الديوان » عبد الكريم المحمود » نداء لأمّة العرَب

عدد الابيات : 71

طباعة

يا أمّةَ العُرْب بلْ يا أمّةَ العَطَبِ

حتّامَ أنتم من الطاغينَ في رَهَبِ

حتّامَ أنتم عن الشاكين في صَممٍ

وعن طغاة بني صهيونَ في هرَبِ

إنْ كان ينقصكمْ دِينٌ يثور بكم

فهل تركْتمْ لجُبنٍ نخوةَ العرَبِ

إني أرى بأسَكم ما بينكم شرِساً

يُثيره الفخرُ بالأنساب والحَسَبِ

وتقتلون بني الأرحام إن نقصوا

من حقِّكم قدرَ أشبارٍ من التُّرَبِ

فما لكمْ حينَ إسرائيلُ تسلُبُكم

أرضاً تقدّس مَسراها بخيرِ نبي!

تُدنِّس المسجدَ الأقصى بطُغمتِها

محتلّةً وطناً أغلى من الذهَبِ

عُتاتُها قتّلوا أبناءَ جِلدتِكم

وصيّروا دورَهمْ نهْباً لمُنتهِبِ

ودمّروا عيشَهمْ قصْفاً بلا مَهَلٍ

فعيشُهمْ غارقٌ في الويل والكُرَبِ

في غزّة الصّبرِ كمْ قد واجهوا مِحَناً

إنْ واجهتْها جبالُ الأرضِ تنقلبِ

كمْ مِن أبٍ غيّب التفجيرُ أسرتَه

باكٍ بقلبٍ من الأحزان ملتهِبِ

وكم فؤادٍ لأمٍّ بات محترِقاً

على بنيها قضَوا في النار كالحطَبِ

وكم يتيمٍ من الأطفال غادرَه

حنانُ أمٍّ وإخوانٍ له وأبِ

فلا صغيرٌ من القصف الفضيع نجا

ولا كبيرٌ رماه العمرُ بالنّصَبِ

ولا مريضٌعلى حظر الدواء يرى

شفاءَ سُقْمٍ عدا في جسمهِ الوصِبِ

ولا جريحٌ له مشفى يُطبّبه

فكلُّ مشفىً هوى في هيكلٍ خَرِبِ

وأحكمَ الجَورُ حظراً للغذاء فما

من طازج القوت أو ما زُجّ في العُلَبِ

فكلّ جسمٍ أبان الجوعُ أعظمَه

وفي الوجوه استبانتْ شدّةُ السَّغَبِ

وحرّم الجورُ ماء الشّرب متّخذاً

به سلاحاً لقتل الذوق والأدبِ

ولا وقودَ مباحٌ للأنام ولا

من كهرباءَ بسِلكٍ غيرِ منقضِبِ

وبعد أنْ دمّر الطغيانُ دُورَهمُ

أعاد فوق خيامٍ صاعقَ الغضَبِ

حقداً ولؤماً وتنفيذاً لخطّته

أنْ يتركوا أرضَهمْ إدبارَ مُرتعِبِ

وضفّة العزّ صارتْ مرتعاً لبني

صهيونَ فيها أداروا فادحَ النّوَبِ

فهجّروا أهلَها قتلاً ومَرغمَةً

وكلّ دارٍ أباحوها لمستلِبِ

وما يزال بنو صهيونَ في سَدَرٍ

من الفساد جرَوا في كلّ مرتكَبِ

يا أمّة العُربِ هل أنتمْ نيامُ فقد

تعجّب الخلْقُ منكم غايةَ العجَبِ

قوموا انهضوا حطّموا أغلالَكم وذروا

هذا التقاعسَ عن باغٍ ومغتصِبِ

أنتم مئاتُ ملايينِ النفوسِ فهلْ

لصمتكم عن بني الأنجاس من سببِ؟

عارٌ عليكم وحقّ الله أنْ تهِنوا

أمام جمعٍ من الشّذّاذ والعُصَبِ

أترغبون سلاماَ بعد نكبتِكم

فذاك واللهِ منكم أسوءُ الرَّغَبِ

وتطلبون لمُحتلٍّ مجاورةً

وذاك في العقل يبدو أسخفَ الطّلَبِ

أما خبَرتمْ لإسرائيلَ سيرَتَها

أما اطّلعتم على تاريخِها الكَلِبِ!

أشرارُها رسموا من قبلِ مولدِها

أوطانَكم وطناً للدولة الأرَبِ

من الفراتِ وحتى النّيلِ ساحتُها

تصُبّ في ذلّكم سوطاً من اللهَبِ

من عهد هِرزِلَ والأحلامُ ما فتئت

تُصيب واقعَكم بالكَيد والشَّغَبِ

والمُستشارُ ينون الشّرّ جسّدها

في خُطّةٍ لم تُحَطْ بالشّكّ والريَبِ

تُقام دولةُ إسرائيلَ ساحقةً

أنقاضَكم باطّراد القتل والحَرَبِ

وتُجعَلون بتقطيعٍ لكم فِرَقاَ

من بعدِ وَحدتِكم في سالف الحِقَبِ

وبعضُكم لبني صهيونَ نُصرتُه

يمسي خصيماً لإخوانٍ من النّسَبِ

وتعتلي أرجلُ الحاخام منبرَكم

لتسمعوا ذلَّكم في ساخر الخُطَبِ

مستعبَدين لأشقى ملّة رجعتْ

بوابلٍ من صنوف الإثم منسكِبِ

لا تستريح بغير الظلم يتبعه

شرُّ الفساد وحتى اليوم لم تَتُبِ

إذ أدركتْ في بني صهيون مُنيَتَها

بدولةٍ رُتّبتْ في أعظم الرُّتَبِ

تحوي فلسطينَ أرضاً دون صاحبِها

بل لليهود ثراها خالصَ الوهَبِ

لأهلِها رَغَمٌ ما بين مقتلِهم

أو هجرةٍ في أقاصي كلّ مغتَرَبِ

بضمّ غزّتِها بل كلّ ضفّتِها

تمسي فلسطينُ في النّسيان والحُجُبِ

وبعدَها سَيرُ إسرائيلَ في نَهَمٍ

نحوَ الشّآمِ بخضم الأصلِ والشُّعَبِ

فلا دمشقُ لسوريّا بحاكمةٍ

ولا قناعةَ بالجولانِ أو حلَبِ

ولا بعمّانَ للأردنّ عاصمةٌ

ولا لبيروتَ في لبنانَ من نشَبِ

فكلُّها أرضُ إسرائيلَ ترسُمُها

بما لديها من الأسماء واللقَبِ

وأرضُ سيناءَ في أطماعها حلُمٌ

الى العريش يوالي الطّيفَ في دأبِ

وفي العراق الى نهر الفرات لها

عليه في كلّ شبرٍ عينُ مرتقِبِ

وفي الجزيرة نصفُ الأرض بُغيتُها

بما تضمّ من الوديانِ والسُّهُبِ

وما بمكّة يبقى شأنُ مسجِدِها

أو شأنُ كعبتِها في حَجّها اللجِبِ

ولا المدينةُ يبقى رَوحُها عبِقاً

بالمصطفى من عباد الله منتَجَبِ

بل جيفةٌ من بني صهيونَ طاغيةٌ

مجتاحةَ كلَّ عطرٍ طيّبٍ عذِبِ

أمّا الدّويلاتُ في أطراف دولتهم

فتلك في نسبةٍ للرأس كالذّنَبِ

فتلك دولتُهم بل تلك خطّتُهم

يمينُهم في روآها دائمُ الصّخَبِ

ويزعمون هي الميعادُ موطنُهم

وعدُ الاله لابراهيمَ بالغلَبِ

ويذكرون من التّوراة شاهدَهم

وهي المليئةُ بالتحريف والكذِبِ

أوهامُ وظّفها للزّيغ شِرذِمةٌ

محضُ الأساطير خطّتْها يدُ اللعِب

واليوم يسعى نتنياهو ليجعلها

في واقعٍ بدماء الناس مختضِبِ

قتلاً وهدماً وتشريداً ومسغبةً

بفعل نذلٍ سقيمِ العقل مضطرِبِ

ومن أميركا جنونُ ترمب يعضُده

دوماً شريكاً له في القتل والنَّهَبِ

يريد غزّة ريفيرا تُشاد على

أشلاء سكّانها من أهلها النُّجُبِ

يا أمّة العُرب هل أروي لكم قصصاً

أو أستعينُ بأمثالٍ من الكتُبِ!

أنتم بفُرقتكم تأتون مَصرَعَكم

من غير همٍّ لمُحتلٍّ ولا تعًبِ

ويومَ يأكلكم تمسون في ندمٍ

ندامةَ الثورِ لمّا قال في تبَبِ

إنّي أُكِلتُ بأكل الليث أبيضنا

وما حماه اختلافُ اللون في الأُهُبِ

بخَون صُحبتِهِ لاقى مَنيّتَه

وفي العدوّ سليمَ الرأي لم يُصِبِ

هذا مثالٌ أتى بالوعظ صاحبُه

لخائنٍ أو جبان القلب أو لِغبي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم المحمود

عبد الكريم المحمود

36

قصيدة

شاعر وباحث عراقي ، مواليد البصرة 1959م ، دكتوراه في الأدب والنقد الحديث من جامعة الكوفة 2009م .

المزيد عن عبد الكريم المحمود

أضف شرح او معلومة