عدد الابيات : 31
وَطَنِي الْحَبِيبُ إِذَا دَعَانِي صَوْتُهُ
لَبَّيْتُ، إِذْ شَوْقِي إِلَيْكَ عَظِيمُ
فِي أَرْضِكَ الْخَضْرَاءِ قَلْبِي يَنْبِضُ
وَالرِّيحُ إِنْ مَرَّتْ، لَهَا التَّسْلِيمُ
حُبِّي لِأَرْضِكَ لَيْسَ يَوْمًا عَابِرًا
بَلْ خُلِّدَتْ فِي مُهْجَتِي تَعْظِيمُ
أَبْنِي عَلَى تُرْبِ الدِّيَارِ قَصَائِدِي
وَالرُّوحُ تَرْنُو، إِذْ هَوًى مُقِيمُ
مِنْ شَامِخِ الْجِبَالِ أُطِلُّ مُعْتَزًّا
وَأَرَى الْجِبَالَ تَهْتِفُ التَّكْرِيمُ
وَالنَّخْلُ إِنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ شُمُوسُنَا
تَبْكِي فُرَاقَ الْأَرْضِ، إِذْ نَحْنُ غَرِيمُ
يَا أَرْضَ كُلِّ الطِّيبِ، فِيكِ وِلَادَتِي
وَفِي رُبَاكِ الْمَكْرُمَاتُ تُقِيمُ
مِنْ سَاحِلٍ إِلَى بَرٍّ، أَنْتَ فَخْرِي
وَحُبِّي لَكَ دَائِمٌ الْوَرْدُ لَا يَهِيمُ
لَكِ النُّجُومُ، وَلَكِ الْقَمَرُ مُضِيئًا
مَا غَابَ عَنْ أَرْضِ الْجَمَالِ نَسِيمُ
فِي كُلِّ وَادٍ، كُلِّ شِبْرٍ أَحْفَظُ
أَثَرَ الْأَيَادِي، وَالْكَرِيمُ عَظِيمُ
يَا دِيرَةَ الْآبَاءِ، فِيكِ يَطِيبُ لِي
ذِكْرَى الْقُلُوبِ حَيْثُ كَانَ الْقَوِيمُ
وَإِذَا نَطَقْتِ بِحُبِّنَا، فَقَصَائِدِي
مُخَلَّدَةٌ إِذْ فِيكِ حُسْنٌ قَدِيمُ
مِنْ كُلِّ وَادٍ يَرْتَفِعُ صَوْتِي، وَفِي
أَعْمَاقِكِ التَّارِيخُ زَادٌ صَمِيمُ
وَالطَّيْرُ فِي وَاحَاتِكِ يُغَنِّي حُبَّهُ
لَوْ كُنْتَ تَسْمَعُ مَا نَطَقَ الْحَلِيمُ
عِشْقِي لِتُرَابِكِ لَيْسَ فِيهِ مَذَلَّةٌ
بَلْ كُلُّ مَجْدٍ شَامِخٍ مُسْتَدِيمُ
لَا أَسْتَطِيعُ فِرَاقَ أَرْضِي، بَلْ هُنَا
تَسْرِي الرَّوَائِحُ مِنْ ثَرَاكِ، تُعِيمُ
وَالنَّخْلُ يَعْزِفُ فَوْقَ رَأْسِي غَيْمَهُ
يَا سَعْدَ مَنْ مَرَّتْ عَلَيْهِ نَسِيمُ
فِي كُلِّ مَرْجٍ، كُلِّ زَهْرٍ أَسْتَقِي
عَبَقَ الْبِلَادِ، وَكُلُّهُ عِزُّ تَكْرِيمُ
وَإِنْ بَكَتْ عَيْنَايَ حُزْنًا ذَاتَ لَيْلٍ
فَالدَّمْعُ يَرْوِي كُلَّ زَرْعٍ يَهِيمُ
يَا دِيرَةَ الْأَجْدَادِ، فِيكِ عَزَائِي
وَفِيكِ مِنْهُمْ كُلُّ مَجْدٍ كَرِيمُ
إِذَا ابْتَسَمَتْ أَرْوَاحُنَا فِي دِيَارِهَا
فَالْحُبُّ يَسْرِي إِذْ هَوًى لَا يَسُومُ
أَرْضِي الْحَبِيبَةُ، كُلُّ خَيْرٍ فِي رُبَاكِ
وَالْعِزُّ فِيكِ حَضَارَاتٌ مُسْتَقِيمُ
مَا زَادَنِي إِلَّا هَوَاكِ مَحَبَّةً
فَالْحُبُّ فِي رُبَاكِ دَائِمٌ وَحَمِيمُ
وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى الْأُفُقِ، فَإِنَّنِي
أَرَى الْوَطَنَ الْعَاشِقَ فِي كُلِّ قَوِيمُ
مَا بَيْنَ بَحْرِكَ وَالسَّهْلِ سِحْرٌ
أَبَدًا تُحِبُّهُ الْقُلُوبُ بِالْوِدِّ سَقِيمُ
إِذْ مَرَّتِ الْأَيَّامُ فِيكِ كَأَنَّهَا
نَسَمَاتُ صَيْفٍ فِي الْخُضَارِ تَهِيمُ
يَا مَهْدَ أَجْيَالٍ مَضَتْ فَرَحَلَتْ
وَمَا غَابَ عَنْ قُلُوبِنَا التَّكْرِيمُ
فِيكِ الصَّبَاحُ عَبِيرُهُ يَحْمِلُ لَنَا
كُلَّ الْجَمِيلِ، وَيَمْضِي فِي تَنَسِيمُ
قَدْ كَانَ لِي فِيكِ الْحَيَاةُ وَمَجْدُهَا
وَالْحُبُّ فِي أَرْضِ الْوِصَالِ عَظِيمُ
خِتَامُ قَوْلِي: يَا دِيَارِي فَأَنْتِ لِي
أَبْقَى وَأَبْقَى فِيكِ أَمَلٌ كَرِيمُ
41
قصيدة