عادَني ليلًا وَصَبُ

إثْرَ ما لا أَحتَسِبُ

ما ظننتُ الحُبَّ ضنًى

في ثناياهُ التعَبُ

كنتُ عنه مُنصَرِفًا

فأتاني يَخْتَلِبُ

لاح عَذْبًا ظاهِرهُ

وانطوى فيه العَذَبُ

رَغَبٌ في أوَّلهِ

وبأُخْراهُ رَهَبُ

في صباحي أَحْمَدُهُ

وبِلَيلي أَنتَحِبُ

كم يمينٍ صادقةٍ

منهُ غَشَّاها الكذَبُ

أَشْبَعَ الجَوْعَى حَلِفي

بِيَمينٍ تُحْتَجَبُ

إنْ أَقُلْ: "لا عُدتُّ لهُ"

عُدتُّ يَحْدُوني الرَّغَبُ

أو يُحَمِّلْني هَرَبًا

فَلَهُ منهُ الهَرَبُ

إنَّ حُبِّي حَيَّرني

ذاكَ حُبٌّ أمْ حَبَبُ !

دَعْهُ، واقْطَعْ ليلَ شَجٍ

في سُكونهِ صَخَبُ

جاثيًا بِكَلْكَلِهِ

مثلَما يَجْثُو اللَّجِبُ

قد تَمَطَّتْ أَذْرُعُهُ

وخُطَاهُ تَضْطَرِبُ

مَلَّهُ السَّاري فَغَفَى

ونأَتْ عنهُ الشُّهُبُ

لو سَرَاهُ البَدْرُ غَوَى

ثُمَّ أَعْيَاهُ السَّرَبُ

يَسْتوي المكفوفُ بهِ

والبَصِيرُ المُنقَلِبُ

وجُيوشُ القُرِّ لها

في نواحيهِ جَلَبُ

ولِرِيحِ الصِّرِّ ذُحُو (م)

لٌ بأطرافي تَجِبُ

جَمَّدَتْ في العين دُمُو (م)

عي وما تُوعِي العُلَبُ

فادَّرَعْتُ النَّارَ بِسَمْـ (م)

ـرٍ ورِمْثٍ تَلْتَهِبُ

قَعْقَعاتُ الأسياف بَيْـ (م)

ـنَ لَظَاها تَصْطَخِبُ

وَهْيَ ترميني شَرَرًا

منهُ في ثوبي عَجَبُ

وكأنِّي أَلْبَسَني

ثَوبَهُ فَهْدٌ ضَرِبُ

ليلةٌ ما أَطْوَلَها!

ثَقُلَتْ لولا الطَّرَبُ

فَنَدِيمي كأسٌ دِهاقٌ

تَحاشَتْها الرِّيَبُ

يَرْكَعُ الإبريقُ لها

وتُناجِيها الرُّجَبُ

أُتْرِعَتْ شايًا قَصُرَتْ

عن سَجَاياهُ العِنَبُ

صَانَهُ الصِّينيُّ لَهُ

ثم أبْدَتْهُ الحِقَبُ

ما قَنَتْهُ الفُرْسُ ولا

قَيْصرٌ ولا العَرَبُ

لو بَدَا قَبْلًا لهمُ

غَيْرَهُ لَم ينتخبوا

لم أُكَلِّفْ صَنْعَتَهُ

أَعْجَمِيًّا يَكْتَسِبُ

بل يَمِيني تُحْكِمُ ما

شاءَهُ مني اللَّبَبُ

ذُرَّ قصْدًا سُكَّرهُ

لا سَخَاءٌ أو نَهَبُ

نَشْرُ رَوضٍ نَفْحَتُهُ

ومُحَيَّاهُ الذَّهَبُ

شَذَرَاتُ المِسْكِ بقا (م)

عِهِ يَكْسُوها الضَّرَبُ

شَذْرُهُ فيه طُنُبٌ

والحَجَا له قُبَبُ

سِلْمُ عينِ الساهرِ يَسـ (م)

ـري ولِلكَرَى حَرَبُ

وعِقالُ الخاطرِ لا

يَتَجافى أو يَثِبُ

زادَهُ طِيبًا لَسِنٌ

رُفِعَتْ عنه الحُجُبُ

صاحبٌ ما خالفني

في سَجاياهُ رَحَبُ

واهبٌ لِلجَزْلِ بلا

مِنَّةٍ فيما يَهَبُ

حافظٌ ما أُوْدِعُهُ

مُستفيضٌ إن نَضَبُوا

عالِمٌ مِن غَير حِجًا

وعَيِيٌّ مُخْتَطِبُ

روضةٌ بالعلم زَكَتْ

وسواقيها الأدبُ

ذاك إلْفي في زمَنٍ

قُطِّعَتْ فيه القُرَبُ

خيرُ ما صاحبتَ على

آفةِ الصَّحْبِ الكتبُ