الديوان » العصر الأندلسي » ابن قلاقس » بين اللوى فالجزع فالمتثلم

عدد الابيات : 41

طباعة

بين اللوى فالجِزْعِ فالمتثلّمِ

دِمَنٌ خلَتْ من بعدِ أمّ الهيثَمِ

آثارُ ركب مُدلِجينَ ترحّلوا

من مُنجدٍ قَصْداً لها أو مُتهِمِ

ولقد وقفتُ بها وقوف متيّمٍ

زمناً أُسائلُها فلم تتكلّمِ

وسقيتُها الدمعَ المصونَ تأسفاً

صِرْفاً وطوراً مثل لون العِظْلِمِ

يا ركبَ مكةَ ها تحيةَ عاشقٍ

مُضنًى نحيفِ الجسمِ صبٍّ مغرمِ

لغزالةٍ مثلِ الغزالةِ منظراً

حوراءَ تسكنُ في هضابِ يَلمْلمِ

هيفاءَ ساحرةِ الجفونِ غريرةٍ

غرّاءَ مرشَفُها لذيذُ المَطْعَم

في ثغرها دُرٌّ وفي وجَناتِها

وردٌ نضيرٌ أحمرٌ كالعندمِ

إن لم يبلّغْكَ التحيةَ ذلك الر

كْبُ المُجِدُّ السيرَ مني فاعلمي

لا عرّسوا بمنًى ولا بلغوا المُنى

فيها الزمانَ ولا سُقوا من زمزَمِ

يا عاذليّ كفى فؤادي ما رأى

منها فكُفّا لوم كلِّ متيّمِ

فلأتركنّ اللهو عنّي جانباً

ولأرحلنّ على جوادٍ أدهمِ

هزجِ الصّهيلِ كأنّ في حُلقومِه

جرَساً وأسودَ كالغرابِ الأسحمِ

صافي السوادِ كأن غرّةَ وجهه

بدرٌ بدا في جنحِ ليلٍ مظلمِ

أو أشقرٍ نهدٍ أقبّ لهيبُه

كالنجمِ في وسطِ الغبارِ الأقتَمِ

يهوي كما تهوي العُقاب لصيدها

ومقدّم الأذنَيْنِ ليس بأصْلمِ

أو أحمرٍ مثلِ الخدودِ تخالُه

من حسن صِبغتِه تسرْبَل بالدمِ

وافي الضلوع مهذبٍ في جنسه

جَذلانَ كالنّشوانِ حرّ أرثَم

أو أبلجٍ يبدو بكل نموذج

للناظرين إذا تراءَى شيظَمِ

حتى أقبّل راحة الحَبرِ الذي

فاقَ الورى وعلا علوّ الأنجُمِ

الحافظِ النّدْبِ السّريّ المرتضى ال

علَمِ الزكيّ اللوذعي الأكرمِ

العالمِ المولي الأبيّ المصطفى ال

يقِظِ العلي علا السُها المتقدمِ

أعطى وأسرفَ في العطاءِ فكفُّه

والبحرُ يقتسمانِ نسبة توأمِ

حُلوِ المذاقِ لمنْ يوالي ليّنٍ

ولمَن يعاديه كطعمِ العَلقمِ

بكَرَ العِدا نحو العُلا فتأخّروا

عنها وأدلجَ فهو خيرُ مقدَّمِ

سارَتْ إليه اليَعمَلاتُ قواصِداً

تَتْرى فحلّتْ عندَ أفضلِ مَغنَمِ

علَمٌ يُهينُ المال طولَ زمانِه

كرماً وبرّاً عند زَورِ مكرَّمِ

ولقد غدوتُ بما أتَتْهُ مُديةٌ

من فعلِ جاني أنعُمٍ لا مجرمِ

قامتْ تقبّلُ راحةً مزنيّةً

للحافظِ الحَبْرِ الإمامِ الأكرمِ

لتنالَ من نعمائِها ما أمّلَت

وتفوزَ من هبةٍ بأوفَرِ مغنَم

فحمى ازدحامُ اللاثِميها فوزَها

معهمْ وقد ظفروا بأكرمِ مَلثَمِ

فهوَتْ الى قدم له ما دأبُها

إلا استباقُ للعُلى بتقدمِ

عاذَتْ بها من خيبةٍ لمرامها

إذ قبّلَتْها فِعلةَ المتذمّمِ

والرِّجْلُ لما لم تؤهَّلْ للندى

مثل اليَدينِ ولا لبَذْلِ الأنعُمِ

لم ترضَ خيبتَها كشيمةِ ربّها

فحمَتْ بما ملكَتْهُ من عِطرِ الدّمِ

سَقياً لها شرُفَتْ بنَيْلِ ممنّعٍ

عن غيرها بظُبى الصّوارمِ مُحتمي

ودّتْ خدودُ الغيدِ لو ظفِرَتْ بما

نالته من ذاك الصِّباغِ العَندَمي

كيما يتمّ جمالُها بِلباسِه

فيُضيءُ منها كلُّ ليلٍ مظلِم

قد فاخَرْت يُمناك ما شرَفْتَ من

عُددِ الوغى من لهذَمٍ أو مِخذَمِ

وغدت محرّمةً على النيران إذ

سُقِيَتْ دماً أضحتْ به في محرَمِ

فافخَرْ إمامَ العصرِ بالشرفِ الذي

أوتيتَه فردَ الفضائلِ واسْلَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن قلاقس

avatar

ابن قلاقس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-qlaks@

504

قصيدة

4

الاقتباسات

135

متابعين

ابن قلاقس نصر بن عبد الله بن عبد القوي اللخمي أبو الفتوح الأعز الإسكندري الأزهري. شاعر نبيل، من كبار الكتاب المترسلين، كان في سيرته غموض، ولد ونشأ بالإسكندرية وانتقل إلى ...

المزيد عن ابن قلاقس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة