عدد الابيات : 80

طباعة

حَمداً لِرَبٍّ قاهِرٍ مَنّانِ

يُعطِي وَيَمنَع ما لَهُ مِن ثانِ

وَهَبَ الحَياةَ لِقَلبِ عَبدٍ مُؤمنٍ

وَأَماتَ قلبَ مُنافِقٍ بِالرّانِ

وَلَقَد بُلِينا وَهوَ وَعدٌ ثابِتٌ

بِأَراهِطٍ في سائِرِ البُلدانِ

حَلُّوا البِلادَ وَأَفسَدوا في حَيِّها

لِمَجالِهِم في ساحَةِ الأَديانِ

إِمّا مَسِيحِيٌّ عَرَفنا حالَهُ

أَو جاهِلٌ جاراهُ فِي الإِفتانِ

وَإِذا الفَسَادُ أَلَمَّ فِي أَجنادِهِ

وَجَبَ الدِّفاعُ عَلى ذَوي العِرفانِ

وَلَقَد أَبانَ كِتابُ رَبِّي أَنَّهُ

أَخَذَ العُهودَ عَلَيهِمُ لِبَيانِ

فَلِذا أَقُولُ مُحَذِّراً لأخِي نُهىً

قَبِلَ النَّصيحَة غايَةَ الإِمكانِ

عُذ بِالمُهَيمِن مِن هَوىً فَتّانِ

ما تِلكَ إِلا فِتنَةٌ الشَّيطانِ

مِن كُلِّ عَصرِيٍّ هَواهُ مُرسَلٌ

ما قَيَّدتهُ رِبقَةُ الإِيمانِ

نَعَقَت شَياطينٌ فَلَبَّت صَوتَها

بِسَخافَةِ الأَحلامِ وَالأذهانِ

نَبَذُوا كِتابَ اللَّهِ خَلفَ ظُهُورِهِم

وَلِسُنَّةِ المُختارِ مِن عَدنانِ

وَلِسائِرِ النُّجَبَاء مِن أَصحابِهِ

البالِغِينَ مَراتِبَ الإِحسانِ

وَالذَّاكِرِ الرَّبُّ العَظيمُ صِفاتِهِم

في سابِقِ الإِنجيلِ والفُرقانِ

وَالتَّابِعِينَ نَبِيَّهُم فِي هَديِهِ

مُتَبَتِّلِينَ بِطَاعَةِ الرَّحمنِ

المُكثِرينَ صِيامَهُم وَصَلاتَهُم

لَمّا دَعاهُم واعِظُ القُرآنِ

لَمّا رَأَوا أَنَّ النَّبِيَّ المُصطَفَى

مُتَوَرِّمُ الأَقدامِ في ذا الشَّانِ

النَّاصِرينَ الشَّرعَ فيمَا بَينَهُم

إِذ نَصرُهُم في نُصرَةِ الدَّيانِ

لَكِنَّما هَذِي المَراتِبُ صَعبَةٌ

تَبغِي كِراماً مِن بَنِي الإِنسانِ

لَمَّا رَأَى حَمقَى الوَرَى في عَصِرِنا

فِي طَبعِهِم عَنها نُفُورَ تَوَانِ

صَدُّوا صُدُودَ المُعجَبِينَ بِرَأيِهِم

وَتَكَبَّرُوا كَتَكَبُّرِ السَّكرانِ

هُم شابَهُوا فِي حالِهِم جُعلاً إِذا

أَردَاهُ طِيبٌ عاشَ بِالإِنتانِ

وَحَكَوا خَفافِيشاً تَطِيرُ بِظُلمَةٍ

إِذ كَانَ يُعشيها سَنا النِّيرانِ

فَاستَبدَلُوا عَنها لِسُوءِ حُظُوظِهِم

بِمُؤَلَّفاتٍ مِن ذَوي الطُّغيانِ

قَومٌ هُمُ عجمُ القُلُوبِ وَإِن دَعَوا

أَتباعَهُم بِفَصاحَةٍ وَبَيانِ

مُتَجَبِّرِينَ عَلَى الكِرامِ بِأَلسُنٍ

أَبذَى وَأَخبَثَ مِن أَذَى الثُّعبانِ

مُتَلَبِّسِينَ بِدَعوَةٍ مَرضِيَّةٍ

لَكِنَّها مَرضِيَّة الشَّيطانِ

هُم يَحمِلُونَ عَلَى الجَميلِ بِزَعمِهِم

لَكِنَّما حَمَلُوا عَلَى الحِرمَانِ

يا فِرقَةً لَعِبَت بِغَيرِ عقُولِهِم

أَعداءُ دِينِ اللَّهِ بِالعُدوانِ

هُم حَسَّنُوا لَكُم الفَسادَ فَقُلتُم

هَذَا الصَّلاحُ المُستَجِدُّ الدَّانِي

وَاللَّه يَدعُوكُم إِلى جَنَّاتِهِ

وَبِما أَتَى فِي مُحكَمِ التِّبيانِ

وَهُمُ دَعوكُم لِلهَوَى فَأَجَبتُمُ

أَينَ الهُدى يا مُدَّعِي الإِيمانِ

هُم أَورَثُوا تُبّاعَهُم في دِينِهِم

كَسَلاً يُؤَدِّيهِم إِلى خُسرانِ

هُم زَندَقُوهُم شكَّكوهُم في الهُدى

هُم أُولِعُوا بِالزُّورِ وَالبُهتانِ

هُم سَدَّدُوا طُرُقَ الصَّلاحِ عَلَيهِمُ

هُم رَغَّبُوهُم فِي الحَقِيرِ الفانِي

وَاللَّهُ لَم يَمنَع تَطَلُّبَ عِيشَةٍ

لَكِن مَعَ الإِجمال وَالتُّكلانِ

مَلأُوا المَسامِعَ وَالدَّفاتِرَ دَعوَةً

لِصَنائِعِ الدُّنيا وَلِلعُمرانِ

أَوَ ما دَعَونا مَرَّةً لِرِعايَةٍ

لِحُدُودِ دِينِ اللَّهِ وَالإِيمانِ

أَحكامُ رَبِّي قَد أُضِيعَت بَينَهُم

وَهُمُ عَلَيها جامِدُوا الأَذهانِ

لَكِنَّما يَدعُونَنا لِهَواهُم

حُبٌّ لِدُنياهُم بِلا بُرهانِ

وَهُمُ عَلَى ذَا زاعِمُونَ بِأنَّهُم

رامُوا نُهُوضَ الدِّينِ في البُلدانِ

فَهُمُ كَذِي ستٍّ سَمَت في زَبلِها

وَدَعَت لِمَسٍّ أَيُّها القَمَرانِ

وَفَخامَةُ الآلاتِ لَيسَت وَحدَها

تُغنِي مَعَ التَفرِيطِ وَالخِذلانِ

بَل كُلُّ قُوَّةِ دافِعٍ مِن غَيرِ ما

حِفظَ الشَّريعَةِ في الحَضيضِ الدَّانِي

اللَّهُ أَخبَرَ إِن نَصَرَنا دِينَهُ

يَنصُر لَنا بِالنَّصِّ في القُرآنِ

أَنتُم تَنَوَّرتُم بِقَولٍ باطِل

لا بَل تَدَمَّرتُم عَلَى خُسرانِ

صِرتُم إِذاً أُضحُوكَةً بَينَ الوَرى

تَتَقَلَّدُونَ الفَخرَ بِالهَذَيانِ

أَتُرَى أُرُبّا عَلَّمَت أَمثالَكُم

آلاتِ حَرب أَم عُلُوم هَوانِ

إِنِّي أَخافُكَ إِن بُلِيت بِعِلمِهِم

أَن تَخدِمَ الدَّهرِيَّ وَالنَّصرانِي

وَتُمَدِّحَ الكُفّارَ تَفخِيماً لَهُم

لَمّا بُلِيتَ مِنَ الضَلالِ بِرانِ

فَتَبينُ عَن حِزبِ الفَلاحِ وَأَهلِهِ

وَتَكُونُ من حِزبِ الفَريقِ الثانِي

ما بالُكُم لا تَعقِلُون رَشَادَكُم

تُلقُونَ لِلأَعداءِ كُلَّ عِنانِ

هَل مِثلُ أَصحابِ النَّبِيِّ مُقَلَّدٌ

صِدِّيقٍ أو فارُوقٍ أو عُثمانِ

وأَبي الحُسَينِ وَتابِعِيهم فِي الهُدى

وَالتابِعِي الأتباعِ بِالإِحسانِ

هَل مِثلُ أحمَدَ والمُقَدَّمِ مالِكٍ

وَالشافِعِيِّ الشَّهمِ وَالنُّعمانِ

هَل فيكُمُ مِمَّن تَبِعتُم عَن هُدىً

مِن جهبذٍ جالٍ عَنِ الأَذهانِ

كالعَسقَلانِي أَو فَتى تَيمِيَّةٍ

أَعنِي أَبا العَبّاسِ عالِي الشانِ

أَو كَعياضِ الحَبرِ في تَحقيقِهِ

وَالناقِدِ العَينِي لَدى الإِتقانِ

هَذا وكَم أمثالُهُم مِن جهبذٍ

مَلأ البَسيطَةَ بِالهُدى رَبّاني

مَن يَبغِ مِنكُم غَيرَ أربابِ الهُدى

يَردِ الضَّلالَةَ في عَمَى الحَيرانِ

هَديُ المُشَفَّعِ هَديُنا وَشِعارُنا

حَمدُ الإِله وَعلمُنا رَحمانِي

...............................

إِن حَصَّلُوا سرجَ السِّياسَةِ قبلَنا

وَاللَّهِ لَو قُمنا بِها كَكِرامِنا

خَضَعَت لِهَيبَةِ عِزِّنا الثَّقلانِ

لَكِنَّنا جُرنا اتِّباعاً لِلهَوَى

وَلِمُتبِعِ الأَهواءِ كُلّ هَوانِ

يا حامِلِينَ عَلَى الشَّريعَةِ فَاحمِلُوا

مِن قَبل أَن تَدعُوا لِعِلمٍ ثانِ

فَهُناكَ نَعلَمُ صِدقَكُم وَنَراكُم

أَهلاً بِأَن تَدعُوا إِلَى الإِحسانِ

أَولا فكُفُّوا أَلسُناً ما عُلِّمَت

إِلا خُرافاتٍ عَنِ العُميانِ

وَدَعُوا السَّفاهَةَ وَاترُكُوا أَربابَها

وَجدِي فَرِيداً ناعِقَ الشَّيطانِ

مَع كُلِّ عَصرِيٍّ يُضاهِي عِلمُهُ

مَدَنِيّةَ الإِفرِنجِ عَن عُدوانِ

يا أَيُّها المِسكِينُ نَفسَكَ فارعَها

لا تُلقِها في هُوَّةِ الخُسرانِ

فالعِلمُ يُؤخَذُ عَن تَقِيٍّ تابِعٍ

لِلشَّرعِ لا عَن ذِي هَوىً بَطرانِ

قَد قالَ رَبُّ العالَمينَ وَسارِعُوا

فأَجِب وَجَنِّب حالَةَ الكَسلانِ

وَاسمَع مَواعِظَ عَن إِلهِكَ جَمَّةً

تُتلَى عَلَيكَ بِمُحكَم التِّبيانِ

وَخُذِ الصِّفاتِ المُنجِياتِ جَميعَها

عِندَ التَهَجُّدِ عَن سَنا القُرآنِ

وَاترُك سَفاهاتِ الأَسافِلِ إِنَّها

تَرميكَ يَومَ البَعثِ بِالحرمانِ

وَاعمَل لِدارٍ لا يَزُولُ نَعِيمُها

قَد خابَ مَن باعَ المُقِيمَ بِفانِي

أَتُحِبُّ أَن تُعطى الفَخامَةَ هَهُنا

وَتُصِيبَ يَومَ الحَشرِ حالَ هَوانِ

وَاحرِص عَلَى عِلمِ الشَّريعَةِ إِنَّها

حِفظُ البَرِيَّةِ عَن هَوى الشَّيطانِ

أَصحابُها هُم وارِثُونَ نَبِيَّهم

أَنعِم بِذاكَ الإِرثِ لِلإِنسانِ

هَذا وَخُذ نُوراً أَتَى عَن حِكمَةٍ

يَمحُو ظَلامَ الجَهلِ وَالطُّغيانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد العزيز بن صالح العلجي

avatar

عبد العزيز بن صالح العلجي حساب موثق

السعودية

poet-abdullaziz-al-alji@

23

قصيدة

1

الاقتباسات

84

متابعين

الشيخ عبد العزيز بن صالح بن عبد العزيز العلجي، فقيه وشاعر وصاحب تجارة سعودي، ولد بالهفوف في منطقة الأحساء سنة (1289هـ/1827م) ينتمي إلى قبيلة من قريش يقال لهم العلجان. حفظ القرآن ...

المزيد عن عبد العزيز بن صالح العلجي

أضف شرح او معلومة