عدد الابيات : 24
ضِيَاءُ نُجُومِ اللَّيْلِ بِهَا تَتَوَالَى
تُضِيءُ دُجَى رُوحِي كَأَنَّ بَرِيقَهَا
شُعَاعُ صَبَاحٍ فِي الْمَدَى يَتَعَالَى
وَفِي عَسَلِ الْعَيْنِ بَحْرٌ مُهِيبٌ
يُنَاجِيهِ قَلْبِي بَيْنَ مَوْجٍ وَرِمَالَا
كَأَنَّكِ خَمْرٌ قَدْ تَسَرَّبَ عِطْرُهُ
إِلَى كُلِّ حِسِّي فَاسْتَبَاحَ الْخَيَالَا
وَأَهْدَابُ سُمْرٍ انْحَنَتْ بِرُسُومِهَا
كَجَيْشٍ جَلِيلٍ حِينَ صَالَ وَجَالَا
فَيَا فِتْنَةَ الْعُشَّاقِ، سِحْرُكِ قَاتِلٌ
وَكُلُّ قَتِيلٍ فِي هَوَاكِ شَهِيدُ نَوَالَا
إِذَا نَظَرَتْ عَيْنَايَ نَحْوَ عُيُونِكِ
رَأَيْتُ سَمَاءً تُرْسِلُ الْوَحْيَ حَالَا
وَفِيكِ وَهَجُ الشَّمْسِ، لِدِفْءِ نُورِهَا
وَأَسْرَارُ لَيْلٍ بِالْهُيَامِ بِهَا اسْتَحَالَا
تَحَدَّثْتُ عَنْكِ، فَأَنْكَرَ الْحُسْنُ وَصْفَهُ
وَقَالَ: لَهَا سِرٌّ قَدِيمٌ لِلْقَلْبِ قَالَا
فَيَا سَاحِرَةَ الْعُمْرِ، عَيْنَاكِ أَمْطَرَتْ
قُلُوبًا، وَكَانَ الْحُبُّ فِيكِ هِلَالَا
كَأَنِّي بِهَا زَهْرُ الْجِنَانِ تَفَتَّحَتْ
فَأَهْدَتْ لَنَا عِطْرًا جَمِيلًا، حَلَالَا
عُيُونُكِ تَاجٌ، مَنْ يَرَى حُسْنَ سِحْرِهَا
يُطَأْطِئُ هَامَ الْعِزِّ لِلْقُلُوبِ مَآلَا
إِذَا قُلْتُ: عَيْنَاكِ الْكَوَاكِبُ دَهْشَةً
أَجَابَ الزَّمَانُ: الْعَيْنَيْنِ مِثَالَا
وَفِي لَحْظِهَا مَوْتٌ، إِذَا مَا تَبَسَّمَتْ
تُعِيدُ الْحَيَاةَ رَغْمَ الْمَوْتِ زُلَالَا
رَأَيْتُكِ تَخْتَالِينَ فِي السِّحْرِ أُسْوَةً
وَمَا زِلْتُ فِي بَحْرِ الْعُيُونِ مُحَالَا
عُيُونُكِ كَأْسٌ مِنْ خَيَالٍ مُخَمَّرٍ
وَكُلُّ خَيَالٍ فِي حُمَاهَا مَجَالَا
فَمَا كَانَ مَجْنُونُ لَيْلَى مُبَالِغًا
إِذَا قَالَ: عَيْنٌ كَالْمُحِيطِ زَوَالَا
وَمَا قِيلَ عَنْ قَيْسٍ بِأَنَّهُ هَائِمٌ
فَقَدْ هَامَ قَلْبِي فِيهَا عِشْقًا تَعَالَى
فَيَا رَوْعَةَ الْأَيَّامِ فِي مِثْلِ عَيْنِهَا
تَعَالِي، فَأَنْتِ النُّورُ وَزَادَتْهُ دَلَالَا
تَحَدَّيْتُ شُعَرَاءَ الْقُلُوبِ بِوَصْفِهَا
وَقُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ مِثْلُهَا جَمَالَا
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَجْنُونُ لِوَصْفِ مُهْجَتِي
وَإِنْ شِئْتِ، كَانَ الْغَزَلُ فِيكِ خِلَالَا
عُيُونُكِ أُسْطُورَةٌ تَرْوِي الْأَمَانِي
كَأَنَّ الْهَوَى فِي حُسْنِهَا قَدْ تَجَالَى
فَمِنْ أَيْنَ آتِي، يَا حَبِيبَةُ، بِمِثْلِهَا؟
وَقَدْ صِغْتُهَا رُوحًا، وَدَرْبًا، وَظِلَالَا
104
قصيدة