الديوان » المعتصم بالله أحمد » عَجِبوا من صبابتي واشتغالي

عدد الابيات : 48

طباعة

 عَجِبوا من صَبابَتي واشتغالي

بـ«سُعادٍ، وهاجرٍ، ومَنالِ»

هل يُلامُ الفؤادُ في عِشْقِ غِرّ

 قد سَباني بخصرِهِ الميَّالِ

مثلَ غُصنٍ تُهَفْهِفُ الريحُ جنبيـهِ

يُلوّى ليُمنةٍ وِشمال

وعيونٍ مثل المَهاةِ وَسَاعٍ،

بدموعٍ تَسْتَنُّ مثلَ اللآلي

ومُحيَّا مِن نورِ بَدرٍ، وفَرعٍ

فاحِمٍ صِيغَ مِنْ سَوادِ الليالي

يا لِقَلبي تَبَسَّمَتْ، فاسْتَهَلَّتْ

 فَتَجَلَّتْ من بُرقِعٍ كالهلالِ

حدَّثَتْني _يا ويحَ نفسيَ_ قولا

 فأصمّت مسامعي بالدلالِ

وتلاقت عيونُنا فَرَمَتْني

  يا لسهم اللحاظِ منها ويا لي !

ما لسمعي وناظري ولساني

باتَ طوعًا لذلك المُختالِ

 عَجبًا! كيف أُوْقِعَتْ أُسْدُ غابٍ

في شِباكٍ من صُنعِ ذاك الغزالِ

 صاحِ دع ما خُبّرتَ عنّي فإني

في غِنى عن قِيلِ الوشاة، وقالِ

ما دَهاني مما أشاعوه أمرٌ

ذاك دأبُ الوشاة والأرذالِ

غيرَ أنّي لما رأيتكَ تُصغي

صِبتَ سَهمًا في مَوْضِعٍ قَتَّالِ

تَلِفَت نفسي بالغرامِ فقلبي

مُعرِضٌ بالضنى عن العُذَّالِ

لا تزدني فوقَ الهُيام هُيَامًا

رُبَّ لَومٍ داعي الفتى لِضَلالِ

هل تسلَّى من غابرٍ قلبُ صبٍّ

كي تُريني التعريضَ بالتِّعذالِ؟!

 وَلَعَمْري لكاذبٌ كلُّ صَبٍّ

قال إنِّي عن الخرائد سالِ

 حبُّ ليلى مُشَرَّبٌ في عروقي

وعداهُ مَآلهُ للزوالِ

يا لحُبٍّ على رُبى النفس ينمو

عجِزَ الدهرُ عنه بالإذبالِ

إيهِ أنتَ المُنَقِّشُ الدهرَ والخالِدُ

رُغْمَ الأزمانِ والآجالِ

لستَ تُمحى بل أنتَ يا عشق ماحٍ

وَمُعيدٌ أرواحَ قومي الأوالي

راسِخٌ ما تَعَرَّضَتْ ذي الثُّرَيَّا

ومُقيمٌ مقامَ تلكَ الجِّبالِ

حاز مُلكًا ما لم يَحُزهُ سُلَيمانُ

وجلّتْ أوصافُهُ عن مِثَالِ

 شيخُ دَهرٍ في عَرشِهِ مُشْمَخِرٌّ

صَدّقتهُ أقوالُه بالفِعالِ

ذو أيادٍ كناقلِ الشَّطَرَنْجِ 

الـواضِعِ الجُندَ إذ يشا من عالِ

 فإذا ما نالَتْ رِضاهُ نُفُوسٌ

فحقيقٌ لها بنيلِ الكمالِ

أعتراضًا على شَريعةِ دهرٍ؟!

يا لقومي من داءِ جهلٍ عُضَالِ

أحدثوا _لا هداهمُ الله_ رِجْسًا

وابتلونا من دائِهِم بالخَبَالِ

نَهِلوا من عِلْمِ الأعاجمِ أَسْنًا

واستعاضوا عن نهلِ ماءٍ زُلالِ

ثم قالوا: هذي الحداثةُ بِدعًا

!وخيالًا، يا رجسَ هذا الخيالِ

كحمارٍ قد حُمِّلَ التِّبْرَ حتَّى

ِضاقَ ذَرعًا للسيرِ بالأحمال

فَنَحَى عَنْهُ ثِقلَهُ فَرِحًا، إذ

صار خِلوًا من القيودِ الثقالِ

ورأوا في أضغاثِ قولٍ بيانًا

ذي لعمري مظنَّةُ الجُهَّالِ

أرأيتَ الغُثاء بالأرض يبقى

أبَدَ الدهر في ذُرى الأجبالِْ

فلتدعهم في غَمْرةِ الجهلِ واصفَح

كلُّ زَيفٍ مصيرُه للزوالِ

وتوجَّه إلى مدائن عشقٍ

وتجرَّع مرارةَ الآمالِ

من دفينِ الثرى، وآخرَ مَيْتٍ

لا يُوارى بجندل ورمالِ

يا لذا العشقَ كم أذاقَ نفوسًا

من صديد الآلام والأوجالِ

 عُجْ على دارهِ إذا شِئتَ واعجَبْ

من ترامي الأطلال بالأطلالِ!

والمنايا بكل بقعة أرضٍ

قاتلتهم بالبؤسِ دون قتالِ

سِر وسائلْ عن الأُلى كم أقاموا

وأسنّوا الدموع بالترحالِ

مِن زمانِ امرِ القيسِ قد راح يَبْكي

دارَ سلمى إذِ الطلولُ بوالِ

ودهورٌ من بعدهن دهورٌ

دَأَبَتْ في النُّواحِ والإعوالِ

 هل تُعيدُ الطلولُ عهد وصالِ

لسنين من الرخاء خوالِ

لا لَعَمْريْ.. بل سنّةُ العشقِ تسري

من قديمِ الأزمانِ في الأجيالِ

وأنا في هذا الزمانِ أُبَكّي

مجدَ قومي بـِ«هاجَرٍ ومَنالِ»

صاحِ مالي واللومَ منك فإني

جرّعتني والله تلك الليالي

وعظيمُ الشّقَاءِ يَنْبُعُ مِمِّا

يَأَمُلُ المرءُ من أماني المُحالِ..

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المعتصم بالله أحمد

المعتصم بالله أحمد

125

قصيدة

شاعرٌ يحاول تقفي أثر الأولين.

المزيد عن المعتصم بالله أحمد

أضف شرح او معلومة