ماذا يفعل من لا يعرف طعم السعادة؟ من لا يزوره الحلم، ولا يلوّح له الأمل، من لا يواسيه أحد، ولا تضيء له شمعة في العتمة.
أنا السفينة التي حطّمتها عواصف القدر، وأغرقتها أمواج الحزن، حتى رست على قاع اليأس المظلم، تحرسني أفكاري الوحيدة، وتغني لي أغاني الوداع.
أحمل نعشي كل ليلة، أمشي به إلى قبري, كأني أبحث عن دفء، في نار الجحيم لم أعرفه يومًا في برد الحياة القاسية.
يقولون إن الجحيم بعد الموت، لكنني ذقته حيًّا، عشت بين نيرانه، وتنفسته في وحدتي.
لم أؤذِ أحدًا، كنت طيبًا، ساعدت من خذلني، ومنحت قلبي لقلوب قاسية، ومع ذلك، تخلّت عني السماء.
لكني ما زلت أكتب، ما زلت أتنفّس، ربما لأن في داخلي
رغبة خفية أن يسمعني أحد، أن يمد لي يدًا، أن يهمس لي: "أنت لست وحدك."
كنت طفلًا يحلم بسماء لا تمطر دمًا، بأم لا تبكي كل ليلة، بأب لا يرحل في صمت، ببيتٍ لا تهزّه الحروب، وألعابٍ لا تغرق في دموع اليتامى.
لكني كبرت قبل أواني، سرقوا مني أحلامي، خيطوا لي ثوبًا من الحزن، وألبسوني قناع الصبر.
ومع هذا، ما زلت أكتب، ما زلت أصرخ، وفي عيوني رغم كل شيء، بريق خافت يقول: ربما، ربما في آخر النفق، يوجد ضوء لا يخون.
أسير في دروب اليأس المظلم، أتعثر بخيباتي، أبحث عن نور أمل، ينير بالسعادة أحلامي المنطفئة.
أريد أن يكون لدي أمل، يعيد لي أحلامي السعيدة، وإيماني الذي فقدته، على قارعة دربٍ، ضاعت فيه معاني الرحمة.
أعبر عواصف القدر القاسي، أحمل قلبي كمن يحمل بقايا وطن، وأنتظر أن تشرق شمس الرحمة، أن تمسح عن وجهي رماد الأيام، أن تنشر الخير في حياتي اليابسة، لكي لا تكون رغبتي الوحيدة، الموت.
لا يوجد لدي أمل، ما زالت أنواره مدفونة، في ظلام اليأس الدامس، أجلس على أطلال قلبي، أعدُّ خساراتي بصمت، وأهمس للقدر: "لماذا أنا؟" لكن لا جواب، سوى صدى أنفاسي، ووجعي الذي لا ينام.
لنرى، إن كانت قسوة القدر العاصفة، ستنتهي يومًا، وإن كانت شمس الرحمة، ستشرق أخيرًا، وتنثر دفئها، على قلبي المتجمد من الألم.
ربما هناك، في لحظة لم تأتِ بعد، سأتنفس حياةً لا تؤذيني،
وسأحلم، من جديد.
هل من نهاية لعذابي؟ هل من نهاية لمعاناتي؟ هل ستسمعني رحمة السماء؟ هل سترحم دموعي، وتحوّل بكائي حزنًا، إلى ابتسامةٍ سعيدة؟
أنا لا أطلب الكثير، فقط لحظة دفء، تحملني من قاع اليأس، إلى ضوء يشبه الحياة.
