ما أصدقَ الشعرَ إنْ يرويه منْ طلبوا
وأكذبَ السيفَ إنَ ينضيهِ منْ هربوا
 
حبيبُ ما زالَ خلفي يلهثُ العرَبُ
وكيفَ لا يلهثُ منْ داؤُهُ الكَلَبُ ؟
 
جَدي اليماني عبدُ اللهْ قدْ سبقتْ
منهُ النفائسُ في ذكراكَ والعجبُ
 
وأنا أتيتكَ يا أبا تمام ممتطيا
هزلَ القريضِ وعزمي خانهُ التعبُ
 
عذراً حبيبُ ، ولكنْ ما بحوزتنا
إلا الدعاءُ ، وإلا الشعر والخُطَبُ
 
باللهِ ، مالسيفُ ؟ مالقرطاسُ ؟ مالقلمُ ؟ ؟
إن يُعدم الصدقُ والإيمانُ والغضبُ
 
" لبيك يا قدسُ ! " كم قومٌ بها صدحوا
ثم انثنى الجمعُ ، لا هبّوا ولا التهبوا
 
كلُّ الخنازيرِ عاثتْ في مساجدنا
ونحنُ للخصمِ نستجدي وننسحبُ
 
حُسنُ الجوارِ إذا ما قِيسَ معدنهُ
فأنتمْ الأسمى ، يا أيها العربُ
 
هذا اليهوديُّ ينزو في مدائنكمْ
وتحرُسونهُ كيما ينقضي الأربُ
 
تسعونَ ألفاً من الوِلدانِ قدْ وُئِدوا
ونضبطُ النفسَ حتى ينضجَ العنبُ
 
إنَّ النجومَ وأفلاكا نراقبها
لتزدرينا ، وترجو رجمنا الشهبُ
 
وليسَ عارِضُنا يوماً بمُمطرِنا
إلا إذا عزَمتْ أنْ تبصقَ السحبُ
 
وهذهِ الأرضُ كمْ هزّتْ مناكبَها
من غيظها كادتْ أنْ تُفلَقَ الشُّعَبُ
 
أقِلَّةٌ نحنُ ؟ أم خارتْ بنا الهممُ ؟
أعَزّنا الخيلُ ؟ أم لانتْ لنا الرُّكبُ ؟
 
بلْ هكذا السيلُ يسري ثمَ ينسكبُ
وهكذا الوحشُ يخنسُ قبلما يثبُ
 
يكفيكَ يا أيها الطائيُّ مجهلةً
أنْ تحسبَ الصمتَ في منْ صمتهُ صَخَبُ
 
نحنُ الذينَ إذا بادَتْ أوائِلنا
قامتْ أواخرُنا تغلي وتضطربُ
 
نحنُ الأسودُ ولكنْ باعنا جُرُذٌ
إلى الضباعِ فمنا العيرُ والسَلَبُ
 
هم اليهودُ ، وإنْ صاموا وإنْ ركعوا
هم العدوُّ ، هم قتلوا وهم نهبوا
 
لا تحسبنَّ عُلوجَ الرومِ تحرسهمْ
إنَّ الكلابَ إذا جاعتْ لتنقلبُ
 
سيُهزَمُ الجمعُ ، إنَّ اللهَ غالبُهمْ
وإنَ هوى الرأسُ لنْ يبقى لهمْ ذَنَبُ
 
ماذا تُتَمتِمُ يا أبا تمام تسألني
عن فتيةٍ خَلَصوا للهِ ما وهبوا
 

لما تقاعصنا وكانَ الذّلُ ديدَنُنا
قاموا إلى الموتِ ، لا خوفٌ ولا رهبُ
 
 
زرعوا البراكين تحتَ الأرضِ ثمَّ عَلَوا
سِربا من الغيث مكتوبا له الغَلَبُ
 
ضَرَموا لصُهيونَ ناراً للقِرى وغدتْ
عُدَدُ اليهودِ وأسراهمْ لها حطبُ
 
للهِ درّهُ منْ يومٍ روَتهُ لنا
قصصُ النبوءةِ والأسفارُ والكُتُبُ
 
لمّا أفقنا على أنباءِ ملحمةٍ
فيها اللُيوثُ على الأسوارِ قد وَثبوا
 
أضحى الذي كنا نرجوهُ أمنيةً
كفلقةِ الصُّبحِ لا ترقى لها الرِّيَبُ
 
ألا هوَ النصرُ ، لمْ تُحرِزهُ ألويةٌ
منْ الجيوشِ ولمْ تنفُرْ لهُ الرُّتَبُ
 
يا أهلَ غزةَ ، هلْ للمجدِ منزلةٌ
لمْ تبلغوها ولمْ يحلمْ بها العربُ؟
 
يا أهلَ غزةَ مهما ناحَ نائحنا
وقامَ شاعرنا يهجو وينتحبُ
 
هلْ يشتكي الحرق من لم يُصلهِ اللهبُ
لا يفقهُ الجرحَ إلا منْ بهِ العطَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد حسين الأحمدي

محمد حسين الأحمدي

2

قصيدة

جراح وشاعر مقل، أكتب الحوليات ثم أودعها غياهب الأدراج

المزيد عن محمد حسين الأحمدي

أضف شرح او معلومة