الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » مكافأة لا قِصاص! (عمر بن عبد العزيز وقاتله)

عدد الابيات : 68

طباعة

وَضَعت السُم – في المشروب أنتا

تُراك بقِتلتي هذي أمِرتا

وربُ الناس قدّرها ، وإني

سأترك مُرغماً مُلكاً تأتى

وأعجبُ منك كيف أطعت قوماً

ولو خِفت المليك لمَا أطعتا

ضعُفت أمام إغراءٍ بمال

تظن بمال مَن ظلموا انتفعتا

وهل جئنا الحياة لجمع مال؟

سيذهب عنك مالٌ قد جمعتا

ستُسأل مِن حلال أم حرام؟

وتندمُ ، ما يفيدُك إن ندمتا؟

سُفولك بالحرام هو التدني

ويَشمت فيك قومٌ إن سفلتا

وهل بالقتل تطلبُ نيلَ مال؟

لقد نلت الهوان بما طلبتا

هي الدنيا عملت لها بجدٍ

وجدّك فتّ عزمَ القلب فتا

فلم تُبصرْ حلالاً مِن حرام

متى لا تستقيم أخي وحتى؟

أأعمتْك النقودُ لها بريقٌ

وينطفئ البريقُ إذا عقلتا

أغرّتْك الوعودُ تُنيرُ درباً

وقد صدّقتها لمّا ضللتا

ألم تنتبهْ يوماً لعُقبى

تردك للصواب إذا انتبهتا؟

وبين الناس بُؤت بشر فعل

وتنحَت عِرضَك الآنامُ نحتا

ستحيا بين شكٍ وارتياب

وقد ترتاح لو عنهم رحلتا

ستقتُلك الشكوكُ ، ولست تنجو

من الوسواس حتى إن شُغلتا

ستغرق في الهواجس والأحاجي

وإن تكُ – في المقاومة اجتهدتا

ستسبحُ في بحار الخوف دهراً

وإن تكُ في المخاوف ما سبحتا

ستُذهبُ نومَك الأحلامُ تترى

ولو أصلحت سعيك ما حلمتا

وخابَ السعيُ إن أزرى بعبدٍ

فليتك – للمساوئ ما سعيتا

وهل عيشٌ يقوم على الدنايا؟

فليتك عِفتها يوم انحدرتا

وهل بالغدر تُدرك أي خير؟

وخيرُك قد مضى لمّا غدرتا

وهل في شرعنا إزهاقُ نفس

بلا جُرْم؟ فليتك قد رشدتا

وكيف تبيعُ آخرة بدنيا؟

أعن أخراك يا هذا صُرفتا؟

أردت بسعيك الدنيا فضاعتْ

فخبت ، وخابَ قطعاً ما أردتا

وكنت لديّ محترماً عزيزاً

أجِلك يا عُبيّد حيث كُنتا

وعندي المال حيث علمت عني

على الإنفاق كفك كم شددتا

ولم أبخلْ عليك بأي مال

وعني الأمرَ مشتهراً علمتا

وزادي ما حرمتُك منه يوماً

فمِن زاد الخليفة كم طعمتا

وشُربي كم سقيتك بعدُ منهُ

ومِن شُرب الخليفة كم شربتا

وكم أهديتُك الأثوابَ لمّا

رأيتُك مُولعاً لو أن لبستا

وكم جنبي جلست تقول رأياً

أتذكرُ في المجالس كم جلستا؟

وكم سِرنا معاً بين الرعايا

وتُسألُ أين كنت؟ وأين سِرتا؟

ونُصحي لم أؤخِرْ عنك يوماً

فليتك بالذي قلتُ انتصحتا

وكم بالنصح صحّ مَتابُ عبدٍ

فهل بالنصح يا هذا عملتا؟

وكم علمتُك الأخلاق أرجو

رُقِيَك بالذي عنى علمتا

وكم فهمتُك القِيم الغوالي

وأسعدُ بالذي مني فهمتا

أتذكرُ يوم جئت لنا صغيراً؟

وتقتُلني هنا لمّا كبرتا

وكنتَ إذا حضرت فلا احتفالٌ

كأنك – في المرابع – ما حضرتا

وإن غيّبت لم أسمع سؤالاً

يُسائلُ عنك عبداً أين غِبتا

ولم تكُ قارئاً تتلو كتاباً

فأمّياً إلى الدنيا أتيتا

ولم تكُ كاتباً لتخط نصاً

فعلمناك ، ثم لنا كتبتا

وأتقنت القراءة باقتدار

وأسمعت الخلائق ما قرأتا

وفيك بنيتُ يا كم من خصال

فواأسفى رأيتُك قد هدمتا

تساوتْ عندك الدنيا بأخرى

وصدقاً في قياسك ما عدلتا

وجاوزت الحدودَ تُحِبُ دنيا

بحُمقك هذه الدنيا رفعتا

ركبت هواك مختالاً فخوراً

ولو كنت اتقيت لما ركبتا

عُرفتُ بزهد دنيا عن يقين

وأنت بعشقها دوماً عُرفتا

أتقتُلني بألفٍ ثم عِتقٌ؟

فكم نفساً بأموال قتلتا؟

أتخسرُ خلتي وتبيعُ وُدّي؟

ألست بنادم عمّا اقترفتا؟

أتنحَرُ صُحبة دامت سنيناً؟

ونفسك قبل صحبتنا نحرتا

كأنك في انتقامك جعظرياً

لداعي القتل والسوآى خلقتا

ومسموماً أموتُ بغير ذنب

تُراك بميتتي هذي سُررتا

ألا فادفعْ لبيت المال ألفاً

وتُفلحُ إن بنفسك قد نجوتا

ستُقتل إن بقيت هنا ، ففارقْ

وهم أدرى بما أنت اجترحتا

بموتك ينقضي سرٌ دفينٌ

وليس يزولُ عنهم إن تُركتا

وعنك أنا عفوتُ لنيل حُسنى

ألا استغفرْ ليُغفر ما جنيتا

ألا واندمْ وتُبْ واصبرْ وصابرْ

سيقبلك المهيمنُ إن صدقتا

وألفُك دُسّها في بيت مال

تُكَفرُ يا عبيّدُ ما اجترحتا

وذي فتوى ورأيٌ ليس إلا

أعوذ بربنا مما صنعتا

وأمرُك في المشيئة دون شكٍ

علمتَ بما أخبّرُ أم جهلتا

فإن شاء الإلهُ عفا ، فأبشرْ

أو الأخرى تُعذبُ أن قتلتا

وعدلُ الله عدلٌ لا يُبارَى

ألم تلق المليك وقد ظلمتا؟

وقتلُ النفس أعظمُ عند ربي

مِن الدنيا ، وقِيلَ أشد مَقتا

وداعاً يا أخَيّ إلى لقاءٍ

هنالك في القيامة إذ بُعثتا

وقد بُعِث الخلائقُ في صعيدٍ

يُلاقون المصائرَ فيه شتى

بأحوال تُحيّرُ كل حي

وتلقى الله خِلاً قد وأدتا

فيا رب الأنام اغفر ، وسامحْ

ألا استرنا ، ويُفلحُ من سترتا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة