عدد الابيات : 65
طباعةإِذَا تَجَلَّتْ فِي سَفْحِهَا النُّجُومُ
فَاحَ الْعُطُورُ وَمَا سَارَتْ سُيُولُ
فِي زُرُوفِ اللَّيْلِ أَشْعَتْ سُرُرُهَا
وَتَبَسَّمَ الزَّمَانُ حِينَ الْحَفُولُ
مَا زَالَ فِي قَلْبِي صَوْتُ الرَّحِيلِ
يُدَاعِبُ النَّجْمَ فِي لَيْلٍ غَسُولُ
وَفِي دُجَا الزَّمَانِ تَجْتَمِعُ الْآهَاتُ
حِينَ تَفَجَّرَتْ فِي دُجَاهَا الرُّهُولُ
أَنْبَأَتْنَا بِالْفَقْدِ وَهِيَ جَفُولُ
وَالْوَصْلُ مِنْهَا ظَنُّهُ مُؤَوَّلُ
مُذْ بَدَّدَتْ أَنْسَامُهَا مَا عَهِدْتُهَا
كُثْبَ الرِّمَالِ وَمَا لَهَا مَأْمُولُ
رَحَلَتْ وَفِي الْأَحْدَاقِ طَيْفُ وِدَادِهَا
لِلَّهِ قَلْبٌ خَافِقٌ مَبْهُولُ
مَرَّتْ عَلَى شَمَّى، فَسَالَتْ دَمْعَةٌ
فِيهَا، وَنَاحَتْ بَعْدَهَا السَّبُهْوَلُ
حَتَّى غَدَتْ خَلْصَاءُ أَقْفَرَ رَوْضَةً
وَسَرَى بِأَوْدِيَةِ الْقَطَا التَّذْلِيلُ
مَا بَيْنَ مُحَيَّاةٍ وَفَتْقٍ بَعْدَهَا
غَاذِبُ دَمْعِي، وَالْمُنَى مَقْتُولُ
آهِ عَلَى دَارٍ بِهَا مَا عُدْتُ أَلْقَى
فِيهَا الْحَبِيبَ، وَلَا يَفِي التَّأْوِيلُ
قَدْ أَشْعَلَتْ سَارٌ بِمُقْلَتِهَا لَظًى
تَحْتَ الدُّجَى، وَهَوَاكُمْ التَّسْهِيلُ
فِي شَخْصَيْنِ وَالْعَقِيقِ أَوْقَدَتِ
اللَّظَى بِالْعُودِ، وَالْإِغْرَاءُ وَالتَّحْلِيلُ
فَهَفَا فُؤَادِي نَحْوَهَا مُتَلَهِّفًا
بِخُزَّارِ نَجْدٍ وَالنَّدَى مَأْمُولُ
لَكِنَّنِي أَبْغِي النَّجَاءَ مُغَالِبًا
وَالْمَرْءُ عِنْدَ الْهَمِّ لَا يُغْفَلُولُ
أَبْصَرْتُهَا تَمْضِي كَزَفَّةِ هَيْكَلٍ
وَالْمَوْجُ خَلْفَ صَهِيلِهَا مَهْبُولُ
تَهْفُو كَأُمِّ الرِّئْلِ، تَخْفِقُ رَفْرَفًا
وَالصَّوْتُ دَوِّيٌّ بِهَا مَحْجُولُ
نُبِّئْتُ بِنَبْأَةِ غَفْلَةٍ فِي لَحْظَةٍ
وَلَهَا بِأَفْزَاعِ الدُّجَى مَقْبُولُ
وَالْقَاصِي نَاصٍ زَلْزَلَتْ أَشْوَاقُهَا
وَالْأَمْسُ فِي سَمَرِ الرُّبَى مَشْمُولُ
مَا خَلْفَهَا إِلَّا الرَّجِيعُ وَصَوْتُهَا
رَجْعٌ يُبَدِّدُ سُهْدَهُ الْمَذْهُولُ
أَقْبَلْنَ مِنْ خَلْفِ السُّكُونِ هَوَائِجًا
تَلْوِي بِهَا الْآصَالُ وَالْمَرْجُولُ
أَلْهُو بِهَا عَنْ لَوْعَةٍ مَشْؤُومَةٍ
وَالْحُزْنُ فِي أَهْلِ النُّهَى مَقْتُولُ
قَدْ جَاءَنَا عَنْهُمْ بِأَنْبَاءِ الْهَوَى
خَطْبٌ نُطَارِحُهُ، وَفِيهِ خُمُولُ
زَعَمُوا بِأَنَّ بَنِي الشَّاهِرِ تَطَاوَلُوا
وَتَعَاظَمُوا فِي قَوْلِهِمْ مَيْلُولُ
خَلَطُوا بَرِيئًا فِي الْمَلَامِ بِذَنْبِنَا
وَمَضَى الْحَلِيمُ، وَصَرْفُهُ مَبْهُولُ
زَعَمُوا بِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَسَّ الْقَطَا
مِنْ مَوَالِيهِمْ، وَهُوَ فِينَا سَوْلُ
أَجْمَعُوا أَمْرًا بِلَيْلٍ دَامِسٍ
حَتَّى بَدَا الْإِشْرَاقُ وَهُوَ خَجُولُ
ثُمَّ اسْتَهَلَّتْ ضَوْضَاءُ أَقْوَالِهِمْ
بِالصُّبْحِ، وَاللَّغَطُ السَّقِيمُ يَجُولُ
فَالْحَقُّ أَبْلَجُ لَا يُدَارِي لَيْلَهُمْ
وَالْفَجْرُ إِذْ يَبْزُغُ، يُجَلَّى الْفُضُولُ
فَسَارَتِ اللَّيْلَ وَالنُّجُومُ تُعَابِسُ
وَالْحَادِبُ فِي سَكْبِهَا مُغَفَّلُ
تَجُودُ وَجْهَ الْمُدْنَى وَتُحِيلُهُ
إِلَى سَحَابٍ وَفِيهِ لَيْسَ مَأْمُولُ
وَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي سَرَابِهِ شَارِدًا
وَذِكْرُ الْغِيَابِ لَا يَكُونُ سَبُولُ
تَفَجَّرَتْ أَسْرَارٌ، فَجُودَ سَاقِي
وَمَنْهَجُ الرُّؤَى بَيْنَ قَلْبٍ جَفُولُ
حَلَّتْ فِي زَوَالٍ وَدَمْعُهُ غَزَارُ
يَحُكُّ فِي الْمُجْدِ وَلَا يَفِي الْجَهُولُ
وَفِي الرُّؤَى يَحْتَسِي فِي زَخَارِفِهِ
وَيَنْهَجُ الزَّمَنُ فِي جَفَّتِهِ الْمَحْجُولُ
حَتَّى تَفَجَّرَ فِي النَّفْسِ بَحْرُهُ
وَجَاءَ لِيُذْهِلَ الزَّوَالَ، وَاللَّيْلُ يُنْسَلُ
وَلَمَّا تَذُوبُ تَحْتَ خَيَاطَةِ الشَّوْقِ
تَكُونُ وَقَاعَاتُهُ لَا تَجُودُ فِي الْمُدُولُ
حَتَّى وَقَفَتْ فِي عَيْنَيَّ سَحَابَةٌ
مِنْ بَيْنِ لَحْظٍ لَا تَحْتَسِي الرَّجُولُ
فَأَيْنَ دَرَجَاتُ الرِّضَا وَإِرْجَاؤُهَا
وَالْحُبُّ فِي قَلْبِهَا لَمْ يَفِ، يَفُولُ
يُفَجِّرُ قَلْبَ الزَّمَانِ بِيَابِهَا
وَيَسْمُو فِي سُؤْلِهِ، حُبٌّ يَسُولُ
تَغَارُ عَلَى الْوَصْلِ فِي لَيْلَتِهَا
وَفِي الْفَجْرِ يَسْرِي سُرَاجٌ سَفُولُ
وَالْفُؤَادُ بِالذِّكْرَى يُذَكِّرُهَا
أَنْقَاضُ عُمْرٍ قَادَتْهَا أَنْتِ النُّفُولُ
وَكُلُّ سَاعَةٍ تَغْنِي عَنْ أُخْتِهَا
لِيَجْمَعَ حُبُّكِ فِي سِرٍّ جُولُ
وَطَرْفُكِ فِي لُجَّةِ الْأَحْزَانِ
يُؤَجِّجُ النَّارَ وَيَسْتَعِيرُ الزُّهُولُ
وَمَا زَالَتْ قُلُوبُ النَّاسِ شَتَّى
فِي قَلْبِهِمْ أَشْوَاقٌ مَكْمُولُ
لَا زَالَ أَثَرُكِ فِي رُوحِي مَعْمُولًا
مَا بَيْنَ تَجَاعِيدِ الْوَجْهِ صَرْبُولُ
تَرَكْتِ سُرُورَ الشَّوْقِ فِي قَلْبِي
وَالذِّكْرَى تَسْتَعِيدُ الطَّيْبَ، لَا يَخُولُ
فَأَمْشِي وَفِي قَلْبِي خَوْفٌ وَلَجَاجٌ
وَمَا زَالَ قُدَمِي فِي الْوَجْدِ يَجُولُ
فَفِي فَقْدِكِ تَتَرَاوَحُ فَجَائِعِي
وَحُزْنٌ يَتَفَجَّرُ قَلْبِي لَا يُحْجُولُ
تَفَجَّرَ الْحُزْنُ فِي مَقَالَاتِهِ
وَتَفَجَّتِ الْآهُ فِي لَحْنِهِ الْمَفْجُولُ
حَتَّى غَدَتْ قُلُوبٌ لَا تَأْتَلِي
وَفَجَّتِ الدُّنْيَا فِي خَافِقٍ مَعْسُولُ
أَلْبَسَتِ الشَّوْقَ دِثَارًا مِنَ الْحُزْنِ
فَجَابَ بِهَا طَرْفُهَا الْمُهْتُولُ
تَأَبَّطَتْ رِيحُهَا فَصَارَتْ أَحْلَامَ
وَانْبَثَّتْ فِي فَجْرٍ عِزَّةِ السُّهُولُ
يَمْضِي زَمَانٌ لَا تَفَجُّهُ الذِّكْرَى
وَيَخْلُو فَجْرُهُ فِي قَلْبٍ مَعْهُولُ
وَفِي سَبِيلِ السُّؤَالِ أَعَادَتْهُ
لَا تَصِلُهُ أَقْوَالٌ وَلَا فِعُولُ
سَارَتْ بَيْنَ يَدَيْهَا رِيحٌ وَارِدَةٌ
تَسْتَنِيحُ بِهَا قُدَمٌ صَهُولُ
وَمَا زَالَتْ جِدَارَ الْحُبِّ فِي قَلْبِي
حَتَّى غَدَتْ جُزْءًا مِنْهُ تَجُولُ
أُسَرُّ بِالذِّكْرَى، وَلَا تَزَالُ حُسْنُهَا
تَفَجُّ فِي الْأَرْجَاءِ كَالزُّهُولُ
أَعَادَتْ فَجْرَتُهَا فِي قَلْبٍ فَارِغٍ
وَفِي سَبِيلِ الرَّغْبَةِ أَمْتَحُولُ
وَفِي قَلْبِ السَّمَاءِ لَمْ تَخْتَفِي
تَجْتَمِعُ النُّجُومُ وَفِي لَيْلٍ مَعْهُولُ
فَتَرَاءَتْ جُفُونٌ تَفَجُّ عِذَابَةً
تُرَسِّمُ فِي قَلْبِهِ جُهْدًا مَفْهُولُ
وَقَفْتُ فِي مَجْلِسِ الذِّكْرَى فَتَبَادَلَتْ
رَحَابَاتُ الْقَلْبِ تَحْتَ قَسْوَةِ الْجُزولِ
تَعَانَتْ فِي قَلْبِي رِيحُ الْحِسَابِ
وَمَارَسَتْ فِي أَمْوَاجِهِ الْوَجْدَ الْجَزُولَ
فِي صَمْتِ الْفَجْرِ وَالظُّلُمَاتِ، إِنَّ
أَرَاحَ الزَّمَانُ تَجْتَمِعُ النُّجُولُ
فِي حَصَادِ الْحُزْنِ تَفَجَّرَتِ الزُّرُوفُ
فَأَظْهَرَتْ فِي الرُّوحِ أَشْجَانًا تَطُولُ
63
قصيدة