الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سارة وسحر القصيد

عدد الابيات : 165

طباعة

عَلَتْنِي اللَّيَالِي حِينَ غَابَ الْمُؤَمَّلُ

وَسَالَتْ دُمُوعِي فِي الدُّجَى الْمُتَهَلِّلِ

بَكَيْتُ فُؤَادِي إِذْ تَفَرَّقَ صَحْبُهُ

وَكَانَ كَرَوْضٍ بِالْوَفَاءِ الْمُتَكَمِّلِ

مَضَتْ بِي خُطَايَ نَحْوَ لَيْلٍ مُدْلَهِمٍّ

كَأَنِّي غَرِيبٌ فِي الْفَيَافِي الْمُتَسَلِّلِ

تَرَكْتُ دِيَارِي حِينَ غَابَتْ مَعَالِمِي

فَمَا عُدْتُ أَدْرِي مَوْطِنِي الْمُتَنَقِّلِ

سَأَلْتُ السُّرَى عَنْ نَجْمِ وَجْهِيَ غَارِبًا

فَقَالَ: الْهَوَى يَبْكِي فَتًى مُتَبَجِّلِ

وَقَفْتُ أُوَدِّعُ فِي الدُّجَى طَيْفَ مَوْطِنِي

وَأَبْكِي عَلَى رَسْمٍ غَدَا مُتَبَدِّلِ

سَقَى اللَّهُ أَيَّامَ الْهَوَى فِي رُبُوعِنَا

وَمَرْعَاكِ يَا دَارَ الصَّفَاءِ الْمُظَلِّلِ

أَيَا مَوْطِنِي هَلْ تَسْمَعِينَ تَنَفُّسِي؟

فَإِنِّي غَرِيبُ الْحُلْمِ صَبٌّ مُعَلِّلِ

إِذَا مَرَّ طَيْفُ الْحُزْنِ فِي خَاطِرِي بَكَى

وَرَاحَ يُجَرِّحُ مُهْجَتِي الْمُتَفَضِّلِ

تَدَاعَتْ جِرَاحُ الْقَلْبِ حِينَ تَذَكَّرَتْ

مَدَى الْبُعْدِ عَنْ أَرْضِ الْوَفَاءِ الْمُعَلِّلِ

كَأَنِّي عَلَى أَبْوَابِ شَوْقٍ تَحَطَّمَتْ

خُطَايَ، وَفِي قَلْبِي غَرَامٌ مُسَهَّلِ

نَسِيمُ الدُّجَى مَرَّ، فَهَزَّ مَشَاعِرِي

وَقَلْبِيَ فِي لَيْلِ الْجَوَى الْمُتَبَلْبِلِ

أَيَا مَنْ رَأَى عَيْنِي تَذُوبُ مِنَ الْأَسَى

أَتَبْكِي كَمَنْ يَبْكِي رُبًى مُتَهَلِّلِ؟

رَأَيْتُ سُكُونَ اللَّيْلِ يَبْكِي مَوَاجِعِي

وَيُصْغِي لِصَوْتِ الْوَجْدِ فِيَّ الْمُجَلْجِلِ

تَذَكَّرْتُ أَحْبَابًا مَضَوْا فَاسْتَحَالَتْ

خُطَاهُمْ صَدَى بَيْنَ الدُّرُوبِ الْمُقَلْقِلِ

خُطَايَ عَلَى رَمْلِي تُعِيدُ حِكَايَةً

مِنَ الْحُبِّ وَالذِّكْرَى، وَنَبْضٍ مُعَلِّلِ

فَيَا مَهْرَقي بِالشَّوْقِ هَلْ مِنْ مَرَاحَةٍ؟

فَإِنِّي سَجِينُ الْوَهْمِ صَبٌّ مُبَلْبِلِ

مَضَتْ فِي غِيَابِ الشَّمْسِ كُلُّ مَلَامِحِي

كَأَنِّي دُخَانٌ فِي الْفُؤَادِ الْمُتَهْدِلِ

وَيَا دَارَ لَيْلٍ قَدْ سَكَنَّا رُبُوعَهُ

أَفِيكِ بَقَايَا حُلْمِنَا الْمُتَجَمِّلِ؟

كَأَنِّي أُنَاجِي الصَّمْتَ فِي كُلِّ مُهْجَةٍ

وَأَرْجُو جَوَابَ الْبَيْنِ لَا الْمُتَغَافِلِ

فَلَا طَيْفَ مِنْكُمْ عَادَ يَرْأَفُ بِالْأَسَى

وَلَا وَعْدَ حُبٍّ فِي الْمَدَى الْمُتَأَمِّلِ

تَوَقَّدَتِ الْأَشْوَاقُ فِي كُلِّ خَافِقٍ

وَضَجَّتْ بِقَلْبِي أَدْمُعِي الْمُتَسَلْسِلِ

أَلَا مَنْ فَتًى فِي الْحُبِّ مِثْلِي تَعَذَّبَ

وَسَارَ عَلَى دَرْبِ الْمُنَى الْمُتَكَمِّلِ؟

بَكَيْتُ عَلَى مَاضٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

وَفِي الْقَلْبِ ظِلٌّ لِلْهَوَى الْمُتَهَلِّلِ

فَدَعْنِي أَسِيرُ الْآنَ خَلْفَ تَأَمُّلِي

لِأَبْنِيَ مِنْ حُزْنِي قَصِيدِي الْمُؤَمَّلِ

أَأَرْضَاكِ دَمْعِي إِنْ رَأَيْتِ تَأَمُّلِي؟

وَهَلْ سَاءَكِ الشَّوْقُ الَّذِي لَا يُعْدَلِ؟

إِذَا كُنْتِ تَدْرِينَ أَنَّ قَلْبِي مُبْتَلِي

فَلِمْ يَا تُرَى بِالْهَجْرِ كُنْتِ تُسْبَلِي؟

نَسِيتُ السُّلَى مُذْ مَسَّ قَلْبِي طَيْفُكِ

فَهَلْ يَسْتَفِيقُ الْقَلْبُ إِنْ لَمْ تُقْبِلِي؟

أَأَبْكِيكِ شَوْقًا أَمْ أَرَاكِ مَلَامِحِي؟

فَإِنِّي عَلَى وَجْهِ الْهَوَى لَمْ أُغْفِلِ

رَضِيتُ بِأَنْ أَبْقَى رَهِينَكِ صَامِتًا

وَأُخْفِي هَوَاكِ بِمُهْجَتِي الْمُتَسَلِّي

تَعَالَيْ وَخُذِينِي مِنْ هُمُومِيَ لَحْظَةً

فَإِنِّيَ مَا عُدْتُ الْجَرِيحَ الْمُحْتَمِلِ

هَجَرْتِ فُؤَادِي ثُمَّ عُدْتِ كَأَنَّمَا

تَرَكْتِ الدُّجَى لِلْعَاشِقِ الْمُسْتَنْهِلِ

أَمَا عَلِمَتْ عَيْنَاكِ أَنِّي بِحُبِّكِ تَائِهٌ

وَفِي نَظَرِكِ الْمَسْمُومِ سَهْمٌ مُرْسَلِ؟

فُؤَادِي لَكِ الدَّهْرَ الَّذِي لَا يَنْثَنِي

وَلَوْ جِئْتِ بِالْخُذْلَانِ أَلْفًا تُقْتِلِي

تَعِبْتُ مِنَ الْأَمَلِ الَّذِي لَمْ يُنْصِفِ

وَمِنْ زَمَنٍ يَهْوَى الْعَذَابَ وَيُبْتَلِي

وَكَمْ بِتُّ أَرْعَى حُبَّ مَنْ لَا يُنْصِفُ

وَأَكْتُمُ نَارَ الْعِشْقِ وَهِيَ تُجَمْجِلِ

سَأَبْقَى عَلَى عَهْدِ الْغَرَامِ وَإِنْ جَفَتْ

عُيُونُ الْهَوَى أَوْ قِيلَ إِنِّي أَجْهَلِ

أُحِبُّكِ بِالرُّوحِ حُبًّا لَا يُقَالُ بِلَفْظَةٍ

وَلَا يُحْتَوَى بِالشِّعْرِ إِنْ لَمْ يُفْعَلِ

رَأَيْتُ بِعَيْنَيْكِ النَّوَى فَتَمَزَّقَا

فُؤَادَانِ مَا اعْتَادَا الْفِرَاقَ الْمُسْأَلِ

أَأَشْكُو جِرَاحَ الْعِشْقِ أَمْ أَتَرَقَّبُ

رُجُوعَكِ فِي وَقْتِ الْمُنَى الْمُبْتَهَلِ؟

فَلَوْ كُنْتِ تَدْرِينَ اشْتِيَاقِيَ بُرْهَةً

لَمَا كُنْتِ لِي فِي الْهَمِّ سَهْمًا مُرْسَلِ

أَسْهَرْتُ جُفُونِيَ فِي هَوَاكِ مُتَيَّمًا

فَهَلْ تُطْفِئُ الْأَحْلَامَ نَارَ الْمُشْعِلِ؟

تَمَنَّيْتُ لَوْ أَنَّ الزَّمَانَ يُطَاوِعِي

لِأَحْيَا هَوَاكِ بِقَلْبِ طِفْلٍ أَوَّلِي

كَأَنَّكِ لَا تَدْرِينَ بِأَنِّي عَاشِقٌ شَاعِرٌ

يَمُوتُ إِذَا مَا هَبَّ طَيْفُكِ مُقْبِلِ

غَرَامُكِ نَارٌ فِي الضُّلُوعِ تَوَهَّجَتْ

فَهَلْ تُنْصِفِينَ الْعَاشِقَ الْمُتَوَسِّلِ؟

أَمَا خِفْتِ أَنِّي فِي غَرَامِكِ مُبْتَلِي

وَأَنَّكِ صَيَّرْتِ الْفُؤَادَ الْمُعْتَلِي؟

غَرَسْتِ بِقَلْبِي وَرْدَةً فَتَفَتَّحَتْ

جِرَاحٌ بِهَا مَا عُدْتُ أَرْجُو مُقْفَلِ

كَتَمْتُ هَوَاكِ، فَخَانَنِي قَلْبِي الَّذِي

تَمَرَّدَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ لِيَ مِقْوَلِ

أُخَاتِلُ شَوْقِي كُلَّ يَوْمٍ بِاكْتِئَابْ

وَأَنْتِ لَهَبٌ كُلَّ حِينٍ مُشْعِلِ

رَضِيتُ بِعِشْقٍ لَا أَرَاهُ مُكَافِئًا

كَأَنِّيَ عَبْدٌ فِي هَوَاكِ مُنَزِّلِ

أَمَا كَانَ يَكْفِيكِ الدُّمُوعُ بِأَهْدُبِي

فَكَيْفَ تُذِيقِينِي الْعَذَابَ الْمُرْسَلِ؟

هَجَرْتِ اللَّيَالِي ثُمَّ عُدْتِ كَأَنَّمَا

كَأَنَّكِ لَمْ تَصْغِي لِقَلْبِي الْمُثْقَلِ

تَرَفَّقْ بِقَلْبٍ لَا يَطِيقُ تَجَلُّدًا

وَلَا يَسْتَسِيغُ الصَّبْرَ إِنْ لَمْ تَسْأَلِ

زَرَعْتُكِ حُلْمًا فِي اللَّيَالِي سَاهِرًا

فَجِئْتِ كَطَيْفٍ لَا يُلَبِّي الْمَنْزِلِ

وَكَمْ قُلْتُ إِنِّي لَنْ أُحِبَّكِ ثَانِيَةً

فَعُدْتُ إِلَيْكِ كَسَجِينٍ مُكَبَّلِ

إِذَا شِئْتِ هَجْرِي فَامْضِ دُونَ تَرَدُّدٍ

وَلَكِنْ دَعِي مَا كُنْتِ لِي لَا يَزْهَلِ

قَضَيْتُ اللَّيَالِي فِي هَوَاكِ مُعَذَّبًا

فَهَلْ فِيكِ شَيْءٌ لِلْهَوَى يُتَعَلَّلِ؟

لَئِنْ كُنْتِ تَدْرِينَ مَا بِقَلْبِيَ مِنْ جَوَى

لَمَا كُنْتِ تَغْدُو فِي هَوَاكِ وَتَرْحَلِ

أَنَا الصَّبُّ لَا أَرْضَى سِوَاكِ مُعَذَّبًا

فَهَلْ لِي سِوَاكِ؟ وَهَلْ لِقَلْبِيَ مَوْئِلِ؟

تَدَلَّيْتِ فَوْقَ الْجُرْحِ حَتَّى أَزْهَرَتْ

بَرَاكِينُ وَجْدٍ فِي فُؤَادِي الْمُقْبِلِ

تَذَكَّرْتُ وَعْدًا كُنْتِ فِيهِ مُخَلَّفًا

فَذَابَ الْحَنِينُ كَنَجْمِ صَيْفٍ آفِلِ

أَتَدْرِينَ بِأَنِّي كُنْتُ أَبْنِي مَهْجَتِي

عَلَى حُلْمِ حُبٍّ بَاتَ وَهْمًا مُهْمَلِ؟

إِذَا شِئْتِ قَتْلِي فَافْعَلِي مَا شِئْتِ بِي

فَقَلْبِي عَلَى دَرْبِ الْهَوَى لَمْ يَسْهَلِ

كَأَنَّكِ بِعَمْدٍ لَا تَدْرِينَ أَنِّي شَاعِرٌ

يَمُوتُ إِذَا مَا مُسَّ رَمْشُ الْمُقْتَلِ

وَكُنْتُ أَظُنُّ الْقَلْبَ لَا يَنْثَنِي إِذَا

عَشِقْتِ، وَلَكِنَّهُ كَخَوْفٍ مُرْتَجِلِ

بَكَتْنِي الدُّجَى إِذْ غَابَ عَنِّي مُؤْنِسِي

وَأَضْحَى خَيَالِي فِي الظَّلَامِ الْمُظَلِّلِ

جَفَانِي الْكَرَى لَمَّا تَذَكَّرْتُ طَيْفَهُ

فَهَلْ عَادَ مَنْ يَهْفُو إِلَيْهِ الْمُخَيِّلِ؟

تُرَاوِدُنِي الْأَشْوَاقُ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ

وَتَسْكُنُ فِي صَدْرِي كَطَيْفٍ مُبَلْبِلِ

إِذَا اللَّيْلُ أَمْسَى دُونَ نَجْوَاكِ قَاتِمِي

فَلَا الصُّبْحُ يَصْفُو، لَا النَّسِيمُ الْمُبَلْبِلِ

تَرَكْتُ الْمُنَى خَلْفَ السَّرَابِ تَمَزَّقَتْ

خُيُوطُ الْهَوَى فِي خَاطِرِي الْمُتَزَلْزِلِ

وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَرْثِي حَبِيبَتِي

كَأَنِّي جَرِيحُ الْقَلْبِ فِي الْمُتَسَلِّلِ

نَسِيتُ اللَّيَالِي بَيْنَ هَمٍّ وَلَوْعَةٍ

وَشَوْقِيَ فِي قَلْبِيَ نَارُ الْمُشَعْشَلِ

وَمَا زِلْتُ أَبْكِي كُلَّ يَوْمٍ تَذَكُّرًا

لِبَيْتٍ لَنَا فِي الْمُكْرَمِ الْمُظَلَّلِ

أَحِنُّ إِلَى لَيْلٍ مَضَى كُنْتُ فِيهِ

أُعَانِقُ وَهْجَ الْحُبِّ لَا الْمُتَأَمِّلِ

فَإِنِّي غَرِيبُ الدَّارِ إِنْ غِبْتِ عَنْ دَمِي

وَإِنْ جِئْتِ، عَادَ النَّبْضُ بِيَ الْمُتَجَمِّلِ

عَشِقْتُ اللَّيَالِي حِينَ كَانَتْ مَلِيئَةً

بِذِكْرَاكِ مِثْلَ الشِّعْرِ غَيْرِ الْمُفَضَّلِ

تَذَكَّرْتُ عَهْدًا كُنْتِ فِيهِ مُبَجَّلًا

فَأَبْكَانِي شَوْقِي إِلَيْكِ الْمُبَجِّلِ

وَمَرَّتْ سِنِينَ مَا تَذَوَّقْتُ طِيبَهَا

سِوَى طَيْفِ حُبٍّ فِي الْجَوَانِحِ مُوكِلِ

فَإِنْ تَسْأَلِينِي عَنْ هَوَاكِ فَإِنَّهُ

بِعَيْنَيْكِ صَارَ الدَّرْبَ لَا الْمُتَكَمِّلِ

عَرَفْتُ الْهَوَى طِفْلًا، وَلَكِنْ عَشِقْتُهُ

كَشَيْخٍ جَثَا فِي الْعِشْقِ لَا الْمُتَنَقِّلِ

تَخَيَّلْتُ صَحْرَاءً بِلَا ظِلِّ طَيْفِنَا

فَأَبْكَانِي صَمْتٌ بِهَا مُتَسَلْسِلِ

خَبَا نَجْمُنَا لَمَّا جَفَوْتِ مَوَدَّتِي

فَأَيْنَ سَنَا قَلْبِي وَسِرُّ الْمُؤَمَّلِ؟

رَأَيْتُكِ فِي حُلْمِي كَأَنَّكِ مُقْبِلَةٌ

وَفِي يَقَظَتِي أَنْتِ السَّرَابُ الْمُخَيِّلِ

سَأَبْقَى عَلَى عَهْدِي وَإِنْ طَالَ بُعْدُنَا

كَأَنِّي مَعَ الذِّكْرَى بِصِدْقٍ مُرَحِّلِ

وَإِنِّي امْرُؤٌ فِي الْحُبِّ قَدْ ذَابَ وَجْدُهُ

فَهَلْ تَرْحَمِينَ الْقَلْبَ لَا الْمُتَعَلِّلِ؟

أَلَمْ تَعْلَمِي أَنِّي بِعِشْقِكِ مُبْتَلٍ

وَأَنَّكِ لَوْ تَنْهَيْنَ قَلْبِي مُكْمِلِ؟

عَجِبْتُ لِقَلْبِي كَيْفَ يَحْيَا بِعِشْقِكِ

وَفِيكِ دُمُوعِي وَالْمُنَى مُتَجَدِّلِ

أَأَخْفِي جِرَاحِي كُلَّمَا مَرَّ الْمُنَى؟

وَفِيكِ سُكُونِي دَائِمًا كَانَ يَزْعَلِ

تَظُنِّينَ أَنِّي قَدْ نَسِيتُكِ لَحْظَةً؟

وَمُذْ غِبْتِ عَنِّي وَالْفُؤَادُ مُخْتَلِ

زَرَعْتُكِ وَرْدًا فِي ضُلُوعِي فَهَا أَنَا

أُلامُ عَلَى شَوْقٍ بِقَلْبِيَ يُشْعَلِ

أَلَا فَاسْأَلِي النَّجْمَ الْمُعَلَّقَ بِالدُّجَى

كَمِ اشْتَاقَ قَلْبِي لِلْوِصَالِ الْمُبْدَلِ

كَأَنَّكِ سِحْرٌ فِي عُيُونِي دَائِمٌ

يُغَالِبُ صَبْرِي كُلَّ حِينٍ وَيَقْتُلِ

عَشِقْتُكِ صَمْتًا لَا يُقَالُ بِبَوْحِهِ

وَلَكِنَّهُ فِي دَاخِلِي كَانَ يَجْهَلِ

إِذَا مَا بَدَتْ عَيْنَاكِ فَالْقَلْبُ خَاشِعٌ

كَأَنَّ سَنَاهَا فِي الدُّجَى يَتَنَقَّلِ

رَأَيْتُكِ حُلْمًا مِنْ ضِيَاءٍ طَرِيَّةً

فَكَيْفَ الْمُنَى بَعْدَ التَّمَنِّي يُرْحَلِ؟

كَفَفْتُ جُفُونِي عَنْ حَدِيثِكِ بُرْهَةً

فَهَاجَتْ جُرُوحِي وَالْحَنِينُ مُعَلْعِلِ

وَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ الْغَرِيبَ مُتَيَّمًا

يُحَدِّثُ أَشْبَاحَ الْهَوَى لَا يُعْقَلِ

وَلَوْ شِئْتِ أَنْ أَطْفُو بِحُبِّكِ هَائِمًا

لَمَا خِفْتُ بَحْرًا بِالْجَوَى يَتَغَلْغَلِ

وَكَيْفَ يَنَامُ الْقَلْبُ مِنْ دُونِ طَيْفِهَا؟

وَفِي نَفَسِي حُزْنٌ دَفِينٌ مُعَدَّلِ

إِذَا شِئْتِ أَنْ أَرْتَاحَ مِنْكِ تَكَرَّمِي

فَأَنْتِ بِعُمْرِي السُّهَادُ الْمُؤَمَّلِ

سَكَنْتِ دُمُوعِي، فَالْحُبُّ فِيكِ مَلَامِحِي

وَكُلُّ اشْتِيَاقِي بِالْمُقَلْ كَانَ يُقْتَلِ

غَزَوْتِ فُؤَادِي بِالسُّكُوتِ وَخُدَّرِي

وَأَبْكَيْتِ جَفْنًا كَانَ لَا يَتَهَلَّلِ

أُعَاقِرُ صَبْرِي كُلَّ يَوْمٍ كَأَنَّهُ

شَرَابٌ مِنَ الذِّكْرَى، دَمِي يَتَبَدَّلِ

فَدَعْنِي أُغَنِّي فِي هَوَاكِ تَأَوُّهِي

فَلَحْنِي حَزِينٌ دَائِمًا يَتَعَجَّلِ

كَفَانِي رَجَاءٌ لَا يُجَابُ سُؤَالُهُ

وَخَوْفٌ مِنَ النِّسْيَانِ فِيكِ مُزَلْزِلِ

مَتَى تَسْتَرِيحُ الرُّوحُ بَعْدَكِ سَاعَةً؟

وَهَلْ يَرْتَوِي ظَمْآنُ قَلْبٍ مُجَنْدَلِ؟

سَأَبْقَى أَسِيرًا لِلْهَوَى رَغْمَ بُعْدِهِ

فَقَلْبِي عَلَى حُبِّكِ مَا زَالَ يُقْبِلِ

أَنَا الشَّاعِرُ الْمَفْتُونُ فِيكِ تَلَهُّفًا

يُجَافِي اللَّيَالِي وَالْهِيَامَ وَيَرْحَلِ

سِهَامِي جِرَاحُكِ قَدْ أَصَابَتْ مَهْجَتِي

فَهَلْ فِيكِ نَصْلٌ لِلْهَوَى يَتَنَقَّلِ؟

كَأَنَّكِ نَارٌ فِي الضُّلُوعِ تَأَجَّجَتْ

فَهَلْ يَتَّقِي مِنْ حُسْنِ وَجْهِكِ يُشْعَلِ؟

إِذَا مَا رَنَتْ عَيْنَاكِ يَوْمًا، أُسْقِطِ

مُلُوكَ الْهَوَى، وَالْحُبُّ بِالسِّرِّ يُغْسَلِ

شَرِبْتُ هَوَاكِ صَافِيًا مِنْ كَأْسِهِ

فَذَابَ دَمِي، وَالْوَجْدُ فِي الْقَلْبِ يَمْثُلِ

كَأَنَّكِ فِي جَفْنِي نُجُومٌ أُحْرِقَتْ

فَلَا اللَّيْلُ يَطْفُو، لَا النَّهَارُ يُكْمِلِ

أُحَادِثُ طَيْفَكِ كُلَّ حِينٍ سَاجِدًا

كَأَنِّيَ عَبْدٌ لِلْهَوَى دَاعِيًا يَتَبَتَّلِ

تَعَالَيْ وَخُذِي مَا تَبَقَّى مِنْ دَمِي

فَإِنِّي كَسَيْفٍ فِي يَدِ الْعِشْقِ يُصْقَلِ

أَأَبْكِيكِ؟ بَلْ إِنَّ الْبُكَاءَ صَغِيرُهُ

إِذَا مَا الْهَوَى فِي خَاطِرِي يَتَأَمَّلِ

سِهَامُكِ مَا أَبْقَتْ مَكَانًا سَالِمًا

وَلَا خَاطِرِي مِنْ نَارِ هَجْرِكِ يَعْدِلِ

أُعَلِّقُ فِي عَيْنَيْكِ شَوْقِي دَائِمًا

فَلَا حُبُّ قَلْبِي عَنْ هَوَاكِ يُرَحِّلِ

كَتَبْتُكِ فِي عُمْقِ الضُّلُوعِ قَصِيدَةً

فَكُلُّ نَفَسٍ بِالشَّوْقِ فِيكَ يُرَتَّلِ

وَفِي صَمْتِ عَيْنَيْكِ الْحَزِينَينِ فِتْنَةٌ

تُغَنِّي، وَتَبْكِي، وَالْفُؤَادُ يُعَقِّلِ

قَلِيلٌ عَلَى عَيْنِي فِرَاقُكِ لَحْظَةٌ

وَمَا كُلُّ دَمْعٍ فِي الْجَوَانِحِ يُمْثَلِ

أُرَاكِ بِقَلْبِي قَبْلَ عَيْنِي، دَائِمًا

كَأَنَّكِ فِي رُوحِي نِدَاءٌ مُخَمَّلِ

غَرَامِي كَلَيْلٍ لَا يُفَسَّرُ سَهْدُهُ

وَفِيهِ الْهَوَى يَجْرِي، وَصَبْرِي يُقْتَلِ

دَعِينِي وَشَوْقِي لَا يُفَسَّرُ مَنْطِقًا

فَقَلْبِيَ فِي سِجْنِ الْحَنِينِ يُكَبَّلِ

أُنَاجِيكِ وَالنَّجْمُ الْبَعِيدُ مُشَاهِدٌ

عَلَى سِرِّ حُبٍّ فِي الظَّلَامِ مُكَمَّلِ

إِذَا قُلْتُ إِنِّي قَدْ نَسِيتُكِ كَاذِبٌ

فَكَيْفَ لِجَمْرٍ فِي الْوَرِيدِ يُعْزَلِ؟

تَمَنَّيْتُ صَمْتًا فِي هَوَاكِ مُرِيحًا

فَمَا زَادَنِي إِلَّا اشْتِعَالًا يُسَلْسِلِ

أَسِيرُ إِلَيْكِ الْآنَ شَوْقًا ضَاحِكًا

وَفِي دَاخِلِي نَهْرُ الْأَسَى يَتَهَدَّلِ

مَلَكْتِ دُمِي، فَالْجَمْرُ فِيكِ مُؤَصَّلٌ

وَفِي كُلِّ نَبْضٍ لِلْعَذَابِ تَجَمْهَلِ

أُجَاهِرُ حُبِّي فِيكِ لَا أَتَخَفَّى

فَمَا عَادَ قَلْبِي بِالْأَمَانِ يُعْقَلِ

أَلَا يَا رِيَاحَ الشَّوْقِ هُبِّي وَنُوحِي

عَلَى عَهْدِ صِدْقٍ ضَاعَ بَيْنَ الْجَدَاوِلِ

تَذَكَّرْتُ ظِلًّا كُنْتُ أَمْشِي بِظِلِّهِ

فَخَانَتْ خُطَايَ الْأَرْضَ بَعْدَ التَّنَقُّلِ

أَحِنُّ إِلَى وَجْهٍ تَأَلَّقَ بِهِ الدُّجَى

كَقَمَرٍ تُغَنِّي فِي رُؤَاهُ الْأَنَامِلِ

رَأَيْتُ اللَّيَالِي بَعْدَمَا كُنْتُ آمِنًا

تَمُرُّ كَأَنِّي فِي دُرُوبِ الْمَزَالِلِ

فَيَا قَلْبُ لَا تَهْوِ الْهَبَاءَ وَتَكْتَوِ

فَكَمْ خَادِعٍ يَأْتِيكَ مِثْلَ الْمُجَمِّلِ

سَقَى اللَّهُ أَيَّامَ الْهَوَى فِي مَنَازِلِي

وَبَيْتِيَ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْمُتَسَلْسِلِ

رَأَيْتُ الْمُنَى تَفْنَى كَحُلْمٍ تَبَعْثَرَتْ

بِلَيْلٍ طَوَاهُ الْبُعْدُ وَالْمُتَغَلْغِلِ

وَكَمْ مِنْ فَتًى فِي الْحَيِّ نَامَ مُبَجَّلًا

وَأَيْقَظَهُ حَظُّ الزَّمَانِ الْمُزَلْزِلِ

أَيَا دَارَ سَارَةَ قَدْ سَكَنْتِ جَوَانِحِي

كَأَنَّكِ لَحْنٌ فِي الْفُؤَادِ الْمُؤَكْلِلِ

بَكَيْتُ عَلَى مَاضٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

وَفِي الْقَلْبِ وَجْدٌ صَادِقٌ مُتَبَلْبِلِ

سَقَتْنِي اللَّيَالِي مَا سَقَتْهُ لِمُرْسِلِ

وَصَبِّي عَلَى دَرْبِ النَّوَى مُتَسَلْسِلِ

بَكَيْتُ عَلَى دَارٍ تَوَلَّى نَعِيمُهَا

وَعَفَّتْ بِهَا آثَارُ دَهْرٍ مُبَدِّلِ

وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَرْثِي غَرَامَنَا

وَأَبْكِي كَأَنِّي فِي الْجَوَى الْمُتَغَلْغِلِ

أُنَاجِي الدُّجَى وَالشَّوْقُ يَنْهَشُ مُهْجَتِي

وَفِي الصَّدْرِ صَوْتُ الْحُزْنِ لَا الْمُتَمَهِّلِ

خُذِينِي إِلَى دَارِ الطُّفُولَةِ مَرَّةً

فَقَلْبِيَ فِي دَرْبِ الْأَسَى مُتَهَلِّلِ

أَيَا دَارَ سَارَةَ هَلْ سَمِعْتِ تَنَهُّدِي؟

فَقَدْ كُنْتُ يَوْمًا فِي رُبَاكِ الْمُتَبَجِّلِ

أَمَرَّتْ رِيَاحُ الشَّوْقِ تُغْرِي مَضَاجِعِي

فَسَالَتْ دُمُوعِي فَوْقَ خَدِّيَ الْمُنَهْمِلِ

وَفِي الرَّمْلِ آثَارُ الْمُحِبِّينَ إِنَّهَا

تُعِيدُ حَكَايَانَا بِصَمْتٍ مُفَصَّلِ

تَذَكَّرْتُ لَيْلًا كُنْتِ فِيهِ مُلَازِمِي

فَأَبْكَانِي طَيْفُ الْهَوَى الْمُتَجَمِّلِ

كَأَنِّي سَقَيْتُ الْبِيدَ دَمْعَ مَوَدَّتِي

وَخَطْوِيَ خَلْفَ الْغَيْبِ يَمْشِي الْمُتَأَمِّلِ

وَيَا صَاحِبَيَّ اللَّيْلُ طَالَ بِنَا الْأَسَى

وَمَا بَيْنَنَا غَيْرُ السَّرَابِ الْمُخَيِّلِ

وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَبْكِي أَحِبَّتِي

كَأَنِّيَ صَبٌّ عَاشِقٌ مُتَغَزِّلِ

أُنَادِي بَقَايَا الصَّوْتِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ

فَلَا يُرْجِعُ الْمَاضِي سِوَى الْمُتَسَلْسِلِ

رَأَيْتُ سَحَابَ الْبَيْنِ يُمْطِرُ فِي الْمَدَى

فَهَلْ لِي غَدًا مَوْعِدٌ بِالْمُتَجَمِّلِ؟

تَبَسَّمَ فَجْرِي حِينَ ذَكَرْتُكِ مَرَّةً

فَذَابَ اشْتِيَاقِي مِثْلَ فَجْرٍ مُبَلْبِلِ

بَكَيْتُكِ لَمَّا هَبَّ نَسْرِي مُسَافِرًا

وَأَغْفَى الْهَوَى فِي الْحُلْمِ نَوْمَ الْمُرَحِّلِ

نَسِيتُ اللَّيَالِي بَيْنَ عَيْنَيْكِ إِذْ غَفَتْ

أَمَانِيكِ فِي قَلْبِي الْغَرَامِ الْمُوَسْوِلِ

أَحَقًّا تَنَاسَيْتِ الْعُهُودَ وَقَدْ مَضَتْ

كَأَنِّيَ فِي عَهْدِ الْهَوَى الْمُتَغَافِلِ؟

كَأَنِّيَ فِي لَيْلِ الْبِعَادِ مُضَرَّجٌ

بِجُرْحٍ مِنَ الْأَشْوَاقِ صَارَ الْمُفَصَّلِ

أَحِنُّ إِلَى نَجْدٍ وَفِي الْقَلْبِ وَحْشَةٌ

كَأَنِّي غَرِيبُ الْبِيدِ لَا الْمُتَنَقِّلِ

مَضَى الْبَيْنُ بِي حَتَّى نَسِيتُ مَلَامِحِي

وَفِي كُلِّ رُكْنٍ صُورَةٌ لِلْمُتَأَمِّلِ

أَلَا يَا زَمَانَ الْوَصْلِ هَلْ مِنْ تَدَارُكٍ؟

فَقَدْ كَدَّنِي صَبْرِي وَمَوْتِي الْمُؤَمَّلِ

أَنَا ابْنُ اللَّيَالِي وَالْحَنِينُ رِدَائِي

وَذِكْرَاكِ فِي عَيْنِي سَحَابٌ مُظَلْزَلِ

تَجَوَّلْتُ فِي الدُّنْيَا وَقَلْبُكِ مَنْزِلِي

فَمَا عَادَ لِي مَأْوَى سِوَاكِ الْمُؤَمَّلِ

سَأَبْكِيكِ دَهْرًا إِنْ نَسِيتِ مَوَدَّتِي

وَيَكْفِينِي دَمْعِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَوِّلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

130

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة