عدد الابيات : 105
طباعةأَلَا فَاسْأَلُوا اللَّيْلَ الطَّوِيلَ عَنِ الْهَوَى
أَجَدَّ بِنَا شَوْقٌ أَمِ اشْتَدَّ أَلَمَا
تَهَادَتْ كَأَنَّ الْبَدْرَ يَمْشِي بِأُفْقِهِ
وَفِي وَجْهِهَا نُورُ الصَّبَاحِ تَرَسَّمَا
لَهَا مِنْ عُيُونِ الْغِيدِ سِحْرٌ وَهَيْبَةٌ
وَفِي ثَغْرِهَا مَاءُ اللُّجَيْنِ تَقَدَّمَا
إِذَا مَا ابْتَسَمَتْ فَالزَّهْرُ يَغْفُو لِجَفْنِهَا
كَأَنَّ الْهِلَالَ فِي السَّمَاءِ تَبَسَّمَا
هِيَ الْبَدْرُ إِنْ حَلَّ الظَّلَامُ بِمُقْلَةٍ
وَهِيَ الشَّمْسُ إِنْ أَلْقَى النَّهَارُ تَجَلَّمَا
هَيْفَاءُ مَمْشُوقَةُ الْقَوَامِ كَأَنَّهَا
قَوَامُ غُصُونِ الْبَانِ إِذْ بَاتَ أَنْعَمَا
تَهَادَتْ عَلَى الْأَرْضِ الرَّحِيبَةِ عِطْرُهَا
يَفُوحُ كَرِيحِ الْمِسْكِ إِذْ فَاضَ مَغْنَمَا
وَفِي شَعْرِهَا لَيْلٌ كَأَنَّ نُجُومَهُ
تَسَاقَطَ عِشْقًا فَوْقَ جَيْدٍ تَظَلَّمَا
أَيَا مَنْ تُحْيِي الْقَلْبَ فِي كُلِّ نَظْرَةٍ
رُوَيْدَكِ، قَدْ أَضْنَيْتِ عَاشِقًا مُتَيَّمَا
أُحِبُّكِ حَتَّى لَا تُحِيطُ بِكِ الْمُنَى
وَلَا يَسْتَوِي فِي الْحُبِّ نَجْمٌ وَمَعْلَمَا
تُنَاجِينِي الْأَشْوَاقُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَتَنْسَابُ فِي دَرْبِ الْهَوَى كَيْ تُحْكَمَا
وَفِيكِ عَرَفْتُ الْحُبَّ حُلْوًا وَمُرَّةً
وَفِيكِ تَجَمَّعَ شَوْقُ عُمْرِيَ كُلَّمَا
أُرَاوِدُ طَيْفَكِ كُلَّ حِينٍ بِأَدْمُعٍ
فَيَضْحَكُ مِنِّي الْحُزْنُ إِنْ زَادَ مَأْتَمَا
وَهَامَ الْفُؤَادُ فِي هَوَاكِ مُتَيَّمًا
يُغَنِّي بِعِشْقٍ مَا اسْتَرَاحَ وَلَا هَمَا
أُنَاجِي اللَّيَالِي كُلَّمَا الْبُعْدُ أَثْقَلَتْ
خُطَايَ، فَأَبْكِي فِي الْهَوَى مَا تَقَدَّمَا
أُخْبِرُ عَنْكِ اللَّيْلَ وَالرِّيحَ عَلَّهَا
تُجِيبُ فُؤَادًا فِي لَظَاهُ تَضَرَّمَا
وَفِي هَمْسِ صَوْتِكِ رَاحَتِي وَسَعَادَتِي
كَأَنِّي وَجَدْتُ النُّورَ فِي اللَّيْلِ مُظْلِمَا
أَلَا لَوْ تَرَيْنَ الْقَلْبَ كَيْفَ تَمَزَّقَتْ
حَنَايَاهُ بَيْنَ الْحُبِّ وَالْحُزْنِ مُغْرَمَا
تَمُرُّ اللَّيَالِي بَيْنَ حُلْمِي وَحُزْنِهِ
وَأَبْقَى أَسِيرَ الذِّكْرَيَاتِ مُتَيَّمَا
أَيَا زَهْرَةَ الْأَحْلَامِ، قَدْ طَالَ بَيْنَنَا
غِيَابٌ وَأَضْحَى الدَّرْبُ شَوْقًا مُلَوَّمَا
إِذَا مَا ذَكَرْتُ الْحُبَّ فِي وَصْفِكِ اكْتَفَى
بِيَ الشِّعْرُ إِذْ أَعْيَا الْقَوَافِي وَأَعْجَمَا
سَأَلْتُ اللَّيَالِي: هَلْ يَعُودُ لِقَاؤُنَا؟
فَأَجَّلْتُ دَمْعِي فِي الرَّجَاءِ تَكَرُّمَا
وَحِينَ تَهَادَتْ ذِكْرَيَاتُكِ دَاخِلِي
تَرَاقَصَتِ الْأَحْلَامُ شَوْقًا تَبَرَّمَا
سَأَرْسُمُ طَيْفَكِ فِي السَّمَاءِ كَأَنَّهُ
ضِيَاءُ قُلُوبٍ قَدْ تَنَاهَى وَتَسَلَّمَا
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ يَذُوبُ بِعَذْبِهِ
جَبِينُ الْجِبَالِ لَاشْتَكَى مِنْهُ تَنَدَّمَا
وَفِي نَظْرَةِ الْعَيْنَيْنِ سِحْرٌ يَشُدُّنِي
كَأَنِّي أَرَى عَالَمَيْنِ بَاتَا مُنْسَجِمَا
أَيَا زَهْرَةَ الْعِشْقِ الَّتِي بَاتَ طَيْفُهَا
جَمَالًا يَسِيلُ النُّورُ مِنْهُ تَكَلُّمَا
أُنَاجِيكِ شِعْرًا كُلَّمَا ضَاقَ بِيَ الْمَدَى
فَتَبْكِي الْقَوَافِي شَوْقَ حُبٍّ تَأَلَّمَا
فَإِنْ كَانَ لِلْعِشْقِ اشْتِيَاقٌ وَهَيْبَةٌ
فَأَنْتِ الْجَوَابُ الَّذِي عَنِ الْقَلْبِ أَحْجَمَا
وَيَا وَطَنَ الْعُشَّاقِ هَلْ لِي بِقُبْلَةٍ
عَلَى تُرْبِ أَرْضٍ قَدْ سَقَانِي تَكَرُّمَا
بَكَيْتُكَ حِينَ الرِّيحُ عَصَفَتْ بِأَرْضِنَا
وَحِينَ أَتَى لَيْلُ الْغُزَاةِ مُظْلِمَا
تَرَكْتَ عُيُونَ الْقَوْمِ شُعْثًا حَيَارَى
وَفِي كُلِّ دَرْبٍ غَيْمُ حُزْنٍ مُسْجَمَا
وَكَمْ مِنْ شَهِيدٍ قَدْ سَقَانَا دُمُوعَهُ
لِيُنْبِتَ مِنْ طِينِ الْفِدَاءِ تَكَرُّمَا
بَكَتْنِي اللَّيَالِي حِينَ أَرْهَقَنِي الْأَسَى
وَأَمْسَى الْفُؤَادُ فِي اللَّيَالِي مُعْدَمَا
وَمَا لِلْمَرَضِ إِلَّا جَنَاحٌ مِنَ الْعَنَا
إِذَا مَرَّ بِي صَارَ الْأَمَانُ مُحَرَّمَا
أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ بِظُلْمِهِ
مَتَى تُلْقِي أَعْبَاءَ الْفِرَاقِ وَتَنْثَمَا
رَحَلْتُمْ وَمَا تَرَكْتُمْ لِي مِنَ الْوَفَا
سِوَى الذِّكْرَى وَلَيْلُ الْبُعْدِ مُظْلِمَا
تَرَكْتُمْ شُعَاعَ الْحُبِّ يَحْيَا مُفَارِقًا
وَأَبْقَيْتُمُ الْقَلْبَ الْجَرِيحَ مُتَيَّمَا
فَلَا تَسْأَلُوا الدَّهْرَ اللَّئِيمَ عَنِ الْوَفَا
فَإِنَّ الْوَفَا فِي الدَّهْرِ أَمْسَى تَوَهُّمَا
وَهَا أَنَا ذَا أَشْدُو بِجُرْحِي مُعَلَّقًا
لَعَلَّ الْقَوَافِي تُشْعِلُ اللَّيْلَ أَنْجُمَا
أَيَا وَطَنِي الْغَالِي الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي
سَلَامًا بِهِ يَجْمَعُ الْقَوْمَ مَغْنَمَا
أَرَاكَ بِأَحْلَامِي جَنَاحًا يَحْضُنُ الْـ
يَتَامَى، وَيَمْحُو الدَّمْعَ عَنْهُمْ مُتَيَّمَا
تَفِيضُ رُبَى التَّارِيخِ فِيكَ عَرَاقَةً
وَفِي كُلِّ صَخْرٍ مَجْدُ أَهْلِيكَ قَدْ نَمَا
وَأَرْنُو إِلَى الْأُفُقِ الْبَعِيدِ كَأَنَّهُ
يُنَادِينِي الْحُلْمُ الْقَدِيمُ لِيُسْلِمَا
فَفِيكَ جُذُورُ الْقَلْبِ تَنْمُو قَوِيَّةً
وَإِنْ عَصَفَتْ رِيحُ الْبَلَاءِ تَهَشَّمَا
سَأَرْوِي ثَرَاكَ الْيَوْمَ بِالدَّمْعِ شَوْقَنَا
فَيَا لَيْتَ دَمْعَ الْعَاشِقِينَ تَقَدَّمَا
وَفِي كُلِّ دَارٍ كُنْتَ نَبْضًا وَحُرْقَةً
يُرَاوِدُهَا شَوْقٌ إِلَى الْمَجْدِ مُفْعَمَا
إِذَا مَا نَطَقْنَا الْحُبَّ كَانَ اسْمُكَ اللَّظَى
يُعِيدُ إِلَى أَرْوَاحِنَا مَا تَقَاسَمَا
تَسِيرُ خُطَانَا فِي دُرُوبِكَ رَغْمَ مَا
يُحِيطُ بِهَا مِنْ كَرْبِ أَيَّامٍ ظُلْمَا
أَيَا وَطَنَ الْعُمْرِ الَّذِي عِشْتُ فِيهِ
شَبَابًا وَكُنْتَ الْأَمْسَ فَخْرًا مُتَرْجَمَا
أَرَاكَ بِأَحْلَامِي رَبِيعًا مُؤَزَّرًا
يُجَدِّدُ مَا أَدْمَى الْقُلُوبَ وَأَسْقَمَا
وَكَمْ كُنْتُ أَرْنُو لِلسَّلَامِ بِكَفِّهِ
لِيُرْجِعَ فِيكَ الْحُبَّ نُورًا مُنَعَّمَا
أَيَا مَنْ كَتَبْتَ الْمَجْدَ بِالدَّمِ عِزَّةً
وَسَطَّرْتَهُ فِي كُلِّ أُفُقٍ وَأَلْجَمَا
سَأَبْقَى أُغَنِّي لِلدِّيَارِ وَأَهْلِهَا
وَإِنْ جَارَ دَهْرٌ أَوْ عَدَا بَاتَ مُتَّهَمَا
فَفِيكَ سَرَابُ الْحُبِّ يَمْضِي حَقِيقَةً
وَيَزْرَعُ فِي قَلْبِي الْفَنَاءَ مُسَلَّمَا
سَتَبْقَى بِعَيْنِي رَغْمَ كُلِّ جِرَاحِنَا
وَطَنَ الْأَمَانِي، إِنْ بَدَا الْكَوْنُ مُظْلِمَا
خُطَايَ عَلَى دَرْبِ الْمَوَاجِعِ تَائِهَةٌ
وَفِي كُلِّ نَبْضٍ لِلْهُمُومِ تَرََسَّمَا
أُعَانِقُ جُرْحًا فِي الظَّلَامِ وَأَرْتَمِي
عَلَى صَدْرِ حُزْنٍ كُلَّمَا اللَّيْلُ أَظْلَمَا
تُنَازِعُنِي الْأَحْلَامُ فِي كُلِّ غَفْوَةٍ
فَتَتْرُكُ قَلْبِي فِي الْمَدَى مُتَأَلِّمَا
إِذَا مَا جَرَى دَمْعِي جَرَى خَلْفَهُ الْأَسَى
كَأَنَّ الْحَنِينَ فِي الْمَآقِي تَقَدَّمَا
أَيَا طَيْفَ أَيَّامٍ مَضَتْ دُونَ رَجْعَةٍ
أَمَا آنَ أَنْ يُطْفِئَ الْأَسَى مَا تَأَلَّمَا
تَمُرُّ اللَّيَالِي مِثْلَ سَيْفٍ بِحَدِّهِ
يُقَطِّعُ أَحْلَامِي وَيَزْرَعُهَا نَدَمَا
وَكُلُّ أَمَانٍ فِي الْفُؤَادِ تَبَدَّدَتْ
كَأَنَّ الزَّمَانَ صَارَ خَصْمًا وَأَظْلَمَا
أُصَارِعُ أَنْفَاسِي وَأَرْجُو خَلَاصَهَا
فَتَأْبَى عَلَيَّ الرُّوحُ إِلَّا مُهَشَّمَا
وَفِي كُلِّ صَمْتٍ لِلْوَجِيعِ حِكَايَتِي
تُرَاوِدُ فِي قَلْبِي الْأَسَى مُتَرَنِّمَا
تَعِبْتُ مِنَ الْأَوْجَاعِ، كَمْ طَالَ مُكُوثُهَا
عَلَى صَدْرِ قَلْبٍ بَاتَ بِالْهَمِّ مُعْدَمَا
كَأَنَّ الدُّجَى قَدْ صَارَ بَيْتًا مُقِيمًا
يُسَاكِنُنِي دَهْرًا وَيَزْرَعُنِي أَلَمَا
سَأَلْتُ اللَّيَالِي هَلْ لَهَا أَنْ تُعِيدَنِي
إِلَى بَسْمَةٍ كَانَتْ تُزِيلُ التَّلَوُّمَا
وَلَكِنَّهَا زَادَتْ قُيُودًا بِظُلْمِهَا
فَأَمْسَى الْفُؤَادُ فِي الظَّلَامِ مُحَرَّمَا
وَمَا زِلْتُ أَرْجُو مِنَ الْحَيَاةِ سَكِينَةً
فَأَيْنَ سَكِينَةُ قَلْبِ مَنْ بَاتَ مُهْلَمَا
إِذَا مَا ابْتَسَمْتُ فَالْدُّمُوعُ تُكَذِّبُ الْـ
ـمَلَامِحَ، إِذْ صَارَ الْحَنِينُ مُؤَلِّمَا
أَيَا جُرْحَ أَيَّامِي كَفَاكَ تَمَادِيًا
أَمَا آنَ أَنْ تَرْحَمَ قَلْبًا تَحَطَّمَا
سَأَمْضِي وَإِنْ أَدْمَى الزَّمَانُ مَلَامِحِي
وَأَكْتُبُ لِلْجُرْحِ الْحَكَايَا مُخْتَمَا
فِرَاقُكُمُ نَصْلٌ طَعِينٌ بِمُهْجَتِي
يُعَمِّقُ فِي قَلْبِي الْجِرَاحَ وَيُسْقِمَا
إِذَا مَا ذَكَرْتُ الْوَصْلَ تَبْكِي مَآقِيَا
وَيَغْرَقُ دَمْعِي فِي الدُّجَى مُتَأَلِّمَا
رَحَلْتُمْ وَلَيْلُ الشَّوْقِ أَلْقَى سُدُولَهُ
عَلَى رُوحِ عَاشِقٍ بِكُمْ قَدْ تَيَّمَا
وَكَمْ قَدْ رَجَوْتُ اللَّيْلَ أَنْ يَجْمَعَ النَّوَى
وَلَكِنَّهُ زَادَ الْفِرَاقَ تَعَظُّمَا
أَيَا دَرْبَ أَيَّامِي الَّتِي قَدْ تَبَعْثَرَتْ
أَمَا مِنْ لِقَاءٍ يُحْيِي الْقَلْبَ إِذْ ظَمَا
أُسَافِرُ فِي صَمْتِ الْغِيَابِ مُشَتَّتًا
وَأَحْمِلُ جُرْحِي فَوْقَ دَرْبٍ مُظْلِمَا
أَيَا مَوْطِنَ الرُّوحِ الَّتِي كُنْتُ أَرْتَجِي
رُجُوعَكُمُ لَيْلًا يُعِيدُ الْمُنَعَّمَا
وَلَكِنَّكُمْ فِي الْبُعْدِ صِرْتُمْ حِكَايَةً
تُرَاوِدُ ذِكْرَاهَا الْفُؤَادَ وَتُجْرِمَا
أَيَا مَنْ تَرَكْتُمْ فِي الْحَنَايَا لَهِيبَكُمْ
أَمَا مِنْ حَنِينٍ يُطْفِئُ الشَّوْقَ مَغْنَمَا
وَفِي كُلِّ زَاوِيَةٍ بِقَلْبِي ذِكْرَتُكُمْ
كَأَنَّ الْبِعَادَ صَارَ نَارًا تُضَرَّمَا
تُعَانِقُنِي الذِّكْرَى كَأَنِّي أَرَاكُمُ
فَأَبْكِي عَلَى مَاضٍ تُبَدِّدَ وَانْهَمَا
أَيَا مَنْ تَرَكْتُمْ فِي الْفُؤَادِ بَصِيرَةً
تُضِيءُ دُرُوبَ الشَّوْقِ إِنْ زَادَ مُظْلِمَا
أَمَا مِنْ سَبِيلٍ لِلْفُؤَادِ يُعِيدُكُمْ
إِلَى حُلْمِ قَلْبٍ كَانَ بِالْحُبِّ مُغْدَمَا
بَكَيْتُ نَوَاكُمْ حِينَمَا غَابَ نُورُكُمْ
كَأَنَّ الدُّجَى صَارَ الْحَبِيبَ وَأَظْلَمَا
وَهَا أَنَا فِي بَحْرِ الْفِرَاقِ أُكَابِدُ
رِيَاحَ الْهَوَى، وَالْمَوْجُ بَاتَ مُهَدَّمَا
أَيَا طَيْفَكُمْ فِي كُلِّ لَيْلٍ أُنَاجِيهِ
أَمَا آنَ أَنْ يَحْنُوَ الْغِيَابُ وَيَرْحَمَا
أُرَاوِدُ صَبْرَ الْقَلْبِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَلَكِنَّهُ فِي الشَّوْقِ أَضْحَى مُتَيَّمَا
فِرَاقُكُمُ نَارٌ أَضَاءَتْ دَيَاجِرِي
وَمَا لِي سِوَى ذِكْرَاكُمُ مُنْسَمَا
إِذَا مَا انْحَنَى الدَّهْرُ فَلَا تَنْحَنُوا لَهُ
فَإِنَّ الَّذِي يَقْسُو سَيُمْحَى وَيُهْدَمَا
وَلَا تَغْتَرِرْ يَوْمًا بِظِلٍّ مُؤَقَّتٍ
فَكَمْ ظَلَّ خَادِعٌ سَرَى ثُمَّ قَدْ هَمَا
أَيَا صَاحِ لَا تَحْزَنْ إِذَا جَارَ صَاحِبٌ
فَإِنَّ الْوُرُودَ تُطْعَنُ الشَّوْكَ إِذْ نَمَا
وَدَعْ عَنْكَ آمَالًا تَجُورُ بِظِلِّهَا
فَلَيْسَ كُلُّ حُلْمٍ لِلنُّفُوسِ مُتَمَّمَا
وَلَا تُلْقِ بِالْأَسْرَارِ فِي كُلِّ سَامِعٍ
فَكَمْ مِنْ أَرِيبٍ قَدْ بَدَا مُتَكَتِّمَا
تَعَلَّمْ بِأَنَّ الصَّبْرَ دَرْبُكَ لِلْعُلَا
وَأَنَّ السَّحَابَ يُثْمِرُ الْخَيْرَ إِنْ هَمَا
وَلَا تُطِعِ النَّفْسَ الَّتِي تَجُرُّكَ لِلْهَوَى
فَإِنَّ الْهَوَى لِلنَّفْسِ قَيْدٌ وَمَعْلَمَا
فَعَيْشُ الْحَيَاةِ حُلْمٌ زَائِلٌ
وَأَجْمَلُ مَا فِيهَا التُّقَى حِينَ يُعْتَمَا
وَمَنْ كَانَ لِلْخَيْرِ دَلِيلًا فَإِنَّهُ
سَيَحْيَا جَمِيلًا بَيْنَ قَوْمٍ وَيُكْرَمَا
وَهَا أَنَا ذَا قَدْ خُضْتُ بَحْرَ قَوَافِيَ
لِأَرْسُمَ دَرْبَ الْمَجْدِ نُورًا وَمَعْلَمَا
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَجَزْتُ شِعْرِي فَامْنَحُوا
لِقَلْبِي قَلِيلًا مِنْ دُعَاءٍ مُحَرَّمَا
وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَخْفَقْتُ فِيهِ فَاعْذِرُوا
فَإِنَّ الْمَدَى ضَاقَ بِمَا قَدْ تَكَلَّمَا
وَدَاعًا لِأَيَّامِ الْهَوَى فِي قَصِيدَتِي
فَقَدْ أَوْدَعَ الشِّعْرُ الْأَمَانِيَ وَأَسْلَمَا
68
قصيدة