الديوان » الأب يوسف جزراوي » مَن سيُحركٍ مهد الكلام أوّلاً؟!

مَن سيحركَ مهدُّ الكلام أوّلاً

لم تنشدْ  في ذلكَ المساء 

ربُّما كانت مُنهكةً أو مُتعبةٌ أو أمرًا مَا قد كانَ

كنتُ بأمسِّ الحاجةِ إليها 

لكي أبوحُ لها بصرخةِ حنينٍ سلبت الغربةُ هجيعتها 

ليالٍ مُتاليّةٍ لم يغمض لي فيها جفن 

تعجُّ في الفكّرِ بعضُ الأفكارِ

وعلى العينِ تتوافد بعضُ المشاهدِ والصورِ!

نهضتُ متعثرًا بكتبي 

بدأتُ أتطلعُ إلى السّاعةِ البعيدةِ

أترقبها دقّة دقّةً…

خرجتُ منِ بعد حينٍ في الفجر للرياضة….

ترجلّتُ مِن سيارتي  وخطوتُ على غير عادتي  بخطواتٍ متثاقلة 

تلفحني الرّياح الخافتة…

أتحسسُ لحن الأوراق المُثقّلّة بالثمرِ…

أنادي على الغسق الغافي كي ينهض…

 دسستّ يديّ المتجلدتين في جيبي

ولا أعلم مَا الّذي جعلني أقصدُ طبيعةً 

شذبت حسيّ الإنسانيّ!.

هُناكَ؛ وقفَ قطار الكلام بيننا على سكةِ الصّمت 

حاولتُ استنطاقها ….ولكنْ!

طبيعةٌ تعجُّ بِالهدوء ليس لها لغةً…

تطلعنا إلى بعضنا البعض من سيهزُّ مهد الحوار أولاً…

كعادتي لم أكنْ فضًا معها 

ورحتُ منصرفًا إلى  الموسيقى منشغلاً بالتأمّل…

عسّى تأخذ فرصتها في الكلامِ  لتّعبّر عَن نفسها….

ما لفت انتباهي حقًّا

عازفٌ يُغني بالانكليزيّة لشابةٍ سمراء البشرة

عَن جمال  الشتاء بكلماتٍ مسموعة لها دلالاتها البيضاء….

ولا أعلم مَا الّذي دفعها وهو يعزف 

أن تمسك بكفيهِ وكأنّها ترجوهُ إطالة العزف…. 

وفيما عكفت السير والتفكّير فيما يخصّني…

وجدته يقتفي آثري 

وكأنَّ جمرةً في صدرهِ واللظى يكوي احشائه….

فإذا به  يعرض آلته الموسيقيّة الفاخرة بحفنة دولاراتٍ

مِن أجلِ لقمة عيشٍ يسدُّ بها الرمق!

اقتنيتها منّهُ دونَ أن أبخس حقه….

واهديتها لأبن أخي الأصغر ( سافيو)

لأ لأنه على شاكلتي مِن هواة الموسيقى وحسب….

بل لأنّهُ النّبضَ الّذي يدقُّ بالقلب.

في الختام؛ أقولها مرّةً أُخرى

مَن لا يشم وردةً، ويستمع إلى الموسيقى أو يجلس في طبيعةٍ خلّابةٍ أو يحظى ببحرٍ….

ومن لا يزور متحفًا ويتأمّل لوحةً أو يستغرق في تأملٍ ومن لا ينصت إلى غنوة….

 لم ولن ينمو بإنسانيّته وروحانيته….

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأب يوسف جزراوي

الأب يوسف جزراوي

44

قصيدة

كاهن وباحث/شاعر وأديب عراقي مغترب له العديد من المؤلفات في الشأن الكنسي والأدبي وتاريخ العراق

المزيد عن الأب يوسف جزراوي

أضف شرح او معلومة