الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » فتنة الغربة! (رسالة إلى غريب)

عدد الابيات : 50

طباعة

خصصتُك بالمديح العَذبِ أنتا

لأنك – في اغترابك – ما فتنتا

لأنك لم تبعْ ديناً بدنيا

ولا أخراك – يا مِغوار بعتا

ولا آثرت ما يَفنى فتردى

وما أكثرت – عند الضيق ليتا

على الأقدار لم تسخط بتاتاً

معاذ الله ، بل كنت ارتضيتا

وضاقتْ عِيشة ، فصبرت ترجو

مِن الرحمن أخرى إذ دعوتا

وحاولت الخلاصَ تُريدُ حَلاً

وأعواناً – على البلوى التمستا

وقررت الرحيلَ إلى ديار

تُعاينُ خيرَها إمّا ارتحلتا

ورب الناس يَسّرَ كل صعب

وبلغك السبيلَ إذِ انتويتا

ولم يَملأ فراغك عبقريٌ

يقول الحق بعدك ، مذ مضيتا

وعانت صُحبة وَليت عنها

وأنت تُريدُ رُؤية مَن صَحِبتا

وهاجَ الشوقُ ، لكنْ دون جدوى

وجابهت الصِعابَ بما تأتّى

فبيتُك حازهُ قومٌ رِعاعٌ

فقد غصَبوا مَتاعَك والبُيَيْتا

وما احترموا أمانة مَن تولى

حلالٌ للأصاغر ما ملكتا

ولاكُوا عِرضك الميمونَ عمداً

وقتَوا عنك ما قالوهُ قتّا

وقالوا: نحن أحسنا إليهِ

وقالوا: نحن زوّجناه بنتا

وقالوا: نحن لولانا لقاسى

مِن الدنيا المصائبَ جد شتى

وقالوا: نحن زللنا صِعاباً

ودَاومنا على كتِفيه رَبْتا

وأنت تحارُ في كذب صُراح

وتؤثِرُ أن يكون الرد صَمتا

إذا الكذابُ بالغ في التجني

وتسأله متى تخزى وحتى

ولم يُقْصِرْ عن الدعوى استغاثتْ

وأنت لما يقول أشدُ مقتا

فقطعاً لن تدوم له الأحاجي

ويوماً يُبْهتُ الخداعُ بَهتا

وضاقتْ غربة بلغتْ مداها

وأنت بها وبالأوضاع ضِقتا

وواجهت الأنامَ بما لديهم

مِن العثرات أنت لها انتبهتا

وأرشدت الجميعَ إلى هُداهم

دعوت ليخلعوا وُثْناً وجبتا

فما اتبعوا ، ولا انصاعوا لذكرى

كأنك – للفضائل ما هَديتا

وبعضٌ منهمُ نكِرَ الوصايا

وأخرسَ – للغريب الشهم صوتا

لذا استعدى الأعاديَ لم يُبالوا

بحق في البقاع الجُرْدِ قلتا

غريبٌ أنت عن أهل ودار

فجُل القوم قد لفظوك أنتا

وتبحثُ في اغترابك عن صديق

يردك للصواب إذا ضللتا

ويمنحُك العزيمة لا تُبارى

ويُخرجُ منك تضييقاً وكبتا

ويُلهمك الثبات إذا توالتْ

عليك نوائبُ الدنيا فتُهتا

يُعينك إن ركنت إلى التدني

وينصحُ أن ضياعُك إنْ ركنتا

يُشاركُك التمسّك بالمعالي

إذا أنت الأفاضلَ قد عدِمتا

غريبٌ أنت غربتُك استبدتْ

برأي فيك أنت بهِ عُرفتا

فجاءتْ تحتويك لها احترازٌ

وتطلبُ منك أمراً قد أبيتا

تُريدُك أن تُطوّعَ نص شرع

لتربح ما تُريد إذا افتريتا

تُريد لك ارتزاقاً بالسجايا

لتُغدِق خيرَها إمّا ارتزقتا

ألست تُريدُ أموالاً وقوتاً

لتدرك ما تريد إذا اغتنيتا؟

فقلت لها وفي القلب احتسابٌ

حديثكِ قد غدا عَجْناً ولتا

ألا إن افتتاني ليس سهلاً

أموتُ ولا يُقال لي: افتُتِنتا

ألا يا ذا الغريبُ لك احترامي

لأنك – في الدغاول قد ثبتّا

ولم تكُ مثل أصحاب الترائي

أضلُ طريقة ، وأضلُ سَمتا

يبيعون الديانة بارتزاق

وعنهم يا أخا التقوى اختلفتا

ومنهم قد رُئيت أجلَ شأناً

فأنت بنصر دينك قد ظفِرْتا

لئن هم عمّروا الدنيا بمال

فأنت بجنة الرحمن فزتا

لئن سعِدوا بألقاب وصِيتٍ

فإنك – باعتزازك – قد سعدتا

لئن رضخوا لغربتهم ، وضلوا

فأنت لها شمخت ، وما رضختا

وغربتهم بهم فخرتْ وشادتْ

وغربتُك اصطلت قهراً وكبتا

عبيدٌ هم لغربتهم لئامٌ

وأنت غضنفرٌ فيهم ظهرتا

تهونُ حياتُنا ، والدينُ يبقى

وكيف تعيشُ إن ديناً خسرتا؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة