رأَتْ رجلًا يَروقُكَ في الرجالِ

  تَرَدَّى بالمهابةِ والجلالِ

له فوقَ الثَّرى قَدَمٌ، وأخرى

  على ظَهْرِ الثريَّا في نِزالِ

فَأَصْغَرَتِ المشيبَ لمثلِ رأسي

  وأَكْبَرَتِ الشبابَ على سِبَالي

وأَنكَرَتِ اجتهادي واخْتِلالي

  وما رَضِيَتْ بِرَأْيي مع هُزالي

وقالت: أيُّ دَهْرٍ أنتَ فيهِ

  مكانَ الجَدِّ مِن نسَبِ الموالي!

به عَدَتِ السفوحُ على الجبالِ

  وخاصَمَتِ الزِّجاجُ به العوالي

فقلتُ: لوَ انَّ قتْلَ النفسِ يُنجي

  شدَدتُّ إلى مَضارِبِه رِحالي

ولو أني انتظرتُ جزاءَ فِعلي

  لَمُتُّ ولم يُجاوزْني فَعَالي

ولو أنَّ المآلَ بلا حسابٍ

  لَمَا كانت سوى العُلْيَا مآلي

فلستُ كفاعلٍ خيرًا ليُجْزى

  ولكني أُقِيمُ حُقوقَ آلي

وَرِثْنَاهُنَّ عن آباءِ صِدْقٍ

  وأُوْرِثُ صَفْوَ جَمَّتِها عيالي

تُراث الـمُـنـجِـبِـينَ، وليس يَـبلى

  وإرْثُ الـمُـلْـئِـمِـينَ فُـتاتُ مالِ

وقُمْتُ بكُلِّ معروفٍ يَقيني

  مَعايِبَ كلِّ كَزِّ الكَفِّ قالِ

ومِلْتُ لكُلِّ مَكْرُمةٍ بمالي

  ولم تَقصُرْ فِعالي عن مَقالي

إذا نَفْسُ اللئيمِ أبَتْ عليهِ

  مقامًا في سِوى بَرْدِ الظِّلالِ

أبَتْ نَفْسي وما تأبى حميدًا

  مقامًا غيرَ أسْنِمَةِ الكَمَالِ

عَجيبٌ أن عَجِبْتِ مِن اخْتِلالي!

  وأَعْجَبُ منهُ أني لا أُبالي

إذا أَبْلَى طِلابُ المجدِ جِسْمي

  وشَيَّبَ لِمَّتي وأضاعَ مالي

فقد أَبْلَيْتُ ما يَفنى بِباقٍ

  وآثَرْتُ اليمينَ على الشِّمالِ

فما خيرُ الجسيمِ إذا تَراخى؟

  وما خيرُ الغنيِّ بلا نَوالِ؟

رأيتُ المالَ لا يَبقى، فَأَبْلَتْ

  بهِ كَفِّي بَلاءَ ظُبَا العَوالي

فأَغْنَمَني الذي ما أَحْرَزَتْهُ

  نفوسُ الراكِنِينَ إلى الظِّلالِ

ولستُ أُبالي إن بُلِّغْتُ قَصْدي

  أَفي حَقٍّ رَمَوْني أمْ ضَلالِ

ولستُ أَهَشُّ إلا مِن ثناءٍ

  على أَفْواهِ أَحْرارِ الرجالِ