الديوان » لبنان » نقولا الترك » يا طالبا حقيقة الانباء

عدد الابيات : 78

طباعة

يا طالباً حقيقة الانباء

والحكم فيى ماهيّةٍ الوباء

أن الوبا سميّةٌ دَبّاَقهْ

لصَّاقةٌ نفاذةٌ خراّقَهْ

يسيح في الأبدان سيح الدهنِ

إذا سرى في الصوف أو في القطنِ

ما لأهل فيه من فساد الاهوِيَهْ

وكثرهُ عند احتراك الادميَهْ

لذاك فيى الفصل الربيع يتّسِعْ

وفي هجير الصيف قطعاً يندفعْ

وفي الشتا يخفيه عظم البردِ

وان بدا يمنعُهُ عن مدِّ

وشان هذي العلة العضّا لهْ

والآفة المهلكة القتاّلهْ

إن تعدي الأبدان عند اللمسِ

وليس فيما قلتهُ من لبسِ

وليس بالشمِّ لها من فعلِ

فسمُّها النفّاذ لمساً يبلي

وبعد ما يعدى ويسرى في البَدَنْ

ويمخض الاخلاط امخاض اللبن

يبان في الجسم إذا ما اقشعرْ

من موضع مسترقق أو أكثرْ

والنفذ منهُ رُبَ في الاباط

يبدو عقيب المخض والاخباطِ

أو رُبَ يبدو خلف اذن الشاكي

أو في مرقّات من الاوراكِ

فإن بدت نفذتهُ محمرَّهْ

فأْمَنْ وخفها أن بدت مُخْضرَّهْ

والبعض منهم قال عن ذي المحنَهْ

من كونها كنخز رمحٍ طعنَهْ

وقولك الطاعون هذا قولُ

ميزانه في اللغة الفاعولُ

وكلما قد كثرت نفذاتُهُ

بالجسم قلّت منه سميّاتُهُ

إذ ربما في الكثر يُرجى السلمُ

ومفرد الطعنات فيه الوهمُ

لا سيما أن لم يرَ تفجيرا

أو لم يبن من عَرَقٍ تقطيرا

فذاك لا ريب به بانهُ

قد غاص في الاحشا فآيس أمنهُ

وحال هذا الداء فيه الكلُّ

حاروا وعن علاجه قد كلّوا

فاستجمعوا الراي به واعتمدوا

أن حلَّ يوماً في مكانٍ بعدوا

وان يقل معترضٌ من ينهزِمْ

يؤثم لأَنَّ الفرَّ منه قد حُرِم

فانكر وقل سبحانهُ رب العلا

قد قال لا تلقوا بايديكم إلى

واعلم هداك الله يا ابن الودِّ

واسمَعْ باصغاءٍ لهذا الرشدِ

أن حلَ طاعونٌ بارضٍ فارحلْ

أو فاحتجب من خلف باب مُقْفلْ

وبعد قفل الباب قصد الاختبا

احرص وكن محتفظاً محتسباً

وان ترم أن تعتنى منها جُهُ

ادخر به من كلَّما تحتاجُهُ

من كل شي يقتضي للخزن

مؤونةً من مدسمٍ أو دهنِ

كالشمع ثم الشحم ثم الزيتِ

وكل حلوٍ يقتضى للبيتِ

من سكر ينقى ودبس مع عسلْ

مع كلما يحلو مذاقاً أن حصلْ

واقن بهاراً ذا عطورٍ نافحَهْ

والزعفران المبتغى ذو الرايحهْ

وجلّ ما يؤذيك يا انسانُ

الصوف ثم القطن والكتانُ

والشعر ثم الجلد ثم الريش

كلٌّ به يمتد ذا التشويشُ

والحبل والخيطان والاوراقُ

السم فيها كلها خراّقُ

ثم الحرير الخام والمحزومُ

ونوعه المحلول والمبرومُ

والخل أكثر منه فهو الركنُ

والكل عنهُ في الوبا قد اعنوا

احضر لديك الكل قبل القفلَهْ

اياك تستولي عليك الغفلَهْ

واستقن امواساً لحلق الراسِ

كي تمسي مرتاحاً بلا وسواسِ

والتبغ خذ مفرومه مقدار ما

يكفيك للمشروب طول الاحتما

وادخلن من كل شي ينتكرْ

كناعمٍ أو دبق أو ذي وبرْ

وبيض النحاس قبل القفلِ

إذ ما له اخذٌ بغير الخلِّ

أحذر تكن ذا عوزٍ بعد الخبا

لكل ما ذكرنا عنه بنبا

واصنع من الحديد في ذا الحجبِ

عوداً طويلا راسه ذو شعبِ

وثم ملقاطاً طويلاً يجدي

فنعاً للقط ما تشا عن بُعد

واقن انايين من الفخارِ

واجعلهما من خلف باب الدار

واملاهما ماءً نظيفاً طاهرْ

في كل يوم فيه تصحو باكرْ

فواحدٌ خذ فيه كل الخضرهْ

واخرٌ للّحم خوف الزفرَهْ

واللحم غطّسهُ بماءٍ ساخنْ

وخضّهُ بالماء خضًّا ما كنْ

ونقهِ من فوق ظهر اللوحِ

من رأس ملقاط بطول الروحِ

كذا الخضار نقّها بالفطنهْ

من شعرة أو خرقة أو قطنهْ

وإن أتت تذكرة من خارجْ

خذها على منوال هذا الناهِجْ

أي مدّ ملقاطاً طويلاّ مُحكمْ

والقطها لقطاً مستقيماً ملزمْ

واغمرها بالخل الثقيف الحاذِقْ

كي حجمها بالخل يغدو غارقْ

أحذر بان تبقى بها من جانبْ

من دون تغطيس فتلقى العاطبْ

ودرهمٌ مستعملٌ من ذهبِ

أو فضةٌ خذه بخلٍّ طيّبِ

وغير مكتوبٍ ولحم وخضرْ

أو درهمٍ لا تقبلن خوف الخطرْ

وكل يوم بكرةً إذ تنتبهْ

اكنس أراضى الدار رُبَّ تشتبهْ

في ريشةٍ أو خرقةٍ أو قطنَهْ

قد ألقيت في الليل من ذي فتنَهْ

وسقطت من طاير قد دانسا

ملبوس شخص مطعنٍ أو لامسا

وإن ترى شياً كذا فالقطهُ

في ملقطٍ وخارجاً اسقطه

والعيش يا ذا الخل بعد الخبزِ

لا تأخذنه قط سخناً يرزي

بل دعه عند الباب حتى يسقعْ

فإن تجده فاتراً لا تقنعْ

ثم اعتمد تقليبهُ بالفرد

من شعرة توذي وخيطٍ يردي

أحذر دخول الزهر بالأجمالِ

إذ ما لجنس الزهر من ادخالِ

أحذر من الفيران واخشَ الهرَّا

لا تقبلنهُ أن أتى من برّا

إذ أن ذا الحيوان حب القوتِ

يلجيه أن يجوب في البيوتِ

وطبعهُ التمريغ فوق الفرشِ

أحذر كذا من كل جنس الوحشِ

واجعل حبال النشر للغسيلِ

من خاص خوص النخل يا خليلي

خوفاً من العصفور ذّياك الذي

يحطّ في كل حمىّ كي يغتذي

إذ كل ذي جسمٍ وفيه النسمهْ

يسري به ذا السمّ عند اللطمهْ

وأْمَنْ تراباً وحجاراً وخشبْ

إذ كل ذي يبسٍ سليمٌ من عطبْ

وبعد اتمامٍ لذا القانونِ

بالاحتما في مدة الطاعونِ

والحفظ للمستوجبات اللاتي

قد قُررت يا صاح الإيمان

سلم جميع الأمر للرحمانِ

تسليم عبدٍ مخلص في أبياتي

واعلم بأن لا شيء يبدو أصلا

إلا بإذن الله فاحذر جهلا

واحرز معاني هذه الارجوزهْ

إذ كم بها من حكمةٍ مكنوزهْ

والترك مُنشيها يسال العفوَا

إذ لم يكن لمنتشاها كفوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نقولا الترك

avatar

نقولا الترك حساب موثق

لبنان

poet-niqula-al-turk@

62

قصيدة

1

الاقتباسات

13

متابعين

نقولا بن يوسف الترك، ويقال له الإسطمبولي.: شاعر ومؤرخ لبناني. ولد في بلدة «دير القمر» اللبنانية في عام ١٧٦٣م لأسرة يونانية الأصل، وتلقى علومه الأولية ببلاده، ثم سافر إلى مصر وهو ...

المزيد عن نقولا الترك

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة