........
لَا تبالِ يَا صاحبي
ستنجحُ ويضيءُ نجمكَ في سماءِ النّوى
وستحلّقُ كُتُبكُ ومطبوعاتكَ بجناحِ الانتشارِ
في فضاءاتِ العديد مِنَ مكْتباتِ البُلدانِ.
كَما ستصادفكَ وجوهٌ كثيرةٌ
تبدو لكَ بريئةً كالأزهارِ
ولكن أحذر يَا فتى: فَالناسُ نوعانِ:
أخيارٌ وأشرارٌ...
أوصدَ فِي وجوههِم أبوابِ الطِّيبةِ
لئلَّا تُرددَ مَعَ القائلينَ:
إتقِ شرَّ مَنْ أحسنتَ إِليهِ!!.
........
يَا فتى بغداد في الشّام
مَا كُلُّ هذَا الأسى فيكَ...
لَمْ أقرَّأ في عمري فنجانًا مثل فنجانكَ!
فدعني أقرُّأ حظًا مُغَايرًا لكَ...
وَلمَّا لَامَسَت يُدها الحصى
طَأْطَأَت رَأسَها كسنبلةٍ صفعها الإعصارُ
وَعَلى بابِ لِسانِها تَعثّرَ الْكَلامُ..
حتّى اِغْرورقت الدُّمُوعُ في عيْنيْها...
فَقالَت:
أعلمُ يَا يوسفَ
إنَّ الغُربةَ لا تليقُ بِكَ
لِكنّكَ ستمضي في سفرٍ طويلٍ...
ولن تستريحَ خيول ترحالكَ...
فأحمل معكَ مبخرةً وشموع صلاة حولكَ
وحقيبة تضمُ قُرطاسًا مدبوغًا برمالِ بحارِ تأمّلاتكَ...
فإنْ تُفتنُ مدينةٌ بِكَ وتمنحكَ جنسيتها وحقّ المُواطنة لكَ
فهذَا أنَّ بلدكَ قد لفظكَ
قبل أن يلفظ أنفاسهُ الأخيرة
وإنَّ بلدًا أخر وقعَ في غرامكَ.
وليسَ عَلى المغتربِ حرجًا في ذلكَ!.
........
نهضتُ مِنَ الطاولةِ وسألتُها بدهشةِ اِستغرابٍ:
أيّتُها العَرَافةُ بحقِّ السّماءِ
مَا هوُ برجكِ؟ وَفِي أيِّ مدينةٍ تُقيمينَ؟!
أجابت:
ومنذُ متى تُسألْ العُرافةُ عن إقامةٍ؟!.
رحلتْ وَمَعَها الفِنْجانُ...
تُلَمَّلمُ رموشًا تَكَسَّرت فوقَ جفونِها النَّاعِسةِ
لتتركني صاخبًا في أحَاديثها!
........
نفثتُ دخان سيجارتي عَلى خطواتِها
وقلتُ لِنَفسي:
كذَّب المنجمونَ ولو صدقوا!
لَكن عَلى مَا يبدُو
أنّها صَدَقتْ في كِذبها!!.
هذهِ القصيدةُ النثرية كتبتها في الشّام مطلع عام 2008 لقصّة حقيقيّة
وقد نشرتها فيما بعد في أكثر من صحيفة وموقع الكتروني، ثم ضممتها إلى كتابي الأدبي في ( البدء كانَ العراق، في طبعته الأولى 2021).