الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » حِينَ يُصْبِحُ الْحُبُّ شِعْرًا خَالِدًا

عدد الابيات : 81

طباعة

يَا نَزَارُ، قَرَأْتُ الشِّعْرَ مُنْذُ صِبَايَ

فَانْتَفَضَ الْفُؤَادُ وَمَا عَرَفْتُ خَوَافِقِي

كَمْ تَوَهَّجَ الْحَرْفُ الْجَرِيءُ بِمُهْجَتِي

وَمَضَى يَشِعُّ كَأَنَّهُ بَرْقُ الصَّوَاعِقِ

أَنْتَ الَّذِي صَاغَ الْكَلَامَ بِحِدَّةٍ

وَرَمَى الْقَوَافِيَ بِاللَّهِيبِ الْحَارِقِ

أَنْتَ الَّذِي جَلَّتْ حُرُوفُكَ مُهْجَتِي

فَوْقَ السَّمَاءِ وَبِالدُّجَى كَالشَّاهِقِ

أَنْتَ الَّذِي خَطَّ الْبَيَانَ بِمِعْصَرٍ

فِيهِ الْجَمَالُ تَمَوَّجَ الْبِرَّ الدَّافِقِ

أَنْتَ الَّذِي عَلَّمْتَ أَنَّ كَلِمَتِي

نَارٌ تُؤَجِّجُ لَوْعَتِي فِي الْخَافِقِ

أَنَا لَا أُرِيدُ النَّثْرَ يَعْصِفُ خَاطِرِي

بَلْ شَاعِرٌ لِلَّبِيدِ غَيْرُ مُفَارِقِ

أَنَا لَا أُرِيدُ الْحَرْفَ يَغْدُو عَابِثًا

بِالْعُمْقِ يَسْرِي مِثْلَ بَرْقٍ زَاهِقِ

أَنَا لَا أُرِيدُ الشِّعْرَ إِلَّا مَوْهِبًا

نَزْفًا يُنَاغِي قُدْسِيَ الْمُتَعَانِقِ

هَذَا تَحَدٍّ فِي الْقَوَافِي صَاخِبٌ

فَاسْمَعْ مَدِيحَ الْحُبِّ مِنْ عَاشِقِ

يَا نَزَارُ، هَذِي السَّاعَةُ الْعُظْمَى الَّتِي

سَطَعَتْ كَنَجْمٍ فِي السَّمَا الْمُتَأَلِّقِ

هَذِي مَيَادِينُ الْقَوَافِي ثَائِرَةٌ

فَخُذِ اللِّوَاءَ، وَجَرِّدِ السَّيْفَ الْبَارِقِ

سَأَكُونُ صَقْرًا فِي اللُّغَى، وَسَتَرْتَقِي

فِيهَا حُرُوفِي كَرِّيَاحِ الْعَصْفِ الْحَارِقِ

سَأَكُونُ صَوْتًا لَا يُبَاعُ بِنَغْمَةٍ أَوْ هَوَى

أَوْ يَنْثَنِي خَوْفًا لِرِيَاحِ رَأْيٍ زَاهِقِ

إِنْ كُنْتَ تُتْقِنُ فَنَّ سِحْرِكَ فِي الْوَرَى

فَأَنَا الْغَرِيمُ بِفِكْرَةٍ كَالصَّوَاعِقِ

سَأُسَاجِلُ الْأَوْزَانَ حَتَّى تُصْبِحَ الْـ

أَحْجَارُ تُومِضُ فِي لَهِيبِ الْمُحْرِقِ

سَأُشْعِلُ الدُّنْيَا حُرُوفًا حَوَارِقًا

وَأُحِيلُ صَمْتَ الشِّعْرِ دَمْعًا نَاطِقِ

لَا تَحْسَبِ الْحَرْفَ الْجَرِيءَ تَسَوُّلًا

أَوْ أَنَّهُ نَبْضٌ يُبَاعُ وَيُشْرَى بِبَارِقِ

هَذَا جَوَادُ الشِّعْرِ يَحْمِلُ صَوْلَتِي

فَانْظُرْ إِذَا كُنْتَ الْفَرَسْخَ السَّابِقِ

إِنْ كُنْتَ تَسْكُبُ مِنْ جِرَاحِكَ مِدَادَهَا

فَأَنَا أَذُوبُ بِحُزْنِهَا الْمُتَدَافِّقِ

إِنْ كُنْتَ تُبْحِرُ فِي الْمَجَازِ بِسَيْفِهِ

فَأَنَا الْعُبَابُ، وَأَنْتَ مِلْحُ الْغَارِقِ

إِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ كَأْسَكَ مَمْلُؤٌ

فَالْكَأْسُ كَأْسِي فِي الْوُجُودِ الْمُورِقِ

سَأَكْشِفُ الْأَوْزَانَ حَتَّى تَشْهَدَ الْـ

أَشْعَارُ أَنِّي الْحُرُّ فِي الْأَحَادِقِ

لَوْ كُنْتَ نَارًا فِي الرُّبَى وَحَرِيقَهَا

فَأَنَا اللَّهِيبُ وَأَنْتَ دُونَ بَرَابِقِ

يَا نَزَارُ، إِنِّي فِي اللُّغَى قَدْ أُشْرِبَتْ

كُلُّ الْحُرُوفِ، وَسَافَرَتْ فِي مِدْفَقِي

إِنْ كُنْتَ تَكْتُبُ بِالضِّيَاءِ فَإِنَّنِي

أَكْتُبُ بِدَمْعِ الْعَاشِقِ الْمُتَحَدِّقِ

هَذَا نِزَالٌ، وَالْقَوَافِي أَشْهَدَتْ

أَنِّي الْفَرَسُ الْجَامِحُ الْمُتَسَابِقِ

فَاحْفَظْ كَلَامِي فِي الْكُتُبْ، فَإِنَّهُ

نَصْرٌ يُؤَذِّنُ فِي الزَّمَانِ السَّاحِقِ

يَا نَزَارُ، أَنْتَ الْمَوْجُ فِي تِيهِ اللُّغَى

وَأَنَا السَّحَابُ بِرَعْدِهِ الْمُتَدَفِّقِ

أَنْتَ الَّذِي أَرْسَيْتَ بَحْرَكَ صَاخِبًا

وَأَنَا الَّذِي سَكَبَ الضِّيَاءَ بِمَشْرِقِي

إِنْ كُنْتَ تُبْحِرُ فِي الْحُرُوفِ بِقَارِبٍ

فَأَنَا السُّحُبُ وَفَوْقَهَا بِي دَوْمَقِي

إِنْ كُنْتَ سَيْفًا فِي الْمَجَازِ فَإِنَّنِي

دَاعٍ لِحَرْبٍ تَسْتَفِزُّ رِضَا الْمَوَافِقِ

هَذَا الْمِنَصَّةُ فَاعْتَلِيهَا شَامِخًا

أَوْ فَاسْمَعْ نَشْوَى الْقَوَافِي بِالْحَدَقِ

هَذَا بَيَانِي، فَاقْرَأُوهُ مُهَذَّبًا

فِي كُلِّ سَطْرٍ فَجْرُ شِعْرٍ مُورِقِ

يَا نَزَارُ، هَلْ فِي الشِّعَارِ نِهَايَةٌ؟

أَمْ هَلْ سَتَرْكُضُ بِالْمَدَى الْمُتَأَلِّقِ؟

هَذَا مَجْدُ اللِّوَاءُ بِرَأْسِهِ يَتَرَفَّعُ

فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَوْقِفَ الْمُتَحَذِّقِ

إِنْ كُنْتَ تَكْتُبُ فِي الْحُرُوفِ بِنَارِهَا

فَالْحَرْفُ بَيْنَ يَدَيَّ مَاءُ الدَّافِقِ

إِنْ كُنْتَ تُلْقِي الشِّعْرَ سِحْرًا عَابِرًا

فَالشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيَّ دَمْعُ الْعَاشِقِ

هَذِي الْقَوَافِي خَاضِعَاتٌ لِيَدِي

وَالْوَزْنُ يَرْقُصُ فِي فَمِي الْمُتَرَنِّقِ

أَلْقَيْتُ كُلَّ جَوَاهِرِي وَصَهَرْتُهَا

فَخُذِ الْحُرُوفَ، وَكُنْ لَهَا الْمُتَحَقِّقِ

إِنْ كَانَ لِلشُّعَرَاءِ عَرْشٌ شَامِخٌ

فَلَقَدْ تَجَلَّى عَرْشُهُمْ فِي مِغْرَقِي

يَا نَزَارُ، إِنَّ الشِّعْرَ سَيْفٌ قَاطِعٌ

يَعْلُو بِهِ فَنُّ الْبَيَانِ الْمُشْرِقِ

فَإِذَا تَسَلَّحْنَا بِبَحْرٍ هَادِرٍ

سَارَتْ قَوَافِينَا كَجَيْشٍ مُحْرِقِ

وَإِذَا تَكَاثَفَتِ الْحُرُوفُ بِنَفْحِهَا

كَانَتْ لَهَبًا فَوْقَ اللُّغَى الْمُتَأَلِّقِ

أَنْتَ الَّذِي نَثَرَ الْكَلِمَاتِ مُتَوَهِّجًا

وَأَنَا الَّذِي سَكَبَ الْقَوَافِي بِمِغْدَقِ

إِنْ كَانَ يَنْفَحُكَ الْجَمَالُ بِسِحْرِهِ

فَلَقَدْ نَثَرْتُ السِّحْرَ فَوْقَ الْمُغْرِقِ

يَا صَاحِبَ السَّيْفِ الرَّصِينِ بِقَوْلِهِ

هَلْ تَسْتَطِيعُ إِزَاحَةَ وَجْدِ الْمُتَعَلِّقِ؟

يَا نَزَارُ، قَدْ أَعْلَنْتُهَا بِصَرَاحَةٍ

فَالنَّصْرُ فِي مِضْمَارِنَا لِيَ مُطْلَقِ

أَنَا مَا خَشِيتُ الْبَحْرَ حِينَ أَرَدْتُهُ

فَالْغَيْمُ مِنْبَرِي وَالسَّمَاءُ الْمُغْدِقِ

وَكَذَاكَ صَاغَ الْحُرْفَ فِيَّ بُيُوتُهُ

وَأَنَا الَّذِي خَضَّبْتُهَا بِالْمُورِقِ

إِنْ كُنْتَ تَكْتُبُ بِالْحَرَائِقِ سِحْرَهَا

فَأَنَا مَنْ سَكَبَ اللُّغَى بِالْحَرَائِقَ

وَإِذَا سَجَدْتَ لِحَرْفِكَ الْمُتَأَلِّقِ

فَالشِّعْرُ فِي كَفِّي سُجُودٌ مُغْرِقُ

إِنْ كَانَ صَرْحُ الشِّعْرِ بُنِيَ عَالِيًا

فَالشِّعْرُ يَرْفَعُنِي وَفَوْزِي مُحَقَّقِ

يَا نَزَارُ، وَهَجُ الشِّعْرِ يَسْكُنُ مُهْجَتِي

وَيُذِيبُ مِنِّي كُلَّ قَيْدٍ مُحْدِقِ

أَطْلَقْتُ مِنْ صَمْتِي قَصَائِدَ ثَائِرٍ

وَصَخَبْتُ بِالْآفَاقِ صَوْتَ الزَّابِقِ

وَسَكَبْتُ فِي أُفُقِ الْقَوَافِي مُهْجَتِي

فَتَوَهَّجَتْ نَارًا بِعَطْرِ الْعَاشِقِ

مَنْ قَالَ إِنَّ الشِّعْرَ يُطْفِئُ نَارَهُ؟

إِنِّي أَرَاهُ كَنَارِ الْمَجَرَّةِ حَارِقِ

يَا نَزَارُ، إِنَّ الشِّعْرَ لَيْسَ مُجَامَلًا

وَلَهُ بِقَلْبِ الْعَاشِقِينَ مَوَاثِقِ

وَسَكَنْتَ فِي وِجْدَانِ كُلِّ مُجَدِّدٍ

وَتَجَذَّرَتْ فِيكَ الْفُصُوحُ الْخَالِقِ

إِنِّي وَإِنْ جِئْتُ التَّحَدِّيَ مُوقِنٌ

أَنِّي أُبَارِزُ بَحْرَ نَارِ شِعْرٍ مُحْرِقِ

لَكِنَّنِي يَا سَيِّدَ الْحَرْفِ الَّذِي

أَحْيَا الْقَصِيدَ، أُجِلُّهُ كَالْوَاثِقِ

فَالشِّعْرُ يَبْقَى رَغْمَ كُلِّ مُحَارِبٍ

مَا دَامَ بِالْأَرْوَاحِ ضَوْءُ الشَّاهِقِ

يَا نَزَارُ، إِنَّ الْقَلْبَ يَنْبِضُ شَاعِرًا

فَإِلَى مَتَى يُبْنَى اللِّسَانُ بِالْبَارِقِ؟

إِنْ كُنْتَ أُسْطُورَ الْقَوَافِي بِنُورِهَا

فَأَنَا الَّذِي سَطَّرْتُهَا بِالشَّارِقِ

وَإِذَا كَتَبْتَ الْحُبَّ صَرْحًا نَاطِحًا

فَالْحُبُّ يَجْرِي فِي يَدِي بِالتَّارِقِ

فَالْيَوْمَ يَشْهَدُ كُلُّ شَاعِرِ أُمَّةٍ

أَنِّي بَنَيْتُ لِنَجْمِنَا الْمُتَسَابِقِ

فَالشِّعْرُ فَوْقَ الْمَجْدِ يَرْفَعُ صَوْتَهُ

وَبِنَاؤُهُ يَبْقَى بِوَجْهِ الْغَاسِقِ

يَا نَزَارُ، إِنَّ الْحُبَّ سِحْرٌ خَالِدٌ

وَضِيَاءُ أَشْوَاقٍ كَفَجْرٍ مُشْرِقِ

وَرَسَمْتَهُ نَارًا تُنَاضِلُ أَمْرَهَا

بِالْعِشْقِ تُبْحِرُ فِي بِحَارِ الْعَاتِقِ

قَدْ كُنْتَ مَسْؤُولًا عَنِ الْوَجْدِ الَّذِي

أَطْلَقْتَهُ زَخْمًا بِوَجْدٍ دَافِقِ

فَالْحُبُّ يَبْقَى فِي الْقُلُوبِ مُقَدَّسًا

مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا وُجُودُ الْعَاشِقِ

يَا نَزَارُ، كَيْفَ الْقَلْبُ يَحْيَا مُغْرَمًا

فِي وَطَنٍ يُبْكِي فُؤَادَ الْعَاشِقِ؟

أَرَأَيْتَ كَيْفَ الصَّبْرُ يَذْبُلُ بَيْنَنَا

وَالْحُرُّ يَحْيَا فِي رُؤَى الْمُتَوَثِّقِ؟

وَطَنِي تَفَجَّرَ فِي دِمَائِي نَازِفًا

وَيَظَلُّ فِي قَلْبِي كَمِثْلِ الشَّاهِقِ

لَا السِّلْمُ يُحْيِيهِ وَلَا نَارُ الْعِدَا

إِنِّي أَرَاهُ النُّورَ فِي كُلِّ الْآفِقِ

يَا نَزَارُ، إِنَّ الشِّعْرَ يُولَدُ ثَائِرًا

وَيَمُوتُ بِأَرْضِ الْجُبَانِ الْمُغْلِقِ

مَا دُمْتَ تُبْصِرُ بِالصَّبَاحِ حُرُوفَنَا

فَسَيَبْقَى فِي الدُّنْيَا بَيَانِي مُشْرِقِ

هَذَا التَّحَدِّي جَاءَ لَيْسَ تَكَبُّرًا

بَلْ نَحْنُ لِدَرْبِ الْحُرُوفِ نُسَابِقِ

إِنِّي وَإِنْ كَانَتْ قَوَافِي ثَائِرَةً

لَكِنَّنِي بِحُرُوفِ نَزَارَ عِزَّ الْوَاثِقِ

فَالشِّعْرُ يَبْقَى رَاسِخًا فِي دَرْبِنَا

مَا دَامَ بِالْأَرْوَاحِ ضَوْءُ العَّابِقِ

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

119

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة