1
أيها الجدبُ ، ألا تمنحني ،
فرصة العَودِ ، إلى منتجعي 
 
ليتني غافلتُ أحلامي ،
وأطلقتُ عناني ،
للهوى الدافقِ ، بين الأضلعِ 
 
كنتُ أشعلتُ بليلِي أنجماً خضراً ،
وأطفأت الجوى الكامنَ عند المنبَعِ
 
ليت لي مُعجزةٌ ،
تسحبُ أياميَ من خلفي ،
وتطويني سريعاً ، نحو من كانوا معي 
 
تركوني في ضبابي هائماً ،
أجمعُ أنفاسي ،
وأُخفي ذكرياتي ،
وأخبِيّ وجعي 
 
أعبرُ الأيام ،
أجتاز طريقي ، خائراً ،
أنظُر يومي ،
وهوَ يبني في طريقي مصرعي 
 
ضاق بي حالي ،
وضاقت فُسحةُ الدنيا بقلبي،
وجفاني مضجعي 
 
وكأني تُهْتُ ، في وادي سباعٍ ،
وتركتُ العمر يمضي ،
خبط عشواءٍ ،
ويَقضِي فوق أرض الفزعِ 
 
هفوةٌ ، في سالف العصر ،
من الفردوس ترميني ،
وحيداً وكئيباً ، لمكانٍ بلقعِ 
 
2
أين منِّي ، منزل الأحبابِ ،
والأصحاب ، والأترابِ،
من خاضوا معي عهدَ الشبابِ الأروعِ 
 
أين ربَّات العيون الخضر ،
والشُّقر ، الغواني ،
والملاح الغيد ،
رباتِ القوام الفارعِ
 
أين منِّى ، طيفُها،
(جامعة الفتنةِ)،
من تحملُ نبض الكون ،
في قلبٍ رقيقٍ طيِّعِ
 
ليتني أسمعُ صوتاً ، يأتِ من بين ثناياها ،
أرتوي من شفتيها ،
بالرحيق المُترعِ 
 
ليتني أحضُن خديها بكفِّي ،
ليتني ألمسُ، ذاك الثغر ،
حتى بحنايا إصبعي 

3
كم تمرّغتُ على تلكَ الرُّبَى،
أيقظتُ عُشباً نائماً ،
ألقيتُ رأسي،
في كثيبٍ أجرعي.
 
ونشرتُ الأُفقَ عطراً ،
وشربتُ الفجر خمراً ،
وخطفتُ البدرَ من جوِّ السماءِ الأرفعِ
 
لم أزل أهتفُ بالعودة يوماً ، وأُصلِّي ،
رافعاً نحو سمائي أذرعي 
 
حيث لا عْيشَ سوى العيشِ الذي كانَ،
ولا سلَوى ستأتي لفؤادٍ مُولعِ
 
حيثُ كانت ساعة الأيام تجري ،
ثم تجري ،
فأناديها ،
بجاهِ المصطفى ، لا تُسرعي 
 
وليالي العمر تجديدٌ ، وأفراحٌ ،
وظلُّ الروحِ، يغشَى كل فجرٍ ،
مرتعاً في مرتعِ 
 
كلُّ وجهٍ مرَّ بالصُّدفةِ يهديني سلاماً ،
وابتساماً ،
وأرى في كل قلبٍ موضعي
 
كلَّما قلّبتُ طرفي لا أرى إلاَّ خدوداً ،
لم تبِتْ يوماً على حزنٍ ،
ولا في جزعِ 
 
بلدةٌ تنبض بالدفءِ ، وبالحبِّ ،
قلوبٌ ،
ينتِشي فيها جمالُ الواثق المقتنِع 
 
كان بيني والهوى ، همزة وصلٍ ،
كان سهمي ،
يخطف النجمة دَوماً من جبين المطلَعِ 
 
للمعالي ، وارتقاءِ المجد ،
شمَّرتُ ذراعي ،
وتألّقتُ ،
كأن الكلّ من حولي بليدٌ لا يَعي 
 
رفعوني سادةُ العلم الى سُدَّتهم ،
حيثُ أشاروا ،
من هنا تُشرقُ شمسُ الألمعِي 
 
قلتُ ، لن أخلف وعدي لبلادي ،
مهد أحلامي ، وحُبِّي ،
جئتُّ منها ،
وإليها مرجِعي 
 
وهْيَ في عينيَ أغلى بقعةٍ في الأرضِ ،
أغلى بلدةٍ في الكون ،
أسمَى موقِعِ 
 
وعلىَ مِثلي ، ومن شاركني جهدي ،
علىَ الكلِّ، جميعاً ،
بَعْثَها من غربة المنقطعِ 
 
وبما نحملُ من علمٍ ،
سنُحيي مجدها الماضي ،
لأنَّ الجهلَ من أغرقها في سهْلهَا المُمْتنِعِ 
 
4
وركبتُ الريح ..
أطوي رحلة العودةِ ،
أرمي ، ألمَ الغربة خلفي ،
ودفوفَ الشوقِ ،
ما زالت بقلبي تقْرَعِ !
 
بعدما حطَّت رحالي ..
قلتُ حمداً يا إلهي !
صِرتُ في أرضي ... ولكن ...
قيل يا أرض ابلعِي !!
 
فسلاماً لكِ ، يا واحة أيامٍ توالتْ ،
كلما تخطُر في قلبيَ .. تجري أدمعي.
15/8/2002م 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم الشويطر

avatar

عبد الكريم الشويطر حساب موثق

اليمن

poet-Abdulkarym-al-showaiter@

169

قصيدة

20

متابعين

الاسم: د/ عبد الكريم عبد الله الشويطر تاريخ الميلاد: ٢٤ يوليو ١٩٥٠ الحالة الاجتماعية: متزوج، أب لأربعة أبناء وثلاث بنات التعليم: تلقى علومه الأساسية في مدينة إب، والمرحلة الثانوية في القاهرة وتعز. رُشح لدراسة العلوم ...

المزيد عن عبد الكريم الشويطر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة