عدد الابيات : 21
وَإِنْ طَالَتِ الْأَسْفَارُ فَاصْبِرْ فَإِنَّهَا
تُعِيدُ اشْتِيَاقَ الْوَصْلِ بَعْدَ تَدَانِينَا
فَكَمْ مِنْ غَرِيبٍ قَدْ تَنَاءَى مُجْبَرًا
وَعَادَتْ لَهُ الْأَيَّامُ دِفْءَ حَنِينِنَا
تُخَبِّئُهُ الذِّكْرَى وَتَحْنُو صُوَرُهُ
كَأَنَّ الزَّمَانَ الْيَوْمَ عَادَ يُنَادِينَا
نُطِيلُ التَّمَنِّي كَيْ نُدَاوِيَ وَحْشَةً
وَنَرْقُبُ فِي لَيْلِ الْبُعَادِ سَفِينِنَا
فَلَا الْيَأْسُ يُجْدِي إِنْ شَكَتْنَا جِرَاحُنَا
وَلَا الْحُزْنُ يُبْقِي بِالْفُؤَادِ سَكِينَا
وَلَكِنَّنَا فِي كُلِّ صَبْرٍ كَرَامَةٌ
وَفِي كُلِّ وَجْدٍ نَخْوَةٌ تُحْيِينَا
فَيَا نَفْسُ لَا تَجْزَعِي إِذَا طَالَ لَيْلُنَا
فَإِنَّ الضُّحَى لَا بُدَّ أَنْ يُرضِينَا
أَلَمْ نَرَ فِي الصَّبْرِ افْتِخَارَ أَحِبَّةٍ
وَفِي دَمْعِهِمْ نَارُ الْوَدَاعِ تُكَفِّينَا؟
تَمُرُّ اللَّيَالِي مِثْلَ وَعْدٍ مُعَذِّبٍ
وَنَحْنُ بِالْعَهْدِ الْقَدِيمِ صَفِينَا
لَئِنْ غَابَ وَجْهُ الطَّيْفِ عَنَّا بُرْهَةً
فَمَا غَابَ بِصَدْرِي وَلَا عَنْ عَيْنَيْنَا
أُحِبُّكِ فِي الصَّمْتِ الْمُخَبَّأِ خَافِقِي
وَفِي نَبْضِ هَذَا الشَّوْقِ إِذْ يَلْقِينَا
إِذَا مَرَّ طَيْفُكِ فِي خَيَالِي هَامِسًا
تَفَتَّقَ صُبْحٌ مِنْ رُؤَاكِ أغَانِينَا
فَمِنْكِ ابْتِدَاءُ الْحُلْمِ دُونَ نِهَايَةٍ
وَمِنْكِ اخْتِتَامُ الْبَوْحِ فِينَا وَفِينَا
عَلَى ضَوْءِ حَرْفٍ كُنْتِ بَيْتَ قَصِيدَتِي
وَصِرْتِ الْمَعَانِي حِينَ صَارَتْ يَدَيْنَا
أَنَا السَّاهِرُ الْمَحْزُونُ أَنْتَظِرُ الرُّؤَى
لِتُشْعِلَ فِي صَدْرِي اشْتِعَالَ أَمَانِينَا
وَلَوْ أَنَّ دَرْبَ الْحُزْنِ بَاتَ طَرِيقَنَا
فَنَبْضُكِ فِي صَدْرِي يُخَفِّفُ آنِينَا
أَيَا زَهْرَةً فِي الْقَلْبِ تَنْمُو صَبَابَةً
تُلَوِّنُ فِي أَيَّامِيَ الْمَاضِ ألَاحِينَا
إِذَا مَا اجْتَمَعْنَا بَعْدَ شَوْقٍ مُؤَرِّقٍ
فَعُذْرًا لِدَمْعٍ فَاضَ حِينَ لَقِينَا
تَدَلَّى مِنَ الْأَشْوَاقِ حَبْلُ قَصَائِدٍ
فَقَدْ كُنْتِ لِلشِّعْرِ الْجَمِيلِ مَعِينَا
أُحِبُّكِ، لَا قَوْلٌ يُسَاوِي مَعَانِيهِ
سِوَى مَا تَفِيضُ الرُّوحُ حِينَ تُبَكِّينَا
148
قصيدة