عدد الابيات : 53
وَلَكِنَّ قَلْبِي أَزْهَقَتْهُ الْأَمَانِيَا
وَلَا سِحْرُ عَيْنٍ أَوْدَى بِنَاظِرِي
وَلَكِنَّ وَهْمَ الْحُبِّ أَرْدَى هَوَانِيَا
وَلَا خَدُّ وَرْدٍ أَشْعَلَ الْقَلْبَ لَاهِبًا
وَلَكِنَّ لَيْلَ الشَّوْقِ أَضْنَى رَجَائِيَا
وَمَا ضَرَّ قَلْبِي حُسْنُ طَلْعَةِ مُغْرَمٍ
وَلَكِنَّ صَمْتَ الْحُبِّ أَحْيَا شَقَائِيَا
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَحْيَا بِغُصَّةٍ
تُعَذِّبُ رُوحِي وَهِيَ تَبْدُو سَمَائِيَا
وَلَا نَغَمُ الثَّغْرِ اسْتَمَالَ فُؤَادَنَا
وَلَكِنَّ صَدَّ الْوَصْلِ أَرْقَى سَرَائِيَا
وَمَا كَانَ لَيْلٌ أَسْهَرَ الْعَيْنَ حَالِمًا
وَلَكِنَّ ذِكْرَى الْحُبِّ أَشْجَى نَدَائِيَا
فَإِنْ كُنْتُ أَرْجُو مِنْ زَمَانِي خَلَاصَهُ
فَكَيْفَ أَرَى نُورَ الصَّبَاحِ بِظَمَائِيَا
وَلَا زَادَ قَلْبِي لَوْعَةً طَلْعُ بَارِقٍ
وَلَكِنَّ هَجْرَ الْحُبِّ أَدْمَى حَنَائِيَا
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى الْمَوْتَ بِغَيْرِ سَبَبٍ
وَلَكِنَّ قَلْبَ الْعَاشِقِ الْقَيْسِيِّ عَامِيَا
فَيَا رَبِّ إِنْ لَمْ تَرْحَمِ الْقَلْبَ نَاظِرًا
فَمَنْ لِي سِوَى عَفْوِ الْكَرِيمِ رَجَائِيَا
وَمَا أُنْسِيَ الْقَلْبَ الْحَيَارَى تَبَسُّمٌ
وَلَكِنَّ جُرْحَ الْوَجْدِ أَحْيَا فِي بَلَائِيَا
وَلَا أُغْرِيَ الرُّوحَ الَّتِي ذَابَ مُهْجُهَا
سِوَى أَمَلٍ كَاذِبٍ قَدْ غَدَا بِيَا
فَيَا لَوْعَةَ الْقَلْبِ الَّتِي أَحْرَقَتْ مَدَى
أَمَا كَفَّ عَنِّي الْحُبُّ تِلْكَ الدَّوَائِيَا
وَإِنْ طَالَ لَيْلِي بِالْأَسَى وَالتَّذَلُّلِ
فَمَنْ ذَا يُوَاسِي الرُّوحَ إِلَّا عَزَائِيَا
تَعَوَّدْتُ صَبْرِي حِينَ ضَاقَتْ مَسَالِكٌ
فَمَا ضَرَّنِي شَوْقٌ، وَلَا ظِلٌّ دَانِيَا
وَلَكِنَّنِي أَدْمَى الْفُؤَادَ تَذَكُّرِي
لِوَجْهِكَ إِذْ يَزْهُو بِنُورٍ سَمَانِيَا
إِذَا غِبْتَ عَنْ عَيْنِي تُنَادَى دُمُوعُهَا
كَأَنَّكَ بَيْنَ الْجَفْنِ كُنْتَ مُغَانِيَا
أُعَاتِبُ طَيْفًا لَا يُجِيبُ رَسَائِلِي
وَيَتْرُكُنِي حَيْرَى بِأَشْجَانِ بَانِيَا
أَأَشْكُو إِلَى مَنْ لَا يَرَى نَارَ مُهْجَتِي
وَقَدْ كَانَ يَدْرِي مَا بِعَيْنَيَّ عَانِيَا؟
تَمَادِيكَ يُؤْذِينِي، وَقَلْبِيَ لَمْ يَزَلْ
يُكَابِرُ شَوْقًا كَيْ يَرَاكَ الْمُدَانِيَا
كَأَنَّكَ لَا تَدْرِي بِأَنِّي كُلَّمَا
تَجَاهَلْتَنِي، أُصْبِحْتُ لِلْحُزْنِ فَانِيَا
إِذَا مَا نَسِيتَ الْوُدَّ أَوْ خُنْتَ عَهْدَهُ
فَهَلْ سَيُفِيدُ الْعُذْرُ بَعْدُ ثَمَانِيَا؟
زَرَعْتُكَ صِدْقًا فِي حُرُوفِيَ كُلِّهَا
وَسَقَيْتُهَا مِنْ دَمْعِ قَلْبِيَ الْأَغَانِيَا
وَسَافَرْتُ لِلْوَصْلِ الْجَمِيلِ بِخَافِقِي
فَمَا جِئْتَنِي إِلَّا بِلَيْلٍ أَلْحَانِيَا
أَلَا يَا رَفِيقَ الْعُمْرِ مَهْلًا فَإِنَّنِي
رَغْمِ جُرْحِك، مَا نَسِيتُ التَّهَانِيَا
وَمَا كُنْتُ يَوْمًا فِي هَوَاكَ بِمُدَّعٍ
وَلَكِنَّ صِدْقَ الْقَلْبِ صَارَ امْتِحَانِيَا
تَغَافَلْتَ عَنِّي حِينَ ضَاقَتْ حِيلَتِي
وَكُنْتَ بَعِيدًا فِي الْجِرَاحِ السَّوَانِيَا
فَإِنْ عُدْتَ يَوْمًا لِلْوَفَاءِ مُبَادِرًا
سَأَمْحُو خَطَايَاكَ، وَأَبْنِي الْبَنَانِيَا
وَإِنْ لَمْ تَعُدْ، فَاعْلَمْ بِأَنِّي شَاعِرٌ
يُغَنِّي جِرَاحَ الْقَلْبِ لَحْنًا مُغَانِيَا
أَنَا لَا أَبِيعُ الْوُدَّ مَهْمَا أَضَرَّنِي
وَلَا أَتَّقِي فِيكَ الْهَوَى وَالتَّهَانِيَا
فَكُنْ أَنْتَ كَمَا كُنْتَ حُبًّا نَقِيًّا
وَلَا تَكُ لِصَدْرِي سَرَابَ التَّدَانِيَا
أَرَاكَ، وَإِنْ غِبْتَ، مِنَ الْقَلْبِ قُرْبُهُ
كَأَنَّكَ فِي عَيْنَيَّ ضَوْءَ التَّوَانِيَا
فَرِفْقًا بِقَلْبٍ لَا يُجِيدُ تَجَهُّلَك
وَلَا يَحْتَمِلْ بَعْدَ الْحَبِيبِ الْأَمَانِيَا
أُجَاهِدُ صَبْرِي كُلَّ يَوْمٍ بِصَبْرِهِ
وَأُخْمِدُ فِي قَلْبِي لَظًى بَاتَ خَافِيَا
إِذَا هَبَّ طَيْفُ الْحُسْنِ مِنْ حَيْثُ غَابَ
أَثَارَ بِقَلْبِي مَوْجَهُ الْجَاهِلِيَا
فَيَا نَفْسُ صُونِي حُزْنَكِ الْمُتَوَارِيَا
فَإِنَّ التَّجَلُّدَ صَارَ نُورَ فَجْرٍ نَاقِيَا
أُعَلِّلُ وَجْدِي بِالْبُكَاءِ مُدَاوِيًا
فَقَدْ ضَاعَ مِنِّي الْحُبُّ لَمَّا تَنَاسِيَا
تُخَاصِمُنِي الدُّنْيَا كَأَنِّي غَرِيبُهَا
وَأَبْكِي عَلَى مَاضٍ مَضَى بِي طَاوِيَا
أُحَدِّثُ لَيْلِي أَنْ يَعُودَ لِبَهْجَتِي
فَيَسْخَرُ مِنِّي وَالرَّجَاءُ بِقَلْبِي خَاوِيَا
كَأَنِّي عَلَى الْأَيَّامِ وَحْدِي مُجَالِدٌ
يُبَارِزُ أَحْلَامَ الْهَوَى بِالرُّوحِ مُتَحَامِيَا
تَسَلَّلْتُ مِنْ ضَوْءِ الْحَقِيقَةِ خَائِفًا
فَكَمْ خَدَعَتْنِي نَظْرَةُ شَوْقٍ وَتَدَانِيَا
وَأَهْدَيْتُ مِنْ صَبْرِي فُصُولَ حِكَايَةٍ
رَسَمْتُ بِهَا لِلْوَجْدِ ظِلَّ حُبٍّ بَاقِيَا
أُفَتِّشُ فِي حَرْفِ الْقَصَائِدِ وَرْدَةً
لَعَلِّي أَرَى طَيْفَ الْهَوَى مُتَجَافِيَا
وَتِلْكَ اللَّيَالِي لَا تُجِيبُ تَسَاؤُلِي
وَكَأَنِّي أُنَاجِي صَخْرَهَا الْبَادِيَّا
أَحِنُّ إِلَى وَجْهٍ تَمَايَلَ نُورُهُ
فَصَارَ كَضَوْءِ الْفَجْرِ صُبْحًا شَافِيَا
إِذَا مَا ذَكَرْتُ الْعَيْنَ فَاضَتْ دُمُوعُهَا
فَمَنْ لِي إِذَا غَابَ الْحَبِيبُ شَفَانِيَا؟
أَغَارُ عَلَى عِطْرِ الدُّرُوبِ إِذَا مَشَتْ
فَإِنَّ نَسِيمَ الْخَطْوِ صَارَ رِيحَ خَافِيَا
أُخَبِّئُ فِي صَدْرِي رَسَائِلَ حُبِّهَا
كَأَنِّي أَخَافُ الْبَوْحَ لِقَلْبِي يَتَعَارَيَا
فَكَمْ نِمْتُ وَالْحُزْنُ الْجَسُورُ مُخَيِّمِي
فَأَصْبَحْتُ صُبْحًا فِي الْعَذَابِ سَاهِيَا
أَنَا شَاعِرٌ مِنْ نَارِ شَوْقٍ كَتَبْتُهُ
فَلَا تَلُومُونِي إِنْ نَطَقْتُ شُجُونًا بَاهِيَا
دَعُوا الْقَلْبَ يَمْضِي فِي عَذَابِهِ هَائِمًا
فَمَا عَادَ فِي صَدْرِ الْقَصِيدِ تَدَانِيَا
81
قصيدة