الديوان » المغرب » أحمد الهيبة » كففت انسجام الدمع فانهل وانتثر

عدد الابيات : 146

طباعة

كففت انسجام الدمع فانهلّ وانتثر

وعاد عقيقا بعدما كان كالدرر

وأبدل مني من جوى البين والأسا

سبات الكرى والنوم بالسهد والسهر

وجفني مبنيّ على الفتح رفعه

ولا يتأتى فيه ضمّ وما انكسر

وقد كان لي لب مصون فقدته

فيا ليت شعري أين صار وما الخبر

هلمّوا اقرأوا ما الحب ّمني وما الجوى

وما العشق ما أحلى الجميع وما أمر

فيثلج ما بالمستهام من اللظى

ويوقد الخفا أخفى وأظهر ما ظهر

أهيم إذا ما شمت برقا يمانيا

وإن ماست الأغصان في نسم السحر

وتوقاد أضواء النجوم إذا رست

أو أظلم ليل العاشقين أو اعتكر

تغرّب جسمي ف يالتوله مغربا

وغرب جفوني بالدم انهلّ وانهمر

وقلبي بالشوق الحجازي مشرق

فهل لهما جمع ولو جمع انكسر

لئن شاق مشتاقا إلى اليض منزل

فشوقي على الخضر المطيّبة انحصر

وقد شاقني ذكر الحبيب محمد

إذا اشتاق أقوام إلى الدل والخفر

وقد شاقني لألاء ذر حديثه

إذا اشتاق قوم للثغور وللأشر

وإن سمرو في أنسهم وحديثهم

فسيرته عندي التحدّث والسمر

وإن سكروا بالشرب من راح خمرهم

فراح حميّا حبه الشرب والسكر

فعلل ودندن باسمه وبذكره

وروح وجانب في تدندنك الخفر

فلالوم لي إن همت شوقا إلى اللقا

وإن غاب عقلي عند ذلك أو حضر

هناك يتيه التائهون بذكره

وترميهم نار المحبّة بالشرر

به ازدانت الدنيا به البشر ازدهى

متى كان في الدنيا متى كان من بشر

فياليلة الميلاد يا خير ليلة

بك ازدانت الدنيا بك الدين قد زهر

تحلّيت بالمولود فيك وحليت

جيود الليالي من حليك بالنضر

وأنت ربيعي يا ربيع ومربعي

بمولودك الأسمى استدام لنا البشر

ألم يك خير الخلق تالله لم تلد

شبيها له أنثى يمينا ولا ذكر

فمن يدّعي من مادح حصر مدحه

فبالصقر امتاز ادعاء وبالبقر

فإن شئت إجمالا ففيه عن الورى

لقد حصر الفضل المهيمن فانحصر

وتفصيله يعيى الألباء حصره

ألم يكف ما تاتي به الآي والسور

أأهل الثنا فأتوا بمثل براءة

وفاتحة والفتح والنجم والزمر

أو ايتوا بإحدى الآي والآي أنزلت

عليه فهل من بعد ذلك مفتخر

أبعد ثناء الله مدح ورفعة

وفخر وتفضل لخلق من البشر

فأظهره قهرا على الدين كله

برغم على أهل النفاق ومن كفر

وأرسله للخلق قاطبة ومن

سواه على جبل من الأمم اقتصر

وناصره بالرعب شهرا ومن يكن

له ناصرا قد عزوا اغتزّ وافتخر

به أقسم المولى فقال معظما

لعمرك إن تفخر فحق لك الفخر

رسول لعمري سر طينة آدم

ونقطة سر الكون الاتي ومن غبر

بصائر أهل الجحد كفّت بنوره

وعين يقين الحق إنسان من نظر

وشقّ على أهل الشقاق شقاقهم

متى عاينوا شقين شق له الذكر

وقد خرسوا من نطق وحشيّة الظبا

ووقع الظبا فيهم وصارمة الذكر

سقت يده جيشا بها سبّح الحصا

وقد جاءه يختال في مشيه الشجر

إذا ما مشى في الصخر أثر إثره

وإن سار في حقف اللوى خفي الأثر

وحين له جذع النخيل تشوقا

فلله جذع حن للشوق واذكر

وقد عذب الماء الأجاح بريقه

كما رييء في الظلماء من نوره الإبر

ولو شاء قلب الصخر يقلب عسجدا

ولو شاء منه اللين يقلب كالوبر

أو أن الحصى تبر من الأرض خالص

وخالص تبر العين يقلب كالمدر

أتى صفو لو شاء في عشر حجة

ولو شاء كان العيد في العشر من صفر

ونجم الثرى نجم السماء أحاله

وزهر السما عادت هي النجم والزهر

ولو شاء لم تخلق من الكون ذرّة

فمن شاء فليؤمن ومن شابه كفر

فإن تفهم المعنى سلمت وما على

مصحح معناه الغباوة في البقر

فقد قال سل تعطه مفضله كما

أتى في الحديث القدسي عنه وفي الأثر

فيارائما في الكون شبه محمد

فبطن يد الانسان هل ينبت الشعر

لأحلم من أغضى وأفضل من مشى

وأكرم من أعطى واسمح من غفر

فسيان ألف من جواهر عنده

وجوهر فرد الأرض والبدر والبدر

عطاء بلامن ولاسأم العطا

ويطلق وجها للعفاة إن اعتذر

فكم من فقير من غنائمة اغتنى

وكم من غني من كتائبه افتقر

فلله بدركم حواه قليبه

وكم أسروا فيه وكم أودعوا سقر

فأين أبو جهل وعتبة وابنه

وشيبة والعاتي أميّة الأشر

واين الصناديد الطغاة وبغيهم

وطغيانهم والسحر والهزء والبطر

تفرّق بالهندي والسمر حزبهم

وبالمشرفيات اللدان شدر مذر

وخير لم تحص العبارة قبله

زهاها فصارت عبرة لمن اعتبر

ولم أنس يوم الفتح لله درّة

فهل لهم من بعده الهزء والسخر

فكم منهم أخزى وأخجل منهم

وكم منهم أجلى وكم منهم هدر

وكم سلمت من بعد أن أسلمت له

وسلّمت أقوام سمت واختفت أخر

زمام المعالي وهو مالك أمرها

وذرّة أعلاها وإستبرق الحبر

وعاقدها جبريل صاحبه ومن

سما فوق أملاك المهيمن واشتهر

وشاهدها ختم الرسالة وابتدا

ذكانوره من قبل أن تخلق الصور

بماضي سيوف الله في مفرق العذا

بسنّته السمحا بشرعته مهر

وأنتج منه محو كل ضلالة

إلى أن أنار الدين بالحق وانتشر

فأين قياصر الملوك وما اقتنى

هرقل وكسرى الفرس ملكا وما اذخر

ويارائما منها اقتطافا بغيره

هبلت له الابنا وللعاهر الحجر

فلو كان خلق الله أغصان دوحة

لكنت لها نورا وكنت لها ثمر

ولو كان نجما كنت شمسا أو الحصا

لكنت هو الياقوت والتبر والدرر

ولو كان جسما كنت روحا لجسمه

ورأسا لكنت النطق والصسمع والبصر

ومنطقه فصل بأبلغ حجّة

ولا نزر في ذاك البلاغ ولا هذر

شفاء فما أحلى عذوبة لفظه

ومعسوله فالشهد منها بلا إبر

وأشهى من الراح العقار تعلّلا

والاوبة بعد الغنم من وحشة السفر

ومن نغمة المعشوق في أذن عاشق

وخلسة مشتاق لمن شاقه النظر

هنيئا وياطويي لمن زار طيبة

ولم تثنه عنها الملامة والزور

فطيبة طيب الطيب طبنا

ومرهمنا ترياقنا إثمد البصر

بها راحة المهموم من كل غمّة

وراح ارتياح النفس من كربة الكدر

مقرّا له اختيرت ودارا لهجرة

فأكرم بها دارا وأكرم بها مقر

هنالك خضراء القباب تلألأت

بها رفرف الأنوار لألاؤه ازدهر

وذاك قباء والبقيع وهذه

قباب أهاليه الجهابذة الغرر

فليت مطايا الوهم كانت مراكبي

إليها أو الأرواح تخذي أو الفكر

إذا ما حططنا الرحل بين رحابها

وداخلنا ذهل الملاقاة والحير

فلا لي لالي لا عليّ ملامة

فحالة مرء فاقد اللب تغتفر

أغفر خدي في حراء ومن حرى

أطوف ببيت الله في الحج والعمر

وأضرع في أخذي لاستار كعبة

وأدعو مجابا في الخطيم لدى السحر

وأركع في محراب مسجد بيته

وأكرع من أكواب زمزمه تير

أمرغ وجهي في المحصب من منى

وأهدي وبعد الهدي أحلق للشعر

ومن بين ما هذي وذاك وهذه

أقبل في كل المناسك للحجر

وفي عرفات الحج لم أنس موقفا

فكم هز من باك وأجرى من العبر

منازل منها بعثه ليتني بها

أزور على ترتيبها أقتفي الأثر

ولي على ترتيب ما بعثت إلى

تراتيبه شعرا قرائح من شعر

ففي مدحه قسّ وسحبان وائل

سيان هما أو باقل وأبو حذر

مآلهم للعجز والعي والونى

وهل يدرك الغواص ما أضمر الزفر

فما مادح مدحا بأبلغ مدحة

تطاول إلا عن مدائحه قصر

أقربأني قاصر عن مديحه

ومن سامه حصرا فقد ربح الخسر

ومن لي بمستوف ثناء صحابه

نجوم الدياجي صفوة البدو والحضر

وباعوا نفوسا بعد أن بايعوه في

رضا الله لا بيع احتكار ولا غرر

أروني أروني كالعتيق رفيقه

ولا أروني مثل سيدنا عمر

وإلا أروني مثل عثمان صهره

وشبه أبي السبطين حيدرة الزفر

هو المهجر الأسمى ومنتخب العلى

وفتاح إشكال إذا حارت المرر

تصير هباء عنده أسد الشرى

وما تلبث المرآة إن لاقت الصخر

وطلحة أو شبه الزبير وسعدا أو

سعيدا ومن حاكى ابن عوف وما ادخر

وشبه أمين الأمة المرتضى ابي

عبيدة ختم المسك للسادة النصر

فهل أسد الله الغضنفر حمزة

له من يضاهي من ربيعة أو مضر

أوالأنجب الأسمى أبو الفضل من به

أبو حفص يستسقى فينسكب المطر

أو الحسنان الهاشميان سيدا

شباب جنان الخلد نادرتا السمر

فكم أنجبا من قدوة بعد قدوة

وكم من نجيب فاق منهم وقد مهر

وكم منهم في الكون قطب بربّه

تصرّف أو غوث تصرف أو ظهر

ومن هاجروا الأوطان والإلف منهم

ولم يثنهم خوف ولم يثنهم حذر

عيون العلا تيجانه أبحر الندا

ليوث الوغى نور الظلام إذا احتضر

فذاك فتى النادي وبيت قصيده

وخنصره الأسمى المطاع كما أمر

وذاعن تليد المال منهم مهاجر

وطارفه والبيض والكوم والحير

وكم غادروا من غادة قمريّة

تباهي ضياء الزبر قان إذا بدر

مآثرهم لا تنقضي أو للحصى

عديد وموج البحر عد إذا زخر

وأنصاره أكرم بأنصاره اللي

بهم عزّ دين الله وامتدّ وانتشر

لقد بذلوا أموالهم ونفوسهم

وآووا رسول الله في العسر واليسر

أولئك أبطال الوغى وأسودها

إذا اصفرّت الآسادوا انتفخ السحر

وهزّ الرماح السمر يطربهم كما

يطيرون عقبانا إلى رنّة الوتر

وفرد جميع الصحب جمع وعنه قد

تقاصر أهل المجد في الطول والقصر

أيا خاتم الرسل الكرام وصحبه

أضفت لكم نفسي وإني على خطر

فلا تجعلوا بين المضاف وبين من

يضاف له فصلا وإن زلّ أو عثر

وحاشاكم أن تجعلوه ولو هفا

كغالب ما يأتي للولا من الخبر

ومن شرف المتبوع يشرف تابع

ومن جالس العطار طيّبة العطر

ويا أهل بدر والبقيع ومكة

ومن بايعوا طه بمفردة الشجر

فإنا توسّلنا بكم للذي به

توسلنا لله في نيلنا الوطر

محمدنا المختار كعبة قصدنا

مقضي اللبانات الملاذ من الغير

أناشدك الله الكريم تفضلا

فمن علينا بالمراد وبالظفر

وكن حصننا في كل خوف وأمننا

ومعقلنا أنت المؤمل والوزر

وقل وشتت صد واهزم ودمرن

أعادينا لاتبق منهم ولا تذر

وضنّ بنا عن ضرهم وأذاهم

فلا بؤس نلقى من عدانا ولا ضرر

وأنشدك اللهم بالنور أحمد

فأجر وحرّك بالمراد لنا القدر

ومره إلهي بالقضاء لحاجنا

بلا مهلة كالبرق واللمح للبصر

وإنا غلبنا غالب فانتصر لنا

أيا غالب الغلاب يا خير من نصر

وعن بيضة الإسلام فرج بسرعة

ونسبتنا واكشف عن الأمة الضرر

أدم نضرة الدنيا عليّ وبرها

وخيراتها والعز والنصر واليسر

وخفضالعيش العمر في منتهى الغنى

بأحكام رفع القدر لا أدوات جر

وأسالك الإسعاد والحظ لي وأن

تديم علي السعد والحفظ والفجر

وتثبتني عند النزوع وكن معي

وعند مماتي والتوجه للحفر

ولا أر في قبري مضيقا ووحشة

وفي الحشر لا ألقى وما بعده ضجر

وتنزلني أعلى الجنان مخلدا

وأكد حاجاتي إلى وجهك النظر

وصلى على النور المقدس من سرى

به ليلة الإسرا إلى منتهى السدر

وكلمه فردا مشرف قدره

وما زاغ منه أو طغى ثمة البصر

صلاة سمت فضلا على غيرها فلا

يحيط بها وهم ولا اللسن والفكر

وسلم تسليما عليه يجل عن

مساومة الإحصاء والعد والقدر

سجيس الليالي ما تشوّق مغرمٌ

وما غردت ورقاء في مورق الشجر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الهيبة

avatar

أحمد الهيبة حساب موثق

المغرب

poet-ahmed-al-hiba@

77

قصيدة

79

متابعين

أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين القلقمي فقيه وشاعر ومجاهد في بلاد المغرب الأقصى وشنقيط،,ولد سنة 1877م، في إقليم الساقية الحمراء جنوب المغرب. واشتهر بعلمه الغزير وثقافته الواسعة واطلاعه وذكائه وشعره ...

المزيد عن أحمد الهيبة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة