عدد الابيات : 44
سَارَةُ، يَا حُلْمَ عُمْرِي، يَا هَوَى الْأَمَلِ
يَا نَجْمَةً فِي سَمَاءِ الْقَلْبِ لَمْ تَزَلِ
يَا زَهْرَةَ الْفَجْرِ، مَا أَبْهَاكِ مِنْ حُلُمٍ
إِنْ مَرَّ طَيْفُكِ غَنَّتْ طُيُورُهُ الْحُلَلِ
سَارَةُ، أَنْتِ الْمُنَى، أَنْتِ الَّتِي غَرَسَتْ
فِي مُهْجَتِي شَوْقَهَا السَّامِيَ لِلْوَصْلِ
وَجْهٌ إِذَا لَاحَ، أَضْفَى النُّورَ رَوْنَقَهُ
وَفِتْنَةٌ صَاغَهَا الرَّحْمَنُ فِي مَهَلِ
عَيْنَاكِ، بَحْرٌ عَمِيقُ السِّحْرِ مُلْتَئِمٌ
كَأَنَّهُ عِظَمُ سِرِّ كَوْنٍ لَيْسَ يَنْفَصِلُ
فَجِيءُ وَجْنَتَيْكِ وُرُودُ الْحُسْنِ قَدْ نُثِرَتْ
كَأَنَّمَا مَسَّهَا بِالرُّوحِ غَيْثُ وَلِي
وَإِنْ تَبَسَّمْتِ، خِلْتُ الْكَوْنَ مُبْتَسِمًا
فَصَارَ قَلْبِي أَسِيرًا دُونَمَا حِيَلِ
إِنْ قُلْتِ مَهْلًا، هَوَى الْأَزْمَانُ طَائِعَةً
وَإِنْ نَظَرْتِ، ارْتَقَى فِي الْحُبِّ مُكْتَمِلِ
وَجْهٌ كَأَنَّ ضِيَاءَ الشَّمْسِ حِينَ بَدَتْ
قَدْ لَامَسَ الْأَرْضَ فَانْشَقَّتْ عَنِ الزَّلَلِ
فِي خُصُلَاتِكِ لَيْلٌ صَاغَ أَسْرَارَهُ
وَبَيْنَ أَجْفَانِكِ الْآيَاتُ فِي خَجَلِ
فِي خَدِّكِ الْوَرْدُ، مَا أَحْلَى تَمَازُجَهُ
وَفِي شَذَاكِ عَبِيرُ الْمِسْكِ وَالنَّهَلِ
يَا زَهْرَ الْحُسْنِ، إِنْ قُلْتِ اسْمَعْ وَدَعِي
غَنَّى النَّسِيمُ بِفَيْضِ الْحُبِّ وَالْمُقَلِ
قَدْ كَانَ قَلْبِي جَمُوحًا لَا يُقَيِّدُهُ
سِحْرُ النِّسَاءِ، وَلَكِنْ أَنْتِ فِي عَجَلِ
مَلَكْتِ رُوحِي، وَأَذْوَيْتِ الْجِبَالَ هَوًى
فَمَا لِقَلْبِي إِذَا مَا لَاحَ مُرْتَحَلِ
سَارَةُ، يَا جَوْهَرًا سَامِيَ الْمَكَانَةِ فِي
صَدْرِي، وَيَا نَجْمَةَ الْآمَالِ وَالطَّلَلِ
يَا قَامَةً مِنْ خَيَالِ الطَّيْفِ مُنْتَصِبًا
كَأَنَّهَا السَّيْفُ فِي كَفِّ الْهَوَى نَزَلِ
تَتَهَادَى فَوْقَ بِسَاطِ الْحُسْنِ مُشْرِقَةً
فَيَمِيدُ طَرْفِي إِذَا مَا لَاحَ أَوْ يَمِلِ
أَحْبَبْتُ فِيكِ كَمَالَ الطُّهْرِ مُبْتَسِمًا
وَفِيكِ حُسْنٌ فَرِيدُ الطَّبْعِ وَالْجَلَلِ
سَارَةُ، يَا نَبْضَ أَفْلَاكِ السَّمَا صُعِقَتْ
حِينَ اسْتَضَاءَتْ عَلَى وَجْهٍ لَكِ مُكْتَمِلِ
أَنْتِ الْقَصِيدَةُ، بَلْ تَاجُ الْبَلَاغَةِ فِي
شِعْرِي، وَأَنْتِ هَوَى الْأَشْوَاقِ فِي غَزَلِ
أَرَى بِكِ الْكَوْنَ حِينَ اللَّهُ صَاغَ لَنَا
أَبْهَى النِّسَاءِ بِأَمْرٍ لَيْسَ يُحْتَمَلِ
مَاذَا أَقُولُ؟ وَقَلْبِي قَدْ تَهَافَتَ فِي
حُبٍّ تَفَجَّرَ مِثْلَ الْمَاءِ مِنْ جَبَلِ
أَهِيمُ فِيكِ، وَفِي الْأَضْلَاعِ لِي شَغَفٌ
يَمْضِي بِهِ الْحُبُّ فِي صَمْتٍ وَفِي مَثَلِ
يَا رِيحَ عِطْرٍ، إِذَا مَرَّتْ مَلَامِحُهَا
ظَلَّ الْهَوَى سَاجِدًا فِي ظِلِّكِ الْخَضِلِ
فِي مُقْلَتَيْكِ سَمَاءُ اللَّيْلِ مُزْدَهِرٌ
نُجُومُهُ بَرْقُهَا كَالدُّرِّ مُتَّصِلِ
كَأَنَّ خَدَّكِ نُورٌ حَاكَهُ قَمَرٌ
يَغَارُ مِنْهُ عَلَى إِشْرَاقِهِ الطَّلَلِ
سَارَةُ، يَا عَبَقَ الْآيَاتِ، يَا وَهَجًا
يَحْكِي الْخُلُودَ بِعَيْنِ الْعَاشِقِ الثَّمِلِ
إِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَعْنًى يُرْتَجَى أَبَدًا
فَأَنْتِ ذَاكَ الَّذِي لَا يُرْتَجَى بَدَلِ
سَارَةُ، يَا آيَةً لِلْكَوْنِ كَامِلَةً
قَدْ جَمَّلَ اللَّهُ مَا فِيكِ وَمَا فَعَلِ
يَا طَيْفَ حُلْمٍ تَسَامَى فِي خَيَالَاتِي
وَيَا حَيَاةً بَدَتْ مِنْ أَجْمَلِ الْمُثُلِ
إِنْ قِيلَ: مَا الْحُبُّ؟ قُلْتُ: الْحُبُّ مُعْجِزَةٌ
أَنْتِ ابْتِدَاؤُهُ، أَنْتِ لَهُ الْأَمَلِ
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، إِنْ مَالَتْ عَلَى شَغَفٍ
مَالَ الْهَوَى وَارْتَوَى فِي ظِلِّكِ الْغَزَلِ
سَارَةُ، يَا قُبْلَةَ الْأَفْلَاكِ فِي مَهَلِ
وَيَا سَنَا النَّجْمِ فِي عَلْيَاءِ مُكْتَمِلِ
يَا جَنَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِي، وَيَا أَمَلًا
أَضْحَى وُجُودِي بِهِ سِرًّا بِلَا عَجَلِ
فَيَا مَلِيكَتِي، يَا نَبْضَ أَوْرِدَتِي
خُذِينِي حَيْثُ لَا خَوْفٌ وَلَا وَجَلِ
يَا تَاجَ الْعَفَافِ، وَيَا سِرَّ الْوُجُودِ
خُذِي رُوحِي وَبِهْيَامِهَا بِلَا خَجَلِ
سَارَةُ، أَنْتِ الْخُلُودُ فِي عَيْنِ الْعَاشِقِ
وَالشَّوْقُ فِي حِضْنِ الْأَبَدِ الْمُقْبِلِ
إِذَا نَظَرْتِ، ارْتَقَتْ رُوحِي إِلَى الْقِمَمِ
وَإِنْ ضَحِكْتِ، ذَابَ الْحُزْنُ وَالْمَلَلِ
يَا بَهْجَةَ الرُّوحِ، إِنْ مَرَّتْ ذِكْرَاكِ
صَارَ الْحَنِينُ عَذْبًا، يَغْدُو بِلَا أَمَلِ
يَا زَهْرَةَ الْكَوْنِ، لَوْ أَنَّ الزَّمَانَ أَطَالَ
فِي عُمْرِكِ، لَصَارَ الْحُبُّ أَعْدَلَ الْحُلَلِ
سَارَةُ، يَا أُنْشُودَةَ الشِّعْرِ الَّتِي بِهَا
اكْتَمَلَ قَلْبِي وَلَمْ يَزْدَدْ سِوَى حِمْلِ
سَأَبْقَى أُحِبُّكِ مَهْمَا طَالَ بِي زَمَنِي
وَأَرْتَجِي اللَّهَ أَلَّا يَنْتَهِيَ الْأَجَلِ
أَنْتِ الْخُلُودُ، وَكُلُّ الْكَوْنِ يُنْشِدُنِي
فِيكِ الْحَيَاةُ، وَفِيكِ الْحُبُّ يَكْتَمِلِ
يَا سَارَةُ، يَا وَرْدَةَ الْحُسْنِ الَّتِي بَدَتْ
فِي كُلِّ بَيْتٍ أَرَاهَا خَاتِمَةَ الْغَزَلِ
146
قصيدة