غازي القصيبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة