هبطتِ الطائرةُ بهم/ فوجد نفسهُ قُبطانَ سفينة انقاذٍ تائهة في البحار/ تتّلبط كالسمكِ فوق الامواج/باخرةٌ ليست Titanic/ تستغيثُ وتطلبُ النّجدةِ/ يطلقُ نداء استغاثة الواحد تلو الآخر: ألو…هل هناكَ مَن يسمعني؟!/ ولكن مَا مِن مُجيبٍ!/ مٓا الحلُّ إذًا؟/ فلا من طائرة إنقاذ تحوم في سمائهم لتسعفّ المنكوبين أو قوارب النّجاة/ على مَا يبدو قد تخلت عنهم السّماء!.
يجيدُ السباحة فلا يخشى الغرقُ/ بل يتوخى سبي الأسماك والقروش والدلافين…/هو شاعرٌ سوريالي، وأديب نثري/ سردي ووجداني/ وكاهن بغدادي مفقودٌ في البحار مع طاقمهِ/ حينَ جلسَ على الحافةِ ليكتب/ هاج البحر وماج!/ لعلّهُ ليسَ محظوظًا بما يكفي وألاّ لغمز برماش العين، ووضع يده في فمه وأطلق صفيرًا لحوتٍ وجرّب حظّه في العومِ على ظهره مع سواه إلى برِّ الأمان/ ومَا مِن شبكةِ اِتصالاتٍ هُناكَ تمكّنهُ من إجراء مكالمةِ استغاثةٍ لسفاراتِ البلدان التي يحملون جناسيها/ يال سوء الطّالع حَتّى قوارب الإنقاذ مُعطّلّة/ كانَ يقفُ بجانبهِ إناسٍ صراخهم عناءٌ آخر/ ولكن ثمّةَ بحّارٍ حاولَ إنقاذ ما يمكن انقاذه/ لكنّهُ كُلّما تمعّن واعاد النّظر إلى المياهِ وجدَ صورتها/ فهل سوف يعلّق مرثيتهُ على مراياها ويقفز إلى لُجّةِ البحر/ كانَ يلزمهُ الكثير لكي يصلُ إلى الجرف/ أكانَ عليه أن يخرجَ محفظته لينظر إلى صورتها/ ليتهُ كانَ يقوى على التّوقف مِنَ التحدّيقِ في مراياها/ وكأنّهُ في قلبِ تلكَ المعَمعةِ يودّ توديع نسخته الاصلية فيها/ كانَ البحرُ هائجًا وما كان بوسعنا رؤية صورنا في مراياه/ فانعكاساتهُ تشوّه وتخون ناظرها!
قالتْ إحداهن: تعرف شو/ عين الربّ لا تسهى ولا تنام/ فجأةً/ مرَّ بقربنا قاربٌ بِلا شراعٍ ودونَ قبطانٍ/ ربُّما الله سمعَ نداء الأبرياء/ في لحظة قفز جماعي إلى المياهِ للسباحةِ نحوه/ وبينما أنا التقطُ الأنفاس سألتهُ: علامَ تحملُ صورتها؟/ أجاب: وكيفَ تنسى الوجوهُ مراياها!.