عدد الابيات : 23
تطاوَلَ بي ليلٌ عريضُ المناكبِ
كأنَّ صباحي فيه ليس بِـآئبِ
أُراعي به شُهْبًا كأنَّ ذيولَها
إذا ما تَقَاذَفْنَ مخاريقُ لاعبِ
وأَعْرضَ عني النومُ إعراضَ حَظِّنا
إذا ما عَزَمْنا عُقْدَةً للتقارُبِ
وأَسْهَرَ لَيْـلِي طيفُ مَن لَّو سألتُها
على الصَّحْوِ صَدَّتـْني بِـعِـفَّةِ راهبِ
سَرى في سَوَادِ الليلِ، والنومُ ضاربٌ
سُـرَادِقَـهُ بين الكَـرَى والتَّـثَـاؤبِ
سرى حينَ لا رِكْزٌ يُّحَسُّ، سِوى شَجًى
يُغَنِّي به صَـبٌّ تَـغَـنِّـيَ شاربِ
سرى حين لا يَسري سوى البدرِ، قاطعًا
أَديمَ السماءِ قَطْعَ حُجَّةِ كاذبِ
فَـأَنَّى سَرَتْ مَسْرى النجومِ؟ ولم تَكُنْ
تُجاوِزُ بابَ الدارِ، حِلْسَ الرَّبائبِ
حَيَاءًا، فما تَظهرُ إلا لحاجةٍ
وخَوفًا، فما تَخرجُ إلا بِصاحبِ
تقولُ وقد أنكرتُ منها طُروقَها:
"أَتَـسْري بغير الليلِ زُهْـرُ الكواكبِ؟"
فَـمُـتِّـعْـتُ منها فَضْـلَـةَ الليلِ، قَبلَما
جَلَا الصبحُ طَيفَ الزائراتِ الكواذبِ
بِنَفْسي التي الأقدارُ بيني وبينها
ومَن غَالَبَ الأقدارَ ليس بِغالِبِ
لقد طالَ ما بيني وبين مَطَالبي
ولا غَـرْوَ أن يَّـشْقى عظيمُ الرغائبِ
فطَاوَلْتُ صبري كي يُبَـلِّـغَني مَدًى
يُـقَصِّرُ عنه صَبْـرُ خِـدْنِ الملاعبِ
وطَوْعُ يَدِيْ أُمْنِيَّةٌ، لو أَرَدتُّـها،
قَصيرةُ باعٍ لِلقَصيرِ المناكبِ
نَهتْنِـيَ عنها نَفسُ حُـرٍّ، عَـيُـوفَـةٌ
لِمِنَّةِ بَرٍّ، بَلْهَ مِنَّةِ كاذِبِ
ولما رأيتُ الذُّلَّ مِن جَزَعِ الفتى
وإحْجَامَه مِن خَوْفِهِ لِلعواقبِ
نَزَعْتُ بِقَوسي نَزْعَةً، حَلَّ سَهْمُها
بِكَبْدِ عَدُوِّي قبلَ كَبْدِ ضَرائبي
وقد كُنتُ مَحسودًا بِكَنزِ قَناعتي
فكيفَ بِكَنزٍ حَلَّني رَأْسَ غَارِبِ!
وإنَّ شَماريخَ العُلا لَكَئُودَةٌ
ونَيْلُ ذُراها ليس ضَربَةَ لاعِبِ
عَقَـرْتُ ذَلولَ العَجْزِ، واقْـتَـدتُّ مُصْعَـبًا
عليهِ سِياطُ العَزْمِ، والهَمُّ صَاحبي
فَبَلَّغَني أُمْنِيَّةً دونَ أُخْتِها
وما زِلْتُ أَحْدُوهُ لِأَبْلُغَ مَارَبي
ألا فاصْبِري، إنَّ الأَمانيَّ بَدْؤُها
شَجَاةٌ، وعُقْـبى أَمْـرِها دَرُّ حَالِبِ
75
قصيدة