الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » إلى مصر أزف عن الشآم

عدد الابيات : 53

طباعة

إِلَى مِصْرٍ أَزُف عَنِ الشَّآمِ

تَحيَّاتِ الكِرَامِ إِلَى الكِرَامِ

تحِياتٍ يَفُضُّ الْحَمْدُ مِنْهَا

فَمَ النَّسَمَاتِ عَنْ عَبَقِ الْخَزَامِ

نُدِبْتُ لَهَا وَجرَّأَنِي اعْتِدادِي

بِأَقْدَارِ الَدعَاةِ عَلَى الْقِيامِ

إذَا مَا كَانَ مَعْرُوفٌ وَشُكْرٌ

مَبَادَلَةَ التَّصَافِي وَالْوِئَامِ

فَحُبّاً أَيُّهَا الوْطَنَانِ إِنَّي

وَسِيط الْعِقْدِ فِي هَذَا النِّظَامِ

وِسِيطُ الْعِقْدِ لا عَنْ زَهْوِ نَفْسٍ

أَقَلُّ الرَّأْيِ يُلْزِمَنِي مَقَامِي

وَلَكِنْ عَنْ وَلاءٍ بِي أكِيدٍ

وَعَنْ رَعْيٍ وَثِيقٍ لِلذِّمَامِ

أعِرْنِي ثَغْرَ بَيْرُوتَ ابْتِساماً

أصُغْ فَرْضَ الجَمِيلِ مِنَ ابْتِسَامِ

وَيَا بَحْراً هُنَاكَ أعِرْ ثَنَائِي

نَفيسَ الدُّرِّ يُنْظَمُ فِي الْكَلامِ

وَيَا غَابَاتِ لُبْنَانَ المُفَدَّى

مِنَ الدَّوْحِ المُجَدَّدِ وَالْقُدَامِ

أَرَاكَ عَلَى الْكِنَانَةِ عَاطِفَاتٍ

وَقَدْ ذُكِرَتْ أَمَيْلُكَ مِنْ غَرَامِ

أَمِدِّيني بِأَرْوَاحٍ زَوَاكٍ

لأُقْرِئَهَا الزَّكِيَّ مِنَ السَّلامِ

بِلادِي لا يَزَالُ هَوَاكَ مِنِّي

كَمَا كَانَ الْهَوَى قَبْلَ الْفِطَامِ

أُقَبِّلُ مِنْكَ حَيْثُ رَمَى الأعادِي

رَغَاماً طَاهِراً دُونَ الرَّغَامِ

وَأُفْدِي كُلَّ جُلْمُودٍ فَتِيتٍ

وَهَى بِقَنَابِلِ الْقَوْمِ اللِّئَامِ

فَكَيْفَ الشِّبْلُ مُخْتَبطاً صَرِيعاً

عَلَى الْغَبْرَاءِ مَهْشُومَ الْعِظَامِ

وَكَيْفَ الطِّفْلُ لَمْ يُقْتَلْ لِذَنْبٍ

وَذَاتُ الخِدْرِ لَمْ تُهْتَكْ لِذَامِ

لَعَمْرُ المُنْصِفِينَ أَبَعْدَ هَذَا

يُلامُ المُسْتَشِيطُ عَلَى المُلامِ

لَحَى اللهُ المَطَامِعَ حَيْثُ حَلَّتْ

فِتِلْكَ أشَدُّ آفَاتِ السَّلامِ

تَشُوبُ المَاءَ وَهْوَ أَغَرُّ صَافٍ

وَتَمْشِي فِي المَشَارِبِ بِالسِّقَامِ

أَيُقْتَلُ آمِنٌ وَيُقَالُ رَفِّهْ

عَلَيْكَ فَمَا حِمَامُكَ بِالحِمَامِ

سَتَسْعَدُ بِالَّذِي يَشْفِيكَ حَالاً

وَتَنْعَمُ بَعْدَ خَسْفٍ بِالمَقَامِ

فَإِمَّا أَنْ تَعِيشَ وَأَنْتَ حُرٌّ

فَذَاكَ مِنَ التَّغَالِي فِي المرَامِ

وَإِمَّا أَنْ تُسَاهمَ فِي المَعَالي

فَطَائِشَةٌ بِمَرْمَاكَ المَرَامِي

مَضَى عَهْدٌ يُجَارُ الْجَارُ فِيهِ

وَيُؤْخَذُ لِلْحَلامِ مِنَ الحَرَامِ

وَهَذَا الْعَهْدُ مَيْدَانُ التَّبَارِي

بِلا حَدٍ إِلَى كَسْبِ الْحُطَامِ

مُبَاحٌ مَا تَشَاءُ فَخُذْهُ إِمَّا

بِحَقِّ الرَّأْيِ أَوْ حَقِّ الْحُسَامِ

وَلا تَكُرُثْكَ نَوْحَاتُ الثَّكَالَى

وَلا شَكْوَى ضَمِيرِكَ فِي الظَّلامِ

أَساتِذَةً المَطَامِعِ مَا ذَكَرْتُمْ

هُوَ النَّامُوسُ يَقْدُمُ وَهْوَ نَامِ

فَلا يَضْعُفْ ضَعِيفٌ أَوْ نرَاهُ

لِنابِ الليْثِ يُصْلَحُ فِي الطَّعَامِ

فَهِمْنَا مَأْخَذَ الْجَانِي عَلَيْنَا

وَإِعْذَارَ المُسِمِينَ الْعِظَامِ

وَإِنَّ بَدِيلَ عَصْرٍ كَانَ فِيهِ

عِجَافُ الْقَوْمِ مِلْكاً لِلضِّخَامِ

زَمَانٌ سَادَ شَعْبٌ فِيهِ شَعْباً

وَأَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّوَامِ

فَقَوْمٌ مِنْ مُلُوكٍ كَيْفَ كَانَتْ

مَرَاتِبُهُمْ وَقَوْمٌ مِنْ طَغَامِ

وَبَيْنَ الْعُنْصُرَيْنِ خِلافُ نَوْعٍ

عَلَى كَوْنِ الْجَمِيعِ مِنَ الأَنَامِ

أَقُولُ وَقَدْ أَفَاقَ الشَّرْقُ ذُعْراً

مِنَ الْحَالِ الشَّبِيهَةِ بِالمَنَامِ

عَلَى صَخَبِ الرَّوَاعِدِ فِي حِمَاهُ

وَرَقْصِ المَوْتِ بَيْنَ طُلىً وَهَامِ

أَقُولُ بِصَوْتِهِ لِحُمَاةِ دَارٍ

رَمَاهَا مِنْ بُغَاةِ الغَرْبِ رَامِ

أُبَاةَ الضَّيمِ مِنْ عَرَبٍ وَتُركٍ

نُسُورَ الشُّمِّ أسَادَ المَوَامِي

قَرُومَ العَصْرِ فُرْساناً وَرَجْلاً

نُجُومَ الكَرِّ مِنْ خَلْفِ اللِّثَامِ

بَنَا مَرَضُ النَّعِيمِ فَنَسِّمُونَا

وَغىً يَشْفِي مِنَ الصَّفْوِ العُقَامِ

بِنَا بَرْدُ المُكُوثِ فَادْفِئونَا

بِحُمَّى الْوَثْبِ حَيْثُ الْخَطْبُ حَامِ

بَنَا عَطَلُ السَّمَاعِ فَشَنِّفُونَا

بِقَعْقَعَةِ الْحَدِيدِ لَدَى الصِّدَامِ

لَقَدْ جِئْتُمْ بِبُرْهَانٍ عَظِيمٍ

عَلَى أَنَّا نَعُودُ إِلَى التَّمَامِ

وَأَنَّا إِنْ جَهِلْنَا أَوْ غَلِطْنَا

أَنِفْتَا أَنْ نُعَاتَبَ بِاحْتِكَامِ

وَأَنَا حَيْثُ فَاتَحَنَا كَذُوبٌ

بِمِيعَادٍ فَطِنَّا لِلْخِتَامِ

فَإِنْ زِينَتْ لَنَا الأَقْوَالُ عِفْنَا

تَعاطِيهَا كَمَاكِرَةِ المُدَامِ

عَلَى هَذَا الرَّجَاءِ وَنَحْنُ فِيهِ

نَسِيرُ مُوَفَّقِينَ إِلَى الإمَامِ

مُثُولِي رَافِعاً إِجْلالَ قَومِي

إِلَى عَبَّاسٍ المَلِكِ الْهُمَامِ

إِلَى مَلِكِ التَّضَامُنِ وَالتَّآخِي

عَمِيدِ الشَّرْقِ مِنْ بَعْدِ الإمَامِ

وَجَهْرِي جَهْدَ مَا تَسَعُ المَعَانِي

بِمَدْحِ شَقِيقِهِ السَّنِمِ المقَامِ

مُتِمِّ إمَارَةِ الأَصْلِ المُعَلَّى

بِفَضْلٍ بَاذِخٍ كَالأَصْلِ سَامِ

وَأَدْعُو أَنْ يُعِزَّ اللهَ مِصْراً

وَيَولِيَهَا السُّعُودَ عَلَى الدَّوَامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

713

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة