الديوان » أيوب الجهني » أبدًا أسيئي ما عليك ذنوب (وصف السيارة)

عدد الابيات : 47

طباعة

أبدًا أسيئي، ما عليكِ ذنوبُ

 إن تُذنبي فأنا إليك أتوبُ

لكن دعي عنكِ الملامَ، فإنَّ لي

 قلبًا عليكِ من الفراق يذوبُ

ما كان إبطائي عليكِ مَلالةً

 بل ما أطاعتني إليكِ دروبُ

بيَ مثلُ ما بكِ، غيرَ أنَّ سريرتي

 شَهِدَتْ هوًى عنه اللسانُ يغيبُ

بيَ مثلُ بكِ، غيرَ أني صابرٌ

 حتى تقرَّ العينُ حين أَءُوبُ

بيَ مثلُ ما بكِ، غيرَ أنَّ حفيظتي

 تَأْبى إذا ما قيلَ: ذاكَ مُريبُ

أَيَلِيقُ بي يأسٌ وأنتِ كريمةٌ

 ومَعَادُنا إن لَّم أُصَدَّ قريبُ؟

أَيَلِيقُ بي وَهَنٌ ولم أكُ ضارعًا؟

 إلا إليكِ، وهل سواك مَهِيبُ؟

أَيَلِيقُ بي غيرُ التصبُّرِ شِيمةً؟

 فَلَئِن جَزِعْتُ فما أنا أيوبُ!

إن كنتِ في ريبٍ، فهذي مقلتي

 مقروحةٌ، وبِصفحتَيَّ شُحوبُ

تُنبيكِ عن صَبٍّ تلافَى رُوحَهُ

 إذ كادَ يُتلفها الغداةَ حَبيبُ

إن كان لم يَبْلُغْكِ رَجْعُ نَحيبِهِ

 فقصيدُهُ لو تَسمعينَ نحيبُ

أو كنتِ لائمتي على جَلَدي، فكم

 قد لامني في أنْ أُحِبَّ لبيبُ

لما رأى قلبًا بغير مَقَرِّهِ

 ورأى مَشِيبًا حين ليس مَشيبُ

ويقول: لا ذو فَاقَةٍ أزرى به

 دهرٌ! ولا ذو عِلَّةٍ مَعْطوبُ!

واهًا! وهل مِن فاقةٍ إلا لها؟

 أو عِلَّةٍ إلا وأنتِ طبيبُ؟

إن كنتُ عند مُلِمَّةٍ صُلبًا، فما

 أنا عند ذكركِ يا غزالَ صليبُ

كالغُصْنِ، إن عاسَرْتِهِ عَسِرٌ، وإن

 ياسَرْتِهِ يَسَرُ المَهَزِّ رَطيبُ

إني على ما قد عَلِمْتِ مُكَلَّفٌ

 بالمكرماتِ، وللعلاء نَسيبُ

ما كلَّفَتْني غيرُ نفسٍ حُرَّةٍ

 قد ضَمَّها نَسَبٌ أَغَرُّ حَسيبُ

تهتَزُّ مِن طَرَبٍ إذا ما كُلِّفَتْ

 بصنيعةٍ، إنَّ الكريمَ طَروبُ

إن لَّم يَجِدْ إلا الحياةَ، يَجُدْ بها

 متعذِّرًا مِمَّن إليه يَنوبُ

أفلا أَجُودُ لها بقلبي فِديةً؟

 بلْ قَلَّ فيها أنْ تُجادَ قُلوبُ

ما زِلْتَ في لُجٍّ ضَلِلْتَ خَلاصَهُ

 ويَئِستَ أن يُنجيكَ منه هروبُ

وعلمتَ أنَّكَ لو تخُوضُ غِمارَهُ

 لَنَجَوتَ، لكنَّ المحبَّ هَيُوبُ

فاسْلُلْ شَجَاكَ، وسَلِّ عنكَ بِمركَبٍ

 بركوبِهِ يتنفَّسُ المكروبُ

مما أُلِينَ لِكَفِّ "يابانَ" التي

 بِعيونها الخُزْرِ الصغارِ ثُقُوبُ

صُنِعَتْ مُقدَّرَةَ المتونِ، كأنها

 نَسْلٌ لِإبْلٍ في الحجاز نجيبُ

طُبِعَتْ بِطابَعِها، وقُدَّتْ قَدَّها

 فتَنازَعاها "شَدْقَمٌ" و"الجِيبُ"

وكأنَّ صانِعَها تَعَزَّبَ راعيًا

 دَهرًا برضوى، أو نَمَاهُ عَريبُ

فاطْعُنْ بها نَحْرَ الفلاةِ، وأَزْهِقَنْ

 مِن روحِها رَهَجًا له تَلْبيبُ

زُكِمَ السحابُ به وأَسْعَلَهُ، ولم

 يُدْرِكْنِ مِن رَهَجَانِهِ تَتْريبُ

جَهِلَتْ لِفَرْطِ نَشاطِها، فكأنها

 فَرَسٌ مُخَلَّاةُ العِنانِ لَعُوبُ

فَيَرُوضُها حِلْمي، فَيتركُ سَيرَها

 رَهْوًا، كما تُزْجِي السحابَ جَنوبُ

وكأنَّ أربَعَها رياحٌ أربَعٌ

 فالدَّرْبُ مَشْمُولٌ بها مَجْنُوبُ

ولها مِن الغَيمِ المُسِفِّ ثلاثةٌ

 إقبالةٌ وإضاءةٌ ونَحيبُ

خَطَّافة لَمْحَ البصيرِ، إذا عَدَتْ

 لم يُدْرِكاها ساهرٌ ورَقيبُ

تَقْريبُها شَدٌّ لِمَن هو خلفها

 ويخونُهُ بِلَحاقها التقريبُ

فقريبُها عن طالِبِيها مُبْعَدٌ

 وبعيدُ مَن هي طَالَبَتْهُ قريبُ

ظَنِّي بها ألا تُقَصَّ مُصَدَّقٌ

 إذ ظَّنُّ مَن يَقْتَصُّها مَكذوبُ

فإذا نَهَضْتُ بها فَنَجْمُ مَجَرَّةٍ

 يرتَدُّ طَرْفُكَ دونهُ ويَخيبُ

ولها على حَثِّ المسيرِ بِحَلْقِها

 زَجَلٌ، فَحَادٍ تارةً وخطيبُ

أغدو بها والليلُ يَهْتِكُ سِتْرَهُ

 للفجرِ سَيفٌ مُنْتَضًى مَذْرُوبُ

إذ كُلُّ عينٍ ما تزالُ مَخِيْطَةً

 بِكَرًى لِمُنقَعِرِ الوِسَادِ يَطِيبُ

لا صوتَ إلا الساجعاتُ، كأنها

 مُتهجِّدون لِذِكرهم تَطْرِيبُ

فَرْدًا، فما يأوي إليَّ مصاحبٌ

 إلا قَصيدي المنتَقَى المشذوبُ

فأنا غريبٌ، فوقَ ظهر غريبةٍ

 وكذا قصيدي في القصيدِ غريبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أيوب الجهني

أيوب الجهني

114

قصيدة

شاعر وأكاديمي

المزيد عن أيوب الجهني

أضف شرح او معلومة