الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سَارَةُ وَالْحُلْمُ السَّرْمَدِيُّ

عدد الابيات : 46

طباعة

 أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَطِيبُ مَآرِبِي؟

وَهَلْ أَبْلُغُ الْأَحْلَامَ يَوْمَ تَجَانُبِي؟

وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَسْأَلُ عَنْ سَرَى

فَرَدَّ الصَّدَى، وَالْحُزْنُ ظَلَّ يُعَاقِبِي

رَأَيْتُ رُبُوعَ الدَّارِ تَبْكِي كَأَنَّهَا

قَوَافٍ بَكَتْ فِي صَدْرِ شَاعِرِ نَادِبِ

كَأَنَّ الْغَمَامَ الْحُرَّ يَمْضِي مُثْقَلًا

بِشَوْقٍ كَئِيبٍ، لَا يُجَارِي الْكَوَاكِبِ

وَقَفْتُ أُنَادِي فِي اللَّيَالِي، فَلَمْ أَجِدْ

سِوَى نَجْمَةٍ تُشْجِي الْفُؤَادَ وَتُعَاتِبِي

سَأَلْتُ الْقَمَرَ: "هَلْ فِي الْفَضَاءِ نَظِيرَةٌ

لَهَا؟" قَالَ: "لَا، تِلْكَ الْبَهَاءُ بِعَاقِبِ"

فَيَا لَيْلُ أَيْنَ الصُّبْحُ؟ هَلْ طَالَ غَيْبُهُ؟

أَمِ الشَّمْسُ أَخْفَتْ ضَوْءَهَا بِالْمَغَارِبِ؟

سَأَلْتُ نُجُومَ اللَّيْلِ عَنْكِ فَأَخْبَرَتْ

بِأَنَّ الْجَمَالَ اسْتَقَرَّ فِي الْحَوَاجِبِ

رَأَيْتُكِ طَيْفًا فِي الْمَدَى، كُلَّمَا بَدَا

يَزِيدُ اشْتِيَاقِي، وَالرَّجَاءُ كَصَاحِبِي

أَرَاكِ كَنُورِ الْفَجْرِ فِي أُفُقِ الْهَوَى

تَمُدِّينَ لِي وَعْدًا كَخَيْطِ السَّحَائِبِ

صَبَرْتُ دُهُورًا، وَالصَّبَابَةُ مَوْئِلِي

أُصَارِعُ أَحْزَانِي، وَأُحْنِي مَصَائِبِي

أَيَا شَاعِرَ الْأَشْوَاقِ، مَا زَالَ فِي دَمِي

هُيَامٌ يَجُوبُ الدَّرْبَ حُرَّ الْغَيَاهِبِ

تُنَادِينَ قَلْبِي، كُلَّمَا ضَاقَ خَاطِرِي

فَأُبْصِرُ فِي عَيْنَيْكِ نَجْمَ الْمَذَاهِبِ

أَنَا الْمُبْتَلَى بِالْحُبِّ، وَالصَّبْرُ قُوَّتُهُ

وَقَدْ طَالَ لَيْلِي بَيْنَ أَنَّاتِ نَادِبِ

كَأَنَّ انْتِظَارَ الْعُمْرِ فِيكِ عِبَادَةٌ

تُطَهِّرُ رُوحِي مِنْ قُيُودِ الْمَكَاسِبِ

أَلَا يَا لَوَاعِجَ الشَّوْقِ، هُدِّي هُدُوءَكِ

فَقَدْ ضَاقَ صَدْرِي مِنْ أَذَى كُلِّ كَاذِبِ

أُجَاهِدُ أَقْدَارِي، وَأَمْضِي بِمَرْكَبِي

إِلَى بَحْرِ حُبٍّ، لَا يُحَاذِيهِ غَاصِبِ

وَفِي أُفُقِ رُوحِي نُورُ سَارَةَ سَاطِعٌ

يُضِيءُ طَرِيقِي حِينَ تُثْنِي الْمَصَاعِبِ

وَفِي مُهْجَتِي أَمَلٌ يَكَادُ يُضِيءُنِي

كَأَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ أَشْرَقَ جَانِبِي

فَيَا سَارَةَ الْقَلْبِ، الَّذِي فِيكَ نَابِضٌ

تَعَالَيْ فَقَدْ صَارَ الْحَنِينُ عَجَائِبِي

تَعَالَيْ، فَقَدْ أَضْنَتْنِيَ الْأَرْضُ بِالْأَسَى

وَمَا عَادَ لِصَدْرِي سِوَى طَيْفِ طَالِبِ

رَأَيْتُكِ وَعْدَ الْحُبِّ، وَالرُّوحُ فِي غِنًى

عَنِ الْأَرْضِ لَوْ صَارَتْ مِنَ الْمَالِ جَاذِبِي

كَأَنَّكِ فِي دُنْيَايَ بُدْرَةُ شَاعِرٍ

تُضِيءُ كَمَا أَضْفَى الْهِلَالُ عَلَى الْكُثُبِ

إِذَا طَالَ لَيْلِي، كُنْتِ نُورًا يُبَدِّدُهُ

وَإِنْ لَاحَ فَجْرِي، كُنْتِ فِيهِ مَرَاكِبِي

أُقَارِعُ كُلَّ الْحُزْنِ، حَتَّى أَرَاكِنِي

كَمَنْ يَقْهَرُ الطُّوفَانَ فِي لُجِّ غَارِبِ

وَأَبْنِي لَكِ الْأَحْلَامَ قَصْرًا مُؤَصَّدًا

مِنَ الْحُبِّ، فِي قَلْبِي عُرُوشُ الْعَجَائِبِ

فَيَا سَارَةَ الْأَزْمَانِ، مَا الْعُمْرُ إِنْ مَضَى

وَلَمْ يَكُ فِي طَيْفِي حُضُورُكِ شَارِبِي؟

أَيَا قِبْلَةَ الْأَحْلَامِ، هَلْ لِي بِشَرْبَةٍ

تُدَاوِي ظَمَأَ الرُّوحِ فِي جَوْفِ حَاصِبِ؟

وَيَا غَايَةَ الْأَشْوَاقِ، مَا كُنْتُ أَبْتَغِي

سِوَاكِ إِذَا مَا جِئْتِ يَوْمًا تُعَاقِبِي

أَنَا الصَّابِرُ الْمِغْوَارُ فِي وَجْهِ عَاصِفٍ

يَجُوبُ الصَّحَارَى، وَالْخَيَالُ مُرَاقِبِي

أُنَاجِي السَّمَاءَ: "هَلْ مِنْ رَجَاءِ لِقَاءِهَا؟"

فَيُرْعِدُ صَوْتُ الشَّوْقِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ

وَإِنِّي لَأَحْيَا بَيْنَ حُلْمٍ وَهَاجِسٍ

بِأَنَّكِ آتِيَةٌ لِقَلْبِي كَزَهْرِ الْمَشَارِبِ

فَيَا سَارَةَ الْعِشْقِ السَّرْمَدِيِّ، أَقْبِلِي

فَقَدْ صَارَ قَلْبِي لِلرَّجَاءِ مُجَانِبِ

أُنَاجِيكِ بِالْحُبِّ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ

وَلَا قَبْلَهُ عَهْدٌ سِوَى عَهْدِ كَاتِبِ

أَيَا سَارَةَ الْأَمْسِ الْجَمِيلِ، وَمَطْلَعَ

قَصِيدِي الَّذِي أَسْعَى بِهِ لِلْمَرَاتِبِ

خُذِي مُهْجَتِي، صَبْرًا، وَأَمَلًا، وَحِكْمَةً

فَقَدْ صَارَ حُبُّكِ لِي نَجْمَ الْمَنَاقِبِ

أُرَاهِنُ كُلَّ الْكَوْنِ فِي صَبْرِ عَاشِقٍ

وَأَعْلَمُ أَنِّي فِيكِ أَبْلُغُ سِحْرَ مَآرِبِي

فَيَا لَيْتَ لِي مِنْ كُلِّ عُمْرٍ مَدِيدَةٌ

لِكَيْ مَا أُعَانِقَ طَيْفَكِ الْمُتَغَالِبِ

أَيَا سَارَةَ الْآمَالِ، هَلْ لِي بِمَوْعِدٍ

يُزِيلُ غُبَارَ الْعُمْرِ عَنْ وَجْهِ حَاجِبِ؟

فَإِنِّي أُقِيمُ الْحُبَّ صَرْحًا مُؤَيَّدًا

وَفِي مُهْجَتِي عَهْدٌ يَظَلُّ مُوَاكِبِي

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يُطَاوِلُ حُبُّنَا

مُدَى الْمَجْدِ؟ أَمْ تُطْوَى فِي الْكُتُبِ؟

فَيَا سَارَةُ، اسْمَعِي قَصِيدَ مُحِبِّكِ

فَإِنَّ الْهَوَى عِنْدِي أَعَزُّ الْمَطَالِبِ

وَهَذَا قَصِيدِي قَدْ خَتَمْتُهُ مُبْهِرًا

فَهَلْ مِنْ نَدِيمٍ فِي الْبَلَاغَةِ مُعَاجِبِ؟

فَخُذِي مَا تَبَقَّى مِنْ حَيَاتِي هَدِيَّةً

فَإِنِّي بِدُونِكِ لَا أُسَاوِي الْمَرَاكِبِ

وَهَذَا خِتَامُ الْقَوْلِ، لَكِنَّ شَوْقَهُ

بِدَايَاتُ عِشْقٍ لَا تُحِيطُ بِهَا الْكُتُبِ

فَيَا سَارَةُ، الْحُبُّ عَرْشٌ تَأَصَّلَ

بِقَلْبِي، فَلَا نِدٌّ لَهُ فِي الْمَنَاصِبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

74

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة