الديوان » السعودية » محمد حسن فقي » الراحل المقيم

عدد الابيات : 32

طباعة

رحلْتَ وخلَّفْتَ الرّفاقَ بواكياً

عليك وكانوا بالقوافي شوادِيا!

وكانوا وما زالوا إليك صوادِياً

فَمَنْ ذا الذي يَسْقي ويَرْوِي الصَّواديا؟!

ومَن ذا الذي يُرْضِي الحواضِرَ كلَّهم

ومَن ذا الذي من بَعْدُ يُرْضي البواديا؟!

لقد كنتَ في دُنْيا المَشاعِر صاحياً

وما كنْتَ في دُنْيا المشاعِر غافيا!

وكنتَ المُجَلِّي في السِّباقِ وإنَنِّي

سأَغْدو والمُصَلِّي أَيْنَما كنْتُ ثاوِيا!

كفَرْعَيْنِ كنَّا دوْحُنا مُتَطاوِلٌ

بِرَوْضٍ نضيرٍ لم يَكُنْ قَطُّ ذاوِيا!

إلى أن دعا داعي المنية مُرْجِفاً

فَلبَّيْتَ ما أقْسى وأَحْنى المُنادِيا!

وسوف ألَبِّيه قريباً وانْثَنى

إليك كنَجْمَيْنِ الغداةَ تَواريَا!

أَرَبَّ القَوافي العُصْمِ. أَصْبَحْتَ خالِداً

فما كنْتَ مِهذاراً ولا كنتَ لاهِياَ

ولكنَّه الجِدُّ الذي شَرُفَتْ به

معانِيكَ حتى نَوَّلتْكَ المعاليا!

فَجُبْتَ الذُّرَى حتى افْتَرَعْتَ سنامَها

وجابُوا سُفوحاً أَمْحَلَتْ وفيافيا!

إذا العبقريُّ الحقُّ غاب تطاولتْ

مآثِرُهُ بين الأنام حوالِيا!

وغاب أُناسٌ قبله ثم يعده

فكانوا فَقاقيعَ الشَّرابِ الطَّوافِيا!

وكنْتَ كَمِثْلِ النَّجْم يَسْطَعُ سَرْمَداً

فَيًسْعِدُ أيَّاماً لنا وليالِيا!

وقد كنتَ فَذّاً في الرجال مُسَوّداً

بِفِكْرٍ إذا جَلَّى أضاء الدواجيا!

وكان عَصِيُّ الشِّعرِ يُلْقي قِيادَه

إليك ويَدْنو منه ما كان نائيا!

ونَعْجَزُ عن بعض القريض ويَسْتَوِي

لديك مُطِيعاً أحْرُفاً ومعانِيا!

فَتَخْتارُ منه ما تشاء قصائداً

تَسُرُّ حنايانا وتُذْرِي المآقِيا!

وها كنتَ مِجداباً وما كنت مُصْفياً

كما زعموا بل كنتَ كالنَّهر جاريا!

ولكنَّكَ اخْتَرْتَ السَّكوتَ تَرَفُّعاً

عن الهَزْل يُزْجِيه الشَّعارِيرُ هاذِيا!

ولَيْتَكَ لم تَسْكُتْ فأنَّى

لِبُلْبُلٍ سكوتٌ فقد يُدْمي السكوتُ الحوانيا!

لقد كان بالشَّدْوِ الرَّخيم مُداوِياً

وكان به نَجْماً إلى الدَّرْبِ هادِيا!

رعاكَ الذي أَسْدَى إليك ولم تكُنْ

جَحُوداً فأسْدَيْتَ الأماني الغواليا!

لَشَتَّانَ ما بَيْنَ الثَّرى مُتَطامِناً

وبَيْنَ الثُّرَيَّا.. حِطَّةً وتعالِيا!

تَذَكَّرْتُ ما كُنَّا بِه من تآلُفٍ

حَبِيبٍ ولم أَذْكُرْ قِلًى وتَجافِيا!

وكيف وما كنْتَ العَزوفَ عن الهُدى

ولا المَجْد يوماً فَاسْتَبَنْتَ الخوافِيا!

وما كُنْتُهُ يوماً فَعِشْنا. تآخِياً

كريماً يُمَنِّينا وعِشْنا تَصافيا!

وما كنْتُ أَرجو أَنْ تَرُوحَ وأَسْتَوِي

بِرَبْعي حزيناً دامِعَ العيْنِ راثِيا!

ولكنَّه حُكْمُ القضاءِ.. وما لنا

سوى الصَّبْرِ مِعْواناً. سوى الصَّبْرِ آسِيا!

يُخَبِّرُني أَنَّني. سأَلْقاك في غَدٍ

فيَلْقى كِلانا مِنَّةً وأَياديا!

ونَلْقى مِن الله الكريمِ تَجاوُزاً

ونَلْقاهُ رحْماناً.. ونلْقاه راضيا!

تباركْتَ رَبِّي.. ما أَجَلَّكَ حانِياً

علينا.. وإنْ كُنَّا غُواةً ضوارِيا!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

88

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة