أَنا ظِلٌّ يَبْحَثُ فِي مِرْآةٍ تَرْتَجِفُ شَظَايَاهَا،أَكْتُبُ بِحُرُوفٍ مِنْ ضَبَابٍ تَتَمَايَلُ،تَسْقُطُ كَأَوْرَاقٍ تَحْمِلُ ذِكْرَى شَجَرَةٍ أَحْيَاهَا الرَّجَاءُ.
الجُسُورُ بَيْنَ ضِفَّتَيَّ تَهْتَزُّ،تَحْتَ غُبَارٍ يَرْسُمُ خُطَى الْعَابِرِينَ،وَأَسِيرُ عَلَى حِبَالٍ تَرْقُصُ فِي الرِّيحِ،أَرْجُو دَرْبًا يَهْدِي أَمْ أَرْجِعُ إِلَى نُورِ الصَّبْرِ.
خَلْفَ نَافِذَةٍ تَهْمِسُ بِالرَّمَادِ،صَوْتٌ يَرْتَجِفُ فِي ظِلِّ الْفَرَاغِ،رُبَّمَا طَائِرٌ يَحْلُمُ بِجَنَاحٍ أَضَاعَتْهُ الرِّيَاحُ،أَوْ وَطَنٌ يَنْتَظِرُ فِي صَمْتِ الدُّعَاءِ.
لَمْ أَجِدْ يَدًا تَحْمِلُهُ إِلَى السَّمَاءِ،فَأَصَابِعِي صَارَتْ أَقْلامًا تَنْحَتُ فِي الْهَوَاءِ،تَسْبَحُ فِي حِبْرٍ يَرْسُمُ ظِلالَ الْأَمَلِ.
أَنا حَدِيقَةٌ جَفَّتْ فِي صَدْرِي،جُذُورُهَا تَتَشَابَكُ مَعَ أَنْفَاسِي كَخُيُوطِ الصَّبْرِ،تَنْتَظِرُ مَطَرَ الرَّحْمَةِ لَا دَمِي،أَفَقَدْتُ الْمَاءَ أَمْ صَارَ الْوَطَنُ رَجَاءً فِي عَيْنَيَّ؟
غَرِقْتُ فِي تَفَاصِيلَ تَرْقُصُ كَحُلْمٍ فِي الْغُبَارِ،أَنا مَوْجٌ يَهْمِسُ فِي قَاعٍ يَرْجُو الضِّيَاءَ،يَبْحَثُ عَنْ شَاطِئٍ تَحْمِلُهُ أَمْنِيَةٌ،وَوَطَنٌ يَبْكِي فِي صَدْرِ الْمَنْفَى،لَكِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ.
كُلُّ صَوْتٍ صَارَ ظِلًّا يَتَلَوَّى فِي الصَّمْتِ،كُلُّ جَسَدٍ صَارَ رَقْصَةً عَلَى جِدَارِ الْأَيَّامِ،كُنْتُ نَغْمَةً فِي حَلْقِ طِفْلٍ يَرْجُو الصَّوْتَ،لَكِنَّهَا سَكَنَتْ فِي دُعَائِي كَأَمَلٍ يَتَنَفَّسُ،وَمَرَايَا الصَّبَاحِ تَرْقُصُ كَذِكْرَى تَحْيَا بِالرَّجَاءِ.
الآنَ، أَنا قَلَمٌ يَكْتُبُ فِي ظِلِّ الْأَمَلِ،سَطْرٌ يَتَمَايَلُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْمَغْفِرَةِ،إِنْ قَتَلْتِ الصَّمْتَ بَيْنَنَا،فَالرِّيحُ تَحْمِلُ الدُّعَاءَ لَا اللَّوْمَ،فَأَنا مَنْ عَلَّمَ الْغِيَابَ أَنْ يَسْكُنَ فِي الرَّحْمَةِ.لا تُعْطِنِي ظِلَّكِ كَعَطِيَّةٍ،فَقَدْ صِرْتُ رَفِيقًا لِأُفُقٍ يَرْجُو الْقُرْبَ،اخْتَارِي الآنَ،أَنْ تَسْكُنِي فِي ظِلالِ الصَّبْرِ،أَوْ تَرْحَلِي إِلَى نُورٍ أَرْجُوهُ مَعَكِ،لَكِنْ اعْلَمِي،أَنْتِ لَسْتِ حُلْمًا يَسْكُنُ الرُّوحَ،بَلْ دُعَاءٌ تَاهَ فِي قَصَائِدِي،وَرَجَاءٌ يَحْيَا فِي كِتَابٍ يَنْتَظِرُ الْمَطَرَ.
89
قصيدة