عدد الابيات : 21
وَمَنْ يُدِرِ الْأَيَّامَ قَلْبُهُ صَابِرًا
فَقَدْ شَرِبَ النَّصْرَ زُلَالًا حَلَالَا
وَإِنْ جَلَدَتْهُ الرِّيحُ قَامَ مُؤَزَّرًا
بِصَدْرٍ مِنَ الْإِيمَانِ صَلْبًا نِضَالَا
إِذَا اهْتَزَّتِ الْأَرْوَاحُ يَوْمًا خَاشِعًا
تَجَلَّى بِهَا الْفَجْرُ عِزًّا وَجَلَالَا
فَكَمْ مِنْ فَتًى صَانَ الْمُرُوءَةَ صَادِقًا
فَصَارَ مَدَى التَّارِيخِ نَبْضًا مِثَالَا
وَمَنْ لَبِسَ التَّقْوَى دُرُوعًا عَامِرًا
رَأَى فِي دُرُوبِ النُّورِ عِزًّا وَصَالَا
وَمَا خَابَ مَنْ لِلَّهِ صَلَّى خَاشِعًا
وَأَسْبَغَ فِي سَجَدَاتِهِ الْحُبَّ نَالَا
إِذَا مَا سَمَا فِي الصِّدْقِ نَفْسٌ رَاسِخٌ
سَمَتْ فَوْقَ هَامِ الْمَجْدِ احْتِفَالَا
وَلَمْ يُخْلَقِ الْإِنْسَانُ عَبْدَ رَغَائِبٍ
وَلَكِنْ لِيَصْنَعَ لِلْحَيَاةِ مَجَالَا
يُعَلِّمُنَا الْحِرْمَانُ دَرْبَ كَرَامَةٍ
وَيَزْرَعُ فِي قَلْبِ التَّحَدِّي غِلَالَا
وَفِي كُلِّ شِبْرٍ لِلْكِدَاحِ مَلَاحِمٌ
تُرْوَى بِكَفِّ الْعَزْمِ صَبْرًا وَبَالَا
أَيَا مَنْ سَقَى وَجْهَ اللَّيَالِي ثِقَةً
دَعِ الشَّكَّ، وَامْضِ لِلْحَقِيقَةِ زُلَالَا
فَمَا انْتَشَى مَنْ عَاشَ عَبْدَ هَوَاجِسٍ
وَلَا صَارَ فِي دَرْبِ الْمَعَالِي غِلَالَا
وَإِنَّ الْعَظِيمَ، هُوَ الَّذِي مَا لَانَ فِي
بُكَاءِ الْمَدَى، بَلْ كَانَ نَجْمًا هِلَالَا
فَصَوْتُ الْجِرَاحِ الْحُرِّ يَخْلُقُ ثَوْرَةً
وَيَكْسِرُ فِي وَجْهِ الظَّلَامِ اخْتِلَالَا
تَمُرُّ عَلَيْنَا فِي الدُّجَى أُمْنِيَةٌ
فَنُمْسِكُهَا صَبْرًا، وَنَرْسُمُ خَيَالَا
وَتِلْكَ الْقُلُوبُ الطَّاهِرَاتُ إِذَا دَنَتْ
تَكُونُ لِمَنْ هَامَ الرَّجَاءَ وِصَالَا
وَكَمْ بَنَى الْأَبْطَالُ صَرْحَ كَرَامَةٍ
بِعَرَقٍ كِرَامٍ، لَا يَبِيعُ الْقِتَالَا
فَدَعْ عَنْكَ دَرْبَ الْخَامِلِينَ، فَإِنَّهُ
يَغِيبُ، وَلَا يُعْطِي الْحَيَاةَ مَجَالَا
وَسِرْ كَالْفَجْرِ فِي صَمْتِهِ مُتَبَسِّمًا
تُوقِظُ مِنَ الْأَرْوَاحِ صَبْرًا جَمَالَا
فَإِنَّكَ إِنْ أَبْصَرْتَ حُلْمَكَ نَاضِجًا
سَقَيْتَ بِهِ الْأَيَّامَ نَصْرًا ذُهَالَا
148
قصيدة