الديوان » وشاح » بردة .. غادة الغيد

عدد الابيات : 46

طباعة

أَغارُ مِنْ ذِكْرِ مَنْ تَهْوَيْنَ فِي نَغَمِ

وَيَشْتَكِي القَلْبُ إِنْ هامَتْ بِذِي كَلِمِ

لٰكِنْ إِذا لاحَ نُورُ المُصْطَفَى سَكَنَتْ

رِياحُ غَيْرَتِنا فِي خاطِرِي الضَّرِمِ

فَكُلُّ حُبٍّ لِغَيْرِ المُصْطَفَى وَهَنٌ

فَهْوَ الجَمالُ وَسِرُّ النُورِ مِنْ قِدَمِ

يا غادَةَ الغِيدِ إِنْ طالَ الهِيامُ بِهِ

فَذاكَ طُهْرٌ، لِحُبٍّ غَيْرِ مُتَّهَمِ

قَدَحْتِ فِيَّ جُنُونَ الشَوْقِ فَانْطَلَقَتْ

بِي نارُهُ نَحْوَ نُورٍ سالِبِ الظُلَمِ

مِنْ طُهْرِ مَكَّةَ جاءَ النُورُ مُنْبَعِثاً

يُبَدِّدُ اللَيْلَ فِي الآفاقِ بِالحِكَمِ

ما مالَ عَنْ فِطْرَةِ الأَبْرارِ فِي صِغَرٍ

وَلا غَوَى قَلْبُهُ فِي سَكْرَةِ النِّعَمِ

تَيَمَّمَ الحَقُّ وَجْهَ اليُتْمِ مُنْتَظِراً

مِيلادَ مَنْ سَيُقِيمُ العَدْلَ فِي الأُمَمِ

ما كانَ يَمْلِكُ إِلَّا نُورَ مُعْتَقَدٍ

فَصارَ بِالحَقِّ فَوْقَ الخَلْقِ كُلِّهِمِ

أَهْدَى خَدِيجَةَ حُبّاً طاهِراً سَكَناً

ما خالَطَتْهُ ظُنُونُ الزَيْفِ وَالوَهَمِ

حَتَّى أَتاهُ نِداءُ الحَقِّ فَانْتَفَضَتْ

قُلُوبُنا لِلهُدَى فِي مَوْطِنِ الصَّنَمِ

مُوسَى تَفَرَّقَ عَنْهُ البَحْرُ مُعْجِزَةً

وَأَنْتَ بَدَّدْتَ لَيْلَ النَفْسِ بِالقِيَمِ

عِيسَى يَرُدُّ بِإِذْنِ اللّٰهِ ما بَلِيَ

وَأَنْتَ بِالوَحْيِ تُحْيِي القَلْبَ مِنْ عَدَمِ

نُوحٌ أَقَرَّ عَلَى الجُودِي سَفِينَتَهُ

وَأَنْتَ أَنْجَيْتَ سُفْنَ الرُوحِ مِنْ سَقَمِ

وَيُونُسٌ كانَ بِالتَسْبِيحِ مُعْتَذِراً

وَأَنْتَ عَلَّمْتَنا التَسْبِيحَ فِي النَّعَمِ

فِي كَفِّ داوُودَ قَدْ لانَ الحَدِيدُ وأَنْـ

ـتَ كَمْ أَذَبْتَ بِنارِ الصِدْقِ مِنْ أَلَمِ

يُخْشَى سُلَيْمانُ إِذْ يَمْشِي بِدَوْلَتِهِ

وَأَنْتَ تُخْشَى بِغَيْرِ المُلْكِ وَالحَشَمِ

نارُ الخَلِيلِ غَدَتْ بَرْداً ، وَأَنْتَ بِرَحْـ

مَةٍ أَحَلْتَ عَداواتٍ إِلَى رَحِمِ

ما الشَمْسُ ؟ بَلْ ما ضُحاها إِنْ أَطَلَّ بِها ؟

وَجْهُ النَبِيِّ كَمِصْباحٍ لِذِي سَدَمِ

وَالبَدْرُ ؟ بَلْ وَجْهُهُ إنْ سُرَّ مِنْ خَبَرٍ

يُطَأْطِئُ النُورُ مِنْ إِشْراقِ مُبْتَسَمِ

رِيحُ الصَّبا ؟ ظِلُّ مَعْنىً تاهَ فِي يَدِهِ

فَكَمْ شَفَتْ لَمْسَةٌ جَرْحاً مِنْ النَدَمِ

ما كانَ يَغْضَبُ إِلَّا حِينَ تُنْتَهَكُ الـ

ـحُدُودُ ، أَوْ يُلْحَدُ بِاللّٰهِ فِي الحَرَمِ

يَمْشِي بِعَزْمٍ ، وَفِي عَيْنَيْهِ هَيْبَةُ مَنْ

قَدْ قالَ : كُنْ ، فَتَجَلَّى الحَرْفُ فِي القَلَمِ

وَالأَنْبِياءُ لَهُمْ آياتُ فَانْدَثَرَتْ

وَآيُكُمْ سِرُّ نُورٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ

تَنَزَّلَ الذِكْرُ ، لا تُبْقِي حَقِيقَتُهُ

قَوْلاً فَصِيحاً ، وَلا زَهْواً لِذِي فَهِمِ

ظَلَّ البَيانُ عَلَى الأَعْتابِ مُنْدَهِشاً

وَخَرَّ مِنْ سَطْوَةِ الآياتِ كُلُّ فَمِ

فَالرَحْمَةُ لامَسَتْ صَحْراءَ قَسْوَتِهِمْ

فَأَبْدَلَتْها جِنانَ الرِّفْقِ مِنْ عُقُمِ

مَنْ كانَ يَرْجُو ضِياءَ الحَقِّ فَلْيَعْتَصِمْ

بِحَبْلِ سِرٍّ مَتِينٍ غَيْرِ مُنْفَصِمِ

إِنْ أَقْفَرَتْ رِيحُ غَيٍّ أَرْضَ أَفْئِدَةٍ

فَمِنْهُ تُسْقَى قُلُوبُ القَحْطِ بِالدِّيَمِ

أَمْشِي إِلَى الحُبِّ فِي خُلْقِ النَبِيِّ وَما

أُرِيدُ إِلَّا بَرِيقَ الهَدْيِ فِي حَرَمِي

خَدِيجَةٌ لَمْ تَغِبْ فِي الذِكْرَياتِ، وَفِي

صَوْتِ النَبِيِّ نَدىً باقٍ وَلَمْ يَخِمِ

فَذِكْرُ غادَةَ فِي قَلْبِي كَمِئْذَنَةٍ

يَعْلُو بِها الحُبُّ فِي صَدْرِي وَفِي قَلَمِي

قالَ النَبِيُّ : رُزِقْتُ حُبَّها ، فَغَدا 

بَيْتُ المَحَبَّةِ فِينا غَيْرَ مُنْهَدِمِ

فَقُلْتُ: إِنْ كانَ حُبِّي فِيكِ مَوْهِبَةً

فَذاكَ نَفْحٌ جَرَى مِنْ لَوْحِ ذِي الكَرَمِ

وَعائِشٌ تَسْبِقُ حِيناً وَيَسْبِقُها

لِيَزْرَعَ الدِفْءَ فِي أَعْطافِ مُنْهَزِمِ

وَنَحْنُ فِي سَبْقِنا كَالتَوْأَمَيْنِ أَتَوْا

مِنْ نُورِ قُرْبَى بِلا طِينٍ وَلا رَحِمِ

رامَتْ صَفِيَّةُ رِجْلَ المُصْطَفَى سُلَّماً

كَيْ تَعْتَلِي فَوْقَ نُورٍ لا عَلَى قَدَمِ

مَحَوْتُ ذاتِي إِذا نادَيْتِ يا أَمَلِي

فَما تَواضُعُ مَنْ يَهْوَى بِمُتَّهَمِ

وَكانَ يَسْتَنْصِحُ هِنْداً فَتُرْشِدُهُ

كَضَوْءِ نَجْمٍ بَدا فِي أَمْرِهِ المُعْتِمِ

فَكُنْتِ فِي نُصْحِكِ المَعْهُودِ مُرْشِدَتِي

إِذا ادْلَهَمَّتْ دُرُوبِي دُونَ مُعْتَصِمِ

فَإِنَّنا يا رَسُولَ اللّٰهِ نَقْتَبِسُ

مِنْ هَدْيِكُمْ ما يُنِيرُ القَلْبَ فِي القُحَمِ

إِنِّي رَضِيعُ الوَفاءِ مِنْ مَحَبَّتِها

لٰكِنَّ قَلْبِي ي غادُ غَيْرُ مُنْفَطِمِ

 يا غادَةَ الغِيدِ يا سِرَّ القَصِيدِ ، أَتَتْ

حُرُوفُ شِعْرِي إِلَى عَلْياكِ كَالخَدَمِ

تُهْدِيكِ بُرْدَةَ مَدْحٍ حِبْرَ كاتِبِها

مِنْ صَنْعَةِ الرُوحِ لا مِنْ صَنْعَةِ القَلَمِ

لَعَلَّ شَوْقَ قُلُوبٍ قَدْ لَهَجْنَ بِهِ

تُسْقَى مِنْ الحَوْضِ رَيّاً ساعَةَ النَدَمِ

يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّمْ دائِماً أَبَداً

عَلَى الَّذِي حُبُّهُ مَسْراهُ مَجْرَى دَمِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وشاح

وشاح

49

قصيدة

شاعرٌ عذريٌّ في نسب الشعر، فقصائدي وشائحٌ لا تحتضن إلا ( غادة )

المزيد عن وشاح

أضف شرح او معلومة