سِمْ بالشجاعةِ وارتقِ القِمَمَ

وامضِ بعزمَ واحتملْ ما يُؤلمِ

انْهَضْ لأنكَ في الوغى حتف العدى

واغرسْ على دربِ العُلا العلمِ

خلِّ الجبانَ يعيّشُ في أحلامِهِ

واصنعْ لنفسِكَ مجدَ مَن لم يَحلُمِ

أني لأحملُ في الوغى أثقالَها

أسقي العدى كأسا بمرّ العلقمِ

وأخوضُ بحرَ الموتِ لا أتراجعُ

وأصولُ صَوْلةَ صارمِ لا يرحَمِ

في مأزقِ الأبطالِ أنقضُّ الرَّدَى

كالنسرِ يفترسُ الطريدَ المُقدِمِ

والرُّمحُ بينَ يديَّ يفري هامَهم

والسيفُ يرقصُ في يدي كالمِعْصَمِ

أسقي العدى من عزمِ قلبِ صارمٍ

لو شاءَ يهدمُ قلعةَ من أنجُمِ

في الحربِ أكرمُ من يُباهي خصمَهُ

ويظلُّ يأبى أن يكون المنهزمِ

إنْ نازَلوني نازلوا برقَ الرَّدى

أو قابَلوني قابلوا جمرَ الحممِ

وإذا الديارُ تَباعدَتْ عن ناصرٍ

كنتُ الأمانَ وسَيفَ مَن لم يُنْصَمِ

إني شجاعُ النفسِ إن هاجَ الوغى

والخوفُ عندي وهمُ مَن لم يُقْدمِ

قدمايَ في نارِ الوغى لا ترتجي

هرباً، وصدري للطعانِ بمَعْلمِ

لا أستكينُ إذا العَوالي أُشرِعتْ

وأُفجِّرُ الهيجاءَ بمهندِ والصارمِ

أهوي على الأبطالِ صاعقةً

وأكادُ أَقطعُ صمتَهم بتكَلُّمِ

ما كنتُ أحملُ في الردى إلا الرّدى

للخائنينَ وقَطعُ كفِّ المُجرِمِ

ولَطالما قُطعتْ يدي متجبّرٍ

حينَ استهانَ بقاطع  متضرِّمِ

وغدا إذا ذُكرَتْ مواقفي العُلا

بكَتِ السيوفُ لذكرِ بأسِ مُلهِمِ

سأظلُّ أمضي في الخطوبِ مقدّماً

كالليثِ يزأرُ في القفارَ ويحزمِ

وأبيتُ لا أرضى الخُنوعَ وإن بدا

طَعمُ الحياةِ بِغَيرِ عِزّ مُرْغَمِ

من لم يمتْ في الحربِ موتَ كرامةٍ

عاشَ الهوانَ ومات موت المحرمِ

يا فارسَ العزمِ اقتدِي ببسالةٍ

تُحيي الضميرَ وتستعيد المكرمِ

كُنْ كالسيوفِ إذا هوتْ في نَحرِهم

لا ترحمنَّ الظالمَ المُتظَلِّمِ

وتدرّعِ الصبرَ الشجاعَ بموقف

لا يرتجي فيها النجاةَ مُسلِّمِ

إنْ جاءك الأعداءُ فاقذفْ نحوهم

عزمَ الرجالِ وصارما لم يُثلمِ

وإذا رآك القادمونَ تزلزلوا

وتساقطوا صرعى برشقِ الأسهُمِ

فالموتُ في ساحِ الكرامِ شهادةٌ

والعيشُ في ذلِّ كعيشِ الأبكمِ

واركضْ إلى الهيجاءِ تركضُ غارةً

تكفيك عنْ مدحِ الرجالِ وتَكرُمِ

ما المجدُ إلا سيفُ مَن لا ينثني

وبطولةٌ تحكى بغيرِ متَرجُّمِ

أمضي لأحمي أرضَ قومي شامخا

وأذودُ عن عرضِ الضعيفِ المعدمِ

سأظلُّ أنحتُ في الصخورِ بطولتي

حتى يُدوَّنَ في الصحائف مَعلمي