ذات مرة، جاءتني فتاة من مكان بعيد. لم أكن أعرفها، سوى أنها كانت صديقة لي على فيسبوك، تقرأ كلماتي بصمت. لم أتوقع أن تكتب لي، لكنها فعلت. قالت لي: "كلماتك جميلة جدًا، أنت موهوب بحق، لا تتوقف عن الكتابة من فضلك." ثم أرسلت لي دعوة إلى مجموعة شعرية باللغة الإنجليزية.
ولكن انا عربي، لم أكمل تعليمي بسبب الحرب الأهلية في لبنان، ولا أجيد الإنجليزية جيدًا.
احترت في أمري، هل أتابع؟ هل أترك؟ لكنها راسلتني مرة ثانية، وقالت لي كلمات لا أنساها: "عدني أنك ستستمر، لا تخف، أنت لست وحدك، أنا معك." واكتشفت أنها ليست فقط قارئة، بل شاعرة بارعة، من عائلة شعراء، والمجموعة التي أرسلتها لي هي مجموعتها الخاصة. بل وأكثر، عيّنتني مسؤولًا فيها، وكأنها قالت لي: "أنت جدير بهذا المكان."
بدأت أكتب بالإنجليزية، أستعين بترجمة جوجل، ثم التحقت بمجموعات لتعلّم اللغة. وبدأت رحلتي الشعرية هناك، وكان الناس يظنونني أميركيًا، وحتى فيسبوك ظن ذلك. تابعني الآلاف من كل أنحاء العالم، أحبوا قصائدي، وشاركوا كلماتي، لكنني في لحظة صدق، كشفت لها أنني شاعر عربي من لبنان، فحدث ما لم أتوقعه.
فيسبوك حذف حسابي، قصائدي، كل شيء. واستمر في محاولاته لكتم صوتي، فقط لأني شاعر عربي أكتب عن الحب والسلام والإنسانية والخير. انضم إليه إنستغرام وواتساب، فحُذفت حساباتي مرارًا، وحظروني من استخدام واتس اب، وحُرمت من أدواتي البسيطة التي كنت أعبر بها عن روحي. ولم أتمكن من التواصل مع تلك الفتاة مرة أخرى، تلك التي كانت بالنسبة لي ملاكًا يطير بأجنحة من نور، على هيئة فتاة كلها خير ولطف وحب، أمسكت بيدي وقالت لي : لا تخف. أنا معك.
قد تكون مجرد مقابلة عشوائية للبعض، لكنها لي كانت بداية حياة.
ولكن للأسف الشديد، فيسبوك بكراهيته وجرائمه العنصرية ضدي لأني عربي، حطم قلبي، واستمر مع إنستغرام في محاولاتهم لتحطيم رحلتي الشعرية.، لأني شاعر عربي، أكتب عن الحب والسلام والإنسانية والخير.