الديوان » لبنان » سوزان عليوان » نعامة صغيرة على الحب

كأنّما قلبها علبة ألوان
"أنا طائر"
كانت تردّد طفلة
هل كان ضروريًّا
أن تكسر ساقيها مرّتين
كي ينتبهوا؟
شبيهة بمساحيقها
بملابسها
بالبطاقات التي تزحم بها حيطان الغرفة
لئلاّ تنام في البياض وحيدةً
في الشارع
يتهافت عليها الأطفال
لعلّهم ينتزعون من جسمها قطعة حلوى
بالخفاشتين لقّبونا
هم ذاتهم
الذين تغذّوا
عن الدم السائل من براءتنا
جدّتها
في البلد البعيد
حدّثتها عن نجمة تملكها
إرث الجدّة تأخّر كثيرًا
ما زالت تنتظره
.ما زال ريشها يحلم بالهواء
العودة إلى أعلى الصفحة
على رمال متحركة
لو أنّ هنالك إلهًا"
لو أنّه يحبّنا حقًّا
إلى الجحيم سنذهب
نحن لا نعرف أحدًا في الجنّة
"و نراجيلنا يلزمها جمرٌ كثير
في لوحة
:تساءلت
لماذا تتصارع كلّ هذه الرؤوس"
بخوذيّاتها المختلفة
"للوصول لشمس واحدة؟
ذات مرّة استعانت بسجادة
لتشرح نظريّة الكون
تجمعنا حولها
صحراء بعيدة
أباريق طين و ناس
هل ندرك الآن
أنّ العالم أوسع من المقهى الذي نرتاده كلّ ليلة
أنّ هنالك بشرًا غيرنا؟
الجبل أمّها
وحده استطاع أن يحتويها
فرحت
لانّ أباها مات سكرانًا في رماده
لا بدّ أنّ العصافير ستسعل حدّ الاختناق
فيما تبني أعشاشها بين تجاويف العظام
التمساح الذي في بانيو شقّتها
لعنة البلحة في العائلة
خلافاتها الدائمة مع الجيران
.كم كانت بساطتها ترعبنا
العودة إلى أعلى الصفحة
أظفار مطلية بالشهوة
كان صباحًا داكنًا كقهوتنا
كعينيها الحادّتين
كذلك الغموض في القصة
شمس سوداء في غيم النراجيل
القطة نائمة
النادل ببابيونته المعوجّة يتثاءب
عند السياج الخشبي غريبان
ساقان عاريتان
أظفار مطلية بالشهوة
ندب يجرح ضحكتها
من أين جاءت بأسمائنا؟
كيف انضمّت الطاولتان؟
نخون وعدنا لأمّهاتنا
و نأخذ قطع حلوى من أشخاص لا نعرفهم
تفتح دون مواربة قلبها
:بيتًا مؤثّثًا بالبشر
الخائن لأنوثتها
أطفال معوّقون بأمومة ناقصة
الرجل الذي يأكل نصف الكلام
و يقضم بكثير من القسوة تفاحتها
المشعوذ ذو الأرنب و العينين الزجاجيتين
عجائز بعدد التجاعيد
في البيت
تحف من أصابعها
نباتات
.إمرأة وحيدة
العودة إلى أعلى الصفحة
قبل أن يرسمها الله
صرصار ليل على الحائط يغنّي
كلّ حجرة زنزانة
كلّ آخر جسر إلى الذات
زجاجات فارغة
كنيسة صغيرة من شمع و ألوان
لعظامه صوت يربك الفراغ
كأنّما في جسده محرّك سيّارة قديمة
لن يغادر عتمة مقعده
لئلاّ يوقظ النباتات من حلم
عينيها المغمضتين تحت أصابعه
رسمها
قبل أن يرسمها اللّه
لماذا يغضب إذًا
حين تلقّبه بالأب الروحيّ؟
رسم الوطن و البشر الطيّبين لأجلها
رسم قلبه
زهرة صفراء
في كأس نبيذ
وحيدًا يجلس
في غيمة من دخانه
يتخيّلها في فستان أبيض
.تقبّل أميرًا
العودة إلى أعلى الصفحة
كرسي من قش لا يشعله الحنين
وحيد
بقدر ما في البحر من زرقة و جثث
في الرمل يغرس أرجله
حالما بالجذور
ململمًا من حوله الأصداف
أصواتًا لا تخفت
يسمّونه الغريب
"لماذا لا يبني مثلنا القصور و يهدمها؟"
لو اقتربوا من صحراء قلبه قليلاً
لأدركوا أنّه طفل يشبههم
و سألوه عن اسمه
ألفته النوارس
بذراعيه استبدلت المراكب و ألسنة الصخر
هنا على الأقلّ
لن يرشّها الصغار بالماء
ستشاهد الغروب
بعينيه الفاضحتين ملحًا و أسماكًا
كان من الممكن أن يكون آخر
فزاع طيور في حقل ما
لكنّ اليد التي صنعته
فرضت هذه الهيئة
.هذه الحياة
العودة إلى أعلى الصفحة
جلباب الدمع
تكنس الكوابيس كل فجر عن عتبة البيت
تقشّر قبالة النافذة بصلتين
كي لا يسألها اليمام عن دموعها
بطرف جلبابها
تلمّع المرايا
عاجزةً عن إزالة حنان مترهل
يقرّب قلبها من التراب
ليلاً هدهدت الأطفال بحكايات البحر
في جلبابها رائحة الحارة
ألوان عرائس الحلوى و الأحصنة الصغيرة
وعدتهم بفطيرة جبن ساخنة في الصباح
الشمس
في هذه المدينة الكئيبة
باردة
قاسية
ستكسّر أسناننا
لا بدّ من حيلة أخرى
تخرجهم من دفء القطن و الأحلام
لو كانت روحها سجادة
لنفضت عنها هذا الغبار
لتركتها في الهواء قليلاً
.تتنفّس
العودة إلى أعلى الصفحة
الساحرة
لا
لم تكن ملاكًا
كل ما في الأمر
أنّها كانت تلتهم اللؤلؤ
.و تختار لمقعدها إضاءة خادعة
العودة إلى أعلى الصفحة
الفستان الأحمر
فيما كان ينهال على عريها
كان ظلّها قد تجاوز الباب
بفستانه الأحمر
.إلى حانةٍ ما
العودة إلى أعلى الصفحة
رغبة زائفة
مغمضة العينين
مستسلمة تمامًا
بعد ساعات قليلة
تستعيد جمالها
تدهش المرآة و الزمن
بالمشارط
سيزيل التجاعيد عن ضحكتها
سيحشو شفتيها المتعطّشتين للقبل
برغبة زائفة
لو أنّ يده تنزلق قليلاً
ليس لتكبير نهدها الذابل
بالونةً مجرّدةً من اللون و الهواء
و إنّما لترميم قلبها
هذه الطائرة الورقية التي يئنّ جناحاها
.كلما لامسها حب جديد
العودة إلى أعلى الصفحة
الفراشة
العصافير الرمادية
لا تصدّق
أنّها لا تستخدم المساحيق لتزيين جناحيها
عصفور صغير
فكّر في الأمر طويلاً
اتهمها بلبس المرايا
و خداع العيون بانعكاسات الزهور
"تعال و فتّش خزانتي أيّها السفيه"
صرخت في وجه دبّور أسود
حاول أن يلامس جسدها في مروره
لعلّ ألوانها تبهت على معطفه الداكن
بكت طويلاً
على كتف شجرة
"لست ساحرةً كما يشيعون في هذه الغابة"
يوم أحرقوها
تصاعد إلى السماء دخان غامض
ليستقرّ في قلب الزرقة
قوس قزح
.شعاعًا بسيطًا من روحها
العودة إلى أعلى الصفحة
فزاع الطيور
كثيرة هي أمنياته
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء
عبر جسده القليل
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة
بوضع يده في جيب
في كفّ امرأة
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم
بين حين و آخر
بدلاً عن الأحجار
بأزهار قليلة تنبت حوله
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده
إن سقط
بضربة منجل
يحلم بالعصافير
تلامسه
دون خوف
حتّى إن أخذت
مقابل حنانها العابر
قشّ القبّعة التي تحميه
في هذا الخلاء
.من قسوة الشمس و المطر
العودة إلى أعلى الصفحة
رجل الثلج
بأيديهم الصغيرة
صنعوا له جسدًا و رأسًا
بقطع يابسة من الخشب
منحوه وجوههم
و رائحة الجلد
في المعاطف و الأحذية
منحوه ابتسامةً و غليونًا
دخانه
أنفاس دافئة مرتعشة
لا بدّ أنّهم غافلوا الكبار
و اختلسوا هذه القبّعة الرزينة لأجله
و هذا الوشاح
في الليل
سيغيبون عنه
ليس بإمكان أطفال في مثل ألوانهم
أن يناموا في هذا البياض القارس
مثلهم
يرغب في مسافة
يسقط فيها ألم الفقد
حين تظهر الشمس
و يغيب عنهم
.للأبد
العودة إلى أعلى الصفحة
ذلك البريق
كبرت
ما عاد صوتها يصلهم
من قال أنّها تغنّي لأجلهم؟
يكفيها مستمع واحد
:في صالة الليل الخاوية
قمر بأسنان قليلة
يتّكئ على كمنجته
يسعل بشدّة
بين وصلة و أخرى
مطيّرًا نجماتها على ثوبها و شعرها
.معيدًا إليها ذلك البريق
العودة إلى أعلى الصفحة
طابع البريد: عصفور ميرو
ستصيبها أمراض الأطفال
و يصفرّ جلدها
آخذًا لون الورد الذي تحبّه
لون الصوص القطنيّ النائم على طرف السرير
لون شعره
الأمير الذي أحبّت ضحكته و اختفى
في صفحة أخيرة
من رواية
سيملؤها الفراغ بفراشاته البيضاء
و تكتشف
كمن يرى نفسه لأوّل مرة في مرآة
أنّ حياتها لا تشبهها
و أنّها أساءت فهم الغربة
زمنًا طويلاً
لا تحاولي"
لا النعناع و لا نصف الليمونة في ماء النارجيلة
سيعيدان إليك طعم الشتاء الماضي
الأغاني أيضًا عاجزة
فمك الذي لم يبح سوى بنصف الأسرار
عضو ناقص
لا كلام و لا قبل
"فقط ابتسامة صغيرة
ستبكي
حتّى تحوّلها الدموع
إلى غيمة
من عرشها الأزرق البعيد
ستراهم
بأحجامهم الحقيقية
بلا أسف أو حنين
ستصادق عصفور ميرو
و السمكة التي تغنّي
في مربّع من ورق
في زاوية صغيرة من روحها
ستعيد بناء المقهى القديم
ستحفر على بابه
ضحكةً من خشب الورد
إلى أحلامها
ستخرج
:و تعمل بالنصيحة
"العسل و قطع السكّر"
الشمس الذائبة في قلب كبير
أيام حلوة
.ربما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سوزان عليوان

avatar

سوزان عليوان حساب موثق

لبنان

poet-suzanne-alaywan@

106

قصيدة

147

متابعين

سوزان عليوان شاعرة لبنانية، ورسامّة، ولدت في عام 1974 في بيروت، من أب لبناني وأم عراقية الأصل. بسبب الحرب في وطنها، قضت سنوات الطفولة والمراهقة بين الأندلس وباريس والقاهرة. تخرجت ...

المزيد عن سوزان عليوان

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة