عدد الابيات : 62
طباعةشَكَوْتُ لِمَحْبُوبَتِي ظُلْمَ هَجْرِهَا
فَقَالَتْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ أَنْتَ ثَقِيلُ
أَيَا ظُلْمًا أَتَى دُونَ دَلِيلٍ
فَمَا لِلْغَرَامِ بِبَرَاءَتِي مَثِيلُ
فَدَعْنَا لِحَكَمٍ مِنَ النَّاسِ عَادِلٍ
يَرَى الْحَقَّ، لَا يَحِيفُ وَلَا يَمِيلُ
رَضِينَا بِحُكْمٍ لَا يُحِقُّ مَوَدَّةً
فَمَا كَانَ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ سَبِيلُ
فَقُلْنَا لَهُ احْكُمْ، نَرْضَ بِالْقَهْرِ مُكْرَهًا
وَلَكِنْ قَضَاؤُكَ لَيْسَ فِيهِ عَدِيلُ
وَقَالَتْ بِدِينِ الْحُبِّ زَعَمُوا الْبُطْلَا
وَلَيْسَ لِمِثْلِي بِالْخُصُومَةِ مَيْلُ
فَكَيْفَ أُدِينُ الْقَلْبَ دَيْنًا بِغَيْرِهِ
وَأَقْتُلُ بِالْحُبِّ، وَلَيْسَ سِلَاحٌ دَلِيلُ
فَحَلَفْتُ بِاللَّهِ يَمِينًا لَا أَقْطَعُهَا
وَأَنِّي عَلَى الزَّعْمِ الْمَوْهُومِ نَبِيلُ
فَقَالَ الْقَضَاءُ بَرَاءَتَهَا وَاضِحَةً
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ الْحُكْمَ دَوْمًا هَزِيلُ
فَقُلْتُ وَقَدْ أَدْمَى الْفُؤَادَ قَضَاؤُهَا
أَمَا لِي فِي الْحُبِّ عَنْكِ حَلِيلُ
فَقَالَتْ: كَفَاكَ الْحُزْنَ، لَا تُطِلْ بِهِ
فَمَا عَادَ لِوَصْلِي لَدَيْكَ بَدِيلُ
حَبِيبَتِي، دَاؤُكِ فِي الْقَلْبِ مُضْمَرٌ
وَلَيْسَ بِذِي ذَنْبٍ هَوَايَ جَدِيلُ
أَيَا قَلْبُ صَبْرًا، لَا تَذُبْ فِي لَوْعَتِي
فَمَنْ هَزَّهُ الْحُبُّ الْعَظِيمُ يَطُيلُ
أَتَانِي الْجَفَاءُ وَأَنْتِ نُورُ قَلْبِي
فَكَيْفَ يُرْجَى وَصْلُ مَنْ لَا يَزُولُ؟
أَيَا مَنْ تَمَلَّصْتِ مَكْرًا بِعُذْرِ عِلَّةٍ
فَمَا كُلُّ أَعْذَارِ الْغَرَامِ تُقَالُ
حَكِيمٌ مِنَ الْأَحْبَابِ لَا يُمَالِي
يَرَى الْعَدْلَ بَيْنَنَا وَلَا يُطِيلُ
قَضَى بِالسَّوِيَّةِ حُكْمًا جَلِيلًا
فَطُوبَى لِحُكْمٍ أَتَى مَقْبُولُ
ظُلِمْتُ وَأَنْتِ فِي الْحُكْمِ الْجَلِيلِ
فَكَيْفَ يُجَافِي الْحُبَّ مُسْتَحِيلُ
وَلَوْ أَنَّ دَمْعِي فِي السَّهَادِ يُنِيلُنِي
لَبَكَّيْتُ حَتَّى يَنْفَدَ الدَّمْعُ جَزِيلُ
أَيَا سَارِ، هَلْ لِلْحُبِّ عُذْرٌ يُعَلَّلُ
أَمِ الْقَلْبُ فِي بَحْرِ الْجَفَا وَصِيلُ؟
فَلَوْ كُنْتِ فِي شَأْنِ الصَّفَاءِ مُجِيبَةً
لَمَا بَاتَ الشَّوْقُ بِالْقَلْبِ شَعِيلُ
فَقَالَتْ أَبْتَغِي حَكَمًا مِنْ أَهْلِي
وَلَا يَدْرِي بِنَا الْوَاشِي الذَّلِيلُ
فَوَلَّيْنَا الْحُكُومَةَ ذَا سُجُوفٍ
أَخًا دُنْيَا لَهُ حِكْمُ طَرْفٍ كَلِيلُ
فَقُلْنَا: مَا قَضَيْتَ بِهِ رَضِينَا
وَأَنْتَ بِمَا قَضَيْتَ بِهِ كَفِيلُ
وَقُلْتُ لَهُ: قُتِلْتُ بِغَيْرِ جُرْمٍ
وَغِبُّ الظُّلْمِ مَرْتَعُهُ وَبِيلُ
فَقَالَتْ: إِنَّ ذَا كَذِبٌ وَبُطْلٌ
وَشَرٌّ مِنْ خُصُومَتِهِ طَوِيلُ
أَتَذْكُرُ أَيَّامَ الْوِدَادِ وَعَهْدَنَا؟
أَمِ انْسَاكِ بِدُنْيَا الْهَوَى غَلِيلُ؟
سَقَاكِ الزَّمَانُ الْخُضْرَ مِنْ كَأْسِ نَكْبَتِي
وَسُقْتِ الْهَوَى كَأْسَ الْحُبِّ مَعْسُولُ
فَبَتَّتْ حَلْفَةً مَا لِي لَدَيْهَا
نَقِيرٌ أَدَّعِيهِ بِحَقٍّ وَلَا فَتِيلُ
فَلَا تُنْكِرِي قَلْبِي وَمَا أَصَابَهُ
فَإِنَّكِ لِلسَّيْفِ الَّذِي فِيهِ عَوِيلُ
حَلَفْتِ وَلَكِنَّ الْغَرَامَ دَلِيلُنَا
وَذَاكَ الدَّلِيلُ بِالْجَوَانِحِ جَلِيلُ
فَلَوْ تَرْحَمِينَ الْقَلْبَ مِنْ نَارٍ جَفَّتِنِي
لَكَانَ لِظَى الْأَحْزَانِ لِلصَّدْرِ حَلِيلُ
فَقُلْتُ لَهَا وَقَدْ غُلِبَ التَّعَزِّي
أَمَا يُقْضَى لَنَا يَا سَارَةُ سُؤَالُ
فَقَالَتْ ثُمَّ زَجَّتْ حَاجِبَيْهَا
أَطَلْتَ وَلَسْتَ فِي شَيْءٍ تُطِيلُ
سَأَلْتُكِ وَصَدْرُ الْحُبِّ بُرْكَانًا
أَمَا آنَ قَلْبُكِ فِي الْوُدِّ يَمِيلُ
وَلَكِنَّ جَوَابَكِ كَانَ كَخِنْجَرٍ
أَطَلْتَ وَلَمْ تُجْدِ، وَهَلْ مَا تَقُولُ
وَقُلْتُ لَهَا: اعْتَلَلْتِ بِغَيْرِ ذَنْبٍ
وَشَرُّ النَّاسِ ذُو الْعِلَلِ الْبَخِيلُ
فَأْتِينِي إِلَى حَكَمٍ مِنْ أَهْلِي
وَأَهْلِكِ لَا يَنْحَنِي وَلَا يَحِيلُ
أَمَامَ الْأَمِيرِ حِكَايَتِي طَوِيلَةٌ
وَبَيْنَ الشُّهُودِ بَرَاءَتِي تَسْتَحِيلُ
فَأَقْسَمْتِ بِاللَّهِ وَأَنْتِ بَرِيئَةٌ
فَكَانَ قَضَاؤُكِ حُسْنًا جَمِيلُ
أَرَاكِ بِعَيْنِ الشَّوْقِ وَالْحُبُّ خَافِقٌ
وَلَكِنَّ دَاءَ الْقَلْبِ فِيكِ يَئُولُ
حَكِيمٌ إِذَا مَا احْتَكَمَ الْقَلْبُ بَيْنَنَا
تَرَاهُ كَضَوْءِ الْفَجْرِ صَفْوًا ظَلِيلُ
لَهُ حِكْمَةٌ تَرْوِي الظَّلَامَ بِعَقْلِهِ
فَتَخْبُو خُصُومَاتٌ وَيُزْهِرُ الْكَمِيلُ
أَيَا حَكَمَ الْعُشَّاقِ هَلْ مِنْ آخِرٍ؟
لِظُلْمٍ يُهَدُّ الْقَلْبَ دَمْعًا مَلِيلُ
بَرَاءَتِي كَالشَّمْسِ وَضَّاحَةُ الضُّيَا
وَلَكِنَّ خَصْمِي فِي الْجَفَا الْكَحِيلُ
أَيَا سَارَ، رَحْمَاكِ بِالْقَلْبِ الضَّعِيفِ
أَلَمْ يَكْفِ أَنِّي فِي الْهَوَى الْجَزِيلُ؟
فَدَعِينِي لَعَلَّ الْوَصْلَ يُحْيِي شَجْوَتِي
وَلَعَلَّكِ فِي الْبُعْدِ لِقَلْبِي تَرَاتِيلُ
رَأَيْتُ النُّورَ فِي عَيْنَيْكِ يَسْرِي
كَصُبْحٍ لَاحَ فِي اللَّيْلِ الطَّوِيلُ
وَفِي خَدَّيْكِ، وَرْدُ الْعِشْقِ يَحْكِي
حَكَايَا الزَّمَانِ الْمُرِّ الْعَسِيلُ
أَمَا الشَّفَتَانِ، شَوْقٌ لَا يَغِيبُ
كَعِطْرِ الْوَرْدِ فِي الْقَلْبِ الدَّلِيلُ
وَفِي الصَّوْتِ أَغَانِي الطَّيْرِ تُغَنِّي
وَكَأَنَّ الْكَوْنَ يَرْقُصُ وَيُطِيلُ
أَيَا مَنْ غِبْتِ، هَلْ لِلرُّوحِ صَبْرٌ؟
وَقَدْ ضَاقَ الْفُؤَادُ مِنَ الْعَوِيلُ
غِيَابُكِ يَا حَبِيبَةُ نَارُ شَوْقٍ
تُذِيبُ الْقَلْبَ فِي صَدْرِ الْعَلِيلُ
إِذَا غِبْتِ، مَاتَ فِي الْقَلْبِ رَجَاءٌ
كَأَرْضٍ عَطْشَى وُئِدَتْ فِي الدَّغِيلُ
فَإِنْ كُنْتِ لَا تَبْقِينَ لِي إِلَّا حَنِينًا
فَدَعِينِي أُعَانِقُ بِالدُّجَى ذِكْرَكِ طَوِيلُ
أَلَا عُودِي، فَإِنَّ الشَّوْقَ سَيْفٌ
يَجْرَحُ الرُّوحَ وَبِالْحَالَتَيْنِ أَنَا الْقَتِيلُ
لَوْ أَنَّ الْعُقُولَ تَحَكَّمَتْ بِالْقَلْبِ
مَا كَانَ الْهَوَى سُلْطَانَهُ الْمَشْئُولُ
وَلَوْ أَنَّ الْقُلُوبَ تَحَكَّمَتْ بِالْعَقْلِ
مَا كَانَ الْهَوَى سُلْطَانَهُ الْمَذْلُولُ
يَا دَاءَ الْهَوَى، مَا أَبْيَنَ الْفَرْقَ بَيْنَنَا
بَيْنَ الَّذِي يَهْوَى وَبَيْنَ الْعُقُولُ
يَا قَلْبُ، كَفَاكَ الْحُبَّ قَدْ أَفْنَاكَ
وَمَا كُلُّ مَنْ يَهْوَى عَلَيْكَ يَصُولُ
يَا حُبًّا تَرَاءَى بَيْنَ جَفْوٍ وَوِصَالِ
أَأَنْتَ سَرَابٌ أَمْ هَوًى مَأْمُولُ؟
يَا لَيْلَ الْبُعْدِ، مَتَى يَنْجَلِي ضِيَاؤُكِ؟
وَمَتَى يَعُودُ الْوِصَالُ الْجَمِيلُ؟
140
قصيدة