لأسافر إلى أوطانها المزهرة، رجلاً جريحًا حزين
بعد اغتراب الروح في موانئ القراصنة المهربين
أهدتني خرائط الأرض علَّ الفؤاد
يبصرُ دربها بعين المهتدين
ومرت من رحى الأعوام سبعٌ بعد عشرٍ من السنين!
"أين أنت الآن يا شبح الشعراء
يا أكذوبة الفلاسفة العاشقين؟!"
تسائلني عبر رسائل الأحلام
بهمسٍ أثخنتهُ حراب الأنين
فأجيبها من سحيق غيبوبتي، متدثرًا بيقين المؤمنين:
"ما زلتُ استقرئ النجوم، وأمتطي سفائن المبحرين
إنني آتٍ فانتظري بثوب العرائس، وطوقِ الرياحين
انتظريني قليلاً من الوقتِ المثقلِ بالنوى، يا زهرة الياسمين
إن هي إلا مسافةٌ من مسافات الوعرِ والكناية
فإذا بي أمام دور الصالحين!
انتظريني برهةً من الزمان خلف مرايا الورى
إنني قادمٌ من بعيدٍ لا يرى
وإن حاربتني الرياح السَّمُوم، وهزمتني أشباح الطواحين!"
فتقولُ كجوقةٍ تعزف سمفونيةَ الحدادِ
في جنائز الشهداء القديسين:
"شاب شعري يا هذا… وقلَّ زادي
وأَحرقتْ بتلاتي أنفاسُ الشياطين
جفَّ ماءُ النبع قبل الأوان، رغم بحر الحنين!
وأمست الحكاية أطلالاً بلا سحرٍ
فهيهات تستقطبُ أحلامَ السائحين
قصةٌ منسية تحت ضوء القمرِ المِنجليِّ
لا تلتقطها أحاديث المتسامرين
نحن في قِمار الحبّ يدُ سوءٍ لأوراقٍ بلا معنى
نحن في مضمار الهوى المحنطِ وعودًا ومُنى
مجردُ أحصنةٍ تهاوت في رهان الخاسرين،
مثل قطرات الندى، مثل صرخات بلا صدى
في صباحات الغزاة العابرين!"
ارسمي لي خرائط الأرض يا زهرة الياسمين
إنني آت عبر رماد الحرائق ومدن المستضعفين
عبر الدخان الأسود الكثيف من زفرة التنين…
ارسمي لي خرائط الأرض يا زهرة الياسمين
وانتظري…
ردحًا من الزمانِ انتظري …
لعلي أكون من المهتدين…
لعلي أكون من المهتدين