عدد الابيات : 141
طباعةيَا فِدَاءُ الْقَصِيدُ يَسْرِي حَنِينًا
فَوْقَ صَدْرِ الزَّمَانِ وَهُوَ إِبَاءُ
يَا فِدَاءُ الْحُرُوفُ تَسْرِي اعْتِرَافًا
أَنَّ حُبَّكِ رَوْعَةٌ وَصَفَاءُ
يَا فِدَاءُ الْوُرُودُ تُصْغِي لِذِكْرَاكِ
فَتَمْشِي مَعَ النَّسِيمِ الدُّعَاءُ
أَنْتِ نُورُ الْحَيَاةِ فِي كُلِّ دَرْبٍ
أَنْتِ صُبْحٌ بِهِ يَطِيبُ الرَّجَاءُ
كَمْ بَعَثْتِ النَّدَى بِسِحْرِكِ حَيًّا
فَانْتَشَى الْقَلْبُ وَانْتَشَى الْإِخَاءُ
يَا فِدَاءُ الْكَلَامُ صَارَ قَصِيدًا
فِيكِ، إِذْ أَنْتِ لَحْنُهُ وَالْغِنَاءُ
كَيْفَ أَنْسَى هَوَاكِ؟ وَلِنَبْضِ رُوحِي
أَنْتِ مَعْنًى، وَأَنْتِ فِيهِ الْبَهَاءُ
أَنْتِ وَعْدٌ لِكُلِّ عُمْرٍ صَبُورٍ
أَنْتِ نَجْمٌ لَا يَنْطَفِئُ الْوَضَّاءُ
أَنْتِ تَاجُ الْحَيَاةِ، أَنْتِ فُؤَادِي
أَنْتِ لِلرُّوحِ صَحْوَةٌ وَعَطَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ قَلْبِي الْيَوْمَ يُهْدِي
لَكِ عَهْدًا يَحُوطُهُ الْوَلَاءُ
آذَنَتْنَا بِبَوْحِهَا فِدَاءُ فَأَرْوَتْ
رُوحَ صَبٍّ تَشَوَّقَ الْإِصْغَاءُ
آذَنَتْنَا بِحُبِّهَا ثُمَّ أَهْدَتْ
نُورَهَا فَاسْتَضَاءَتِ الْأَرْجَاءُ
بَعْدَ صَمْتٍ كَأَنَّهُ سِرُّ وَصْلٍ
أَيْقَظَتْنِي إِذِ السُّهَادُ رَجَاءُ
فَأَبَتْ إِلَّا الْعُلَا، ثُمَّ حَلَّتْ
فِي ذُرَى النُّورِ حَيْثُ تَبْدُو السَّمَاءُ
تَتَهَادَى كَالرُّؤَى فِي الدُّجَى تُهْ
دِي قَوَافِيَّ فَالنُّهَى وَالضِّيَاءُ
تَتَجَلَّى فِي الضُّلُوعِ وَإِنْ غَا
بَتْ، فَفِي الْقَلْبِ سِرُّهَا وَالْبَهَاءُ
لَا أَرَانَا مِثْلَ الْفِدَاءِ نُقَاسِي
بِوُدَادٍ تَفَتَّحَ الْإِخَاءُ
وَبِعَيْنَيْ فِدَاءَ سَطْعُ نُجُومٍ
كُلَّمَا لَاحَ صَمْتُهَا أَضَاءُوا
أَشْرَقَتْ كَالْفَجْرِ الْجَمِيلِ وَرَقَّتْ
بِسُكُونٍ كَأَنَّهَا النُّسَمَاءُ
قَدْ نَسَجْتِ الْعُمْرَ الْمَرِيرَ نُعَيْمًا
وَجَعَلْتِ الْحُبَّ السَّنَى وَالرَّخَاءُ
فِدَاءُ سِرُّ الْمَدَى، وَعِطْرُ رُؤَاهَا
سِحْرُ رُوحٍ، يَطِيبُ فِيهِ الثَّوَاءُ
بَيْنَ عَيْنَيْكِ شَوْقُ صَبْرٍ وَجَمْرٌ
فَإِذَا هِمْتُ فَاللِّقَاءُ الدُّعَاءُ
فَأُرَى فِيكِ مِنْ دُرُوبِ الطُّهُورِ
مَا جَرَى فِي الْجَنُوبِ أَوْ خَصْبَاءُ
كُلُّ سَطْرٍ يُشِيعُ ضَوْءَكِ حَتَّى
غَابَ وَجْهُ السُّوَى وَبَانَ الضِّيَاءُ
يَا فِدَاءُ، وَرْدُكِ الْفَوْحُ يُصْغِي
لِأُغَانِيهِ أَيْنَمَا الْمَاءُ جَاءُوا
لَا أَرَى فِي الْوُجُوهِ وَجْهَكِ إِلَّا
بِخَيَالِي، وَفَوْقَ دَمْعِي الرَّجَاءُ
فَبِعَيْنَيْكِ ضَوْءُ قَلْبٍ يُنَادِي
كُلَّ حُبٍّ تَوَارَتِ الْعَلْيَاءُ
كُلَّمَا لَاحَ حُسْنُ فِدَاءَ قِيلَتْ
فِي مَعَانِي سَنَاهَا الْأَنْحَاءُ
نُورُهَا لَاحَ فِي الدُّجَى فَاسْتَزَدْتُ
مِنْ حَنِينِي، وَهَامَتِ الْأَجْوَاءُ
غَيْرَ أَنِّي فِي طَيْفِهَا قَدْ نَسِيتُ الْـ
هَمَّ حَتَّى نَدَتْ بِهِ الْأَسْمَاءُ
وَسُكُونٍ كَأَنَّهُ مِنْ وَرِيدٍ
نَبَتَتْ فِيهِ هِمَّةٌ سَمْحَاءُ
كُلَّمَا جَاءَتِ الرُّؤَى بَاكِيَاتٍ
سَكَنَتْهَا فِدَاءُ، مَا أَسْمَحَ الْجَأْوَاءُ
إِنْ تَمَشَّتْ مَشَتْ كَأَنَّ الْوَرَاهَا
طِيبُ ذِكْرَى، وَرِفْقُهَا إِعْطَاءُ
هِيَ عَيْنٌ تُفِيضُ حُسْنًا وَلَكِنْ
مَا تَرَى فِي جَمَالِهَا إِغْوَاءُ
أَتَعَزَّى بِذِكْرِهَا حِينَ أَنْسَى
ضِيقَ دُنْيَا، وَيُثْمِرُ الْإِرْوَاءُ
وَأَتَانَا مِنَ الْبِعَادِ سُؤَالٌ
فِي فِدَاءٍ: أَهَذِهِ الْبَيْدَاءُ؟
قَدْ أَسَاءُوا لِمِثْلِهَا فَكَأَنَّا
مَا بَدَوْنَا، وَكُلُّنَا إِغْضَاءُ
قَدْ رَمَوْهَا بِمَا اسْتَحَالَ افْتِرَاءً
فَهِيَ الْبُرْءُ وَالنُّفُوسُ الْهَنَاءُ
وَأَنَا السِّرُّ فِي فِدَاءَ وَسِرُّ الْـ
عِزِّ إِذْ لَفَّهَا الرُّقِيُّ الْبَهَاءُ
قَدْ أَقَامُوا سُؤَالَهَا فَغَدَوْنَا
بِجَوَابٍ يَهِيمُ فِيهِ النَّقَاءُ
يَا فِدَاءُ الْحَنَانُ فِيكِ لِوَاءُ
خَافِقٌ فِي دُجَى الْحَيَاةِ ضِيَاءُ
أَنْتِ بَرْدُ الْجَنَانِ إِنْ لَفَحَتْهُ
مِنْ صُرُوفِ الزَّمَانِ نَارٌ خَفَاءُ
فِي حُمَاكِ السُّكُونُ مَأْوَى الْمُعَنَّى
وَالضُّنَى فِي جِنَانِكِ انْطِفَاءُ
مِثْلُ أُمٍّ تُفِيضُ وَجْدًا وَنُورًا
رَحْمَةٌ فِي ثَنَايَها سَمْحَاءُ
إِنْ بَكَتْكِ الْغُيُومُ هَطَّلَتْ عِطْرًا
فَارْتَوَتْ مِنْ نَدَاكِ أَرْضٌ صَمَّاءُ
تُضْمِدِينَ الْقُلُوبَ إِنْ جَارَ دَهْرٌ
أَوْ تَكَشَّفَتْ فِي الدُّجَى الْبَأْسَاءُ
هَمْسُكِ الطَّيِّبُ يُورِقُ الْيَبْسَ زَهْرًا
وَرُؤَاكِ الْبَهِيَّةُ الْبَيْضَاءُ
لَمْسَةُ الطُّهْرِ، فِيكِ حُسْنُ الْمَعَانِي
وَبِكِ الرِّفْقُ وَالرُّؤَى الْوَضَّاءُ
مَنْ لِجُرْحِ الزَّمَانِ غَيْرُكِ بَلْسَمٌ
حِينَ تَضْحَى الْحَيَاةُ جُرْحًا دِهَاءُ
فَاشْهَدِي يَا الْقُلُوبُ أَنَّ فِدَاءً
فِي كِيَانِ الْمَحَبَّةِ الْإِيوَاءُ
نَسِيمُ حُبٍّ مِنْ فِدَاءَ تَجَلَّى
فَأَرْوَى الْفُؤَادَ، وَأَشْرَقَ الضِّيَاءُ
يَا وَفَاءً يُرَى بِوَجْهِكَ مَاءُ
سَاطِعًا فِي صَمِيمِهِ إِرْوَاءُ
أَيُّهَا الثَّابِتُ الَّذِي عَزَّ مِثْلُهُ
فِي سُرَى النَّاسِ أَوْ عَلَا الْجَوْزَاءُ
لَا تَظُنَّ الزَّمَانَ يَطْغَى عَلَيْكُمْ
أَوْ تُمَارِيكُمُ اللَّيَالِي الْخَبَاءُ
قَدْ عَقَدْنَا الْوُدُودَ عَقْدًا وَثِيقًا
فَهُوَ لِلدَّهْرِ نُورُهُ وَالْإِخَاءُ
قَدْ رَأَيْنَا مِنَ الصُّدُودِ جِبَالًا
فَتَصَدَّيْتَ أَنْتَ وَهَوَى الْجُنَاءُ
وَكَأَنَّ الْوَفَاءَ صَارَ جَنَاحًا
فَاطَّرَدْنَا بِهِ السُّهَى وَالضِّيَاءُ
مُتَرَفِّعًا عَنِ الْغَشُومِ وَلَا يَنْـ
كَسِرُ الْعَهْدُ مَا سَطَا الْأَعْدَاءُ
أَيُّمَا صَفْقَةٍ عَهِدْتُمْ فَعَقْدُ الْـ
عَهْدِ مِنْهَا مَحْفُوظَةٌ قُدْسَاءُ
إِنْ تَسُودُوا فَالْمَجْدُ مِنْكُمْ تَوَارَى
أَوْ تَخُونُوا فَالْمَجْدُ فِيكُمْ عَزَاءُ
فَاشْهَدُوا أَنَّ فِدَاءَ قَدْ صَارَتْ
لِوَفَاءِ الْعُهُودِ فَجْرًا وَمَاءُ
يَا خِلَالَ الزُّهَاءِ رُكْنًا رَكِينًا
وَمَقَامًا بَدِيعَهُ الْأَنْوَاءُ
أَيُّهَا الْمُكْرَمُ الَّذِي طَابَ أَصْلًا
وَانْتَشَى فِي عُلَاهُ كُلُّ عُلَاءُ
لَا تَظُنُّوا الرُّوَاءَ يُهْدَى سُدًى
دُونَ غَرْسٍ جَنَى بِهِ النُّجَبَاءُ
قَدْ تَأَسَّيْتَ بِالْمَكَارِمِ طَوْعًا
وَتَبَدَّيْتَ فِي رُبَى السَّمْحَاءِ
وَتَرَى خُلُقَكَ النَّبِيلَ زُهُورًا
تَتَهَادَى بِهَا الصَّبَاحُ مَسَاءُ
وَكَأَنَّ الْخِلَالَ رَيْحَانُ صَدْرٍ
فَاحَ مِنْهُ الرَّوَاءُ وَالسَّمْحَاءُ
مُتَرَسِّخًا كَالْجِبَالِ، فَلَا تَهُـ
زُّكَ رِيحٌ وَلَا تَغْشَاكَ بَلَاءُ
أَيُّمَا مَجْلِسٍ جَلَسْتَ تَرَاهُ
ضَاحِكًا بِالْبِشْرِ طَيِّبَ السَّمَاءِ
إِنْ سَمَتْ مَكْرُمَاتُنَا فَلِأَنَّا
مِرْآةُ الْخِلَالِ وَالْأَنْبِيَاءِ
فَاشْهَدُوا أَنَّ فِدَاءً بِجَلَالٍ
رِفْعَةٌ قَدْ طَوَتْ عَلَيْهَا السَّمَاءُ
يَا فِدَاءُ الْعَطَاءُ فِيكِ سَخَاءُ
وَمَدًى لَا يَطَالُهُ الْإِحْصَاءُ
سَابِغُ الْجُودِ كَالسَّحَابِ، يَسُوقُ الْـ
غَيْثَ دَفَّاقَ مَاؤُهُ الْوَثَّاءُ
أَنْتِ نَدَى الْفَجْرِ فِي الظَّلَامِ سَرَى
فَاسْتَبَانَتْ بِأَنْفَاسِكِ الْأَضْوَاءُ
مَا مَنَنْتِ وَلَا رَجَوْتِ ثَوَابًا
إِنَّمَا الْخَيْرُ مِنْكِ طَبْعٌ وَمَاءُ
وَكَأَنَّ النَّدَى نَمَا بِكِ حَتَّى
ضَحِكَتْ فِي رَوَابِي الْخَيْرِ الْأَنْحَاءُ
سَرَتِ رُوحًا مَعَ النَّسِيمِ، فَنَادَتْ
فِي جِرَاحِ الْحَيَاةِ مِنْكِ شِفَاءُ
سَابَقَيْتِ الزَّمَانَ جُودًا وَطِيبًا
فَغَدَا فِي خُطَاكِ يَغْدُو السَّخَاءُ
أَيُّمَا حَامِدٍ أَتَانَا رَأَى فِيـ
كِ جَمَالًا يُزَيِّنُهُ الْإِطْرَاءُ
أَوْ دَعَا دَاعِيًا لِعِزِّكِ خَيْـ
رًا رَأَى مِنْكِ رَحْمَةً وَإِبَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ فِيكِ رَوْحَ عَطَاءٍ
يَتَسَامَى بِهِ الرُّبَى وَالسَّمَاءُ
يَا فِدَاءُ الْحَكِيمَةَ الْعَقْلِ، نُورٌ
سَاطِعٌ فِي سَمَائِهِ اسْتِعْلَاءُ
مَا نَطَقْتِ الْحُرُوفُ إِلَّا وَعَطَّـ
رَتْ فُؤَادَ السَّامِعِينَ مِنْكِ النِّدَاءُ
حِكْمَةٌ أَنْتِ، إِنْ بَدَا مِنْكِ صَمْتٌ
فَالسُّكُوتُ اسْتَضَاءَ مِنْهُ الْقَضَاءُ
وَإِذَا أَقْبَلْتِ حَدِيثًا فَأَسْـ
رَجَتِ الْأَرْضَ مِنْكِ خَيْرَ ضِيَاءُ
وَكَأَنَّ الْبَيَانَ سَيْفُ يَقِينٍ
يَقْطَعُ الشَّكَّ حَيْثُ جَالَ الرَّجَاءُ
صِرْتِ فِكْرًا يَلُوحُ كَالطَّوْدِ يُغْنِي
عَنْ وَعِيدِ الزَّمَانِ، بَلْ هُوَ عَزَاءُ
فَإِذَا أَظْلَمَ الدُّجَى كُنْتِ قَبَسًا
لَاحَ فِيهِ السُّرَى وَبَانَ السَّنَاءُ
فِيكِ صَبْرُ الْحَكِيمِ إِنْ عَزَّ صَبْرٌ
وَعُلَا النَّفْسُ حِينَ يَعْيَا الْبَلَاءُ
أَيُّمَا رَأْيٍ أَسَّسْتِ كَانَ عَزِيزًا
ثَابِتًا لَا تُذِيبُهُ الْأَهْوَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ الْفِكْرَ مِنْكِ صَبَاحٌ
يَتَهَادَى بِهِ الْوَرَى وَالضِّيَاءُ
يَا فِدَاءُ الْأُخُوَّةُ التَّاجُ عِزٌّ
لَا يُضَاهِيهِ فِي الْعُلَا إِعْلَاءُ
أَنْتِ سِرٌّ يُفِيقُ قَلْبِي إِذَا مَا
لَفَّهُ فِي اللَّيَالِي الْأَسَى وَالْعَنَاءُ
حِينَمَا جَارَنِي الزَّمَانُ وَحَارَ الْـ
دَّهْرُ، كُنْتِ السَّنَا الَّذِي أَرْتَجَاءُ
كَمْ شَدَدْتِ الْعُرَى بِثَغْرِكِ بِشْرًا
وَبِكَفَّيْكِ يَنْبُتُ الْإِخَاءُ
أَنْتِ عَيْنِي إِذَا الْعُيُونُ غَفَتْ عَنْـ
كِ، وَقَلْبٌ إِذِ اسْتَبَدَّ الْبَلَاءُ
فِيكِ مَجْدِي، وَفِيكِ سِرُّ بَقَائِي
وَبَهَاءٌ بِذِكْرِكِ الْأَرْجَاءُ
أَنْتِ نَبْعٌ مِنَ الْحَنَانِ، سَرَى فِيـ
هِ هُدُوءٌ، وَرَفْرَفَ الْهَنَاءُ
قَدْ عَرَفْتُ الْحَيَاةَ فِي ظِلِّكِ الْعَذْبِ
فَلَا ظِلَّ مِثْلُهُ أَوْ سَوَاءُ
يَا فِدَاءُ الْقُلُوبُ تَهْتِفُ حُبًّا
لَكِ، وَالْعُمْرُ فِي هُدَاكِ فِدَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ مَا أَنَا فِيهِ رَهْنٌ
بِكِ، وَالْحُبُّ مَوْطِنٌ وَمَأْوَاءُ
يَا فِدَاءُ الصَّبُورُ مِثْلُ جِبَالٍ
لَا تَزِلُّ الْأَسَى وَلَا الْأَنْوَاءُ
كَمْ تَجَلَّدْتِ فِي اللَّيَالِي وَدَارَتْ
فَوْقَ رَأْسِكِ أَعْتَى الْبَلَاءُ
لَا تَئِنِّينَ تَحْتَ قَيْدِ رَزَايَا
أَوْ تُعَانِي بِمَا تُعَانِي النِّسَاءُ
إِنَّمَا أَنْتِ كَالشُّمُوسِ بَدَتْ فِي
أُفُقِ الْمَجْدِ فَانْجَلَى الظَّلْمَاءُ
هَكَذَا أَنْتِ حِينَ يَمْكُرُ دَهْرٌ
كُنْتِ صَخْرًا يَحَارُ فِيهِ الْفَنَاءُ
وَإِذَا الرِّيحُ عَصَفَتْ بِكِ صَبْرًا
كُنْتِ رَمْزًا تَثُورُ فِيهِ السَّمَاءُ
أَنْتِ مَوْجٌ، إِذَا الْعَوَاصِفُ جَاءَتْ
لَمْ تَهُنْ، وَاسْتَقَامَ مِنْهُ الْعَطَاءُ
يَتَحَدَّى الزَّمَانَ جَيْشُكِ صَبْرًا
لَا يَذِلُّ الشُّمُوخَ فِيهِ الشَّقَاءُ
وَعَلَى صَمْتِكِ الْجَمِيلِ دُرُوسٌ
تَتَغَنَّى بِهَا الْجِبَالُ الْعَفَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ فِيكِ سِرَّ حَيَاةٍ
لَمْ تَزَلْ فِيهِ رَوْعَةٌ وَصَفَاءُ
يَا فِدَاءُ الْأَثَرُ الطَّيِّبُ فَاحَا
عِطْرُهُ أَيْنَمَا جَرَتْ أَهْوَاءُ
زَرَعْتِ الْحُبَّ فِي قُلُوبِ الْوَرَى حَتَّى
تَنَامَتْ رِيَاضُهُ وَالْعَطَاءُ
كَأَنَّكِ الْبُشْرَى تَجُوبُ اللَّيَالِي
فَتُغَنِّي الْحَيَاةَ حِينَ يُجْفَاءُ
فِيكِ لِلْأَرْضِ رَوْضَةٌ مِنْ نَقَاءٍ
فَاحَ فِيهِ التَّبَسُّمُ الْإِغْرَاءُ
كُنْتِ بِشْرًا وَالنَّاسُ حَوْلَكِ صَحْرَاءُ
فَغَدَا الرَّمْلُ تَحْتَ كَفِّكِ مَاءُ
كَمْ أَضَأْتِ الدُّرُوبَ لِلْأَوْفِيَاءِ
وَزَهَتْ بِكِ فِي النَّدَى الْأَنْحَاءُ
كُلُّ قَلْبٍ مَرَرْتِ فِيهِ تَوَلَّى
وَهُوَ يَرْوِي الْمَحَبَّةَ الْأَوْفِيَاءُ
وَعَلَى دَرْبِكِ الْحَيَاةُ اشْتَهَاهَا
فَبَدَتْ فِيهِ رَوْعَةٌ وَسَنَاءُ
أَنْتِ عَهْدٌ لِمَنْ عَرَفْتِكِ صَفَاءٌ
أَنْتِ فِي الْقَلْبِ مِشْعَلٌ وَوَفَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ مَا زَرَعْتِ حَيَاةٌ
لَنْ يَطُولَ عَلَيْهَا بَعْدٌ وَفَنَاءُ
يَا فِدَاءُ الْجَمَالُ نُورٌ وَسِحْرٌ
يَتَجَلَّى بِهِ السُّرَى وَالْحَيَاءُ
فِيكِ لِلْهَيْبَةِ احْتِرَامٌ وَرُوحٌ
تَتَسَامَى وَتَخْفِقُ الْأَهْوَاءُ
لَمْ يَكُنْ وَجْهُكِ الْجَمِيلُ فَحَسْبَ الْـ
حُسْنَ، بَلْ فِي حَدِيثِكِ الْإِعْلَاءُ
أَنْتِ كَالطَّيْفِ حِينَ يَهْمِي بِنُورٍ
خَاشِعٍ فِيهِ تَغْتَنِي الْأَشْيَاءُ
وَعَلَى جَبِينِكِ الْوَقَارُ رَوَاءٌ
وَشُمُوخٌ بِهِ انْتَشَى الْبَهَاءُ
كُلُّ طَرْفٍ إِذَا رَآكِ تَوَارَى
خَاشِعًا فِي حَنَايَاهُ الْحَيَاءُ
أَنْتِ أَنْقَى مِنَ الزُّلَالِ، وَأَبْقَى
مِنْ شُعَاعٍ إِذَا أَطَلَّ الضِّيَاءُ
وَعَلَى خَطْوِكِ الرَّزَانَةُ تَمْشِي
وَالْمَهَابَةُ يَحُفُّهَا الْأَنْحَاءُ
لَيْسَ فِي الْحُسْنِ مِثْلُكِ الْيَوْمَ طَيْفٌ
يَتَسَامَى بِهِ الْوَرَى وَالْفَنَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ فِيكِ كُلَّ جَلَالٍ
فَاضَ مِنْهُ السُّكُونُ وَالْإِعْلَاءُ
يَا فِدَاءُ انْتَهَتْ حَكَايَا الْمَعَانِي
وَتَلَاشَى وَرَاءَهَا الْإِعْيَاءُ
غَيْرَ أَنَّ الْهَوَى يَظَلُّ يُبَارِي
فِي رُبَا الْحُبِّ زَهْرَةً خَضْرَاءُ
سَوْفَ تَبْقَى الْقَصَائِدُ الْبِيضُ تَرْوِي
أَنَّ فِي حُبِّكِ اكْتَمَلَ الْعَلَاءُ
أَنْتِ فِي كُلِّ نَبْضَةٍ أَنْتِ فَخْرٌ
أَنْتِ عِزٌّ تَضَوَّعَ فِيهِ السَّنَاءُ
قَدْ كَتَبْتُ الزَّمَانَ بِاسْمِكِ حُبًّا
وَتَلَاشَى عَنْ خَاطِرِي الْعَنَاءُ
مَا ارْتَضَيْتُ سِوَاكِ دَهْرًا صَدِيقًا
أَوْ شَبِيهًا، فَأَنْتِ فِيهِ السَّنَاءُ
كُلُّ بَيْتٍ نَطَقْتُهُ بِاسْمِ فِدَاءٍ
صَارَ فِيهِ الْقَصِيدُ نُورًا وَبَهَاءُ
كُلُّ عُمْرٍ يَطِيبُ قُرْبَكِ بِشْرًا
كُلُّ حُلْمٍ تُزَيِّنُهُ الْأَنْحَاءُ
يَا فِدَاءُ انْتَهَى الْقَصِيدُ وَلَكِنْ
بَقِيَ الْحُبُّ طَيْفُهُ وَالنَّقَاءُ
فَاشْهَدِي أَنَّ مَا نَطَقْتُ فُؤَادٌ
قَدْ رَوَى فِي هَوَاكِ كُلَّ الْبَلَاءُ
108
قصيدة