للسلام أتيتَ ، من تخاريم ضوئك كان الكلام ، ومن نورك المتمّوج طارت جميع الحروف ، لم يزل نبضك المنتشي يتدفق ، أوديةً من سخاءٍ ، وشوقٍ ، وبوابةٍ يعبر الحُزن منها ، إلى عالمٍ ، يكتسي بالبياض
منكَ ألتمسُ الشِّعر ، أنقشهُ صفحاتٍ تُشعُّ بنوركَ ، تملأ أفئدةً لم تزل تتلمس في ضوء عينيك ، وجه اليقين
أنتَ وجه المسافة ، ما بين حُلمي وأمنيتي ، أنتَ وحيُ القصيدةِ ، همسُ الضميرِ ، شفافيةُ البَوْحِ ، دربُ الرِّضى ، مرفأ الظلِّ للمُتْعَبينْ
تضمحلُّ شفافية اللون ، إلاَّ إذا صرخت فيك ، إلا إذا أعلَنتْ وقت ميلادها ، وتمادت بنغمتها في مجال الإثارة ،
حين يعود ولو من بعيدٍ ، إلى نفس دائرة الشكل ، رجْعُ الصدى
كل لونٍ نرى فيه سحر الإضاءة ، وجهاً يصوغ الكمال .
يسافر في اللانهايةِ ، يرقص في عالم الإحتمالْ
( 3 ) أسوَد:
السَّوادُ ، هو الكوْن ، والضدّ ، والملكوت
جنحٌ يرفرف في اللانهاية . عُمقٌ يخبئ سر الحياة .
يفضح وجه اللآلِئ ، وينقل صوت المحار ، يخبئ كنز الجمال الدفينْ
جبروتٌ يغطّي خطيئآتنا ، يقسم الحسّ نصفين ، يملك نصف الحياة
في الأسود الحضن ، والحزن ، والملتقى. وفي الأسود الموت ، والخوف ، والإنحناء
ملِكٌ في ثياب الغواني ، يُداعب أذواقنا ، عندما يتبعثر منتشراً في البياض، حينما يتهدّج في خصلة الشَّعر ، أو يتراقص فوق خضاب الحواشي ، ويرقص في بسمة المقلتين
يغوص بأعماقنا ، يتدفق في صفحة العمر شعراً ونثراً ، ولولاه ما عرف الناس وجه اليقين أسودٌ … إنما هُو .. ماءٌ ، وتمرٌ ، فضاءٌ ، وبحرٌ ، ظلالٌ يلملمُ بوابة العاشقين
أسودٌ ، يكسر اليوم دائرة الصمت ، يثقب دائرة الرمز، يستنسخ الفعل ، يدخل دائرة الإشتعال
يغوص الى واقعٍ ، يتحرك فيك وخلفك ، يعدو أمامك ، يزرع في قدميك الإطاحةْ .
أسودٌ يومُك المُرتخي ، والمصابيح تلفح وجهكَ ، والضوء ينسلُّ من تحت اقدامك الخشبية ، يرحل في شغف العلم ، في فرح النور ، أحزمةً تتسابق أليافها ، تتدافع في قرية الكون ، تجمع تاريخك المتكدّس ، في قطعةٍ كالرُّقاقةِ ، مدهونةٍ بالصفيحْ
أسودٌ ، والخلافة تدفنُ اعلامها في الرمال وتسفّ الحداد على مفرق الشرق ، ترفعُ أيديَها للغريب .
أسودٌ ، والقريب بعيدٌ علينا ، وكل بعيدٍ قريب .
أسودٌ ، ليتها حفلةٌ ، يتنكَّرُ فيها الحُفاةُ ، ولكنه مأتمٌ قائمٌ ، نتوالدُ فيه مدى الدهر ، والدهرُ يبقى ،مدى الدهرِ ، مُنبطحٌ ، فوق أطلالنا ، فوق أحلامنا ، والوجود غريبٌ علينا ، وحتى الكتاب المبينُ ... علينا ، غريبٌ .. غريبٌ .. غريبْ
أحمرٌ …
إنما هو قلب الحقيقة ، بل نشوة اللون.
ديك التصاوير ، والحلبات العنيفة لكنه قُدرة الفعل ، أو ردَّة الفعل ، ينبوع نهر الحياة
علماً ، يتلفّعُ بالنار ، يا ليتني . حجراً ليتني كنتُ ، فوق رصيفِك يا قُدس ،
يا ليتني كنتُ جمرةَ عشقٍ تزغرد في يد طفلٍ ، يقاوم في وطن الانتفاضة .
أخضر …
أخضرٌ كاخضرار فؤادي ، ولكنها خضرة الحُلم ، والأمل المتملِّكِ قلب النبؤة
أخضرٌ ..ليس معنى ، ولكنه جوهرٌ مثل وجه بلادي .
هو جوهر ما أنت تحيا لهُ ، وبه ، والنعيم الذي يتحرك في حضرة الذوق ، أو يرتخي في سرير البصر
أخضرٌ ..والمراد الطفولة والحب والابتسام. والعطاء الذي يتلبَّسُ دفء الأحاسيس ، نبض المشاعر ، يكسو ضفاف النفوس ، ويملأُ بالخير نهر البشر
أخضرٌ.. صار يعني متى ، ولماذا ، وكيف ؟ كيف أنتزعناك من قوس أيامنا ، أيها الأخضر النُّضجْ ؟ كيف خُنت الربيع وهاجرت من حيّنا ، وتركت الهواجس تجثو، على صدرنا كالخريف !!
كيف هاجر عصفورك المنتشي ، من حدائق أحلامنا ، من جزائر حُبِّكَ ، وانسلَّ من قلب أعلامنا الذهبيَّة .
هل تحرك فوج القطَا ، والكناري ، إلى رحلة الصيف ، أم حركته الرياح الى نجمة الغرب ؟
أخضرٌ.. لا يزال السؤال ، يدبُّ على الأرض ، كالهدهد المتخلف عن ركبه ، لا يزال السؤال . بعيدٌ ، قريبٌ ، ومستوطنٌ في الخيال
لا يزال السؤال يشكل وجه الرِّضى ، وظلال الفؤاد ، يرفرف في شرفات الضمير، الذي يتناثر من حولنا شجراً ، وغصوناً تُميِّز أحلامنا ومعالمنا ، وتصُدَّ الرِّمالْ
أصفر …
أصفرٌ، يتدفق كالموج مرتحلاً ، من بياض النقاوةِ ، .. حتى احمرار القلوب
الإطار البديع على كل لونٍ ، وفي الأخضر/ الأحمر/ الأسود/ المتداخل، ينبض بالوحي والكبرياء
يتأرجح بين الغواية والطيش ، والغيرة النسوية والبداية منهُ ، ولكنه نابعٌ من خطوط النهاية .
نبض الحياة التي تتدفق من وجنةِ الشرق ، يطوي الفضاء ، يفيض بهاءً ، إلى أن يذوب ويحمرّ ، مرتحلاً في خدود الأصيل
لو سألتَ الفراشةَ من تعشقين، لقالت زهور الخزامَى ، وعبادة الشمس ، والتولبانْ
أصفرٌ.. يتألق كالذهب الحميريِّ القديم . ويترك في باطن الوعي ذكرى حضارة .
يتراقص فوق ظهور القوافل ، يرسم في صفحة الذهن أهزوجةًة تتدفقُ ، فوق طريق اللّبانْ
أصفرٌ ..لم يزل يتحدث عن زمن العَصب ، والورْس ، والزعفران .
لم يزل يتخلَّل أحلامنا ، ويحطّ الفواصل بين الفصول
أصفرٌ .. والمرادُ الشهيّة والاشتهاء أصفرٌ.. والمرادُ الرجوع ، إلى كل ماقِيل ، أو ما يُقالْ.
المرادُ الرجوع إلى رغد العيش حراً كريماً ، إلى موسم النضج ، المرادُ الرجوع .. إلى ساحة الكَرْمِ ، والقمحُ والبُنّ .
المرادُ الرجوع … إلى ظل معزوفةٍ ، تتمايل من حسنها ، سنبلات الحقول
أزرق …
أزرقٌ .. والمساحة أكبر ممّا ترى. والوجوهُ ، الخطوط ُ، الهموم التي تتداخلُ ، أو تتشابك ، أو تتشابه، أكبر مما توقّعتَ ، أو تتوقّع .
أزرقٌ ..هو شاهد عصرٍ وخلفيةٌ للحروبْ. هو باقةُ عَوْلَمةٍ تتدفّق من غُرفِ النوم ، من شاشة الأفعوان . يتحرّك في كل ناحيةٍ ، يتهدّل من شفة النور من ضحكة الموج في الشُّطأن .
سيّدُ اللون ، وجهُ المدى ، وسرير الحياة . إنه قوة الاختراق ولكنه لُجّة الشوق ، والاشتياق
كل لونٍ يتوقُ إلى فُسحةٍ فوق أعطافهِ ، يتمنى السكينة والارتخاء بأحضانهِ ، يتمنى الوفاقْ
أزرقٌ .. والمُراد الوشاح الجميل ، الذي يتمدد فوق شواطئنا كلِّها ، ويرصِّعُ أقدامنا لؤلؤاً ومحارا.
أزرقٌ .. والحديث ، حديث العيون ، هل حَلُمتَ بشقراء ترفُلُ في الأزرق المتلألئ ؟ ماذا وجدتَ بِزُرقةِ أحداقها ، وهى ترنو إليك … ؟
ألاَ .. إنَّهُ الإ فتقارُ....... إلى الآخرين 1/6/2001م
الاسم: د/ عبد الكريم عبد الله الشويطر
تاريخ الميلاد: ٢٤ يوليو ١٩٥٠
الحالة الاجتماعية: متزوج، أب لأربعة أبناء وثلاث بنات
التعليم:
تلقى علومه الأساسية في مدينة إب، والمرحلة الثانوية في القاهرة وتعز.
رُشح لدراسة العلوم ...