الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » ما أدرك الطلبات مثل مصمم

عدد الابيات : 100

طباعة

ما أَدرَكَ الطَلِباتِ مِثلُ مُصَمِّمِ

إِن أَقدَمَت أَعداؤُهُ لَم يُحجِمِ

تَرَكَ الهُوَينا لِلضَعيفِ مَطِيَّةً

مَن بَطشُهُ كَقِراهُ لَيسَ بِمُعتِمِ

إِن هَمَّ لَم يُلمِم بِعَينَيهِ كَرىً

أَو سيلَ لَم يَألَم وَلَم يَتَلَوَّمِ

أَحرَزتَ ما أَعيا المُلوكُ مُصابِراً

غَيرَ الحَوادِثِ وَاِحتِمالَ المَغرَمِ

وَلَقَد تَحَقَّقَتِ العَواصِمُ أَنَّها

إِن لَم تَحُز أَقطارَها لَم تُعصَمُ

حَنَت إِلَيكَ عَلى البِعادِ فَشَوقُها

شَوقُ الرِياضِ إِلى السَحابِ المُثجِمِ

لِلَّهِ يَومٌ في السَعادَةِ واحِدٌ

أَلوى بِشِدَّةِ أَلفِ يَومٍ أَشأَمِ

يا رَحمَةً بُعِثَت فَأَحيَت أُمَّةً

قَد طالَما مُنِيَت بِمَن لَم يَرحَمِ

جَلَّيتَ ظُلمَ النائِباتِ كَما جَلا

ضَوءُ الغَزالَةِ جُنحَ لَيلٍ مُظلِمِ

وَأَطَرتَ طَيرَ الخَوفِ حَتّى مالَهُ

بِالشامِ مُنذُ طَرَقتَهُ مِن مَجثَمٍ

وَأَخَفتَ ذا الزَمَنَ المُضاعَفَ جَورُهُ

حَتّى اِتَّقاكَ بِطاعَةِ المُستَخدَمِ

إِنَّ الرَعايا في جَنابِكَ أَمَّنَت

كَيدَ الغَشومِ وَفَتكَةَ المُتَغَشرِمِ

لا يَشتَكونَ إِلَيكَ نائِبَةً سِوى

تَقصيرِهِم عَن شُكرِ هَذي الأَنعُمِ

فَالأَمنُ لِلمُرتاعِ وَالإِنعامُ لِل

باغي النَدى وَالعَدلُ لِلمُتَظَلِّمِ

لا الظَبيَةُ الغَيداءُ تَخشى القَسوَرَ ال

ضاري وَلا الذِمِّيُّ حَيفَ المُسلِمِ

قُدتَ الجُيوشَ بِصِدقِ بَأسِكَ تَقتَدي

وَبِها الفِجاجُ إِلى مُرادِكَ تَرتَمي

فَتَضَمَّنَت أَبطالُها إِبطالَها

خُدَعَ المُنى وَتَوَهُّمَ المُتَوَهِّمِ

بِالمَشرَفِيَّةِ ما تُوازي دِجلَةً

عِندَ الزِيادَةِ ما أَراقَت مِن دَمِ

وَالخَيلُ يَحمِلنَ المَنايا وَالمُنى

مِن كُلِّ سَلهَبَةٍ وَأَجرَدَ شَيظَمِ

كَم حُجِّلَت بِدَمِ الطُغاةِ وَأُعجِلَت

في نَهضَةٍ عَن مُسرِجٍ أَو مُلجِمِ

عَلَّمتُموها الصَبرَ وَهيَ كَليمَةٌ

تَغشى الوَغى وَكَأَنَّها لَم تُكلَمِ

أَقدَمتَ أَمنَعَ مُقدِمٍ وَغَنِمتَ أَو

فى مَغنَمٍ وَقَدِمتَ أَسعَدَ مَقدَمِ

وَلَقَد ظَفِرتَ بِما يَعِزُّ مَرامُهُ

إِلّا عَلَيكَ فَدُم عَزيزاً وَاِسلَمِ

كانَت تُعَدُّ مِنَ المَعاقِلِ بُرهَةً

وَسَمَت بِمُلكِكَ فَهيَ بَعضُ الأَنجُمِ

فَضَلَت عَلى كُلِّ القِلاعِ وَبَيَّنَت

فَضلَ الصَبورِ عَلى المُمِضِّ المُؤلِمِ

مَن ذادَ عَنها نَخوَةً لَم يَخشَ مِن

عَنَتِ العِتابِ وَلا مَلامِ اللَومِ

وَكَذا مُسَلِّمُها لِتَرضى آمِنٌ

عَضَّ البَنانِ وَفِكرَةَ المُتَنَدِّمِ

فَاِعرِف لَهُم مَحضَ الوِدادِ فَإِنَّهُم

تَرَكوا العَظيمَةَ لِلهُمامِ الأَعظَمِ

مَن كُنتَ يا فَخرَ المُلوكِ ظَهيرَهُ

فَبِناؤُهُ في المَجدِ لَم يَتَهَدَّمِ

فَاِعطِف عَلَيهِم عَطفَةً شَرَفِيَّةً

ما الظَنُّ في إِنعامِها بِمُرَجَّمِ

وَاِمنُن فَكَم لَكَ مِن فَعالٍ صالِحٍ

أَلزَمتَ نَفسَكَ فيهِ ما لَم يَلزَمِ

هُم مِنكَ إِن عَدَّت رَبيعَةُ فَخرَها

وَلُبابَها في مَحفِلٍ أَو مَوسِمِ

لا يُنكِرِ الحُسّادُ مَدحِيَ مَعشَراً

طالَت بِهِم هِمَمي وَزادَ تَقَدُّمي

لَو لَم أَقُل نَطَقَت صَنائِعُ جَمَّةٌ

لِأَبيهِمُ يُعلِمنَ مَن لَم يَعلَمِ

فَلَأُثنِيَنَّ مَدى حَياتي موقِناً

أَنّي مَتى أَجحَد جَميلاً أَظلِمِ

إِنَّ الوَفاءَ طَريقُ أَسلافي الأُلى

عَمَروهُ ما بَيني وَبَينَ الهَيثَمِ

وَمَضَوا فَأَحسَنتُ النِيابَةَ عَنهُمُ

في القَولِ وَالأَفعالِ غَيرَ مُذَمَّمِ

وَلَقَد جَمَعتَ فَضائِلاً ما اِستَجمَعَت

يَفنى الزَمانُ وَذِكرُها لَم يَهرَمِ

كَرَماً يُبيحُ حِمى الغِنى وَمَآثِراً

وُضُحاً تُبيحُ بَلاغَةَ لِلمُفحَمِ

مِن صِدقِ قَولِكَ يَبتَدي وَإِلى فِعا

لِكَ يَنتَهي وَإِلَيكَ أَجمَعُ يَنتَمي

مِثلُ الكَلامِ تَفَرَّقَت أَنواعُهُ

فِرَقاً وَتَجمَعُهُ حُروفُ المُعجَمِ

أَظهَرتَ غامِضَها فَأَنسَيتَ الأُلى

عَزّوا وَجادوا في الزَمانِ الأَقدَمِ

فَكَأَنَّ بِسطامَ بنَ قَيسٍ لَم يَرُع

يَوماً عِداهُ وَحاتِماً لَم يُكرِمِ

وَأَراكَ تَعلو قائِلاً أَو صائِلاً

بِقَرا سَريرٍ أَو سَراةِ مُطَهَّمِ

وَهِيَ النَباهَةُ فُرصَةُ العَذبِ الجَنا

لا فُرصَةُ المُتَهَوِّرِ المُتَهَكِّمِ

وَإِذا جَرى الكُرَماءُ بَرَّزَ سابِقاً

خُلُقُ الكَريمِ تَخَلُّقَ المُتَكَرِّمِ

كَم فِضتَ إِنعاماً وَخُضتَ مَخاوِفاً

ما هَولُها لَولاكَ بِالمُتَهَجَّمِ

مُستَنقِذاً مِن كُربَةٍ أَو ماتِحاً

في لَزبَةٍ أَو صافِحاً عَن مُجرِمِ

في يَومِ قارٍ رايَةٌ لَكَ فَهَّمَت

مِن قادَةِ الأَتراكِ مَن لَم يَفهَمِ

لَمّا تَقاصَرَتِ الصَوارِمُ وَالخُطى

حَذَرَ البَوارِ وَثَبتَ وَثبَةَ ضَيغَمِ

في عُصبَةٍ كَعبِيَّةٍ تَرَكوا القَنا

مُتَعَوِّضينَ بِكُلِّ أَبيَضَ مِخذَمِ

يَلقَونَ أَعراءً بِكُلِّ كَريهَةٍ

يَجتابُ فيها اللَيثُ ثَوبَ الأَرقَمِ

قَلَّلتُمُ عَدَدَ العِدى بِقَواضِبٍ

كَثَّرنَ أَزوادَ النُسورِ الحُوَّمِ

مِن مُرهَفاتٍ لَم تَزَل أَيمانُكُم

أَنصارَها في كُلِّ يَومٍ أَيوَمِ

ما عايَنَتها التُركُ تَحكُمُ في الطُلى

حَتّى تَوَلَّت طائِشاتِ الأَسهُمِ

مِن نابِذٍ لِسِلاحِهِ فاتَ الرَدى

سَبقاً وَمِن مُستَلئِمٍ مُستَسلِمِ

أَلوى بِهِم صِدقُ اِعتِزامِكَ مِثلَما

تُلوي الرِياحُ العاصِفاتُ بِخَشرَمِ

فَخَصَصتَ بِالإِذلالِ كُلَّ مُقَلنَسٍ

وَعَمَمتَ بِالإِعزازِ كُلَّ مُعَمَّمِ

وَبِصَدرِكَ القَلبُ الَّذي لَمّا يُرَع

وَبِكَفِّكَ السَيفُ الَّذي لَم يَكهَمِ

ما شيمَ إِلّا بَعدَ قَتلِ مُعَظَّمٍ

ماضي الشَبا وَثَباتِ مُلكِ مُعَظَّمِ

وَغَداً سَتُخلي الشامَ مِنهُم مِثلَما

أَخلَت خُزاعَةُ مَكَّةً مِن جُرهُمِ

دونَ الَّذي أَمَلوا ظُبىً هِندِيَّةٌ

قَد حَكَّمَتكَ عَلى العِدى فَتَحَكَّمِ

أَذكَرتَهُم بوقا وَبَكتاشاً لَدُن

طَرَقا البِلادَ وَأَهلَها بِالصَيلَمِ

فَثَنَتهُما دونَ المُرادِ عَشيرَةٌ

وَفَتِ الزَرافَةُ مِنهُمُ بِعَرَمرَمِ

مَنَعوا ذِمارَهُمُ بِكُلِّ مُهَنَّدٍ

قَدَّ الدِلاصَ وَعادَ غَيرَ مُثَلَّمِ

يَومٌ لَعَمرُكَ لَم تَزَل أَخبارُهُ

مَسموعَةً مِن مُنجِدٍ أَو مُتهِمِ

عَزَّت بِهِ عَرَبُ البِلادِ كَعِزِّها

بِالقادِسِيَّةِ يَومَ مَقتَلِ رُستُمِ

أَمِنَت قَبائِلُ عامِرٍ صَرفَ الرَدى

وَالجَدبَ في ظِلِّ المُعِزِّ المُنعِمِ

مُستَعصِمينَ بِذُروَةٍ لا تُرتَقى

مُستَمسِكينَ بِعُروَةٍ لَم تُفصَمِ

إِن أَجدَبوا لاذوا بِغَيثٍ هاطِلٍ

أَو رُوِّعوا عاذوا بِطَودٍ أَيهَمِ

أَصفَيتَ لِلعَرَبِ المَشارِبَ بَعدَ أَن

كانَت كَرُمحٍ لا يُعانُ بِلَهذَمِ

لا راعَتِ الأَيّامُ مَن بِفَنائِهِ

كَنزُ الفَقيرِ وَعِصمَةُ المُستَعصِمِ

أَنتَ الَّذي نَفَقَ الثَناءُ بِسوقِهِ

وَجَرى النَدى بِعُروقِهِ قَبلَ الدَمِ

وَتَحَقَّقَ الأَملاكُ طُرّاً أَنَّها

إِن لَم تُسالِم مُلكَهُ لَم تَسلَمِ

فَأَتاكَ بِالآمالِ غَيرَ مُهانَةٍ

في ظِلِّهِ وَالمالِ غَيرَ مُكَرَّمِ

ماضٍ إِذا ما الصارِمُ الماضي نَبا

قاضٍ بِأَحكامِ الكِتابِ المُحكَمِ

وَلَهُ مَخافَةَ أَن تَضِلَّ ضُيوفُهُ

بِاللَيلِ نارٌ ما خَلَت مِن مُضرِمِ

أَبَداً يُشَبُّ عَلى اليَفاعِ وُقودُها

وَوَقودُها قِصَدُ القَنا المُتَحَطِّمِ

مِمّا تَحَطَّمَ في نُحورِ عَرامِسٍ

كومِ الذُرى أَو في كَمِيٍّ مُعلَمِ

مِن مَعشَرٍ عَمَروا المَعالي بَعدَ ما

عَمَرَت زَماناً دارِساتِ الأَرسُمِ

وَعَلوا عَلى شوسِ المُلوكِ بِغَيظِهِم

غَيظِ الوِهادِ عَلى هِضابِ يَلَملَمِ

فَليَيأَسوا الرُتَبَ العَلِيَّةِ إِنَّها

لَكُمُ وِراثَةُ خِضرِمٍ عَن خِضرِمِ

وَالمَجدُ شِنشِنَةٌ لِآلِ مُسَيَّبٍ

ما كُلُّ شِنشِنَةٍ تُناطُ بِأَخزَمِ

بَيتٌ بَنى قِرواشُهُ وَقُرَيشُهُ

شَرَفاً أَطَلَّ عَلى مَحَلِّ المِرزَمِ

وَاِستَخلَفاكَ فَنَوَّهَت بِكَ هِمَّةٌ

أَربى الأَخيرُ بِها عَلى المُتَقَدِّمِ

فَأَبو المَنيعِ أَبو المَعالي في عُلىً

أَضعافُها لِأَبي المَكارِمِ مُسلِمِ

فَبَقيتَ ما شِئتَ البَقاءَ مُعَظَّماً

وَسَقى الغَمامُ رَميمَ تِلكَ الأَعظُمِ

تُعطي عَلى الشِعرِ الرَغائِبَ بَعدَ أَن

غَنِيَت صِفاتُكَ عَن بَيانِ مُتَرجِمِ

وَالدُرُّ ما يَنفَكُّ يُعرَفُ قَدرُهُ

في الناسِ مَنظوماً وَغَيرَ مُنَظَّمِ

يُفضي إِلى الشَمسِ العَقيمِ كُسوفُها

وَنَراكَ شَمساً أُفقُها لَم يُظلِمِ

أَشرَقتَ لَمّا أَشرَقَت فَبَهَرتَها

وَكَثَرتَها فَوَلَدتَ سَبعَةَ أَنجُمِ

حَبَسَت رِكابي عَن ذَراكَ عَوائِقٌ

يَحيا الغَنِيُّ بِها حَياةَ المُعدِمِ

وَتُشَرِّدُ الآباءَ عَن أَبنائِهِم

فَتَعيشُ ذاتُ البَعلِ عَيشُ الأَيَّمِ

لَولا تَواليها لَزُرتُكَ وافِداً

كَوُفودِ حَسّانٍ عَلى بنِ الأَيهَمِ

بِغَرائِبٍ بَينَ الكَلامِ وَبَينَها

كَالفَرقِ بَينَ مُصَرَّحٍ وَمُجَمجَمِ

تَنأى عَنِ الفُصَحاءِ إِلّا أَنَّها

أَدنى إِلَيَّ مِنَ اللِسانِ إِلى الفَمِ

حَتّى أَتاحَ اللَهُ لي نَيلَ العُلى

بِقُدومِ مَولىً كانَ يَرقُبُ مَقدَمي

وَكَذا الغَمامُ يَزورُ مَهجورَ الثَرى

أَمطارُهُ وَيَؤُمُّ غَيرَ مُيَمَّمِ

وَلَئِن حَنَت ظَهري السِنونَ بِمَرِّها

فَالرُمحُ يَنفَعُ وَهوَ غَيرُ مُقَوَّمِ

وَلَدَيَّ مَدحٌ لا يُمَلُّ سَماعُهُ

فَتَمَلَّ باقِيَ عُمرِيَ المُستَغنَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

183

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة