عدد الابيات : 31
أَنَا صَوْتُ مَنْ نَاحُوا عَلَى مَذْبَحِ الْوَجْدِ
وَفَوْقَ الجِرَاحِ كَتَبْتُ الْكِتَابِ
وَسِرْتُ إِلَى نَحْرِ الزَّمَانِ وَمَا انْحَنَيْتُ
وَمَا زَلْتُ أَرْفَعُ شَمْسَ الغِيَابِ
أَنَا صَرْخَةُ الْمَوْتِ فِي قَلْبِ حَيٍّ
يُنَاجِي صُمُوتَ الدُّجَى وَالسَّرَابِ
أَنَا اللَّيْلُ إِنْ صَاحَ فِيهِ انْكِسَارِي
وَفِي جَبْهَتِي لُغَةٌ لِلشَّهَابِ
فَجِئْتُكَ أَسْرُدُ هَمِّي نَشِيدًا
يُجَلْجِلُ فِي الأُفْقِ دَوْنَ احْتِسَابِ
أَمَا لِلضَّعِيفِ الْمُبْتَلَى مِنْ جَوَابِ
أَلَا هَلْ تَرَى فِي الْقَلْبِ مِنْهُ ثَوَابِ
سَقَطْتُ عَلَى دَرْبِ الْحَيَاةِ مَرِيضًا
أَجُرُّ خُطَايَ وَأَنِينُ الْأَلَمِ إِيَابِ
قَدْ ذَلَّ جِسْمِي وَانْثَنَى مِنْ وَجَعٍ
وَمَا كَانَ لِي صَبْرٌ عَلَيْهِ وَغَابِ
أَذُوبُ وَلَا صَبْرٌ لِدَائِي مُؤْنِسٌ
وَلَا فَرَجٌ يَأْتِي وَلَا مِنْ شَبَابِ
فَيَا لَيْتَ طَيْفَ الْعَافِيَةِ جَاءَنِي
لِيَحْمِلَنِي مِنْ جَوْرِ ذَا الْعَذَابِ
وَلَوْلَا الرَّجَاءُ فِي كُفُوفِ كَرِيمٍ
لَمَا سِرْتُ فِي دَرْبِ الْبُلَى صِعَابِ
وَلَكِنَّنِي أَبْقَى وَإِنْ طَالَ مَرَضِي
كَصَخْرَةٍ تَبْقَى وَلَوْ حَلَّ الْخَرَابِ
وَمَا نَالَ مِنْ رُوحِي الْبَلَاءُ وَإِنَّنِي
صَبُورٌ عَلَى مَا جَادَتِ الْأَحْقَابِ
فَإِنْ كَانَ ضَعْفِي لَا يُعِيدُنِي لِوُدٍّ
فَقُوَّتِي فِي الْقَلْبِ لَوْعَةً لَا تُعَابِ
لِأَبْقَى عَلَى عَهْدِ الْأَمَانِي عَظِيمًا
وَلَوْ مَالَتِ الْأَيَّامُ نَحْوَي انْتِحَابِ
فَمَا الْمَرَضُ إِلَّا سَحَابَةٌ عَابِرَةٌ
وَأَنَا السَّحَابُ الثَّابِتُ الْمَآبِ
وَإِنْ مُتُّ يَوْمًا فَلْتَبْقَ كَرَامَتِي
نَجْمٌ يُضِيءُ الْكَوْنَ بَعْدَ الْغِيَابِ
وَإِنْ خَانَنِي صَوْتِي وَأَبْكَتْنِي دُمُوعِي
سَأَكْتُبُ حُزْنِي فِي جُدَارِ كِتَابِ
وَإِنْ ضَاعَ نُورِي فِي الدُجَى مُتَجَلِّدًا
سَأُشْعِلُ شَوْقِي فِي مَدًى لا يُعَابِ
أُرَاجِعُ عُمْرِي كَيْ أُصَالِحَ وَجْهَهُ
وَأَغْفِرُ مَا أَجْنَاهُ لَوْ بِعِتَابِ
وَأَسْكُتُ وَجْعِي فِي صَمِيمِ جَوَارِحِي
وَأُرْسِلُ أَمَلِي فِي الدُّنَا كَالشِّهَابِ
وَأَصْعَدُ صَخْرَ الْأَلَمِ الْمُتَرَامِي
وَأَكْسِرُ قَيْدَ الْيَأْسِ فِي كُلِّ بَابِ
فَلَوْ كَانَ فِي جُرْحِي سَبِيلٌ لِمَجْدِهِ
لَجَرَّدْتُ صَمْتِي وَجَرَّدْتُ نَابِي
وَمَا زَلْتُ فِي عَيْنِ النُّهَى مُتَجَلِّدًا
وَفِي لَهْجَةِ الْإِيمَانِ صَوْتُ غِيَابِي
فَيَا أَيُّهَا الْأَلَمُ انْزَحْ، فَإِنِّي
نَبَاتٌ يُقَاوِمُ فِي لَهِيبِ التُّرَابِ
وَإِنِّي وَإِنْ أُبْكِيتُ يَوْمًا، سَأَبْقَى
كَبِيرَ الْهُمُومِ… عَزِيزَ الْإِجَابِ
فَإِنِّي وَإِنْ طَالَ جُرْحِي وَذَابَتْ
خُطَايَ بِأَمْطَارِ صَمْتِ العِتَابِ
سَأَخْرُجُ مِنْ نَفَقِ الْيَأْسِ نُورًا
وَأَحْفُرُ أَمْجَادَ صَبْرِي بِنَابِي
وَإِنْ فَاتَنِي أَنْ أُضِيءَ الْمَسَاءَ
سَأَكْتُبُ أَنِّي سَنَاءُ الْغِيَابِ
فَدَعْنِي أُكَلِّلْ نِهَايَاتِ أَلَمِي
بِمَا لا يُبَاحُ… وَمَا لا يُعَابِ
لأَبْقَى عَلَى جَبْهَةِ الْوَقْتِ نَقْشًا
وَيَبْقَى وُجُودِي وَصْفَ الخِطَابِ
41
قصيدة