الديوان » عبدالله عباس خضير » ما أقسى اليَقَظَة...!

 
(1)
الرُّقعةُ ميّتةٌ ، تنزفُ فوق خطوطِ الموتِ الأدواتُ ، حصانٌ يركلُ في حِمصَ الرُّخَّ ،
الحوذيُّ بصنعاءَ يقطّعُ جُثةَ طفلٍ ، 
في الخُرطومِ الأكباشُ تناطحُ كبشاً 
في درفورَ وفي بنغازي حربُ طواحينَ بلا طِحْنٍ، 
تتحرّكُ باللاسلكيِّ وبالرّيموتِ رؤوسٌ من حجرٍ
في بيروتَ قبورٌ تستلُّ سيوفاً...
من يدفعُ دِيّاتِ المنحورينَ؟ صحا من سكرتِهِ الدّمويةِ ظِلٌّ ، هل يُصلحُ عَطّارٌ ما أفسدَهُ دهراً وكلاءُ اللّهِ...
الضوءُ يبدّدُنا ،نسحبُ أستارَ اللّيلِ علينا
طُلْ ياليلُ فأعينُنا تجرحُها الشمسُ...
تُطمئنُنا الظُّلمةُ 
فيها يتساوى الكلُّ وفيها خَدَرٌ يُسكرُنا ، ماللشّمسِ ومَا لي!
تطردُ أحلامي ، وتُبدّدُ في صَحوِيَ أوهامي ، 
فيبيضُ الشيطانُ برأسي ، 
أتساءلُ ، أنزِعُ قُمصانَ الأشياءِ وأنشرُها ، 
ما أحلى النومَ وما أقسى اليقَظَةْ!
(2)
أُشرعُ أحياناً نافذتي للكلماتِ 
وأتركُها تتشكّلُ تجلسُ حيث تشاءُ
وتستلقي 
فوقَ أمامَ وراءَ بقربِ النصِّ وأمضي 
أتشاغلُ عنها بالتلفازِ وفاختةٍ
ظلّت تبكي منذ الفجرِ على نافذتي ، 
الألفُ المهموزةُ عُكّازٌ
والراءُ كَسَيفٍ في كفِّ اللّامِ الفارسِ 
والنونُ إناءٌ والغَينُ غزالٌ يقفزُ ، 
مَن يُنقذُهُ من أسدِ المعنى...
لا فرقَ 
ستكتبُكَ الأغصانُ غداً
وسيكتبُكَ الشجرُ
فوق كتابِ الغيمةِ بَرقاً
أو يكتبُكَ المطرُ
غضبةَ ريحٍ تتكسَّرُ أو تتسَكَّعُ ليلاً
عند مداخلِ ذاكرتي 
أوسَعُ من كلِّ جراحاتي
الصِّبيةُ تقطنُ أرصفةَ الليلِ ، 
اللّيلُ نُؤاسيٌّ عند بلاطِ الرّاعي ، 
ليلُ النّابغةِ امتدَّ ، اغتالَ الشّمسَ
أُجرجرُهُ مثلَ لحافٍ أتغطّى والصِّبْيَةَ
ياليلُ الصِّبْيَةُ ماعادوا منكَ
لنا جبلٌ وطنٌ ماعاد لنا ، 
سنعودُ إذن منه إلى مخبئِنا لنُرمِّمَهُ
وننامَ ، فما أحلى النّومَ وما أقسى اليَقَظَة...!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله عباس خضير

عبدالله عباس خضير

78

قصيدة

شاعر من البصرة جنوبي العراق، ليسانس في اللغةالعربية وآدابها ، تتلمذ على يد الشاعرة نازك الملائكة والشاعر د.البياتي ، له سبع مجموعات شعرية مطبوعة أولاها قراءة في سيرة التتار / بغداد عام 2000م

المزيد عن عبدالله عباس خضير

أضف شرح او معلومة