عدد الابيات : 42

طباعة

بعْد الثَّمانِينَ خَبَتْ جَذْوتي

وآدَني السُّقْمُ. وطاب الرَّحيلْ!

بعد الثمانين أَبَتْ صَبْوَتي

إلاَّ انْحساراً عن جبيني الأَثِيلْ!

إلاَّ ابْتِعاداً عن هوًى قاتِلٍ

يَرْمِي به ثَغْرٌ وطَرْفٌ كحِيلْ!

عِشْتُ حَياتي مُصْغياً لِلْهوى

فَكانَ لي –أُوّاهِ بِئْسَ الدَّليلْ!

كنْتُ حُساماً مُنْتَضًى فاخْتَفى

بِغِمْدِه ما إنْ له من صَلِيلْ!

عَهْدُ الصَّبا وَلَّى. ومِن بَعْدِه

وَلىَّ شبابي راكِضاً من السَّبيلْ!

يا لَيْتَني كنْتُ تَوَقَّيْتُهُ

هذا الهوى. هذا الضَّلالُ الوبيلْ!

ما كنْتُ أَدْرِي أْنَّني سابِحٌ

في حَمْأَةٍ أَحْسَبُها السَّلْسَبيلْ!

لكنَّها كانَتْ فَفرَّتْ وما

أضَلَّنِي بالخادِعِ المُسْتَطِيلْ!

كانتْ حُساماً فَوْقَ رأْسي إذا

عَصَيْتُه كنْتُ الصَّرِيعَ القَتِيلْ!

وَيْلي من الرَّمْضاءِ هَلاَّ اسْتَوَتْ

رِجْلايَ منها بالخَمِيلِ الظَّلِيلْ؟!

لكِنَّني كنْتُ الفَتى سادِراً

في الغَيِّ يروى من قَذاةِ الغَلِيلْ!

يَلُومُني الصَّحْبُ فما أَرْعَوِي..

بل أَسْتَوِي مُنْتَشِياً بالصَّهِيلْ!

أَشْعُرُ مِن بعد المَشِيبِ الذي

أنَهكَني.. أَشْعُرُ أَنِّي العلِيلْ!

عَلِيلُ جِسْمٍ راعِشٍ يَنْحَنِي

على عَصاهُ. في الضُّحى والأَصِيلْ!

يَنْشِجُ في صَمْتٍ لِئَلاَّ يرَى

منه الوَرى الدَّمْعَ. ويُخْفي العَوِيلْ!

وَيْلي من النَّارِ الَّتي اكْتَوَى

بها. ومن شجوى وسُهدي الطَّويلْ!

ومِن ضَمِيرٍ لم أُطِعْ نُصْحَهُ

كأَنَّما يَطْلُبني المُسْتَحِيلْ!

يَخِزُني وخْزاً تسيل الحشا

به دَماً يجري. وما من مُقِيلْ!

فيا لَعِصْيانٍ مَضى يَبْتَلي..

حاضِرَهُ منه بِهَمٍّ ثَقِيلْ!

أَيا ضَمِيري.. إنَّني نادِمٌ

فيا لِعِزٍّ يَشْتَهِيهِ الذَّلِيلْ!

قد كنْتُ بُوماً ناعِباً من الدُّجى

فكيف أَشْدُو في الضُّحَى بالهَدِيلْ؟!

والشِّعْرُ كم أَرْسَلْتُهُ شادِياً

فَصاغَ دُرّاً في الأَثيث الأَسِيلْ!

من الحَوَرِ السَّاجي يُذِيبُ الحَشا

والقَدِّ يختال طَرِيداً.. نَحِيلْ!

وكادني الحبُّ كما كِدْتُهُ

ورُبَّما بَزَّ النَّشِيطَ الكَليلْ

بالشِّعْرِ كنْتُ الشَّامِخَ المُعْتَلِي

الكاسِب الحَرْبَ بِسَيْفٍ صَقِيلْ!

كم دانَ لي الحُسْنُ فأكْرَمْتُهُ

من بَعْد أَنْ دانْ. وكان البَخِيلْ!

ذلك عَهْدٌ كنْتُ ذا مِرَّةٍ

به. ولم يَبْق لها من قَلِيلْ!

كم أتَمنىَّ أنَّها لم تَكُنْ

وأنَّني كنْتُ الضَّعيفَ الهَزِيلْ!

فقد يكونُ الضَّعْفُ لي عِصْمَةً

من جَنَفٍ كنْتُ به أَسْتَطِيلْ!

واليَوْمَ إنَّي هَيْكَلٌ راعِشٌ

يَبِسُهُ راحَ. وراحَ البَلِيلَ!

يَدِبُّ.. يَسْتَنْشِقُ بَعْضَ الشَّذا

من رَوْضِهِ الذاوِي ورَطْب النَّجيلْ!

مِنْ بَعْدِ أَنْ كانَ كثيرَ النَّدى

بالثَّمَرِ الحالِي.. زاهي النَّخِيلْ!

أسْتَغْفِرُ الله. وأرجو الهُدى

منه يُوافِيني بِصَفْحٍ جَمِيلْ!

هُناكَ ما أَجْمَلَ تِلْكَ الصُّوى

تَهْدِي. وما أَسْعَدَ فيها النَّزِيلْ!

ويا أُهَيْلي ورِفاقي الأُلى

كانوا هَوايَ المُسْتطابَ الحَفِيلْ!

من كانَ مِنهُمُ لم يَزَلْ بالحِمى

يَزِينُه.. يَشْرُفُ منه القَبِيلْ!

ومَن تَناءى. فهو في دارِهِ

تِلْكَ التي تُكْرِمُهُ بالجَزِيلْ!

كم طَوَّقُوني بالمُنى حُلْوَةٌ

وبالرُّؤى رفَّافَةً تَسْتَمِيلْ!

وكنْتُ لا أَشْكو الوَنى مَرَّةً

إلاَّ وجاءوا بالمُثِيبِ. المُنيلْ!

أَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ لِلْمُنتَأي

وأَنْشُدُ النُّعْمى لباقي الرَّعِيلْ!

وارْتَجي الغُفْران مِنْهُم على..

ما كانَ مِنِّي قَبْلَ يَوْمِ الرّحَيلْ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

91

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة