الديوان » لبنان » سوزان عليوان » وحدي في الحكاية

1
الشارع الذي يحمل اسمًا سماويًّا
.ولشبابيكه المتقابلة عيون عشّاق
ذلك الذي بين مفارقه التقينا
،بأُلفة صديقين قديمين
.أحدنا ملاك يضحك
،الموشوم في روحي بحانة من حنين
بركبة حول ظلّ خجول
.وكتاب لا يتكرّر
،الذي في زاوية من زواريبه باب وردة
.الطويل كنظرة تحوك ظلّين
ذو النهر الواحد
...مثل نهاية حبّ من طرف وحيد
يا له من عمر بلا آخر
.دونك يقاس بالدموع
2
،أحدنا أفلت الحكاية
.بيده قَطَعَ الخيط الأخير
صفق الأبواب خلفه
.تاركًا أصابعه فوق المقابض
كسر النوافذ كلّها
.وكأنّها كابوس من كؤوس
بغيمة غطّى المرآة
لئلّا يبصر وجهه
.وحيدًا مثل إله
في صناديق صغيرة من ورق
وارى الفرح والهدايا
ثمّ كحفّار قبور
.بظلاله دثّر أطفاله
العازف عن جمع نفسه
العاجز عن تمزيق رسالة
التقط صورة لصدى
.حلَم حتّى هرمت أهدابه
كلّما تذكّر تلك الأغنية
،كره الحواسّ والشوارع
في التباس السادسة صباحًا
.لم تعد توقظه عصافير الجوار
أحدنا الذي يبكيه بيانو
.وتسقطه قطرة من مطر
3
:مثل مطر تفرّقت ملامحنا في الشوارع
معطفك على أكتاف مشرّدين
دموعي بين عابرينَ
ونوافذ وجهك ورقة لا يسقطها خريف
ضحكتي تذكرة قطار ممزّقة
كلمات مثل " حبّنا " لتماثيل
.وعودنا شموع تَقِلّ وتضيء
كما تعلو أعمار على حُطام مدن
مثلما الشجرة تلويحة من تراب
يرمّم كلّ منّا نبضه
.برماد ما مضى
4
للغيمة أغفِر ما سرقتْه من النبع
لعصافير تشرين
ما فعلته بقشّ أيّامي
للشتاء نياشينه من جماجم أزهار
للفجر نجمة بلا إجابة
للدروب الماطرة مفارقها
للحقائب أقفالها على قلوب
لشجرة اللوز
كلّ هذه العيون الحزينة
لأصدقائيَ دلاءهم وسط دموعي
أسامح الأوطان والأوثان والمصابيح المكسورة
التراب والعاصفة
أحقاد الأغاني
،بياض السكاكين
...إلّا أنت
أدينك كما يشير ملاك بإصبعه
.إلى بقعة سوداء ملء المرآة
5
.أن تتقاطع بسلوة غرباء رسائلنا
أن يحمل لي ملاكٌ
صدى صوتك
.في باقة من صور
،ألّا أتعرّفَ على أيقونة واحدة من دموعي
.أن أتألّم لأنّنا أكثر من اثنين
كلّ هذه النجوم
،من غَزْلنا على سهر
والليل خيط طويل ومقطوع
.من طرفينا
6
لنجلس وجهًا لوجه
،مثل أيّ اثنين في مقهى
كما يضاعف الوحيد
قلبه ودموعه
.بجبين مرآة
ثمّةَ كلامٌ
.كشجر كبر فينا
الحبّ حفرة في روحي
.عيناك ليل لا يعرفني
صرنا الغرباء الذين كورق أصفر
.لشبابيك مبحوحةٍ من كثرة التلويح
لشارعنا العتيق
،عتب بعدد عابريه
:والمطر على رصيفين مجاز يصرّ
.لا قدر حقيقيّ يضيع
7
،لا عتبَ على غيم وأحجار
لا ذنب لملاكٍ
.غرير الغفران
بريئة هذه الدروب من دموعنا
.ليست الشوارع نوايا عابريها
:نحن اللذان على أمطارها علّقنا عمرنا وقلنا
هذه القلادة ذات الأحرف اللاتينيّة القليلة
.أيقونة العالم
أنت وأنا، أيّها الآيل للكسر كوردة
مثل كسرة بسكويت في اليد
.كما كانت تلك الضحكة تكرّر
لم يخدعْنا أحد
.لم يخذلنا سوانا
نحن اللذان أثقلنا الرحلة بأكثر من جناح
بثالث محايد
كلّ حجر على الكوكب
.حقيبته أكثر من قلبه
8
على مهلي
.كمن بلا ذاكرة يتنزّه
،كنسيانٍ
.على كاهلي هالة الهجران
على مفرق الجسر
.أن يبتكر أغنيةً أخرى لمنديله
ليس الحبّ الملاك
​الذي بقامة نبيّ
.يبتسم لطفل في يده سكّين
غدت المدينة صمتنا
عادت حبّة من غبار
والأماكن أصداء
.لا تذكّرني بأحد
9
وحدي في الحكاية
.هنا حيث المرآة متاهة
في مكان آخر
،رجل مريض يرسم الملائكة
في حياة أخرى
.أنا الردهة الطويلة بأطفالها
ماذا أفعل باللوحتين؟
.سريري سفينة لا تغادر
باريس امرأة عارية
.هيكل عظميّ تحت المطر
إن كان هذا هو الجحيم يا إلهي
من أين تنبع كلّ هذه الدموع؟
10
،لستُ من مطر لأتساقط هكذا
.لكنّها أوراق أيلول
كأنّنا في أوّل النسيان
.نحن الذين قطعنا هذه النهاية من قبل
على أفق تركناه
،الغروب الذي ليس كتابًا لنغلقه
وكلامًا معلّقًا بين مَقعدين متقابلين
لعشّاق على العتبة
لا يعرفون
أنّ الذي يجلس وعلى يساره الأزرق
.يتألّم أكثر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سوزان عليوان

avatar

سوزان عليوان حساب موثق

لبنان

poet-suzanne-alaywan@

106

قصيدة

114

متابعين

سوزان عليوان شاعرة لبنانية، ورسامّة، ولدت في عام 1974 في بيروت، من أب لبناني وأم عراقية الأصل. بسبب الحرب في وطنها، قضت سنوات الطفولة والمراهقة بين الأندلس وباريس والقاهرة. تخرجت ...

المزيد عن سوزان عليوان

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة