الديوان » السعودية » محمد حسن فقي » الحسن الطهور

تخَيَّلتُها حُسْناً وطُهْراً تَمازَجا
فَعادا إلى لَوْنٍ من الحُسْنِ مٌفْرَدِ!
وأبْصَرْتُها فارْتاعَ قَلْبي بِمَشْهَدِ
يَرُوعُ ويَطْوى دُونَه كلَّ مَشْهَدِ!
سلامٌ عليها وهي تِشْدو كبُلْبُلٍ
سلام عليها. وهي تبْدو كَفَرْقَدِ!
تَمثَّلْتُها توحي وتلهم شاعراً
فَيَسْمُوا إلى أَوْج القَصيدِ المُردَّدِ!
ويَحْسِدُها أَتْرابُها فهي غادَةٌ
تَتِيهُ بِحُسْنِ اليَوْمِ والأَمْسِ والغَدِ!
فما تُنْقِصُ الأَيَّامُ مِنْها غَضارةً
إذا لم تَزِدْها مِن سَناً مُتَجدِّدِ!
لعلَّ لها من شَجْوِها وشُمُوخِها
أَماناً.. فَتَبْقى فِتْنَةَ المُتَوَجِّدِ!
* * *
وقُلْتُ لها. وقد جارَ حُسْنُها
عَليَّ فلم أَعْقَلْ ولم أَتَرَشَّدِ!
متى سَتَفُكِّينَ الإِسارَ فإِنَّني
أُرِيدُ انْطِلاقي في طريقٍ مُعَبَّد؟!
إلى الحُسْنِ لا يَطْوِي المشاعرَ والنُّهى
ولا يَتَخَلىَّ عن أَسيرٍ مُصَفَّدِ..!
فقالَتْ وفي أَعْطافِها الغَيُّ والهُدى
يَجِيشانِ في قَلْبٍ عَصيٍّ مُهَدِّدِ!
أتَقْوى على هَجْري. وأَنْتَ مُتَيَّمٌ؟!
وتَهْفوا إلى حُسْنٍ رَخيصٍ مُعَرْبِدِ؟!
أَتَرْضى بِأَنْ تَهْوى النُّحاسَ وقد صبا
فُؤادُكَ للحسن الوضي كَعَسْجَدِ؟!
إذا كان هذا كنْتَ أَفْدَحَ خاسِرٍ
بِرَغْمِ الهَوى الجاني عليْكَ. المُنَدِّدِ!
لَشَتَّانَ ما بَيْنَ الهوى يَنْشُدُ اللُّهى
وبَيْنَ الهوى يَرْمي إلى خَيْرِ مَقْصِدِ!
فأطْرَقْتُ مِن صِدْقِ المَقالِ مُجَمْجِماً... بما كان يُرْضِيها.. ولم أَتَرَدَّدِ!
غُلِبْتُ على أَمْري. وما كنْتُ عاجِزاً
عن الرَّدِّ لكِنَّ الهوى كانَ سَيِّدي!
وكنْتُ له عَبْداً مُطِيعاً ولو قَسا
ظَلوماً. فما يُجْدِي على تَمَرُّدي!
وما كان يُجْدِيني اعْتِزامي وسَطْوتي
ولا كان يُجْدِيني حطامي وسُؤْدَدِي!
وما حَفَلْت يَوْماً بِشَجْوي وصَبْوَتي بَلى
أَفكانَتْ ذاتَ قَلْبٍ كَجَلْمَدِ؟!
قضاءٌ يَرُدُّ الحُسْنَ في النَّاسِ سَيِّداً
وعاشِقَهُ المُضْنى به غَيْرَ سَيِّدِ!
ولو كانَ فيهم عَبْقَرِياً مُسَوَّداً
وإلاَّ كَمِيّاً ضارِباً بِمُهَنِّدِ..!
* * *
دَعَتْني إلى الرَّوْضِ النَّضِيرِ ثِمارُهُ
وأَزْهارُهُ.. كَيْ يَسْتَقِرَّ تَشَرُّدي!
وثَنَّتْ يَنابِيعٌ تَجِيشُ بِسَلْسَلٍ زُلالٍ
وقالَتْ مَرْحَباً أيُّها الصَّدي!
هُنا العُشُّ والإِلْفُ الطَّرُوبُ مُغَرِّداً
يَحِنُّ إلى إِلْفٍ طَرُوبٍ مُغَرِّدِ!
هَلُّمَّ إلَيْنا عاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ
وطَرِّبْ وأَسْعِدْنا بِشَدْوِكَ نَسْعَدِ!
* * *
وفَكَّرْتُ هل أُصْغِي إلى الصَّوْتِ حافِلاً بِنَجْوى. وآتِيهمْ على غَيْرِ مَوْعِدِ؟!
إلى العَيْشِ يَصْفُو لا يُكَدِّرُه الورى
فأغدو به نَشْوانَ غَيْرَ مُحَسَّدِ؟!
أُناغي به رَوْضاً وطَيْراً وجَدْوَلاً
وإلفاً وَفِيّاً ما يُسَهِّدُ مَرْقَدي!
فَلَيْسَ بِخَوَّانٍ. ولَيْسَ بناكِثٍ
ولَيْس بِصَخَّابٍ. وليْس بِمُعْتَدي!
نَعيشُ. وما نَشْقى بِرَبْعٍ مُشَيَّدٍ
على الحُبِّ.. من أَمْنٍ نَرُوحُ ونَغْتَدي!
* * *
لقد كانَ حُلْماً يُسْتطابُ به الكرَى
ويسْعَدُ منه ناعِسٌ غَيْرُ مُسْعَدِ!
ونَنْعَمُ بالآلاءِ فيه سَخِيَّةً
ونَحْظى بِشَمْلٍ فيه غَيْر مُبَدَّدِ..!
صَحَوْتُ فأشْجَتْني الحياةُ كئِيبَةً
بِصَحْوٍ.. فما أَشْقاكَ يا يَوْمَ مَوْلِدي!
وقُلْتُ عَسى أَنْ تَذْكُرَ الغادَةُ.. الشَّذى قَصِيداً بها يَشْدو كَدُرِّ مُنَضَّدِ..!
فَحَسْبي بِذِكْراها جَزاءً.. وحَسْبُها
بِشِعْري خُلوداً عَبْرَ شِعْرٍ مُخَلَّدِ!
 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

91

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة